أقلام وأراء

سميح صعب: الانتخابات النّصفية هل يتكرّر سيناريو 2020؟

سميح صعب 02-11-2022، الانتخابات النّصفية هل يتكرّر سيناريو 2020؟ 

أجواء الانقسام الحاد التي تسود الولايات المتحدة منذ الانتخابات الرئاسية عام 2020، لا تزال تعكس نفسها بقوة على الانتخابات النصفية التي ستجري الثلثاء المقبل. ولم يكن الهجوم الذي تعرض له بول بيلوسي، زوج رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي، في منزله في كاليفورنيا الأسبوع الماضي، من أحد اليمينيين المتطرفين، إلا دليلاً آخر على أجواء الاحتقان التي تسبق انتخابات منتصف الولاية.

ولا يزال الجزء الأكبر من الناخبين الجمهوريين يعتبر أن الرئيس السابق دونالد ترامب محق في ما يكرره من الادعاء بـ”سرقة” الانتخابات منه عام 2020. ويشكل هذا حافزاً لدى مؤيديه من جماعات اليمين المتطرف للذهاب بعيداً في إعداد أنفسهم لـ”الانتقام” في الانتخابات النصفية. ويصاحب ذلك تحريض غير مسبوق عبر وسائل التواصل الاجتماعي. ويتلقى المرشحون الديموقراطيون تهديدات عبر طرق مختلفة. وتفيد شرطة الكونغرس المولجة حماية أعضاء مجلسي الشيوخ والنواب، بأن التهديدات الموجّهة ضدّهم ارتفعت منذ عام 2017، من 3939 إلى 9625 في عام 2021.

الديموقراطيون من جهتهم يعتبرون الانتخابات النصفية أكبر تحدٍ تواجهه الديموقراطية في الولايات المتحدة. ويكرر الرئيس جو بايدن الإعلان عن هذه المخاوف منذ عمدت جماعات يمينية متطرفة إلى اقتحام مبنى الكونغرس في كانون الثاني (يناير) عام 2021، في محاولة لمنع الكونغرس من المصادقة على انتخابه رئيساً.

وفي المقابل، يعتبر ترامب ما تلى هذا الحدث من تحقيقات في مجلس النواب الأميركي، وصولاً إلى مداهمة مكتب التحقيقات الفيدرالي شقته في فلوريدا، إلى التحقيقات الجارية في تهرب منظمة ترامب من الضرائب في نيويورك، بمثابة “اضطهاد سياسي” يمارسه الديموقراطيون كي يمنعوه من إعادة الترشح للرئاسة عام 2024.

أجواء التوتر هذه تنعكس على الانتخابات النصفية. وفي هذا السياق، يعمل نشطاء يمينيون مؤثرون ممن يدعمون مزاعم ترامب في شأن التزوير الانتخابي، على تعبئة “جيش” من المراقبين لانتخابات منتصف الولاية، في خطوة يحذّر محلّلون من أنها قد تؤدي إلى فوضى وترهيب وأعمال عنف.

ومنذ أشهر، يجول ترامب في ولايات مختلفة من أجل تعبئة الناخبين الجمهوريين من أجل إعادة السيطرة على مجلسي الكونغرس، كمنطلق لتعزيز حظوظه في الانتخابات الرئاسية تحت شعار “لنعيد عظمة أميركا مرة أخرى”.

وبحسب استطلاعات للرأي، فإن الحزب الديموقراطي مهدد بخسارة الغالبية في الكونغرس، بسبب التضخم الذي ينظر إليه الناخبون كهمٍّ أساسي، أكثر من أي قضايا أخرى، وفي مقدمتها الدعم الأميركي العسكري والمالي المتصاعد لأوكرانيا. وما كسبه الديموقراطيون من شعبية عقب قرار المحكمة العليا الفيدرالية بمنع الإجهاض، تبدد مع مواصلة ارتفاع التضخم.

وفي حال خسارة الغالبية الديموقراطية، سيواجه بايدن الكثير من العقبات في الكونغرس لتمرير خططه، وقد يتحول فعلاً إلى “بطة عرجاء” في السنتين المقبلتين. وتدل السوابق التاريخية على أن من النوادر أن تمكن رئيس في سدة المسؤولية من توفير الفوز لحزبه في انتخابات نصفية، ويتجه الناخبون إلى ما يصفونه بالتصويت “العقابي” لحزب الرئيس.

كل هذه التحديات تمثل أمام بايدن في ما تبقى من أيام قبل الذهاب إلى صناديق الاقتراع، ما يجعل فرص الفوز والخسارة متساوية أو غير مضمونة.

وما يميز الانتخابات النصفية المقبلة الخوف على الديموقراطية نفسها، إذا استمر الانقسام السياسي على ما هو عليه. هل يتكرر سيناريو انتخابات 2020؟ هذا هو السؤال الكبير الذي يدور في أذهان الكثير من الأميركيين وغير الأميركيين.

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى