أقلام وأراء

سركيس نعوم يكتب – الحقول البحرية لغاز لبنان وسوريا أضخم من حقول الخليج !

بقلم  سركيس نعوم *- 19/4/2021

يبدو أن “حزب الله” مقتنع جداً بأن لا أمل في أن تنتهي الأزمة الحكومية في لبنان الآن على الأقل وربما في المستقبل المنظور. هذا ما يقوله متابعون من قرب لحركته داخل بلادهم وخارجها، ويضيفون: “السبب هو تمسّك كل طرف بموقفه وعدم استعداده للتنازل عنه أو للعمل مع الأطراف الآخرين من أجل تسوية معقولة تنتج الحكومة المتعذرة والمتعثرة منذ أشهر. فـ”الحزب” يحاول مع فريقه وحلفائه وحتى مع الرئيس الحريري، الذي صار أقرب إليه من أي سنّي آخر مرشّح أو مؤهّل لرئاسة الحكومة، تذليل العقوبات. وإذا لزم الأمر فإنه مستعد لبذل المزيد من الجهود على هذا الصعيد. في رأيه أن هناك أطرافاً في البلاد يؤيّدهم الخارج والمعادي له ولحليفه الإقليمي الأول الجمهورية الإسلامية الإيرانية وهؤلاء متشدّدون لكنه يبقى مستعداً رغم ذلك للبحث الجدي مع هؤلاء عن مخرجٍ مقبول للأزمة الحكومية إذا كانوا جدّيين. المشكلة أن هناك فريقاً يتمسّك بالثلث المعطّل في الحكومة وفريقاً آخر يصرّ على أن لا يتجاوز عدد أعضاء الحكومة 18 وزيراً. يتساءل “الحزب” هنا عن سبب تمسّك الفريقين بهذين المطلبين المعطِّلين للبلاد ولمصالح أهلها في هذه المرحلة الأكثر صعوبة في تاريخ لبنان. فالبلاد لا تحتمل في الظروف الراهنة هذا العناد”.

ماذا عن موسكو التي زارها وفدٌ عالي المستوى من “حزب الله” برئاسة رئيس كتلته النيابية الحاج محمد رعد قبل مدة قصيرة، وعن موقفها من الوضع اللبناني والأزمة الحكومية التي تزيد تعقيداته وصعوباته؟ يجيب المتابعون أنفسهم لحركة “الحزب”: “خرج وفده من اجتماعاته مع المسؤولين الروس وفي مقدمهم وزير الخارجية سيرغي لافروف والخبير في العالم العربي ميخائيل بوغدانوف بانطباع أنهم كانوا مرتاحين الى موقفه كما جرى شرحه لهم من الأزمة الحكومية وأسباب تعقيدها، ومرتاحين أيضاً الى تأكيده استعداده الدائم لبذل الجهود الضرورية لإنهائها. كما كانوا مرتاحين الى تأكيد تمسّكه برئاسة الرئيس المكلّف سعد الحريري لها. ما لاحظه “الحزب” في زيارته الروسية الرسمية أن لكل من رئيس الجمهورية ميشال عون وصهره النائب جبران باسيل من جهة، وزعيم “تيار المستقبل” الرئيس سعد الحريري من جهة أخرى، والزعيم الدرزي الأبرز رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط من جهة ثالثة، ملائكته في موسكو. ومهمة كل مجموعة منها اطلاع القيادة الروسية على مواقف الفريق الذي ترعى شؤونه معها ومحاولة إقناعها بضرورة دعمها وتأييد مواقفها خصوصاً وأنها غير معادية لموسكو ولروسيا الدولة ذات المصالح في الشرق الأوسط. فالنائب السابق أمل أبو زيد عضو “التيار الوطني الحر” هو أبرز ملائكتهما في موسكو. والسيد جورج شعبانهو أبرز ملائكة سعد الحريري فيها. أما جنبلاط فإن السفير اللبناني في موسكو وهو غالباً درزيٌ يبقى أحد أبرز ملائكته في العاصمة الروسية وربما سفيره فيها أيضاً. علماً أن الإنصاف يقتضي الإشارة الى أن التاريخ العريق لعلاقة “الحزب الإشتراكي” ومؤسّسه الشهيد كمال جنبلاط ومتابع مسيرته نجله وليد بيك مع الاتحاد السوفياتي على مدى عقود ومع وريثته روسيا هو الذي يجعل موسكو الشيوعية ثم القيصرية الجديدة أكثر تعاطفاً أو تفهماً للجنبلاطية اللبنانية من الآخرين. في هذا المجال لاحظ الحاج محمد رعد في أحد اللقاءات المحبة القوية لبوغدانوف لوليد جنبلاط. إذ “سرغس” كما يُقال في لبنان عندما نوّه رئيس الكتلة النيابية لـ”حزب الله” في شرحه لأوضاع بلاده وتحديداً أزمتها الحكومية بموقف وليد بيك الداعي الى عدم التمسّك بحكومة تضم 18 وزيراً فقط. يبدو أن هذه “السرغسة” نُقلت الى جنبلاط بعد عودة وفد “الحزب” من موسكو في شكل أو في آخر فتركت عنده ارتياحاً”.

ماذا وجد “حزب الله” في مباحثاته الروسية في أثناء زيارته الأخيرة لموسكو، التي قد تكون الزيارة الرسمية الأولى لعاصمة الشيوعية ثم القيصرية الجديدة، وماذا فيها عن لبنان وسوريا وإسرائيل؟ يجيب المتابعون أنفسهم: “لبنان مرتبطٌ في نظر القيادة الروسية في شكل أو في آخر بسوريا التي أنقذتها هي نظاماً ورئيساً من إنهيار محتم عام 2015، ولاحقاً من سيطرة التنظيمات الإسلامية البالغة التطرّف عليها وأبرزها على الإطلاق “داعش”. يظهر ذلك عندما يتحدّث مسؤولون روس كبار عن الثروة الغازية الموجودة في المياه الإقليمية للدولتين الشقيقتين. إذ يؤكدون أن حجم حقول الغاز الموجودة في “بحر لبنان” و”بحر سوريا” وهما واحد “الأبيض المتوسط” أكبر بل أضخم من الحقول الغازية في الخليج العربي كلّه. ويعتبرون أنه عندما يبدأ الحفر والتنقيب عن هذه المادة الحيوية والإستراتيجية ثم استخراجها من سوريا أولاً ومن ثم من لبنان سيكتشف شعبا البلدين والعالم كما هي ضخمة ثروتهما الغازية. وسيريان بأم العين تسويقها بواسطة أنبوب غاز يمتد من سوريا ولبنان الى تركيا ومنها الى أوروبا”. أما تقويم روسيا لـ”حزب الله” ولا سيما بعد تدخله العسكري في سوريا قبلها بثلاث أو أربع سنوات ونجاحه في منع الأسد ونظامه من الانهيار فيتحدث عنه المتابعون من قرب أنفسهم لحركته داخل لبنان وخارجه بالقول: “موسكو معجبة جداً بتنظيم “حزب الله” وقدرته العسكرية، وبالدور البالغ الأهمية الذي قام به في سوريا بالتعاون مع القوات الروسية. طبعاً سحب “الحزب” قسماً من قواته العاملة في سوريا بعد شبه انتهاء المعارك العسكرية الطاحنة فيها أو الحرب. لكن كل ما كانت هناك حاجة إليها في الداخل السوري فإنها تعود إليه للعمل بتنسيق تام مع القوات الروسية، وتنفّذ الإثنتان عملاً عسكرياً مشتركاً ممتازاً أو أعمالاً. هذا التنسيق القوي لم يكن متوافراً أو قائماً بين الجيش الروسي والجيش السوري النظامي ربما باستثناء القوات الخاضعة لإمرة ماهر شقيق الرئيس الأسد”.

ماذا عن علاقة روسيا وإيران وإسرائيل؟ “هي ممتازة” يجيب المتابعون أنفسهم. ويضيفون: “علاقة روسيا وإسرائيل جيدة. فإسرائيل تضرب مواقع في سوريا بواسطة طيرانها الحربي وسلاحها الصاروخي وفق قواعد اتفقت عليها مع روسيا وتمّ شرحها تفصيلاً في “الموقف هذا النهار” الأسبوع الماضي طبعاً يتساءل كثيرون في العالم العربي والعالم الأوسع عن سبب عدم استعمال سوريا منظومة صواريخ أس -300 التي اشترتها من روسيا قبل مدة غير قصيرة. الجواب الذي يعطيه الروس الى من يتحدّث معهم عن هذا الأمر يشير الى سببين. الأول عدم القدرة على إطلاق صواريخ منصة من دون تنسيق مع المنصات الصاروخية الأخرى. الثاني معرفة القيادة السورية بضرورة التشاور مع القيادة العسكرية الروسية قبل اتخاذ قرار باستعمال صواريخ اس – 300. في اختصار أكثر ما كان يهم روسيا في سوريا التخلص من “داعش” ودولتها الإسلامية فيها. علماً أن أموراً أخرى تهمها أيضاً لكن ليس بالمقدار نفسه”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى