أقلام وأراء

زياد شليوط يكتب – نتنياهو و”المشتركة” يلعقان جراحهما في ظل تراجعهما الملحوظ في استطلاعات الرأي

بقلم  زياد شليوط  *- 26/12/2020

أعلن رئيس الكنيست، يريف ليفين منتصف ليلة الثلاثاء الماضي، عن حل الكنيست في أعقاب فشل المساعي الأخيرة للتوصل إلى اتفاق حول ميزانية الدولة، وبالتالي فقد أعلن يريف أن انتخابات الكنيست الـ24 ستجري في 24 آذار 2021 وبذلك تكون الانتخابات البرلمانية الرابعة خلال عامين.

هذا وعاشت الكنيست ليلة درامية في الليلة السابقة لاعلان رئيسها المذكور، وذلك لدى سقوط اقتراح الحكومة، لتعديل الموعد الأخير لاقرار الموازنة العامة، وتأجيله بأسبوعين، بأغلبية 49 نائبا، مقابل 47 نائبا. وكانت المفاجأة في تصويت ثلاثة نواب من “كحول لفان” ونائبتين من “الليكود” ضد حكومتهم ومساهمين بالتالي في اسقاطها وحل الكنيست.

ماذا سيكون مصير نتنياهو بعد الانتخابات القادمة؟ هذا هو السؤال الكبير والذي ينتظر الجميع الاجابة العملية عنه. وذلك على ضوء فشل نتنياهو في الحفاظ على حكومته التي توقع لها أن تعمر الفترة القانونية مع شريكه غانتس، وفشله في اقناع أعضاء الكنيست أن اتفاقيات السلام والتطبيع التي عقدها مع عدد من الدول العربية انجاز هام، واقناعهم بأن مساعيه الشخصية سرّعت في وصول اللقاح الخاص بالكورونا، وفشله في الحفاظ على ائتلافه رغم اتهامه لشريكه غانتس وكتلته بهذا المصير، وفشله في الحفاظ على وحدة حزبه ومنع انشقاق ساعر وعدد من نواب الليكود واقامة حزب جديد منافس له.

بينت ينجر خلف ساعر والصراع يشتد داخل معسكر اليمين..

في هذه الانتخابات تحول غدعون ساعر إلى المنافس الرئيس لرئيس الحكومة نتنياهو، بعدما هوى بيني غانتس من أعلى برج السياسة نتيجة قلة خبرته، بينما يأتي ساعر من مدرسة الليكود الحزبية ويخرج منها مع خدوش المحارب، والتي ستصقل تجربته خاصة في منافسة الخصم الشرس نتنياهو، مما يمنحه الثقة والادراك في كيفية ادارة المعركة، وقد بدأ يقطف ثمارها الأولى في اقتناص جنود من صفوف “الليكود”، فبعد انضمام شاشا بيطون الأسبوع الماضي إليه، انضمت هذا الأسبوع ميخال شير، التي صوتت ضد الحكومة في اللحظة الأخيرة وقدمت قبل يومين استقالتها من الكنيست وعضوية الليكود معلنة التحاقها بالقطار الجديد “تكفا حداشا” بقيادة القبطان غدعون ساعر. وبعدها بيوم فجر ساعر قنبلة جديدة في وجه الليكود، حين أعلن الوزير زئيف ألكين، انضمامه لحزب ساعر وشنّ هجوما قاسيا على نتنياهو، في الوقت الذي يعتبر فيه أحد المقربين جدا من رئيس الحكومة وأحد المطلعين على سياسته وخباياها، ويعتبر هذا الاعلان ضربة قاسية لليكود جعلته مرتبكا ويهذي بأن حزب ساعر هو “حزب لاجئين”، في محاولة بائسة للتخفيف من وقع الصدمة.

وأمام هذا المشهد خرج بنفس الليلة كذلك، رئيس حزب “يمينا” نفتالي بينيت، باعلان صريح عن طرح نفسه منافسا على منصب رئيس الحكومة، بينما امتنع طيلة الوقت عن الالتزام بمنافسة نتنياهو، وتأتي هذه الخطوة في أعقاب تراجع حزبه في الاستطلاعات والصعود المضطرد لساعر الذي أعلن منذ البداية منافسة نتنياهو على رئاسة الحكومة.

“المشتركة” في طريقها لفض الشراكة..

تفاقم الغضب في “القائمة المشتركة” على أربعة نواب الحركة الإسلامية، الذين بقوا خارج الهيئة العامة للكنيست، رافضين دعوات زملائهم بالدخول والتصويت ضد مشروع القانون أسوة بالنواب الـ 11 الآخرين، وأكدت “المشتركة” في بيان لها أن تصويتها ضد القانون يعبر عن التزاماتها السياسيّة ضد الحكومة العنصرية، كما أن تصويتها هذا ينسجم مع وعودها لجمهور الناخبين للإطاحة بحكومة نتنياهو العنصرية.

واعتبرت “القائمة المشتركة” أن تغيّب نواب الحركة الاسلامية عن التصويت، خروجاً عن مشروع والتزامات “المشتركة” تجاه الناخب والمجتمع العربي، إضافةً لضربهم بعرض الحائط لاتفاقية إقامة “المشتركة” والبرنامج الانتخابي لها، بل رفضوا مجرد ابلاغ زملائهم في “المشتركة” بكيفية تصويتهم وغادروا البناية رافضين توجه وطلب زملائهم بالتصويت بشكل موحد.

إن التصويت الأخير لكتلة “القائمة الموحدة” داخل “المشتركة”، أزال كل الشكوك وأسقط كل الآمال بإعادة “المشتركة” إلى ما كانت عليه، وأكد أن الشرخ داخل القائمة، والذي أشرنا إليه منذ ثلاثة اسابيع، قائم ويزداد اتساعا. وتدل المؤشرات بشكل شبه مؤكد على أن الموحدة ستنسلخ عن “المشتركة” لتشكل قائمة تكون هي في محورها، مع بقايا أحزاب عربية اختفت من الساحة السياسية وشخصيات أخرى لكنها لا تشكل قوة انتخابية يعتمد عليها، وما يمنع الموحدة من اعلان انسلاخها عن “المشتركة” هو خشيتها أن تبدو أمام الجمهور العربي أنها ترفض الوحدة، لذا فهي تعمل وتأمل بأن تقوم مركبات “المشتركة” الأخرى باعلان إخراج “الموحدة” من القائمة “المشتركة” بناء على سلوكها في الفترة الأخيرة، وبهذا تستلم “شهادة” البراءة لتشكيل قائمة خاصة بها تنال شرعية أخلاقية أمام الجمهور، وما تصريحات عباس منصور من يومين إلا تأكيد لهذا التصور. بالمقابل استصعب النائب مطانس شحادة رؤية “الموحدة” في تركيبة “المشتركة” في الانتخابات القادمة، لكنه تجنب وبحذر الاعلان عن ذلك لئلا يحسب عليه وليس له، بينما ضرب رئيس القائمة أيمن عودة طوقا من الصمت حول نفسه على عكس ما اعتاد أن يقوم به، ويبدو أنه مستاء من فشل مساعيه مع قيادات الحركة الاسلامية وتوجهه المباشر لكوادر الحركة بلجم النائب عباس وإعادته إلى “حظيرة” المشتركة.

* كاتب فلسطيني يقيم في مدينة شفاعمرو/ الجليل .  

zeyad1004@gmail.com    

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى