أقلام وأراء

زياد أبو زياد يكتب – التجوال على شبكات الخلوي الإسرائيلية في قلب المدن والقرى الفلسطينية

بقلم المحامي زياد أبو زياد 8/12/2019

أحيانا نسمع البعض يشكو ويتذمر من أنه أجرى مكالمة على هاتفه النقال الفلسطيني لم تتجاوز الدقيقة أو دقيقتين وأنه تلقى رسالة تفيد بأن كلفة تلك المكالمة بلغت عدة شواقل. ويضيف هؤلاء بأن تسعيرة المكالمات لا تتم بوتيرة واحدة وأنها تكون أحيانا معقولة وأحيانا خيالية ، ويتهمون شركات الخلوي الفلسطينية بشتى الاتهامات.

وفي الحقيقة فإن شركات الخلوي الفلسطيني لا تتلاعب بالتعرفة ولا تمارس العشوائية في أسعارها ولكن المشكلة تكمن في انتقال المشترك دون أن يشعر من الشبكة الفلسطينية الى إحدى الشبكات الإسرائيلية ضمن ما يُعرف بالتجوال أي Roaming.

وهذا الانتقال من الشبكة الفلسطينية الى الشبكة الاسرائيلية يجعل الاتصال يتحول من اتصال محلي الى اتصال دولي مكلف.

ويلاحظ أن المشترك يتلقى دائما رسالة من شركة الخلوي الفلسطينية التي يستخدم شريحتها تقول ” مشتركنا العزيز أنت تتجول الآن على شبكة (بارتر أو سيلكوم)…….بإمكانك التحكم في خدمة ——– من خلال ضبط الشبكات يدويا.

وبهذه الرسالة التي يتلقاها المشترك تكون شركات الخلوي الفلسطينية قد غطت نفسها أمام أية شكوى أو مساءلة بحجة أنها حذرت المشترك وأبلغته بأن بإمكانه اختيار الشبكة يدويا ً وبالتالي عدم الإتصال عن طريق التجوال أي Roaming.

وعلى أية حال ، ليس المقصود من هذا المقال التعرض لأي من شركات الخلوي الفلسطينية وإنما مناقشة مشكلة عامة يشكو منها المواطنون في سائر أنحاء الأراضي الفلسطينية ولا بد من إيجاد حل لها بالتعاون مع شركات الخلوي الفلسطينية.

فالتجوال بين الشبكات الدولية هو ترتيب متفق عليه عالميا حين انتقال المسافر من بلد الى آخر ورغبته بالاستمرار في استخدام هاتفه النقال أثناء وجوده في الدولة الأخرى بالرغم من التكلفة العالية لمثل ذلك. فالمسألة عادية حين يسافر حامل الخلوي الفلسطيني من فلسطين الى الأردن أو أي قطر أوروبي أو أمريكا أو أي من الأقطار الأخرى بما في ذلك إسرائيل حيث تكون هناك اتفاقيات موقعة بين شركات الخلوي في تلك الدول وشركات الخلوي الفلسطينية بأن يعمل المشترك الفلسطيني على شبكات تلك الدول التي تعطيه اتصالا ً من خلال شبكتها الى شبكة شركة الخلوي الفلسطيني وتتقاسم الشركتان الربح الناتج عن ذلك.

هذا أمر طبيعي ومتعارف عليه ولكنه يختلف عن وضع المشترك في الخلوي الفلسطيني حين يجد نفسه مضطرا للاتصال من خلال التجوال Roaming, وهو داخل الأراضي الفلسطينية ولم يغادرها الى أي دولة أخرى.

فالذي يحدث كثيرا ولجميع مشتركي الخلوي الفلسطيني هوأنهم وهم في قلب المدن والقرى الفلسطينية يتلقون رسائل بأنهم يتنقلون “الآن” ! على إحدى الشبكات الإسرائيلية.

وبعبارة أوضح نجد أم شركات الخلوي الإسرائيلية تعمل داخل المدن والقرى الفلسطينية وعلى الطرقات التي تصل بينها وأن على الفلسطيني أن يتصل بالفلسطيني من الخلوي الفلسطيني داخل فلسطين عبر الخلوي الاسرائيلي وبتكلفة مكالمة دولية دون أن يُغادر بيته أو مدينته أو قريته.

ولتوصيف الحالة بشكل أوضح نجد أن شركات الخلوي الاسرائيلية تعمل داخل الأراضي الفلسطينية بصفتها شريك لشركة الخلوي الفلسطيني والضحية هو المشترك الفلسطيني الذي عليه أن يدفع للشركتين وليس لشركة واحدة ، ويعاقب في نفس الوقت إذا استخدم شريحة إسرائيلية مباشرة علما ً بأن الشركات الإسرائيلية تُعطي عروضا ًفي غاية الإغراء بالنسبة للشركات الفلسطينية التي تبالغ في تعرفتها وطريقة احتساب المكالمات.

بالطبع سترد شركات الخلوي الفلسطيني بأنها حذرت المشترك وقالت له بأنه يتنقل على شبكة الشركة الاسرائيلية ولفتت انتباهه الى أن بإمكانه انتقاء الشبكة يدويا ً وبالتالي فإنها ليست مسؤولة عن خطأ استخدام التجوال الباهظ الثمن من خلال الشركة الاسرائيلية.

وأقول بأنه صحيح قد تم تنبيه المشترك ولكن ليس كل مشترك يعرف كيف يستخدم تجهيزات الهاتف واختيار الشبكة يدويا. فما الحل ؟

أعتقد أن الحل بسيط جدا ً ويتطلب تدخل القيادة السياسية وعلى أعلى مستوى وكذلك الحكومة من خلال وزارة الاتصالات الفلسطينية باعتبار أن الموضوع أولا ً وقبل كل شيء هو موضوع سياسي بامتياز. وهو يندرج أيضا في إطار سياسة الإنفكاك من الإقتصاد الاسرائيلي وتعزير استقلالية الاقتصاد الفلسطيني التي تتبناها الحكومة الحالية برئاسة الأخ والصديق د. محمد اشتية.

فإذا كنا نؤمن حقا ً بأن دولة فلسطين قائمة وأنها دولة تحت الاحتلال فإن أول ما يجب أن نتمسك به هو حدود تلك الدولة. وإذا كانت هذه الدولة على حدود الرابع من حزيران 1967 فلا يجوز بأي شكل من الأشكال أن نقبل بعمل شركة خلوي إسرائيلي داخل الأراضي الفلسطينية بشكل Roamingلأن قبولنا بذلك يعني أن هذه الأراضي هي خارج نطاق حدود الدولة الفلسطينية.

الحل ببساطة ، يكمن في إعادة النظر في اتفاقيات التجوال بين شركات الخلوي الفلسطينية والشركات الاسرائيلية وأن يقتصر التجوال على الشبكات الإسرائيلية عند وجود المشترك بالخلوي الفلسطيني داخل حدود 1948 وليس في الأراضي الفلسطينية. وعلى الشركات الفلسطينية أن تقوم بأعمال تقوية البث داخل الأراضي الفلسطينية ليكون بإمكان حامل الخلوي الفلسطيني استخدام هاتفه في شتى أنحاء الأراضي الفلسطينية لا أن يجد نفسه بين لحظة وأخرى يتنقل على الشبكة الإسرائيلية وهو في عقر داره برام الله أو الخليل أو بيت لحم أو جنين أو أريحا أو غيرها.

لا يكفي أن تُعلن بعض الشركات الفلسطينية الاحتكارية عن تحقيق نسبة أرباح سنوية تتجاوز ال 60% وتتباهى بذلك وإنما عليها أن تستثمر ما يكفي من الأموال لتطوير البنية التحتية لخدماتها وتقديم خدمات أفضل وأقل كلفة للمواطن الفلسطيني بدلا من أن تتشارك مع الشركات الإسرائيلية على جني الأرباح على حسابه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى