ترجمات أجنبية

ريسبونسبل ستيتكرافت – بقلم تريتا بارسي – الحرب مع إيران .. الحيلة الأخيرة في جعبة ترامب قبل رحيله

ريسبونسبل ستيتكرافت –  بقلم   تريتا بارسي  – 1/1/2020

لم يعتقد أحد أن الرئيس “دونالد ترامب” سيغادر بهدوء، لكن هل سيصل الأمر إلى حد بدء مواجهة عسكرية مع إيران في طريقه للرحيل؟

هناك أشياء تغذي التكهنات بأن “ترامب” يخطط للحيلة الأكبر والأكثر كارثية مثل التحركات العسكرية الأخيرة للبنتاجون في الشرق الأوسط (ظاهريا تحت مبرر ردع إيران عن مهاجمة القوات الأمريكية في ذكرى اغتيال القائد الإيراني قاسم سليماني)، جنبا إلى جنب مع تقارير إعلامية إسرائيلية تفيد بأن السعودية وإسرائيل تضغطان على “ترامب” لقصف إيران قبل ترك منصبه.

تحركات تغذي المخاوف

وجه “ترامب” تهديدات بالحرب ضد إيران أكثر من أي دولة أخرى خلال السنوات الأربع التي قضاها كرئيس. وفي أواخر الشهر الماضي، أمر “ترامب” الجيش بإعداد خيارات ضد المنشآت النووية الإيرانية، ورغم أن صحيفة “نيويورك تايمز” ذكرت أن مساعدي “ترامب” عطلوا هذه الخطط، فإن تحركات القوات الأمريكية في الأسابيع القليلة الماضية قد تشير إلى خلاف ذلك.

فمنذ أكتوبر/تشرين الأول، نشر البنتاجون ألفين جندي إضافي بالمنطقة، بجانب سرب من الطائرات المقاتلة في السعودية، كما أرسل قاذفات “B-52” في مهام في الخليج العربي 3 مرات، وأبقى على حاملة الطائرات “نيميتز” بالقرب من إيران، كما أعلن أنه سيرسل غواصة تطلق صواريخ “توماهوك” إلى مياه الخليج.

علاوة على ذلك، أرسلت إسرائيل -التي أكد مسؤولوها للعديد من الصحف الأمريكية أنها كانت وراء اغتيال العالم النووي الإيراني “محسن فخري زاده” الشهر الماضي- غواصة مزودة بمعدات نووية إلى الخليج العربي.

كل هذه المناورات العسكرية تهدف -رسميا- إلى “ردع” إيران، رغم أن إسرائيل هي التي اغتالت مسؤولا إيرانيا داخل الأراضي الإيرانية وليس العكس.

وحسب صحيفة “واشنطن بوست”، قال قائد القيادة المركزية الأمريكية الجنرال “كينيث فرانك ماكنزي”: “تواصل الولايات المتحدة نشر قدرات جاهزة للقتال في منطقة مسؤولية القيادة المركزية الأمريكية لردع أي خصم محتمل، وتوضيح أننا مستعدون وقادرون على الرد على أي عدوان موجه ضد الأمريكيين أو مصالحنا”.

وليس من المستغرب أن تفسر طهران هذه الإجراءات على أنها تهديدات واستفزازات، على غرار الطريقة التي كانت ستنظر بها الولايات المتحدة إلى وجود سفن حربية إيرانية مثلا قبالة سواحل فلوريدا.

ومما زاد المخاوف من مواجهة عسكرية وشيكة هو ما ورد عن رفض إدارة “ترامب” السماح لفريق “بايدن” الانتقالي بالاجتماع مع وكالات الاستخبارات الدفاعية، ولم تسبب هذه الخطوة الغضب في فريق “بايدن” فحسب، بل أثارت أيضا الدهشة على المستوى الدولي.

وتكهن النائب البريطاني المحافظ ورئيس لجنة الدفاع في مجلس العموم “توبياس إلوود”، على “تويتر”، بأن “ترامب” كان يحظر الإحاطة الاستخباراتية لـ”بايدن”؛ لأن لديه بضعة عمليات مهمة في جعبته، والتي قد تحصل على الضوء الأخضر قبل 20 يناير/كانون الثاني.

كما وجد رئيس الوزراء ووزير الخارجية السويدي السابق “كارل بيلدت” سلوك “ترامب” غريبا، وتساءل عما إذا كانت هناك “تغييرات حديثة تتعلق بعمليات وشيكة مخطط لها؟”، وهناك أيضا ما يشير إلى أنه بدلا من السعي لردع إيران، فربما يكون “ترامب” يمهد الطريق لحرب. ويقول مسؤولون بالبنتاجون إن التهديد الإيراني مبالغ فيه.

دوافع الخطوة الكارثية

لكن إذا كان “ترامب” يسعى إلى مواجهة مع إيران خلال الأسابيع الأخيرة من رئاسته، فما هي دوافعه؟ علينا أن نوضح في البداية شيئين قبل تحليل ذلك؛ فأولا، أيا كان السبب، فمن المحتمل أنه مخطئ في التقدير، مثلما كانت سياسته تجاه إيران بأكملها فاشلة فشلا ذريعا، ولم يُظهر أي قدرة على التعلم من أخطائه خلال السنوات الأربع الماضية. وثانيا، يشير سجل “ترامب” الحافل إلى أنه كلما ازداد يأسه، أصبح أكثر تهورا.

وفي سعيه اليائس للتشبث بالسلطة، يستكشف “ترامب” كل السبل لقلب نتيجة الانتخابات، وحتى التلاعب بفكرة المطالبة بالأحكام العرفية، حتى أن الجنرال “مايكل فلين”، الذي عفا عنه “ترامب” هذا الشهر، اقترح أن ينشر “ترامب” الجيش في “الولايات المتأرجحة” لإعادة الانتخابات.

فهل يمكن أن يسعى “ترامب” لبدء مواجهة عسكرية مع إيران على أمل خلق فوضى كافية لمنع “جو بايدن” من تولي منصبه في يناير/كانون الثاني؟ لا يوجد سبب للاعتقاد بأن مثل هذه المناورة ستنجح، ومع ذلك فإن جنون الفكرة ليس سببا مقنعا لعدم محاولة “ترامب” اليائس تجربتها.

على الأقل، سيحصل “ترامب” على دعم الكتل الكبيرة المؤثرة من المسيحيين الإنجيليين الذين ينظرون إلى المواجهة مع إيران على أنها تحقيق لنبوءة نهاية العالم في سفر الرؤيا، وكذلك دعم أكبر داعم مالي للحزب الجمهوري “شيلدون أديلسون”.

فقد وافق “ترامب” بالفعل على كل طلبات “أديلسون” (باستثناء الحرب مع إيران) بما في ذلك نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، وقبول ضم إسرائيل لمرتفعات الجولان، والإفراج عن الجاسوس الإسرائيلي “جوناثان بولارد”، الذي سافر إلى إسرائيل هذا الأسبوع على متن طائرة “أديلسون” الخاصة.

ووصفت وكالة “أسوشييتد برس” إطلاق سراح “بولارد” بأنه “الأحدث في سلسلة طويلة من الهدايا الدبلوماسية التي قدمها ترامب لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو”.

وحتى لو كانت المواجهة مع إيران لن تمنع “بايدن” من أن يصبح رئيسا، فربما يرى “ترامب” أن هذه الخطوة ستقضي على الاتفاق النووي الإيراني إلى الآبد، وتضمن استمرار دعم “أديلسون” والإنجيليين لـ”ترامب”، والذي بدوره يمكن أن يساعد “ترامب” في تعزيز قبضته على الحزب الجمهوري حتى بعد انتهاء رئاسته.

وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية وعربية أن السعودية وإسرائيل تضغطان على “ترامب” لقصف المنشآت النووية الإيرانية قبل أن يترك منصبه، لمنع “بايدن” من العودة إلى خطة العمل الشاملة المشتركة (الاتفاق النووي).

ومهما كانت حسابات “ترامب”، فمن الواضح أن الأسابيع الثلاثة الأخيرة له في البيت الأبيض قد تكون الأكثر خطورة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى