أقلام وأراء

رندة تقي الدين: واشنطن وباريس والرّياض تقبل بعون وترفض فرنجيّة وتستبعد جعجع

رندة تقي الدين 24-09-2022

تشير الاتصالات اللبنانية- الفرنسية- الأميركية بين كل من رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ووزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، إلى أن إجراء الانتخابات الرئاسية في لبنان في موعدها هو أولوية بالنسبة إلى فرنسا وأميركا لتجنيب لبنان أزمة دستورية تضاف إلى كل المآسي التي يواجهها.
خلال اللقاء المنفرد الذي تم بين ماكرون وميقاتي، طلب الأخير من الرئيس الفرنسي أن يبذل جهوداً لدى الشركاء الإقليميين كي يسهلوا إجراء الانتخاب في موعده، وأن تساعد فرنسا على أن لا يكون هناك فراغ، وقد أعرب ماكرون عن استعداده لذلك، على أن تستمر جهوده في هذا الاتجاه قدر الإمكان.
إلى ذلك، عقد عدد من كبار موظفي الخارجية في الولايات المتحدة وفرنسا والسعودية اجتماعاً حول لبنان، كان هدفه، بحسب مصادر دبلوماسية مختلفة، إعادة تأكيد ضرورة إجراء الانتخابات في موعدها، والتقدم في تنفيذ الإصلاحات المطلوبة من صندوق النقد. ولم يتطرق الاجتماع إلى أي اسم من المرشحين للرئاسة، ولكن المهم للدول الثلاث أن يكون هناك اتفاق على شخصية تعي المسؤوليات في العمل مع حكومة تنفذ الإصلاحات لإخراج البلد من مأزقه. وقد تم على هذا الأساس إصدار البيان على مستوى الوزراء الثلاثة الأميركي والفرنسي والسعودي، لحضّ اللبنانيين على إجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها. وكان لافتاً في البيان جملة تشير إلى “استعداد الدول الثلاث للعمل المشترك لدعم لبنان لتنفيذ الإجراءات الأساسية لانتعاش مستقبلي للبلد ومن أجل استقراره وأمنه”.
سأل مسؤولاً فرنسياً عن هذه الجملة، وإذا كانت تعني أن الدول مستعدة لمساعدة لبنان عبر صندوق النقد الدولي أو أنها أيضاً مستعدة لمساعدته مباشرة، فأجاب بأنه إذا التزمت السلطات اللبنانية فعلياً وحقيقياً بالإصلاحات، فالدول مستعدة للمساعدة عبر الصندوق وأيضاً مباشرة. 
الاجتماع الثلاثي في نيويورك لم يتطرق إلى أسماء المرشحين، بحسب معلومات، فيما الاجتماع الثنائي الفرنسي السعودي الذي عقد في باريس قبل أسبوعين، كان نوعاً من جسّ النبض الفرنسي حول المرشحين التقليديين  المعروفين للرئاسة، وهم رئيس “تيار المردة” سليمان فرنجية المرفوض أميركياً وسعودياً لارتباطه بـ”حزب الله” وبشار الأسد، ورئيس حزب “القوات اللبنانية “سمير جعجع الذي يعتبر مرشحاً غير توافقي، ورئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل المرفوض دولياً وهو تحت العقوبات، إضافة إلى احتمال ترشيح قائد الجيش العماد جوزيف عون.
وتوافق البلدان الثلاثة على رفض مرشح من 8 آذار وعلى عدم الاعتراض على قائد الجيش جوزف عون من السعودية، كما أنه يحظى بقبول (لا يبدو بحماسة كبيرة) من الولايات المتحدة وفرنسا. ويحظى عون بتقدير من بعض مسؤولي الأخيرة الذين يقدرونه ويعتبرون أنه شخصية نزيهة وذات كفاءة، فيما هناك مسؤولون لا يعرفونه جيداً، خصوصاً أنه لا يتكلم اللغة الفرنسية، إذ إنه لدى زيارته باريس ولقائه الرئيس ماكرون حرص على عدم الخوض في أي موضوع سياسي، فكان لقاءً عسكرياً تقنياً بحتاً. ولكن الانطباع الذي خرج به ن لا مانع لدى هذه الدول الثلاث في أن يكون قائد الجيش  المرشح الأكثر حظاً، خصوصاً أن باريس تعتقد أن “حزب الله” لا يعارضه، علماً أنه إذا تم التوافق بين اللبنانيين على شخصية ذات خبرة دولية واقتصادية وذات سمعة ونزاهة وكفاءة فسترحب بانتخابها، المهم أن يتم الانتخاب في موعده كما أشار البيان الوزاري الثلاثي في نيويورك.
إلى ذلك، علم من مصادر متابعة لموضوع التنقيب عن الغاز في لبنان، أن شركة “توتال” الفرنسية مستعدة لأن تبدأ التنقيب والحفر حالما تحصل على ضمانات من الحكومتين اللبنانية والإسرائيلية بأن منصتها وتجهيزاتها للتنقيب لن تتعرض لأي خطر أمني، لأن كلفة نقلها والاستثمار لا تتحمل أي ضربة من أي كان، وتؤكد المصادر أن ذلك لا يعني أن الشركة لا تنتظر انتهاء اتفاقية ترسيم الحدود بين إسرائيل ولبنان لتبدأ الحفر في البلوك 9 لتعرف إذا كان واعداً، أو أنه مثل البلوك 4 لا يحوي كميات مشجعة كما تتصور الجهات اللبنانية، من دون أن يكون ذلك مؤكداً.
وأكدت المصادر أن آموس هوكشتاين زار باريس قبل توجهه إلى المنطقة في آب (أغسطس) الماضي، ليلتقي رئيس “توتال” باتريك بوياني، ولم يلتق أي مسوؤل فرنسي آخر، علماً أنه على اتصال دائم بالدبلوماسي المسؤول عن الملف اللبناني في قصر الأليزيه باتريك دوريل. وشرح المصدر أن البلوك 9 تتجاوز مساحته الحدود التي يطالب بها لبنان، ومن الجهة الإسرائيلية هناك مساحة لا يطالب بها لبنان، فما يمكن أن تقوم به “توتال” إذا تم الاتفاق بين إسرائيل ولبنان على أن تشارك “أنرجيان” الإسرائيلية في تقاسم الإنتاج في هذه المساحة بين البلدين. وكشفت المصادر أن “نوفاتيك” انسحبت من البلوك 9 بسبب العقوبات على روسيا التي تمنع الشركة من الحصول على ضمانات مصرفية وتمويل عملية التنقيب، علماً أن “توتال” ما زالت مساهمة في “نوفاتيك” الروسية. واستغربت المصادر أن تأخذ الدولة  اللبنانية حصة “نوفاتيك”، لأنه عموماً في أي عملية تنقيب تسلم الحصة إلى شركة خاصة تدفع كلفة التنقيب حتى لحظة الاكتشاف، ولا معنى لأن تأخذ الدولة اللبنانية حصة “نوفاتيك” وتسلمها إلى شركة خاصة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى