أقلام وأراء

رندة تقي الدين: الإليزيه: اتّفاق التّرسيم بين لبنان وإسرائيل تاريخي وعلاقتنا مع حزب الله مفيدة

رندة تقي الدين 13-10-2022 

وصفت الرئاسة الفرنسية اتفاق ترسيم الحدود بين لبنان وإسرائيل بالتاريخي، مشيرة إلى أنه يعني أن دولتين دون علاقات دبلوماسية، وإحداهما لا تعترف بالأخرى، عزمت على التوصل إلى الاتفاق عبر التفاوض سيساهم في خفض التوتر في المنطقة، إذ إنه يكشف أن جميع اللاعبين، بمن فيهم “حزب الله”، فضّل التفاوض على المواجهة.

ورأى مسؤول في الرئاسة أن هذا الاتفاق يساهم في استقرار البلدين وأمنهما، وخصوصاً الأمن لإسرائيل، كما أن له تأثيراً أساسياً اقتصادياً. وعلى صعيد الطاقة، سيتيح التنقيب عن احتياطي غازي عند شواطئ الساحل اللبناني والإسرائيلي، الأمر الذي يشكل مثالاً للقدرة على التوصل إلى اتفاق عبر مفاوضات متطلبة وتضمن سيادة كل بلد في شرق المتوسط، كما أنه سيساهم في انتعاش شعبي الدولتين بتعزيز استقلاليتهما على صعيد الطاقة والحصول على عائدات. وهذا الاتفاق سيتيح وصول كميات من الغاز إلى أوروبا حسب الكميات التي ستظهر بعد التنقيب، علماً أن ثمة كميات كبرى من الغاز في حقل كاريش.

الدّور الفرنسي

وكشف المسؤول في الرئاسة الفرنسية تفاصيل عن مسار إلى المفاوضات، والدور الذي اضطلع به الرئيس إيمانويل ماكرون والدبلوماسي باتريك دوريل، مستشاره للشرق الأوسط، للتوصل إلى الاتفاق. ونوّه بالجهد الكبير الذي قام به المفاوض الأميركي أموس هوكشتاين منذ سنتين.

وذكّر المسؤول بالاهتمام الذي يوليه ماكرون منذ ولايته الأولى بلبنان خاصة، وعلى جميع القطاعات. وقال إنه طُلب من الرئيس ماكرون تكراراً أن تتدخل فتدخل بلاده للمساعدة لدى رئيس الحكومة الإسرائيلي يائير لابيد، بما فيه خلال لقائهما في تموز (يوليو) وأيضاً عبر اتصالات لاحقة خلال الأسابيع الأخيرة، وخصوصاً قبل عشرة أيام. فالخارجية الفرنسية وسفيرة فرنسا في بيروت والسفير الفرنسي في إسرائيل، حسب تعليمات الرئيس، تابعوا الملف مع المفاوض الأميركي لتسهيل الاتفاق، وواصل باتريك دوريل بناءً على طلب من ماكرون، الاتصالات مع هوكشتاين باستمرار لدفع المفاوضات.

وتحركت فرنسا، بحسب المسؤول، على محورين، أحدهما على خط السلطات الإسرائيلية واللبنانية، أي نقل الرسائل المتبادلة حول الخطوط الحمراء لكل منهما، ونقل الرسائل إلى “حزب الله”، لأن فرنسا وحدها لديها علاقات معه، وأيضاً لبعض اللبنانيين الذين ليس لديهم علاقات مع الأميركيين والإسرائيليين، وأيضاً عبر التواصل شبه اليومي مع مسؤولين لبنانيين غير معنيين مباشرة بالملف، ولكنهم يلعبون دوراً مهماً في لبنان. وهذا ما أدى في الأيام الأخيرة إلى إزالة عدد من العوائق.

أما الجانب الآخر الذي لعبت فيه فرنسا دوراً فهو تقني، لكنه أساسي ومرتبط بـ”توتال إنرجي” المسؤولة عن التنقيب والإنتاج في حقل قانا. وقد سعى الرئيس الفرنسي إلى العمل مع “توتال” لكي تكون مستعدة للتنقيب في “قانا” في أسرع وقت. فمن الجانب اللبناني كان هناك اتفاق بين “توتال” والحكومة على البلوك 9. وكان ينبغي العمل على اتفاق بين “توتال” والجانب الإسرائيلي على العمل على جزء من حقل قانا الموجود في الجانب الإسرائيلي، إذ إن الخط 23 يمر في هذا الحقل، حتى ولو أن الجزء الأكبر منه هو من الجانب اللبناني.

وقد عملت الرئاسة الفرنسية لتسريع العمل على الشقين من الاتفاق، والآن صار الاتفاق بين “توتال” والإسرائيليين في مرحلته النهائية. وتابع المسؤول أنه ينبغي تنفيذ هذا الاتفاق وفرنسا ستؤدي دورها لتضمن متابعته بالمشاركة مع الأميركيين. وفرنسا ستحرص على العمل مع “توتال” لدفع التنفيذ.

ورأى المسؤول أن هذا الاتفاق يؤكد أن خيار “حزب الله” التفاوض أفضل من خيار العنف والمواجهة وإرسال درونز وما إلى ذلك. فـ”حزب الله” ونصر الله نفسه، أكد أنه اختار التفاوض، وفرنسا لديها حوار متطلب مع “حزب الله”، وهي تستمر فيه لأنه يتيح لها أن تساهم في السلام والأمن للبلد. ورداً على سؤال “النهار العربي” حول موعد بدء “توتال” بحفر الآبار، أجاب المسوؤل الرئاسي أنه ينبغي أولاً جلب المنصة ثم بدء الحفر فالتنقيب، ولكن هذا سيأخذ بضعة أشهر ربما ما بين 6 و8 أشهر، و”توتال” تعرف ذلك، ولكن الرئيس طلب من “توتال” الإسراع بقدر الإمكان. وعما إذا كان حقل “كاريش” سيصدّر الغاز قريباً إلى أوروبا، أجاب أن السوق الأوروبية بحاجة إلى الغاز، وبالتأكيد ستأخذ من كاريش وربما على المدى الطويل من لبنان. وقال المسؤول إن فرنسا ستكون حريصة ألا تذهب أموال هذا الغاز مستقبلاً لجيوب المسؤولين، بل لتلبية حاجات الشعب اللبناني. ورداً على سؤال “النهار العربي” حول ما إذا كان هذا الاتفاق قد يشجع “حزب الله” على التوافق مع باقي الأفرقاء على اسم رئيس جمهورية، أجاب “أنه من الواضح أن ترسيم الحدود البحرية خبر جيد جداً للبنان بالنسبة للاستكشاف في قانا، ولكن هذا لا يكفي لسوء الحظ. فالحلول معروفة ومطلوبة من الأسرة الدولية والشعب اللبناني، وهذا يتطلب مؤسسات فاعلة، فلدى لبنان مجلس نواب ينبغي أن ينتخب رئيساً قبل 31 تشرين الأول (أكتوبر)، وهذا ما تكرره فرنسا مع كل الشركاء، ووزيرة الخارجية الفرنسية ذاهبة هذا الأسبوع إلى بيروت في هذا الإطار. وأكد أن فرنسا عبر سفيرتها والفريق الرئاسي مستمرة في الاتصالات مع جميع الأطراف في لبنان، بمن فيهم “حزب الله”.

وقال المسؤول رداً على سؤال حول الضمانات إن فرنسا ستحرص على أن يتم تنفيذ القرار من الجانبين. وقال إن هناك خطاباً لـ”حزب الله”، ولكن هناك أيضاً قبوله للاتفاق. أما بالنسبة لتصريحات نتنياهو فهي مرحلة انتخابية في إسرائيل قد تتغير الأمور.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى