أقلام وأراء

رفيق خوري: خيار خطير ضد الأكثرية والعرب

رفيق خوري 21-11-2025: خيار خطير ضد الأكثرية والعرب

ليس في الدبلوماسية شيء اسمه فرصة أو مهلة أخيرة. لكن ما تسمعه بيروت من زوارها الأميركيين والفرنسيين والعرب، وما يقال للمسؤولين اللبنانيين في العواصم التي يزورونها، هو مونولوغ واحد: سحب سلاح “حزب الله” من دون تضييع الوقت، والمساهمة القوية مع التحالف الدولي في “خنقه” ماليًا. والكل يحذر من إغلاق نافذة الفرصة المفتوحة أمام لبنان، ويحدد نهاية العام الحالي كمهلة أخيرة لتنفيذ المهمتين المتكاملتين. فلا وقف للاعتداءات الإسرائيلية قبل ذلك. ولا جدوى من البحث في المساعدات والاستثمارات وإعادة الإعمار ما دام السلاح خارج حصرية الدولة. حتى إعلان الرئيس جوزاف عون الاستعداد للتفاوض غير المباشر، فإنه يبدو عرضًا من طرف واحد، في حين يستمر العدو الإسرائيلي في حرب استنزاف من طرف واحد.

لكن المحذرين يعرفون أن المهلة الأخيرة مرشحة للتمديد بطبائع الأمور. والذين يلوّحون بإغلاق نافذة الفرصة يدركون أنه يخربط “الهندسة” الأميركية للتغيير الجيوسياسي والاستراتيجي في الشرق الأوسط. وترك لبنان لمصيره ليس خيارا إلّا إذا اصطدم الرئيس دونالد ترامب بالتضاريس الجيوسياسية الصلبة في الشرق الأوسط وقرر ترك المنطقة لمصيرها. وهذا كابوس بالنسبة إلى حلفاء واشنطن وحلم تراهن عليه إيران و”المقاومة الإسلامية”. ولا أحد يعرف إن كان تهديد إسرائيل بأيام قتالية في غزة ولبنان هو مجرد تهويل أم إنه تحضير لمعاودة الحرب في مواجهة واقع بالغ التعقيد. فحركة “حماس” باتت تمانع في التخلي عن سلاحها بعدما انتهى الكرنفال العربي والإقليمي والدولي حول ترامب في شرم الشيخ. والانطباع السائد هو أن الدول المرشحة للمشاركة في قوة السلام ترفض أن تتولى سحب سلاح “حماس”. و”حزب الله” يضيف إلى الرفض القاطع لتسليم سلاحه توجيه الأوامر السياسية لمجلس الوزراء، وسط عجز الدولة عن سحب السلاح شمال الليطاني وادعاء إسرائيل أن “الحزب” يعيد بناء قوته جنوب الليطاني حيث الجيش و”اليونيفيل”. واللعبة شديدة الخطورة في تصرف أميركا والأصدقاء كأن مصير لبنان مرتبط بسلاح “حزب الله”، لا بمعنى الحماية بل بمعنى التدمير. ففي التمسك بالسلاح و”الحق في المقاومة”، خلافاً لإصرار الرئيس عون على رفض أي شريك للجيش في مهمته “لا من خارج الدولة ولا من خارج لبنان”، يضع “حزب الله” لبنان أمام خيارين بائسين: الفقر والعزلة عن العالم أو الحرب الإسرائيلية. وعلى المستوى المحلي، فإن “الحزب” يأخذ البلد في الاتجاه المعاكس لإرادة الأكثرية الشعبية والرسمية. وعلى المستوى الخارجي، فإنه يعزله عن التوجه العام للأشقاء العرب والشرق الأوسط الجديد.

وفي مثل هذا المناخ، فإن لبنان يدفع ثمن الاحتفاظ بالسلاح من دون دور في مرحلة اللاحرب، ثم ثمن الحرب والقضاء على السلاح. فما هو هذا الخيار؟ ومن أجل الوصول إلى أين؟ وهل اللبنانيون في طائرة مخطوفة يريد الخاطف أن يصدم بها ما سماه جابوتسكي “الجدار الحديدي”؟

“غالباً ما تربح الكثير حين تخسر في الوقت المناسب” كما قال في فينيلون.

مركز الناطور للدراسات والابحاثFacebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى