أقلام وأراء

رشاد ابو داود يكتب – بايدن .. حل الدولتين مجدداً

رشاد ابو داود * – 10/11/2020

كنت أتوقع هزيمة ترامب . ليس لأنه أول رئيس أميركي «يمنح» القدس لاسرائيل، ولا لأنه «أهدى» الجولان السوري للمحتل، ولا لأنه أظهر عداءً غير مسبوق للفلسطينيين فأوقف المساعدات وجفف الأونروا . ليس لكل هذا وغيره بل لمتابعتي كيف تلعب الصهيونية بالعالم، وبطبيعة الشخصية اليهودية عبر التاريخ وعميدها شايلوك .

فقد استنزف اليهود ترامب بشخصيته الكاوبوية المقامرة الى أقصى درجة حتى أنه سبق يمين اليمين المتطرف من الحريديم والحاخامات وطبعاً الحاخام نتنياهو، ما جعل منه عبئاً على المعتدلين من يهود أميركا الذين لم يشفع ما قدمه ترامب لهم حيث ذهبوا للتصويت لبايدن بغالبية ساحقة وصلت إلى 77 % مقابل 21 % لترامب، وفقاً لما كشفه استطلاع أجرته منظمة «جي ستريت» الأميركية التي أظهرت أن نسبة تصويت اليهود لبايدن جاءت بفارق كبير عن نسبة تصويتهم للمرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون عام 2016، حيث منحوها 45 % من الأصوات.

لكن وضع اليهود الاسرائيليين مختلف . فقد أظهر استطلاعان حديثان للرأي أن 63 %من الإسرائيليين يفضلون ترامب على بايدن (17 أو 18 %) الذي جاءت نسبة مؤيديه أقل من المترددين (20 %). ما يشير الى انقسام واضح بين يهود الداخل و يهود الخارج، وهو ما يمكن أن يؤدي، اذا اتسع، الى نتائج سلبية على التحالف الاستراتيجي بين أميركا و اسرائيل .

كما أن هناك انقساماً بين نخبة الداخل الاسرائيلي نفسه حول ترامب . فثمة من يرى أن «إسرائيل» ليست بحاجة إلى مزيد من الأعداء بسبب ما قدمه ترامب لها خلال الفترة الماضية، مقابل إرضاء اليهود. ومن يرى أنه «يجب دعم ترامب، خاصة أنه لن يأتي رئيس خلال المئة العام القادمة يقدم لليهود أفضل مما قدم ترامب».

اليهود الاميركيون يستمرون، بغالبيتهم العظمى، في تأييد المرشحين الديمقراطيين، والذين يقومون بالمشاركة لدفع حل الدولتين والعودة للسياسة التي اتبعت خلال فترة أوباما مثل إبرام الاتفاق النووي مع إيران».

المندوب الإسرائيلي السابق لدى الأمم المتحدة، داني دانون، كان قد قال أن الغالبية العظمى من اليهود في الولايات المتحدة، سيصوتون للمرشح الديمقراطي بايدن. واعتبر دانون، في حديث لإذاعة جيش الاحتلال الإسرائيلي (غالي تسهال) أن المال اليهودي هو لاعب أهم من أصوات اليهود، في إشارة إلى دعم رجال أعمال ومنظمات يهودية لمرشح الحزب الجمهوري دونالد ترامب. وتلقت الحملة الانتخابية لترامب، وفق دانون، تبرعات ضخمة للغاية من قبل يهود متطرفين وإسرائيليين مقيمين في الولايات المتحدة.

بايدن لن يكون عربياً أكثر من العرب لكنه على الأقل سيوقف التهور الى الهاوية التي وضع ترامب السياسة الأميركية على حافتها . فقد توقع السفير الأمريكي السابق اثناء ولاية باراك أوباما لدى إسرائيل دان شابيرو، أن يطرح بايدن حل الدولتين كخيار استراتيجي لتسوية الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.

و في حديث أدلى به شابيرو الذي يعمل حاليا باحثا في مركز الأمن القومي التابع لجامعة تل أبيب، للإذاعة الإسرائيلية ردا على سؤال عما إذا كان يقصد عودة الحديث عن دولة فلسطينية، قال شابيرو: «نعم، لأن الرئيس المنتخب جو بايدن الذي أعرفه جيدا، يؤمن بأن الطريق لمساعدة إسرائيل والفلسطينيين على حل النزاع القائم بينهما هو من خلال حل الدولتين لشعبين».

المطلوب من الفلسطينيين والعرب الآن دراسة الوضع الأميركي الجديد واعداد خطط لاستغلال عهد بايدن حتى لا نعود الى الدوران في دوامة حل الدولتين الذي اقره قرار تقسيم فلسطين 1947 ثم قرار 242 العام 1967 وجدد طرحه بوش الابن و لم يأت بدولة فلسطينية حتى الآن.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى