#شؤون إسرائيلية

راسم عبيدات يكتب – سيناريوهات حل “الكنيست” والإنتخابات المبكرة الرابعة

راسم عبيدات * – 4/12/2020

صحيح بأن اقتراح حزب ” يش عتيد” حصل على اغلبية 61 صوتاً من اجل حل ” الكنيست” بالقراءة التمهيدية،وهناك وقت ليس بالقصير قد يمر للمصادقة على حل ” الكنيست” بالقراءتين الثانية والثالثة،وصحيح أيضاً ان نتنياهو يكذب عندما يقول بأن المجتمع الإسرائيلي بحاجة الى لقاحات وليس انتخابات،فهو يريد انتخابات،ولكن ضمن الظروف التي توفر له الفوز فيها بأريحية،ومن بعد المصادقة بالقراءة التمهيدية على حل ” الكنيست” وجدنا بان هناك متغيرات قد حصلت في طليعتها،انه بعد ان نجح نتنياهو في تفكيك تحالف أزرق أبيض،كذلك نجح في تفكيك حزب الجنرالات نفسه،وهو من جعل غانتس يزحف على بطنه بعد ان خان حلفائه لكي يشكل معه ائتلاف حكومي يجري فيه التناوب على رئاسة الحكومة،ونتنياهو في نيته التي عبر عنها بشكل واضح عدم تنفيذ اتفاق التناوب مع غانتس،فهو لا يرى نفسه جالساً في المقعد الثاني مخاطباً غانتس ب” سيدي” رئيس الوزراء،فنتنياهو يشتري وقت حتى تتوفر له الظروف لكي يعلن موافقته على اجراء انتخابات مبكرة رابعة خلال عامين،وهو يدرك بأن غانتس غير قادر على خوض معركة كسر عظم معه،بعد ان حوله الى كيس رماية،فإستطلاعات الرأي لا تعطي حزب أزرق أبيض اكثر من 9 مقاعد في الإنتخابات القادمة،وفي ظل حديث عن رغبة رئيسي الأركان السابقين ايزنكوت ويعالون تشكيل حزب وسط يسمونه كاسر للتوازن،فإن تشكيل هذا الحزب من شانه توجيه ضربة ولطمة قوية لغانتس ولحزب أزرق أبيض، تشكيل هذا الحزب من شأنه ان يضعف من حضور وتمثيل ازرق أبيض في الكنيست الصهيوني.

ما يثير مخاوف نتنياهو حالياً هو بينت ولبيد وتصاعد شعبية حزبيهما،ولذلك نحن نعتقد بأن الخطوة التي لجأ اليها غانتس،هي خطوة تكتيكية لتحسين شروط التفاوض مع نتنياهو ،والحجة هنا عدم المصادقة على ميزانية 2020 ،وربما يطرح على نتنياهو زيادة فترة ولايته سنة أخرى،بحيث تنتهي ولايته في اذار /2021،مقابل المصادقة على الميزانية وادراج اتفاق التناوب في قانون اساس الدولة،لكي يبدد مخاوفه بعدم تنفيذ نتنياهو للإتفاق،والسيناريو الآخر هو ان يعمل نتنياهو على تشكيل حكومة ضيقة،عبر استقطاب اعضاء من حزب ازرق ابيض لا يتفقون مع غانتس في اجراء الإنتخابات الرابعة المبكرة،وهؤلاء الأعضاء الذين يشغلون مناصب وزارية ونواب وزراء ومدراء عامين وموظفين مهمين في الوزارات المختلفة،نمت لديهم مصالح وإمتيازات،وسيجدون أنفسهم اذا ما جرت انتخابات خارج مناصبهم ووظائفهم وما حصلوا عليه من إمتيازات،وبالمناسبة نتنياهو وكل القوى الصهيونية من اقصى يمينها الى اقصى ما يسمونهم باليسار الصهيوني المندثر لا يريدون الإتكاء على الصوت العربي في تشكيل الحكومة الصهيونية،ولذلك امتناع نواب القائمة العربية الموحدة،الحركة الإسلامية الجنوبية بقيادة منصور عباس لا يعني الكثير لنتنياهو ولكنه يخدمه في تفكيك القائمة العربية المشتركة،وفي دق جرس الإنذار أمام غانتس،بأنه حتى من اوصوا لك بان تكون رئيس حكومة في الإنتخابات المبكرة الثالثة، لن يكونوا في جيبك، والإحتمال الأخر هو الذهاب الى انتخابات مبكرة رابعة ولكن ضمن الظروف التي تخدم نتنياهو،فهو يدرك حساسية المجتمع الإسرائيلي من جائحة ” كورونا” وما تركته من تداعيات وتأثيرات كبيرة على القطاعات الإقتصادية المختلفة وبالذات قطاع السياحة ،وهذه الجائحة نتج عنها ارتفاع معدلات البطالة والفقر وانخفاض النمو الإقتصادي وزيادة معدلات التضخم،وافلاس الكثير من اصحاب الورش والمصانع الصغيرة،والإتهامات توجه له شخصياً بالفشل في إدارة ملف جائحة ” كورونا”،حيث نشهد زيادة في أحجام واعداد المتظاهرين ضده أسبوعياً والمطالبين برحيله على خلفية هذا الملف وتهم الفساد الثلاثة المنظورة ضده امام القضاء الإسرائيلي.

ومن هنا فإن نتنياهو قد لا يستعجل حالياً حل الكنيست فلربما يعمل على إقرار ميزانية 2020 الموعد الأخير لإقرار الميزانية هو 23/12/2020 ،ولكن دون ان يكون لديه الرغبة في ان يطبق اتفاق التناوب،فهو يدرك بأن الموعد القادم لإقرار ميزانية 2021 في آذار القادم،وحينها يعمل على عدم إقرار الميزانية لكي يتفرغ للإنتخابات المبكرة الرابعة في حزيران /2021،حيث سيتضح شكل العلاقة مع الإدارة الأمريكية الجديدة،وكذلك سيكون حبل التطبيع العربي الرسمي مع دولته قد توسع وشمل دول عربية جديدة،ربما تكون في مقدمتها السعودية،فما تحقيق لنتنياهو في هذا المجال كما يقول إنجاز تاريخي،حيث وجه ضربة قوة لحركة المقاطعة الوطنية التي تحقق انتصارات جدية على الصعيد العالمي في عزل ومقاطعة دولة الإحتلال وسحب الإستثمارات منها،كدولة محتلة تتنكر للقانون والإتفاقيات الدولية  وتمارس كل أشكال القمع والتنكيل بحق الشعب الفلسطيني،وكذلك ما تمارسه من اضطهاد وتمييز عنصري بحق الشعب الفلسطيني،هذه الضربة تمثلت في قيام مشيخة الإمارات العربية بإستضافة معرض في دبي لمنتوجات الخضار والفواكه الإسرائيلية المنتجة في المستعمرات الإسرائيلية المقامة على الأراضي الفلسطينية المحتلة عام /1967 ،وتصريحات وزير التجارة والصناعة والسياحة البحراني زايد بن راشد الزياني أثناء زيارته لدولة الإحتلال الثلاثاء1/12/2020 للصحافة الإسرائيلية،بقوله بان مشيخة البحرين ستتعامل مع منتوجات المستوطنات على انها منتوجات اسرائيلية،فيما وصفه محمود نواجعة احد قادة حركة المقاطعة (BDS ) بأن ذلك يشكل جريمة حرب ومشاركة بالعدوان المباشر على شعبنا وحقوقنا.

وليس هذا فحسب فالعلاقة بين طهران والإدارة الأمريكية تكون قد اتضحت صورتها،اذا لم تحدث تطورات في قيام إدارة ترامب  بتوجيه ضربة عسكرية لطهران ،أو قيام طهران  برد عسكري على اغتيال عالمها النووي فخري زادة والذي قد يدحرج المنطقة نحو إما مواجهات واسعة او الدخول في حرب إقليمية يريدها نتنياهو وحلفائه العرب الخليجيين المطبعين وفي مقدمتهم السعودية من أجل خلط الأوراق وعدم عودة الإدارة الأمريكية الجديدة بقيادة بايدن للإتفاق النووي مع طهران.

وعلى الصعيد الداخلي فهو بارع في تصدير أزماته الداخلية للخارج وتوظيفها بشكل يخدم اهدافه الشخصية والحزبية،وهو يتمتع ب”الكاريزما” القيادية والقدرة على الخداع والتضليل  وتحطيم الخصوم،والكثير من القوى اليمينية الصهيونية وخاصة اليمين الديني يدركون بأن نتنياهو فاسد،ولكنهم يعتبرونه املهم،ومن خلاله يحققون أهدافهم ومصالحهم الشخصية والحزبية.

ولذلك نتنياهو يشتري الوقت لكي تتضح كل جوانب هذه اللوحة بشموليتها،وحتى يحصل على اللقاح سواء الأمريكي او الروسي الذي بدأ يطرح للجمهور في الأسواق،ومن بعد حصوله على اللقاح وتوزيعه تجارياً على الجمهور،سيتغير شعار نتنياهو من ان الجمهور الإسرائيلي يريد لقاحات لا انتخابات،إلى شعار حصلنا على اللقاحات فلنتفرغ لإجراء الإنتخابات،وفي الموعد الذي نحدده نحن لا غانتس ولا لبيد ولا بينت ولا ليبرمان.

*صحفي ومحلل سياسي فلسطيني .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى