القدس

راسم عبيدات يكتب – الأقصى ومخاطر إقامة الهيكل بدل مسجد قبة الصخرة

راسم عبيدات * – 14/1/2021

لا تتوقف حكومة الاحتلال الإسرائيلي للحظة عن خططها العنصرية ومحاولاتها الخطيرة والممنهجة، للسيطرة على المسجد الأقصى المبارك، والترويج لفكرة بناء “الهيكل” المزعوم مكانه.وفي خطوة خطيرة تستهدف عمق المسجد الأقصى، كشفت مصادر عن مخطط يُروَّج له في بعض المحافل والأوساط السياسية والدينية الإسرائيلية، باعتباره مخططًا معتدلًا لتقسيم المسجد الأقصى دون هدم مبانٍ، ويمكن اعتماده “كحلٍّ وسط لبناء الهيكل” دون هدم قبة الصخرة المشرفة، التي تُعدّ بؤرة ذلك “الهيكل” ومركزه.وحسب المصادر، فإن هذا المخطط يدعو إلى بناء “الهيكل” شمال صحن قبة الصخرة مع الإبقاء عليها للمسلمين دون هدمها.

ويقتطع المخطط الساحة الشمالية بالكامل لإقامة البناء بشكل مستطيل (شرق غرب)، حسب البوابة السفلية الموازية لباب الرحمة، بحيث يتم اقتطاع أكثر من ثلث مساحة الأقصى في المرحلة الأُولى من الاحتلال والسيطرة، ليبقى المسجد القبلي وقبة الصخرة دون أي تغيُّر.

وتدعم المخطط شريحة كبيرة من الإنجيليين المتصهينين، وتدعو علنًا إلى الشروع بتنفيذه بصورة متدرجة وغير صاخبة بالتنسيق مع من يسمونهم المعتدلين من العرب الذين يتفقون على التطبيع والشراكة والتسامح الديني، على حد زعمهم.

ومنذ بدء عام 2020، قفر الاحتلال قفزة خطيرة جدًا في استهدافه للأقصى، وأخذ يطرح سيناريوهات ومخططات جديدة تستهدف هذه المرة عمقه، ما يدلل بشكل واضح على أن الاحتلال يسعى لتقسيمه مكانيًا.

“دائمًا ما كان الاحتلال يطرح مشاريعه التهويدية في منطقة باب الرحمة وساحة البراق، لكن اليوم يطرحها داخل الأقصى، وكأنه اقترب من تنفيذ شيء خطير بداخله”.

واضح بأن الإحتلال   يستغل ويسخر كل القوى العالمية والمحلية الصهيونية من أجل الوصول إلى تهويد الأقصى، وقد استفاد منها بشكل مباشر، مستغلًا الوضع العربي المطبع،وإنهيار النظام الرسمي العربي،وتواطؤه في مشروع التهويد للأقصى، وقرارات ترمب والوضع الٌإقليمي المتردي.

ويخطط الاحتلال بشكل حثيث ومتسارع إلى تقسيم الأقصى مكانيًا، مثل ما جرى في الحرم الإبراهيمي بالخليل، ووفق المخطط الإسرائيلي، “تبدأ عملية تنفيذه على المسجد الأقصى بتهيئة باب الرحمة من الخارج لافتتاحه، ثم وضع “مذبح الهيكل” في قبة الأرواح، ثم إحاطة القبة لاحقًا بخيمة، وعزلها بسور خفيف عن غير اليهود، وتوسعة السور ليضم شمالي صحن الصخرة حتى باب الرحمة، ومن ثم فتح الباب، ثم الشروع بالبناء الفعلي”.

يمتد “الهيكل” المزعوم من غربي “قبة الأرواح” باتجاه باب الرحمة شرقًا، حيث تقع قبة الصخرة مقابل باب الرحمة تمامًا، وهناك ادعاء بأن “المشناة” تصف موضع قدس الأقداس في “الهيكل الأول” بأنه كان قبالة باب الرحمة.

ويفترض المخطط ضرورة فتح باب الرحمة كممر رئيس لليهود نحو “الهيكل”، بحيث يكون الدخول والخروج شرق غرب من وإلى هذا “الهيكل” بارتباط بنفق حائط البراق وباب المغاربة.

الإحتلال مع بداية عام 2021 خطى خطوة نوعية تجاه السعي ليس لفرض التقسيم المكاني في المسجد الأقصى،بل العمل على تفكيك قبة الصخرة،من أجل إقامة الهيكل المزعوم مكانها،فبالإضافة للظروف السابقة المتوفرة له والتي جرى ذكرها،يعمل على إستغلال إنتشار جائحة كورونا لكي يستكمل مشاريعه ومخططاته التهويدية بحق المسجد الأقصى من خلال الحد من حركة السكان المقدسيين،ففي الوقت الذي يمنع فيه اي مقدسي لا يحمل هوية البلدة القديمة من الدخول للبلدة القديمة،وكذلك منع المصلين من غير حملة هوية البلدة القديمة من الصلاة في المسجد الأقصى ،نجد بأن عمليات الإقتحام للأقصى من قبل الجماعات التلمودية والتوراتية تتواصل وبشكل مكثف ،وكأنهم محصنين ضد جائحة” كورونا” ….؟؟؟ الإحتلال يستغل الجائحة ويقوم بعمليات حفر واسعة في منطقة حائط البراق …آليات ضخمة للجرف واخرى للحفر والغرز يبلغ قطر ذراعها 60سم ،تقوم بالحفر في الأرض لمسافة 20متراً ،والإهتزازات الضخمة الناتجة عن أعمال الحفر تسبب أضرار جسيمة لأساسات المسجد الأقصى وبالأخص في المنطقة الغربية،ومثل هذه الأعمال من الحفر ممنوعة في منطقة سكنية وفيها آثار،ويبدو الهدف استكمال تهويد ساحة البراق وجنوب غرب الأقصى…عبر إكمال هدم تلة جسر باب المغاربة والإستعاضة عن الجسر الخشبي المؤقت بجسر ثابت يمكن من خلاله استيعاب مرور آليات ضخمة نحو المسجد الأقصى ،آليات الإحتلال تخرج كميات كبيرة من الأتربة من منطقة حائط البراق وتمنع الأوقاف الإسلامية من معاينة ما يجري معتدية على حقها في الترميم والإشراف على المكان كونه وقفاً إسلامياً خالصاً،وما يحدث هو مخالف لإتفاق الوضع القائم ” الإستاتيكو”،وقرارات اليونسكو التي تمنع المحتل من تغيير الوضع القائم في حائط البراق المحتل،وبالأخص تلة باب المغاربة الأثرية،ومما تجدر الإشارة إليه بأن المحتل هدم تلة باب المغاربة على ثلاث مراحل،هدم البيوت وما حولها عام 1967 ،ومجمع الزاوية الفخرية عام 1969،وأزال جزء من تلة باب المغاربة عام 2007،والتخوف الان من طمس وهدم التلة بالكامل مستغلاً جائحة كورونا والقيود المشددة المفروضة على حركة المقدسيين بمنع دخولهم للبلدة القديمة والصلاة في المسجد الأقصى لغير حملة هوية البلدة القديمة.

التطور اللافت اليوم لمشروع تغيير الوضع القانوني والتاريخي والديني للمسجد الأقصى،هو إدخال مجموعة من المساحين والمصورين والقيام بعملية مسح وتصوير ثلاثي الأبعاد لمسجد قبة الصخرة تحت حراسة مشددة وكبيرة من جيش وشرطة الإحتلال،والقول بأن التصوير هو لشركة أجنبية،وفي تواصل مدير دائرة الأوقاف الإسلامية عزام الخطيب مع القنصلية الفرنسية في القدس،إذا ما كان المساح والمصورين تابعين لشركة فرنسية، حيث نفوا ذلك بشكل قطعي.

ما جرى اليوم يؤشر الى نوايا خبيثة ليس فقط من قبل الجماعات التلمودية والتوراتية بحق الأقصى،بل واضح بأنه مع اقتراب الإنتخابات التبكرية الرابعة للكنيست الصهيوني،فإن الأحزاب الصهيونية من اليمين واليمين المتطرف المتصارعة على الأصوات الإنتخابية للمستوطنين والجماعات التلمودية والتوراتية تستخدم قضية الأقصى من أجل كسب أصوات تلك الجماعات التلمودية،فهذه الجماعات تقدمت في أوائل الشهر الحالي بطلب الى حكومة الإحتلال لكي تطلب من دائرة الأوقاف الإسلامية والحكومة الأردنية تفكيك قبة الصخرة من أجل إقامة هيكلها المزعوم،تحت ذريعة أنه بعد  ألفي عام من الخراب والتشريد، لا يجوز أن لا يسمح لتلك الجماعات التلمودية من الصلاة في “المعبد” الأقصى وهو تحت السيادة الإسرائيلية .

الخطر جدي ومحدق بالمسجد الأقصى،وردود الفعل على المخططات والمشاريع الإسرائيلية التهويدية المتسارعة بحق الأقصى والسعي لتغيير طابعه الديني والقانوني والتاريخي،تقابل فلسطينياً وعربياً وإسلامياً بمواقف مخجلة ومحزنة،مواقف لا تتعدى بيانات الشجب والإستنكار ومذكرات الإدانة،وكأن مثل هذه المواقف البائسة والمخزية،ستمنع دولة تقودها احزاب عنصرية ومتطرفة من إستكمال مخططاتها ومشاريعها التهودية بحق الأقصى،في ظل ما تتلقاه من دعم لا محدود من قبل الإدارة الأمريكية والتواطؤ من قبل العديد من انظمة النظام الرسمي العربي المطبع والمنهار،فإسرائيل دولة فوق القانون بحكم الحماية والرعاية لها من قبل قوى الإستكبار والظلم والإستعمار العالمي وفي المقدمة منها امريكا ودول الغرب الإستعماري،وهي تنظر الى العرب والمسلمين على انهم مجرد ظاهرة صوتية خبرتها جيداً عندما جرى حرق المسجد الأقصى في 21/آب/1969 من قبل صهيوني من أصول استرالية يدعى مايكل روهان،حيث قالت رئيسة وزراء الإحتلال المغدورة  أنذاك” غولدا مائير” بأنها لم تنم طوال الليل خوفاً على مصير دولتها من زحف الجيوش العربية والإسلامية لتحرير الأقصى والقضاء على دولتها،وعندما طلع النهار ولم يحدث شيء ادركت بأن العرب مجرد ظاهرة صوتية،و” الجعجعة” والخطب الرنانة والمقابلات الإعلامية،لن تمنع تفكيك قبة الصخرة و”زرع” الهيكل المزعوم مكانها يا عرب ومسلمين إن بقي هناك عرب ومسلمين.؟؟

*صحفي  ومحلل سياسي فلسطيني .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى