القدس

راسم عبيدات يكتب – أسرلة المنهاج الفلسطيني في القدس استراتيجية اسرائيلية شاملة

بقلم راسم عبيدات ١٠-٣-٢٠٢١م

منذ عام 2011 وضع الإحتلال وكافة أجهزته المدنية والأمنية مخططات أسرلة المنهاج الفلسطيني في مدينة القدس ،حيث بدأت العملية بالتدرج عبر عمليات التحريف والتشويه والشطب لعبارات ومقولات وأشعار وقصائد وفقرات وصفحات في كتب المنهاج الفلسطيني،وبالتحديد في كتب اللغة العربية والتربية الإسلامية والتاريخ والتربية الوطنية… وهذه العملية التحريفية والتشوية استهدفت بالأساس المدارس الحكومية التي تخضع بالكامل لسيطرة بلدية الإحتلال ودائرة معارفها من الألف الى الياء،وكذلك استهدفت العديد من المدارس الأهلية والخاصة التي تتلقى دعم مالي من دائرة المعارف الإسرائيلية من الباطن …..وهذا الإستهداف الذي يستهدف تحريف التاريخ وتقزيم الجغرافيا وشطب الرواية الفلسطينية ،يراد له ان يعمل على اختراق جدران الوعي للطالب الفلسطيني،وبما يمكن من كيه” و”تطويعه” و” صهره” و”تجريفه”…بحيث يدخل الطالب الفلسطيني في صراع داخلي،حول مشروعية نضاله ومقاومته ،ويفرغه من محتواه الوطني،والعمل على إخراجه من دائرة الفعل الوطني، في عدوان سافر ووقح على الهوية والكينونه والثقافة والإنتماء والتاريخ والوجود الفلسطيني بكل تجلياته.

أسرلة المنهاج الفلسطيني في القدس،المحتل منذ عهد وزير التعليم العالي الصهيوني الأسبق المتطرف جدعون ساغر ومن بعده وزير التعليم السابق المتطرف نفتالي بينت ،استراتيجتهم قامت على إحلال المنهاج الإسرائيلي بالكامل محل المنهاج الفلسطيني،والخطوط العامة لهذه الإستراتيجيات تقوم على قضم التعليم وفق المناهج الفلسطيني بشكل متدرج،من خلال بناء مدارس تخضع لسيطرة بلدية الإحتلال وتدريس المنهاج الإسرائيلي من الروضة وحتى الثانوية العامة ” البجروت”،وكذلك افتتاح شعب صفية في المدارس التي تدرس المنهاج الفلسطيني ،لتدريس المنهاج الإسرائيلي،عبر زيادة الدعم المالي لها،وربط عمليات الترميم فيها بالتعليم وفق المنهاج الإسرائيلي أو افتتاح صفوف لتعليم المنهاج الإسرائيلي،ولتحقيق هذا الهدف وضمن الخطة الحكومية الخماسية 2018 – 2023 ،رصدت حكومة الإحتلال من كامل الميزانية البالغة ملياري شيكل لدمج سكان القدس العرب في المجتمع والإقتصاد الإسرائيلي، (875) مليون شيكل لأسرلة العملية التعليمية …ولم تكتف بذلك بل سعت الى تحويل مدارس السلطة الى مدارس طاردة وغير قادرة على المنافسة لا من جهة الأبنية والبيئة التعليمية والتجيهزات،مختبرات الحاسوب والتكنولوجيا والعلوم وغيرها ولا من حيث القدرة على المنافسة لجهة الرواتب والحوافر الممنوحة للهيئات الإدارية والتدريسية والأموال التي تضخ لتنفيذ الفعاليات والأنشطة المدرسية المنهجية واللا منهجية..ووضعت كذلك نصب أعينها تفريغ البلدة القديمة من القدس من المدارس التابعة للسلطة ،فهي استهدفت طلبة البلدة القديمة عبر الحواجز الأمنية والتفتيشات المذلة للطلبة وترويعهم وتخويفهم،بحيث يحجم الطلبة عن الإلتحاق بالمدارس في البلدة القديمة،وهذا عكسه نفسه على أعداد الطلبة الملتحقين في مدارس السلطة التابعة لوزارة التربية والتعليم في البلدة القديمة والقرى المجاورة،بحيث نسبة إشغال حيزها وسعتها لا يصل الى 50%،وهذا نتاج جملة عوامل منها عدم تخصيص السلطة ميزانيات كافية لتلك المدارس،ناهيك عن  الفروق الكبيرة في الرواتب والحوافز ما بين العاملين في مدارس بلدية الإحتلال من موظفين ومدرسين،يضاف لها عدم منح الإحتلال تصاريح للمدرسين العاملين في تلك المدارس وبالذات التحصصات العلمية.

الإحتلال صعد من إجراءاته وممارساته وسياساته الرامية الى السيطرة على العملية التعليمية في القدس، بزيادة عدد المدارس التي تدرس المنهاج الإسرائيلي ،والتدخل في شؤون المدارس الأهلية التي بات أغلبها يتلقى مال مشروط من بلدية الإحتلال ودائرة معارفها،من حيث الإشتراط عليها ،بأن تفتح صفوف لتعليم المنهاج الإسرائيلي الى جانب صفوف المنهاج الفلسطيني،وتهديدها بوقف التمويل عنها وسحب تراخيصها المدرسية،وكذلك إعطاء الحق لدائرة المعارف الإسرائيلية بإرسال “مفتشين” موجهيين تربويين لمتابعة عمليات الإشراف على تلك المدارس واعداد الطلبة في الصفوف وغيرها.

قبل ثلاث سنوات لم تكن نسبة الطلبة الذين يتلقون التعليم وفق المنهاج الإسرائيلي في مدينة القدس تزيد عن 3 – 5%،واليوم يجري الحديث عن نسبة تصل من 10 -12 %،وفي ظل غياب خطة استراتيجية فلسطينية متبلورة لا على مستوى الحكومة ولا السلطة ولا منظمة التحرير ولا مرجعيات القدس  ولا وزارة التربية والتعليم الفلسطينية،لكيفية مواجهة مخططات الأسرلة للعملية التعليمية في القدس،وعدم وجود آليات عملية تحد من توسع وإنتشار المنهاج الإسرائيلي في مدينة القدس،وحصر ذلك بردات فعل من قبل لجان اولياء الأمور واتحاد لجان اولياء الأمور ومؤسسات المجتمع المدني…والتي رغم كل الجهود التي بذلك ولكنها لم تحقق نجاحات جدية في هذا الجانب …فبلدية الإحتلال ودائرة معارفها،يضاف لها حكومة الإحتلال لديهم لجان متخصصة وميزانيات ضخمة ووسائل اعلام تعمل في إطار وسياق ممنهجين لتحقيق هدف أسرلة العملية التعليمية في القدس والشطب الكلي للمنهاج الفلسطيني في المدينة،حيث سعت بلدية الإحتلال والحكومة الإسرائيلية من خلال اللجان التي تتعامل مع سكان مدينة القدس العرب ( 12 لجنة من أصل 17 يديرها ويشرف عليها رجال أمن ورجال أمن سابقين)  إلى رسم استراتيجية متكاملة في هذا الجانب،فقد جرى إستهداف مدارس وكالة الغوث واللاجئين ” الأونروا،في محاولة لإغلاقها وتجويفها،تحت حجج وذرائع بأن المنهاج المُدرس في تلك المدارس،يحرض على دولة الإحتلال وشرعيتها ووجودها،ويشجع على ممارسة ” الإرهاب” ،المقصود المقاومة،ولم تكتف حكومة الإحتلال وأجهزتها الأمنية ووزارة معارفها وبلديته بذلك،بل سعت الى تعيين موظفين ومفتشين ومدراء مدارس ينفذون سياسة ومخططات البلدية وحكومة الإحتلال،من حيث الترويج للمنهاج التعليمي الإسرائيلي،وتشويه المنهاج الفلسطيني،والتشكيك بجودته  ومدى ملائمته للطلبة،وللأسف ليس فقط هؤلاء من ينفذون سياسة ومخططات بلدية الإحتلال ودائرة معارفها في اسرلة العملية التعليمية في القدس،بل تجد شخصيات مجتمعية ورجال أعمال يعملون كمقاولين او مروجين لتعليم المنهاج الإسرائيلي في المدارس المقدسية،فهؤلاء يغلبون مصالحهم  وجشعهم وطمعهم فوق الإعتبارات الوطنية .

وفي إطار التصدي لمشاريع ومخططات الإحتلال لأسرلة العملية التعليمية في مدينة القدس بشكل كلي،لا مناص من رسم استراتيجية بديلة ،استراتيجية ليست قائمة على الشعارات المستهلكة والبيانات ..الخ، فحماية العملية التعليمية تحتاج الى أموال تضخ الى المدارس التي تدرس المنهاج الفلسطيني،وبما يجعل منها عامل جذب وقدرة على التنافس مع المدارس الخاضعة لبلدية الإحتلال من حيث جودة التعليم والأنشطة والفعاليات والبيئة التعليمية  والرواتب التي تمنح للمدرسين والعاملين فيها،وكذلك ضرورة تأمين المواصلات المجانية للطلبة الملتحقين بتلك المدارس وتأمين احتياجاتهم من قرطاسية وغيرها ،وأيضاً العمل على ترخيص وبناء مدارس جديدة وإستئجار مباني كمدارس تدرس المنهاج الفلسطيني.

القيام باوسع عملية توعية للطلبة المقدسيين وأهاليهم حول المخاطر المترتبة على وعي وذاكرة الطلبة،بتبيان مخاطر تلقي التعليم وفق المنهاج الإسرائيلي عبر بث أشرطة وفيديوهات قصيرة و”سبوتات” ونشرات وغيرها،وكذلك ان تتجند وسائل الإعلام الرسمية وغير الرسمية مسموعة مرئية مقرؤه  في حملة توعية شاملة ،ويجب أن يتكامل الجهد الرسمي مع الجهد الشعبي،والجانب الرسمي مطالب بأن يتحرر من عقدة الخوف بالمواجهة والتصدي لمخططات أسرلة العملية التعليمية،وكذلك في الجانب الشعبي،فيجب العمل على اجراء انتخابات شاملة في كل المدارس بكل مظلاتها التعليمية في المدينة،مدارس تابعة  لبلدية الإحتلال ودائرة معارفها،مدارس خاصة واهلية،مدارس تابعة لدائرة الأوقاف الإسلامية،مدارس وكالة الغوث والمدارس شبه الرسمية سخنين،الحياة والمستقبل …الخ،بحيث تفرز لجان أباء حقيقة يتشكل منها اتحاد لجان اولياء امور موحد وقوي ومعترف به، يستطيع بالتعاون مع المؤسسات الأهلية والقوى الفاعلة على الأرض من لجان ومؤسسات وغيرها،أن يلعبوا دوراً مركزياً في لجم مشاريع ومخططات الإحتلال لأسرلة العملية التعليمية.

ضرورة أن يقف المستوى الرسمي مع وزارة التربية والتعليم وكل المرجعيات لمدينة القدس أمام أي مدرسة تتساوق مع مشاريع ومخططات الإحتلال،وكذلك تبصير الأهالي بمخاطر تلقى أبنائهم للتعليم وفق المنهاج الإسرائيلي،وكذلك العمل على فضح وتعرية كل المتاجرين بالعملية التعليمية ومن يعملون كمقاولين لتمرير مخططات أسرلة العملية التعليمية في القدس .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى