ترجمات أجنبية

ذي انترسيبت – لهذا لا تساعد إسرائيل أوكرانيا

ذي انترسيبت  ٢٣-٣-٢٠٢٢م – بقلم روبرت ماكي

لماذا ترفض إسرائيل بيع أنظمة القبة الحديدية لكييف فقط، بل ومنعت الولايات المتحدة من إرسال بطاريات القبة الحديدية التي تملكها..؟

 مع تواصل الهجوم الروسي على أوكرانيا فقد المسؤولون في كييف الصبر بجهود الوساطة التي يقوم بها رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت، الذي حاول وفشل بإقناع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين  مقابلة الرئيس الأوكراني فولدومير زيلنسكي  بالقدس.

 وعبر زيلنسكي عن إحباطه من الجهود الإسرائيلية في خطاب ألقاه يوم الأحد عبر الفيديو للكنيست الإسرائيلي. وتساءل عن سبب رفض إسرائيل بيع نظام القبة الحديدية قبل الغزو ورفضت فرض العقوبات على روسيا بعده. وهاجم زيلنسكي تبرير بينيت أن على البلد أن يظل “محايدا”، حيث قال “الوساطة” “تكون بين الدول وليس بين الخير والشر”. وبدا السفير الإسرائيلي في كييف، مايكل بردوسكي مؤكدا أن أوكرانيا طلبت شراء القبة الحديدية العام الماضي ورفض طلبها.

وكما نشرت صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية فقد أخبر برودسكي راديو الجيش الإسرائيلي يوم الإثنين “حسب معرفتي، فقد طرح الموضوع قبل الحرب، وتم التوضيح للأوكرانيين أن هذا مستحيل، ولكنهم مصرون على طرحه بشكل مستمر”. وبدلا من تقديم المساعدة لأوكرانيا كي تحمي نفسها، فقد قرر رئيس الوزراء الإسرائيلي تبني دور الوساطة بين بوتين وزيلنسكي.

في ضوء فشل إسرائيل في تحقيق السلام بينها والفلسطينيين منذ أكثر من ستة عقود، ولا تزال تحتل الضفة الغربية وقطاع غزة والجولان والقدس الشرقية وتواصل حرمان الملايين في هذه الأراضي من حقوقهم فهي في مكان غير مناسب لكي تلعب دور الوسيط وتسوية الأزمة بين روسيا وأوكرانيا. ومع ذلك طلب زيلنسكي من بينيت التوسط مع روسيا نيابة عن أوكرانيا، وقبل عام من الغزو.

وأخبر الرئيس الأوكراني الصحافيين في كييف هذا الشهر “أعتقد أنه ليس من المناسب عند هذه النقطة اللقاء في روسيا وأوكرانيا أو بيلاروسيا. ولا توجد مناطق يمكننا التوصل فيها لتفاهم لوقف الحرب” و “أعتقد أن إسرائيل يمكن أن تكون مكانا لهذا اللقاء، وبخاصة القدس”. لكن المسؤولين الأكرانيين يشكون في نجاح بينيت في جهوده أكثر من سفره قبل أسابيع إلى موسكو للقاء بوتين في جلسة استمرت ثلاث ساعات، ورافقه في تلك الزيارة وزير الإسكان زئيف إليكن الذي ولد ونشأ في خاركيف، وهي مدينة يسكنها ناطقون باللغة الروسية وعانت من القصف الروسي المكثف.

 وبعد زيارة بينيت إلى موسكو، أخبر مسؤول أوكراني المراسل الدبلوماسي باراك رافيد لموقع “والا” في إسرائيل وأكسيوس في واشنطن أن رئيس الوزراء الإسرائيلي اتصل بزيلنسكي وطلب من القبول بمطالب بوتين لوقف الحرب. وقال بينيت “لو كنت مكانك، لفكرت بحياة شعبي وقبلت العرض”. وعلق المسؤول “طلب بينيت من وبشكل فعلي منا الإستسلام، وليست لدينا نية لعمل هذا”. ونفي مكتب بينيت أنه ضغط على زيلنسكي القبول بأي من بوتين وأنه كان يقوم بإيصال رسالة.

وفي ظل ما قاله بوتين في تصريحاته العلنية من أن زيلنسكي، وهو يهودي يدير نظاما نازيا من تجار المخدرات ويجب نزع أسلحته لوقف وهم الإبادة ضد الروس في أوكرانيا، فمن الصعب فهم غضب الأوكرانيين وموقفهم من كل ما يقوله بأنه هذيان.  فالقبول بالتخلي عن القوة العسكرية والحكومة المنتخبة وإعادة ترسيم الحدود حسبما تريده روسيا سيحول أوكرانيا إلى مستعمرة روسية فعلية، تحكم بنظام قمعي كما في الفترة السوفييتية.

 فكرة قبول بينيت بفكرة فرض دولة قوية رأيها على جارة أضعف منها نابع من محاولات إسرائيل فرض نفس شروط الإستسلام على الفلسطينيين والتي قدمت تحت غطاء صفقة السلام وعلى مدى العقود الماضية. وانضم وزير الدفاع الأوكراني، وهو يهودي أيضا، أوليكسي ريجينكوف، لصفوف منتقدي إسرائيل وبعد اسبوع من زيارة بينيت لموسكو والتي لم تؤد إلى نتائج. وفي رسالة على الفيديو قال فيها إن “انفصام (إسرائيل) وعدم استعدادها للإختيار بين الجانبين” سيقود سكان أوكرانيا لفقدان الثقة بها. وأضاف أن الأوكرانيين سيكون لهم مستقبل “لأننا سنقف ثابتين وبدون شك، بدعم منكم أو بدونكم”.

 وقال المسؤولون الإسرائيليون يوم الإثنين إن أوكرانيا طلبت من بينيت زيارة أوكرانيا لو شعر بأي نوع من التقدم ومقابلة زيلينسكي شخصيا. وأخبر بينيت صحيفة “جيروزاليم بوست” إن بوتين مستعد لأن يبقي زيلينسكي في السلطة ويرضى بأقل من عملية نزع سلاح شاملة، لكن الأوكرانيين لن يتعاملوا مع أي من هذا كتنازلات. وفي الوقت، يقوم زيلينسكي ومساعدوه بالتساؤل حول معنى وساطة بينيت بين الطرفين وإن كانت مدفوعة بشيء غير تحقيق التسوية ومحاولته تجنب تنفير بوتين. وقال مسؤول أوكراني لرافيد “تبدو مبادرته مبررا حتى لا يشجب بوتين علنا وألا يقدم أسلحة لأوكرانيا أو يفرض عقوبات على روسيا”.

ومنذ عام 2015، تدخل الجيش الروسي في سوريا لحماية بشار الأسد من الهزيمة، وسيطر الطيران الروسي على كل الأجواء الجوية السورية وكان هذا مهما لإسرائيل بسبب وجود القيادة العسكرية الروسية التي سمحت للطيران الإسرائيلي دخول المجال الجوي السوري وتنفيذ غارات جوية ضد القوات التي تدعمها إيران. ولكل هذا تبدو القيادة الإسرائيلية واعية بهذا الوضع وعدم تقديم أي دعم لأوكرانيا حتى لا تغضب روسيا. وقبل أسبوعين شوهد الجنود الروس قريبا من مرتفعات الجولان السورية، وهم يقودون عربات تحمل علامة “Z” وهي علامة الحرب الروسية في أوكرانيا.

 وكما كتب برنارد أفيشاي في “نيويوركر” لم تمتنع إسرائيل فقط عن الإنضمام إلى أوروبا وأمريكا لشجب الغزو الروسي وفرض عقوبات ضد موسكو، وبل واستقبلت الأثرياء اليهود الروس الذين دعموا مشاريع للوزارات الإسرائيلية. وكانت محاولات رئيس الوزراء الوساطة في حرب أوكرانيا محلا للسخرية في إسرائيل.

وقال أوري زكي، زعيم حزب ميرتس الصهيوني الليبرالي “أرفع قبعتي لجهود رئيس الوزراء في أوكرانيا” وقال في تغريدة يوم الثلاثاء “لو كان بينيت يعتقد أنه قادر على تقريب المواقف في النزاع فلماذا تخلى عن المفاوضات مع الفلسطينيين والفرصة للتوصل إلى التوصل لاتفاقية تحمي إسرائيل”.

وسخر آخرون من رفض بيع الأسلحة لأوكرانيا رغم بيعها إلى أنظمة قمعية “فقط في إسرائيل يعتبر بيع الأسلحة للأنظمة الديكتاتورية شيء مقبول/كول، لكن بيع الأسلحة إلى ديمقراطية هاجمها ديكتاتور يصبح أمرا معقدا وحساسا”، كما لاحظ المحامي إيتاي ليشيم.

وانتقد مشرعون أمريكيون الموقف الإسرائيلي عندما تساءل زيلينسكي عن سبب رفض إسرائيل بيع السلاح لبلاده كي تدافع عن نفسها. وقال النائب الجمهوري عن إلينيوز أدم كينزينغر في تغريدة “رد فعل إسرائيل على أوكرانيا سيترك أثره على مساعدات أمريكا في المستقبل لإسرائيل”. وفي الصيف نشرت “جيروزاليم بوست” طلب أوكرانيا القبة الحديدية لنشرها في ميناء ماريوبول، لكن الرفض طلب خشية إثارة حساسية روسيا. كما ومنعت إسرائيل تزويد أمريكا القبة الحديدية التي تملكها لأوكرانيا.

وحاولت أوكرانيا مرة ثانية الضغط دبلوماسيا للحصول على الأسلحة، وأخبر السفير الإسرائيلي في كييف، صحيفة “تايمز اوف إسرائيل” أن زيلبنسكي عبر عن استعداد للإعتراف بالقدس كعاصمة موحدة لإسرائيل ونقل السفارة الاوكرانية إليها في غضون أشهر، حالة تمت الإستجابة لشروط أمنية ودفاعية. وأثار استعداده تجاهل الحقوق الفلسطينية في القدس الشرقية مقابل حصوله على أسلحة قلق الفلسطينيين الذين يتعاطفون معه.

 وقال شبلي تلحمي، الأستاذ في جامعة ميريلاند “أنا معجب بزيلينسكي وأقف مع الأوكرانيين في كفاحهم ضد عدوان بوتين، وبالتأكيد يعرف (زيلينسكي) أن إسرائيل احتلت أراضي الفلسطينيين لعقود وخرقت الأعراف الدولية ورفضت المناشدات المستمرة”. وكتب معهد تفاهم الشرق الأوسط “”يتعاطف الفلسطينيون مع الشعب الأوكراني الذي فر وقاوم الغزو والإحتلال الروسي”. و “يعرف الفلسطينيون كل هذا الألم جيدا وهم يعانون منه لعقود، لكن علينا أن نكون واضحين، لقد فهم زيلينسكي عندما تعلق الأمر بإسرائيل والجيش. يفر الأوكرانيون ويقاومون الإضطهاد مثل الفلسطينيين. وتتقدم روسيا بعنف وتحتل عسكريا وتغزو مثل إسرائيل”.

مركز الناطور للدراسات والأبحاث  Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى