ترجمات أجنبية

ذا موسكو تايمز-  ديمتري فرولوفسكي –   دور روسيا في سورية آخذ في التغير

ذا موسكو تايمز  – ديمتري فرولوفسكي * –  9/1/2020 

يمكن أن يجلب هذا العام تحديات للدور الذي تلعبه روسيا في الصراع السوري، على الرغم من أنها كانت في طليعة الجهود الرامية إلى حل الأزمة في الماضي.

مع انخفاض احتمال خضوع النظام في سورية إلى تغييرات ومناقلات، وقيام إيران بجني فوائد مشاركتها الكبيرة وواسعة النطاق في البلد، قد تواجه موسكو صعوبات في تعزيز رؤيتها للتسوية السياسية، في حين أن منافستها مع طهران قد تصبح أكثر وضوحا.

ربما تؤدي التهديدات بالقيام بعملية عسكرية في إدلب، والقضايا التي لم تحل بعد مع اللاجئين وتوسيع المواجهة في ليبيا إلى إحداث تقلبات جديدة في العلاقات الروسية-التركية، والتي سيكون من غير المرجح –مع ذلك- أن تغير الواقعية الباردة الكامنة في جوهرها.

يمكن أن ينتهي المطاف بروسيا عند مفترق طرق بين أهدافها الحقيقية وأهدافها المعلنة في سورية. وعلى الرغم من أن موسكو تدافع عن تسوية سياسية على مستوى البلد، فإنها تولي أهمية كبيرة أيضا لمعقلها الاستراتيجي العسكري في منطقة اللاذقية.

منذ بداية الحملة الجوية، حاول المسؤولون الروس الامتناع عن الإجابة عن السؤال حول ما إذا كان الهدف النهائي للتدخل الروسي هو استعادة حدود سورية ما قبل الحرب.

في حزيران (يونيو) الماضي، قال الرئيس فلاديمير بوتين إن نجاحات روسيا في سورية قد فاقت توقعاته، بينما شدّد على الحاجة إلى استقرار الوضع داخل البلد. ومع ذلك، ما يزال هذا الموقف يثير التساؤلات حول ما إذا كانت روسيا تؤمن فعلاً بتحقيق المصالحة على مستوى البلاد.
بعد استعادة الأراضي، قامت الشرطة العسكرية الروسية بنقل السيطرة المباشرة عليها إلى دمشق التي اتُّهِمت بانتهاج سياسات انتقامية. ويشير النفوذ الإيراني المترسخ في سورية، والممارسات الموثقة لإعادة رسم الخرائط الطائفية في البلد، إلى الاختلافات بين الاتفاقيات المبرمة في سوتشي وأستانا وبين السياسات الفعلية التي يجري تطبيقها على أرض الواقع.

من الصعب تصديق أن صناع القرار في موسكو ليسوا على دراية بهذه التكتيكات القمعية وتأثيراتها المحتملة طويلة المدى على الأمن الداخلي. ومن المرجح أن يكون هناك القليل من الوضوح الاستراتيجي بشأن ما يجب أن تفعله روسيا بهذه المعرفة.

بالنظر إلى مصلحة روسيا الحاسمة والحيوية في استقرار سورية، فإن حقائق ما بعد الحرب على الأرض تخلق معضلة حول ما إذا كان يجب الضغط على النظام لإدخال إصلاحات سياسية، أو التركيز على منطقة اللاذقية. وتشير الجهود الدبلوماسية الاستباقية واستثمارات القوة الصلبة إلى أن الاستقرار السياسي في دمشق وإعادة تأهيلها في نظر جيرانها يشكلان دعائم لمصالح روسيا في البلد على المدى الطويل.

فيما يتعلق بتسوية ما بعد الصراع، سوف ترغب موسكو في حماية العلمانية، وتشجيع بعض أشكال اللامركزية في السلطة، وتعزيز الشمولية السياسية. ومع ذلك، تتعرض هذه الأهداف للتحدي بشكل متزايد من خلال التعصب الإيراني وعدم رغبة الأسد في التغيير. وفي حين كانت ذرائع سلطة الأسد تبدو ضبابية قبل أربع سنوات، أصبح النظام الآن أكثر حزماً وأقل مرونة.

قد تكون موسكو قادرة على ممارسة ضغوط إضافية، وأن تشكل رأس الحربة في إجراء تغييرات سياسية ومواجهة النفوذ الإيراني من خلال توسيع مجموعتها الخاصة من الموالين الرسميين. لكن هناك مخاطر أن يقوم النظام المحكم بتعديل نفسه أو يخرج عن السيطرة، واحتمال أن تشكل المنافسة المتزايدة مع طهران تحدياً للعلاقات الحالية الأشبه بتحالف.

على الرغم من ممارسة نفوذ قوي على النظام في دمشق، فإن موسكو تشعر بالقلق إزاء المنافسة مع طهران. وفي محاولة للاستفادة من استثماراتها والبناء عليها، أكدت إيران مؤخراً سيطرتها على أجزاء من ميناء الحاويات في اللاذقية، وشرعت في إعداد خطط لبناء محطة لتوليد الطاقة بقيمة 460 مليون دولار ووقعت على عدد من العقود المربحة.

وبينما تريد روسيا تعزيز الإصلاحات السياسية وبعض أشكال المصالحة في البلد، تنظر إيران إلى سورية كجزء من ما يسمى “محور المقاومة”، وتعارض أي تغييرات داخل النظام السياسي والتي قد تشكل تحدياً لنفوذها.

ربما يدفع اغتيال الولايات المتحدة الأخير للقائد العسكري الإيراني قاسم سليماني طهران إلى تنشيط حضورها في بلاد الشام. ولن يكون ذلك خبراً جيداً لطموحات موسكو الإقليمية. وفي الحقيقة، سيتعين على روسيا في نهاية المطاف أن تختار بين الضغط من أجل التحول السياسي أو البقاء بعيدة عن المشهد السياسي السوري المحلي الفوضوي الذي يصبح أكثر تلوُّناً بالظلال الطائفية.

يشير التقدم الأخير الذي يحرزه النظام السوري في إدلب وقرار أنقرة إرسال قوات إلى ليبيا إلى أن العلاقات قد تواجه تحولات غير متوقعة.

ما تزال تركيا تشعر بالقلق إزاء نفوذ وحدات حماية الشعب في سورية وعدم استعداد الأسد لإعادة توطين اللاجئين وضمان حمايتهم من الأعمال الانتقامية. ويقوم احتمال تنفيذ عملية عسكرية واسعة النطاق في إدلب والتي تتسبب بهجرة أخرى لملايين الأشخاص المحاصرين حاليًا في الجيب، بدفع أنقرة إلى قطع كامل الشوط من خلال التهديد باستخدام وكلائها، وتوسيع المخاطر والرهانات في النزاع الليبي.

وفي ظل مراهنة كل من روسيا وتركيا -بشكل متوقع- على أطراف متعارضة متصارعة، والاستمرار في صياغة طرقهما الخاصة لحل الأزمة، يمكن أن يكون للقضية الليبية تأثير أكبر على التبادلات الدبلوماسية المستقبلية المحيطة بسورية.

تعتقد روسيا أن الهدف النهائي لتركيا في سورية هو إقامة منطقة عازلة تمتد عبر الحدود السورية بالكامل لحماية نفسها من القوات الكردية والأمواج الجديدة من اللاجئين. ومن دون هذه الحماية، تتعرض مناعة أردوغان الداخلية للخطر، الأمر الذي يزيد أيضًا من عدم القدرة على التنبؤ بشكل عام بالنداء السياسي لحزبه.

على الرغم من أن روسيا تسعى جاهدة إلى حل قضية إدلب تدريجيًا، ولا تريد أن تعيد تركيا تنشيط عملائها، فإنها تريد بالمثل أن تواصل التعامل مع الإدارة الحالية والحفاظ على نوع مماثل من البراغماتية الباردة ومستوى من القدرة على التنبؤ في المفاوضات. كما تدرك موسكو أيضًا أن أعمال أنقرة تحددها إمكانية فرض عقوبات اقتصادية عليها من إدارة ترامب.

وعلى النقيض من ذلك، تدرك تركيا أن روسيا أصبحت تواجه تحديًا متزايدًا من عمليات التمترس الإيرانية، ونزعة النظام السوري المكتشفة مؤخرًا إلى تأكيد الذات، والذي يصر على اتخاذ إجراءات أسرع وأكثر حزماً ضد المتمردين.

مع محاولة كل جانب تأمين أوراق قوية للمساومة، من المحتمل أننا سنشهد تطورات تحيط بإدلب. ويمكننا أن نتوقع أيضًا توسيع المناطق العازلة التي ستتبع، على الرغم من ذلك، أنماطاً براغماتية وواقعية مماثلة. قد تظهر التطورات المحتملة في سورية الأهداف الحقيقية طويلة المدى لروسيا في الشرق الأوسط، والتي ما تزال غير واضحة حتى الآن.

ومع ادعاء كثير من التكهنات بأن موسكو مهتمة أكثر بتعزيز التواصل الإقليمي وموازنة العلاقات المضطربة مع الغرب، فإن نتائج التبادلات والأحداث الدبلوماسية على الأرض في سورية يمكن أن تكون بمثابة اختبار محوري للأهداف الفعلية للحملة العسكرية الروسية.

*محلل سياسي وصحفي مستقل. وهو مستشار في السياسة والاستراتيجية في الشرق الأوسط وآسيا الوسطى.

 *نشر هذا التحليل تحت عنوان: 

Russia’s Role in Syria is Changing

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى