ترجمات أجنبية

ذا دبلومات – تزود الجماعات الموالية ، مثل جيش فاطميون ، طهران بوسائل فعالة لمواجهة أعدائها

مجلة «ذا دبلومات» – بقلم أريان شريفي – 23/4/2021

نشرت مجلة «ذا دبلومات» الأمريكية مقالً تناول فيه الحديث عن التهديد الذي تُمثِّله المجموعات التي تُقاتل بالوكالة لصالح إيران، مؤكدًا أن لواء فاطميون الأفغاني يأتي في مقدمة هذه المجموعات التي نشطت في سوريا والعراق وأفغانستان، فضلًا عن مساعدة الحوثيين في اليمن.

يستهل الكاتب مقاله بالإشارة إلى أن النظام الإيراني استخدم مجموعات إسلاموية منذ وقتٍ طويلٍ بصفتها وكلاء عنه لتحقيق أهدافه في منطقة الشرق الأوسط. على سبيل المثال، رعاية طهران السيئة السمعة لحزب الله اللبناني وحركة حماس الفلسطينية منذ ثمانينيات القرن الماضي موثَّقة توثيقًا جيدًا. غير أنَّ ما لا يعرفه كثيرون هو حرب طهران بالوكالة التي تصاعدت في الآونة الأخيرة، بعد إنشاء شبكة عابرة للحدود تتكون من جماعات شيعية مُسلَّحة تستخدمها في مواجهة خصومها عبر مجموعة متنوعة من ساحات القتال في منطقة الشرق الأوسط الأوسع نطاقًا.

لواء فاطميون.. أحد الوكلاء الجُدُد لطهران

ويُعد لواء فاطميون أحد هؤلاء الوكلاء الجُدُد، إذ يتألَّف بالكامل من مقاتلين شيعة أفغان، وتنشره طهران للدفاع عن المصالح الإيرانية في سوريا والعراق واليمن. ويمكن أن يترتَّب على هذا الجانب الجديد العابر للحدود في حرب إيران التقليدية بالوكالة تداعياتٍ إقليمية واسعة، مما يهدد المصالح الأمريكية ومصالح حلفائها عبر الشرق الأوسط وجنوب آسيا.

ويشير الكاتب إلى أنه بدأ مراقبة لواء فاطميون في أوائل عام 2015 باعتبار هذه المُهمَّة جزءًا من الملف الذي يعمل عليه في مجلس الأمن القومي الأفغاني، على الرغم من أن هذه المجموعة أُنشِئت قبل ذلك بعامين في خِضَمِّ وقوع الاضطرابات العنيفة التي اجتاحت جميع ربوع الشرق الأوسط في أعقاب اندلاع أحداث «الربيع العربي».

وردًّا على وقوع الاضطرابات الإقليمية، أنشأ فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، المسؤول عن شن حرب غير تقليدية وممارسة استخبارات عسكرية، أربع مجموعات شيعية مُسلَّحة جديدة، وهي: فاطميون، وزينبيون، وعليون، وحيدريون، إذ سُمِّيَت هذه المجموعات تأسِّيًا بأسماء آل بيت النبي محمد، وتألفت من مقاتلين من أفغانستان، وباكستان، والعراق، وسوريا على الترتيب.

هل تشهد المنطقة «حزب الله جديد».. كيف بدأ لواء فاطميون؟

وكانت كل هذه المجموعات تُقاتل في كثيرٍ من ساحات المعارك الدائرة في الشرق الأوسط، بيد أنَّ لواء فاطميون نما ليصبح الأكبر والأشرس بين هذه المجموعات،ذلك أنه دَعَمَ بشار الأسد، حليف طهران، في الحرب السورية، ثم دَعَمَ الحوثيين في اليمن.

ما هي أصول لواء فاطميون؟

يلفت الكاتب إلى أن أصول لواء فاطميون تعود إلى «قوات محمد» و«كتيبة أبو ذر» السابقتين، وهما مجموعتان أفغانيتان شيعيتان كلَّفَتهُما إيران بالقتال في الحرب بين إيران والعراق في ثمانينيات القرن الماضي، والمشاركة لاحقًا في القتال ضد حركة طالبان في تسعينيات القرن الماضي. وشكَّلت مجموعة من قدامى المحاربين التابعين لهاتين المجموعتين، بقيادة علي رضا تافاسولي، نَوَاة لواء فاطميون في عام 2013، وحشد فيلق القدس منه جيشًا يتكون من ما يزيد على 20 ألف مقاتل مُسلَّح على مدار السنوات الثلاثة التي تلَت ذلك.

وكان غالبية المقاتلين يُجنَّدون من بين اللاجئين الشيعة الأفغان في إيران، حيث أُغروا بمُهِمَّة «حماية أضرحة حفيدات النبي محمد في دمشق».

وإلى جانب الإغراء الديني، قدَّم فيلق القدس أيضًا مجموعة من الحوافز المادية، بما في ذلك الحصول على إقامة قانونية، وتعليم مجاني للأطفال، وتأمين صحي، ومدفوعات شهرية تصل إلى 1500 دولار، فضلًا عن التمتُّع بوضعٍ اجتماعيٍ عند العودة، حتى إن بعض الأفغان أُجبروا على الانضمام لهذه القوات بعد تلقِّيهم تهديدات بالاعتقال أو الترحيل في حال رفضهم الانضمام إليها.

ويعيش معظم اللاجئين الأفغان في إيران، البالغ عددهم 3 ملايين لاجئ تقريبًا، حياة محفوفة بالمخاطر؛ إذ يتعرضون لضغط المصاعب الاقتصادية الشديدة من ناحية، والتمييز القاسي ضد الأجانب من ناحية أخرى، ما يجعل هذه الحوافز جذَّابة للغاية.

فيلق القدس يمارس أنشطته التجنيدية

ويضيف الكاتب: ومع اشتداد القتال في سوريا، بدأ فيلق القدس في الوصول إلى السكان الهَزَارَة الشيعة داخل أفغانستان أيضًا، وإنشاء شبكات تجنيد في كثير من المقاطعات، بما في ذلك العاصمة الأفغانية كابول. ونُقِل المُجنَّدون بحجة أداء رحلات الحج إلى الأضرحة المقدسة في سوريا والعراق، وذلك عن طريق استخدام وكالات سَفَر تربطها علاقات وثيقة بالسفارة الإيرانية في كابول. وبمجرد وصولهم إيران، خضع المُجنَّدون للتدريب لمدة أسبوعين على التحركات التكتيكية لحرب العصابات والتعامل مع الأسلحة الأساسية، وأشرَفت قوات فيلق القدس على هذه التدابير في سرية تامة.

وبعد ذلك، نُقِل المقاتلون الجُدُد إلى سوريا، حيث أسرعوا إلى زيارة ضريح السيدة زينب بنت علي بن أبي طالب زيارة سريعة، ثم نُشِروا على الفور في ساحات القتال. وأُرسِل مقاتلو لواء فاطميون إلى بعض الجبهات التي يشتد فيها القتال، بما في ذلك مُدُن اللاذقية، وحماة، وإدلب، وحلب، ودمشق  ودرعا، بوصفهم «وقود المدَافِع»، ما أدَّى إلى ارتفاع معدلات الضحايا.

وتشير التقديرات إلى أنه في الحقبة بين عامي 2013 و2019، شارك أكثر من 50 ألفًا من مقاتلي لواء فاطميون في القتال في منطقة الشرق الأوسط، وأسفر ذلك عن مُعدَّل ضحايا مهول في صفوفهم، والذي بَلَغَ أكثر من 5 آلاف حالة وفاة و4 آلاف إصابة. وكان من بين القتلى الزعيم الأصلي لهذه الجماعة المسلحة، علي رضا تافاسولي، وكثير من خلفائه في قيادة الجماعة.

مساعدة الحوثيون

ونظرًا إلى انحسار الحرب في سوريا، نُشِر عدد من هؤلاء المقاتلين في اليمن من أجل دعم الحوثيين، حلفاء إيران، وعاد بعضهم إلى إيران، وانتقل كثير منهم إلى أفغانستان. ومع ذلك، يحتفظ فيلق القدس بفرقة نشطة قوامها نحو 8 آلاف مقاتل من مقاتلي لواء فاطميون في سوريا، كما يحافظ على العلاقة التي تربطه بأولئك المقاتلين النشطين في أفغانستان. ويشعر الشيعة الأفغان بأنهم ضعفاء للغاية في مواجهة الهجمات المستمرة التي يشنُّها مُسلَّحون من السُنَّة، فضلًا عن الاحتمالية المتزايدة لعودة حركة طالبان إلى السلطة، مما استلزم ظهور لواء فاطميون بوصفه قوة دفاع شيعية.

وتؤكد الأحداث التي وقعت مؤخرًا، على الرغم من صِغَر نطاقها، هذا التنبؤ: على سبيل المثال، أسقط أفراد الميليشيات التابعين لعلي بور، القائد المحلي لقومية الهَزَارَة، الذي تفيد مزاعم أنه تربطه علاقة بلواء فاطميون، طائرة مروحية تابعة للجيش الأفغاني الشهر الماضي، ما أسفر عن مقتل تسعة من أفراد الأمن وشَنَّ الجيش أعمالًا انتقامية دموية.

وبعد مرور أسبوعين، أعلنت جماعة أخرى تابعة للهَزَارَة الشيعة، يُزعَم أنها الوجه النشط الأول للواء فاطميون في أفغانستان، إنشاء فرقة عسكرية «للدفاع عن الشيعة ضد هجوم واسع النطاق وتمييز ممنهج» يتعرضون له في وسط أفغانستان.

ولا يمثِّل هذا الأمر سوى غيض من فيض يمكن أن يطفو إلى السطح مع تصاعد التوترات العِرقِية والطائفية في أوساط الأفغان على الرغم من الانسحاب الوشيك للقوات الأمريكية.

ما الجبهات التي تقاتل فيها إيران؟

واستدرك الكاتب قائلًا: غير أن المشكلة لا تنتهي في أفغانستان؛ إذ لا يعدو لواء فاطميون كونه أحد الجهات الفاعلة الكثيرة داخل شبكة إيران الجديدة العابرة للحدود الخاصة بالمجموعات الشيعية التي تعمل على أيديولوجية «التشدد الشيعي الشامل» في منطقة منكوبة بالصراع. وبصفته الوصي المُعلَن على الإسلام الشيعي، يواجه النظام الإيراني كثيرًا من الخصوم، بما في ذلك دول الخليج السنية، وإسرائيل، والولايات المتحدة بالطبع.

ويختتم الكاتب مقاله بالقول: ومن أجل مواجهة هذا «التهديد الوجودي» المُفترَض، تسعى إيران إلى استخدام جميع الوسائل التي تضمن بقاءها وتُحقِّق مصالحها. والجماعات التي تعمل بالوكالة الموالية لإيران، مثل لواء فاطميون، تُزوِّد طهران بوسائل فعَّالة من حيث التكلفة من أجل مواجهة خصومها الأقوى منها، وممارسة نفوذ كبير على شؤون المنطقة.

وقلَّلت معظم الوكالات الأمنية، بما في ذلك الوكالات التابعة للحكومة الأفغانية التي عَمَل الكاتب فيها، بشدة من أهمية هذه الجماعة. ولكنَّ الدراسة الوثيقة التي استمرت خمس سنوات للجماعة، بحسب الكاتب، تقود إلى الاعتقاد بأن لواء فاطميون على وشك أن يصبح حزب الله آخر في ترسانة طهران للقوات التي تعمل بالوكالة.

* أريان شريفي، كبير مستشاري وزير الخارجية الأفغاني،

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى