ترجمات أجنبية

ذا أراب ويكلي – جيفري آرونسون – مع عدم وجود نهاية للاحتلال في الأفق، تتكاثر الجهود غير الفعالة لمعاقبة إسرائيل

ذا أراب ويكلي  – جيفري آرونسون* –  5/1/2020

قبل أيام قليلة من بدء العام الجديد، بدأت المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي تحقيقًا في احتلال إسرائيل للضفة الغربية، وقطاع غزة، والقدس الشرقية.

وأعلنت رئيسة النيابة العامة للمحكمة الجنائية، فاتو بنسودة : “أنا على قناعة بأن جرائم حرب قد ارتكبت أو يتم ارتكابها في الضفة الغربية، بما في ذلك القدس الشرقية وقطاع غزة”. وأثار هذا التصريح احتجاجات من القدس وواشنطن.

وكانت الحكومة الألمانية هي الدولة الأحدث التي تسعى إلى تجريم معارضة احتلال إسرائيل عن طريق إدراج انتقادات المعارضين في باب معاداة السامية.

وفي نيويورك، زعم طالب جامعي يهودي أنه تعرض “لتمييز منهجي” من الجماعات المعادية لإسرائيل في جامعة كولومبيا، في انتهاك لأمر أصدرته إدارة ترامب والذي هدد بتجريم مثل هذه الأعمال.

وكان الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، قد أعلن: “هذه هي رسالتنا إلى الجامعات. إذا كنتم ترغبون في قبول المقادير الهائلة من الدولارات الفيدرالية التي تحصلون عليها كل عام، فعليكم رفض معاداة السامية. الأمر بسيط جداً”.

أدى الصراع المتصاعد بين الإسرائيليين والفلسطينيين إلى التعجيل بهذه الأعمال ومجموعة أخرى غيرها. ولكن، بغض النظر عن مدى نجاح هذه التدابير، فلا أحد يعتقد بأنه سيتم تقريب نهاية الاحتلال الإسرائيلي حتى يوماً واحداً، أو بأنه سيكون بالوسع إسكات المعارضين الكثيرين لهذا الاحتلال.

بدلاً من ذلك، تعكس شعبية وانتشار هذه الخيارات المتصارعة عدم وجود أي احتمال حقيقي لتحقيق ذلك الإجماع الدولي السريع الذي يدعم إنهاء الاحتلال وإقامة دولة فلسطينية تعيش في سلام مع إسرائيل.

بغض النظر عن رأي أي شخص في عملية أوسلو، فإن الأجواء التي سادت بعد المصافحة التاريخية في أيلول (سبتمبر) 1993 بين رئيس منظمة التحرير الفلسطينية ياسر عرفات ورئيس الوزراء الإسرائيلي إسحاق رابين، كانت مختلفة كثيرًا عن مناخات اليوم.

في ذلك الحين، سيطر احتمال التوصل إلى اتفاق تاريخي على تلك البيئة، وفهم حتى معارضو الاتفاق من الفلسطينيين والإسرائيليين أنه يتعين عليهم العمل في ذلك الجو الآمِل.

لكن المشهد يبدو اليوم مختلفاً وأكثر إثارة للخوف. فقد برهن وعد أوسلو كونه مجرد سراب قاسٍ. وقد تضاعف في الأعوام الثلاثين الماضية عدد المستوطنين اليهود في الأراضي الفلسطينية -وهو أوضح مقياس للنوايا الإسرائيلية- بأكثر من ثلاثة أضعاف مرتفعاً من 200.000 مستوطن قبل أوسلو.

كما تراجع الإجماع الدولي الداعم لإنهاء الاحتلال وإنشاء دولة فلسطينية تحت الضغط القمعي المحبط للفشل الدبلوماسي الثابت والنوايا الخطيرة والمهدِّدة التي تنطوي عليها إدارة ترامب. وأصبح يُنظر إلى احتلال إسرائيل للأراضي الفلسطيني على أنه جزء غير ملحوظ وثابت فقط من مشهد الشرق الأوسط، بدلاً من أن يكون ذلك الواقع المؤقت والمتراجع الذي ألمحت إليه اتفاقات أوسلو.

شكلت إخفاقات إدارة أوباما نهاية الجهود الدولية لمعالجة الصراع في إطار دبلوماسي يقوم على إجلاء إسرائيل من الأراضي المحتلة وإقامة الدولة الفلسطينية. ولن يتم إيقاف عن هذا الانهيار بسهولة أو بسرعة. ونادراً ما يعرض التاريخ للخاسرين فرصة ثانية.

اليوم، لا يوجد بطل فعال أو قوي بما يكفي لبذل جهود دبلوماسية نشطة في هذا الإطار. وقد اختفت منظمة التحرير الفلسطينية بقيادة محمود عباس من المشهد الدبلوماسي الدولي.

وفي الجانب الآخر، يتبنى السياسيون الإسرائيليون من جميع الأطياف، مستشعرين أوجه القصور الدبلوماسية المتسلسلة في واشنطن، أجندة جديدة للضفة الغربية -الضم- الذي يشكل النقيض لتلك المفردات البالية التي هيمنت على الساحة الدبلوماسية في السابق.

تعكس التدابير التي تنتقد إسرائيل وتلطخ سمعتها من ناحية، أو تلك التي تجرم التعبير عن معارضة إسرائيل والتوسع الاستيطاني من ناحية أخرى، تعكس مدى اليأس الذي يهيمن على مناقشة الصراع بين الإسرائيليين والفلسطينيين. إنها لا تهدف إلى حل النزاع وإنما إلى المعاقبة والتجريم. وهي تشكل، بهذا المعنى، النقيض التام للأدوات المستخدمة في المشاركة الدبلوماسية الفعالة.

في الواقع، تتناسب مثل هذه التكتيكات عكسياً مع احتمالات التوصل إلى حل دبلوماسي للنزاع، والذي ينبغي أن ينهي الاحتلال ويخلق حالة سلام فلسطينية مع إسرائيل.

بينما تعارض حكومة بنيامين نتنياهو الإسرائيلية التحقيق الذي تجريه المحكمة الجنائية الدولية بقوة، وتهلل -للسبب نفسه- للجهود المبذولة لخنق تعبيرات الضيق المتزايد بالاحتلال، فإنها تدرك جيدًا أن إدارة هذه الأدوات أسهل بكثير من المشاركة الدبلوماسية الجادة الهادفة إلى إنهاء الاحتلال. وتفكيك بنية تحتية استيطانية قامت، على مدى السنوات الـ50 الماضية، بمصادرة الأراضي الضرورية لتحقيق السيادة الفلسطينية.

لم تتفق إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية على أي شيء منذ العام 1997. وقد نشأ جيل كامل في الأراضي الفلسطينية، وإسرائيل، وفي أماكن أخرى، والذي لا يعرف أبناؤه سوى الفشل الدبلوماسي والتوسع الاستيطاني الجشع الذي لا يشبع.

وأدى الإحباط من هذا السجل إلى تعزيز جهود متفارقة، تتراوح من حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات والعقوبات ضد إسرائيل، وقرار إدارة أوباما الوداعي في كانون الأول (ديسمبر) 2016 الامتناع عن التصويت على قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2334 الذي طالب بوقف بناء المستوطنات، وتفضيل إدارة ترامب الاعتراف “بالحقائق على الأرض” التي صنعتها إسرائيل.

كما تعكس المطالب غير القابلة للتحقيق الفراغ الناشئ عن فشل الدبلوماسية بنفس المقدار. ومع عدم وجود أي احتمال لإحداث تغيير في هذه البيئة -في الحقيقة مع وجود كل مؤشر إلى أنه سيتم إنشاء المزيد من العقبات التي تعترض أي اتفاق، وليس أقل- فإن بالوسع توقع الكثير من الجهود الأقل جودة وفعالية باطراد من الشيء نفسه في العام 2020.

*باحث غير مقيم في معهد الشرق الأوسط في واشنطن. 

*نشر هذا المقال تحت عنوان :

With no end to occupation in sight, ineffective efforts to punish Israel proliferate

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى