#أقلام وأراء

د. يوسف يونس: تقدير موقف: عمليات القدس لها ما بعدها

د. يوسف يونس 28-1-2023م نائب رئيس مركز الناطور للدراسات، باحث مختص في الشؤون السياسية: تقدير موقف: عمليات القدس لها ما بعدها

  • شهدت مدينة القدس في الساعات الاخيرة عمليتين فدائيتين، وقعت العملية الاولى في مستوطنة النبي يعقوب في القدس الغربية ، منفذ العملية الذي كان يستقل سيارة من نوع “تويوتا”، نزل من السيارة على بعد 100 متر من كنيس وأطلق النار على المارة واشتبك مع دورية شرطة، ما ادى الى استشهاده، بعد ان قام بقتل سبعة مستوطنين.
  • منفذ العملية خيري علقم

    منفذ العملية هو خيري علقم (21 عاما) من سكان الطور شرقي القدس؛ يحمل بطاقة هوية إسرائيلية تسمح له بالتنقل بحرية داخل الخط الأخضر، لم يكن لدى الاجهزة الأمنية الاسرائيلية معلومات مسبقة عنه، والتي جعلها تشير الى انها عملية فردية، على الرغم من الاحترافية التي اظهرها منفذ الهجوم عندما أطلق الطلقة وراء الأخرى، وأصاب بصورة دقيقة. يذكر أن جد الشهيد، خيري علقم، استشهد طعنا على يد مستوطنين في القدس عام 1998.

  • وصباح اليوم السبت وقعت عملية إطلاق نار بالقرب من البؤرة الاستيطانية في سلوان في القدس، وفق التحقيقات الأولية، وصل المنفذ والذي يبلغ من العمر 13 عاما من سكان سلوان بحافلة عمومية مسلحا بمسدس من نوع يريحو، وأطلق النار على مستوطنين اثنين أحد الجرحى (22 عامًا)، وُصفت حالته بالخطيرة، ضابط في الكتيبة 202 من لواء المظليين، وأصيب والده (47 عامًا).
  • قطع وزير الدفاع يوآف غالانت، زيارته الى الولايات المتحدة، وتلقى تقارير عملياتية، وتقييمًا للوضع، وأصدر تعليماته بالاستعداد لسيناريوهات التصعيد، وتعزيز حالة التأهب تحسبا لعمليات مشابهة واحتمالات قيام اليهود المتطرفين بتنفيذ أعمال انتقامية. ووجه رئيس الأركان هرتسي هاليفي تعزيزات لفرقة الضفة الغربية، حيث سيتواجد افراد دورية مظليين في الضفة الغربية، لتعزيز الدفاع عن المستوطنات والطرق في الضفة الغربية وعلى طول خط التماس.
  • واعتبرت الاجهزة الامنية الاسرائيلية أن هجمات القدس هي من نوع “الهجمات التي لديها القدرة على تغيير الواقع”، نظرا للطبيعة الفردية لتلك العمليات وصعوبة إحباطها، فليس هناك الكثير الذي يتعين القيام به في مواجهة العمليات الفردية باستثناء التعرف عليهم باستخدام وسائل الاستخبارات التكنولوجية. اضافة الى أن نجاح هذه العملية سيمثل مصدر إلهام لتكثيف هذا النمط من العمليات، والدخول في مرحلة جديدة من المواجهة، بحيث تكون الفترة المقبلة أكثر عنفا، خصوصا أنها قد تخلق ديناميكية من شأنها أن تؤدي إلى تصعيد متعدد المجالات، خصوصا مع اقتراب شهر رمضان.
  • وتعتقد التقديرات الاستخبارية الاسرائيلية أن تعزيز قوات الاحتلال في القدس والضفة الغربية، سيعني المزيد من الاحتكاك، واستمرار العنف والتصعيد، والانتقال إلى انتفاضة حقيقية يشارك فيها حشود من الفلسطينيين، ولذلك فقد أوصت الاجهزة الامنية الاسرائيلية بضرورة تجنب تنفيذ عمليات عسكرية كبرى داخل المدن الفلسطينية، لن تؤدي الى نتائج مهمة، وقد تؤدي فقط إلى زيادة التصعيد وانطلاق انتفاضة شاملة.
  • وعلى الرغم ان المعلومات التي تشير ان هجمات القدس نفذها عناصر فلسطينية بشكل “منفرد”، الا ان الاجهزة الامنية الاسرائيلية تحاول الربط بين تلك العناصر والتحريض عبر شبكات التواصل الاجتماعي من التنظيمات في غزة، في محاولة لإيجاد “عنوان” يمكن مواجهته. وستحاول اسرائيل كبح تكتيك ادارة المعركة بين حربين الذي تتبناه حركة حماس والذي تسعى من خلاله الى تكثيف نشاطاتها في الضفة الغربية وتشكيل بنى تحتية عملياتية، بالتوازي مع تعزيز حكمها في غزة، وتعزيز مكانتها في النظام الفلسطيني، وتتوقع التقديرات الا تتخلى اسرائيل عن التهدئة في غزة، مع استمرار الضربات العسكرية والاقتصادية.
  • وسيكون مجلس الوزراء المصغر “الكابينت” امام اختبار حقيقي في اجتماعاته الليلة، حيث لا يوجد الكثير من الأشخاص ذوي الخبرة، حيث يتألف من وزراء ذوي آراء قومية متشددة، يمكنهم الضغط من أجل تنفيذ عمليات جذرية متطرفة، سيكون لها عواقب وخيمة، والتي بدلاً من تهدئة المنطقة، ستؤدي إلى تصعيد الاوضاع، وهو الامر الغير مرغوب من نتنياهو.
  • ويتوقع ان يكون اجتماع الكابينت متوترا بين اركان الحكومة، خاصة ما بين وزير الدفاع يوآف غالانت (الليكود) ووزير المالية بتسئيل سموتريتش، والذي يحمل حقيبة وزير في وزارة الدفاع ، حيث تحدثت معلومات عن توتر العلاقات بين الجانبين مؤخرا بعد ان اصدر سموتريتش تعليمات اثارت حفيظة قادة الجيش، الذين قاموا من جهتهم بتجميد هذه التعليمات، في سابقة لم تشهدها دولة اسرائيل من قبل. ومن المتوقع ان يستغل سموتريتش التصعيد الحالي للاستحواذ على صلاحياته في مواجهة جنرالات الجيش. وسيسعى بن غفير الى استغلال الموقف الحالي لفرض تصوراته لتشكيل مليشيات خاصة للمستوطنين لفرض الامن في مواجهة العمليات الفردية، بحجة عجز الجيش والشرطة.
  • ومن المحتمل أن يكون هناك ضغوط دولية على نتنياهو من الادارة الامريكية والاردن ومصر والاتحاد الاوروبي، لعدم اتخاذ إجراءات جذرية من شأنها تصعيد العنف وانفجار الاوضاع وتهدئة الأجواء المشحونة قبل رمضان. ومن المتوقع ان يستغل نتنياهو هذه الاتصالات للضغط على السلطة الفلسطينية للتراجع عن مواقفها الاخيرة، سواء على صعيد وقف التنسيق الامني او التوجه الى محكمة العدل الدولية.
  • وسيحاول نتنياهو ايجاد حلول توافقية، تحافظ على التوازن القائم في الائتلاف الحكومي، وسيقترح إغلاق منازل منفذي العمليات، واعتقال أفراد عائلاتهم، والترحيل، والحرمان من الإقامة، وتسهيل حمل رخص السلاح لألاف المستوطنين، اضافة الى فحص القيود المفروضة على الفلسطينيين، والامتيازات وتصاريح العمل، واستمرار عمليات جيش الاحتلال في عمق المناطق الفلسطينية، ومن المتوقع ان تبحث الاجهزة الامنية الاسرائيلية عن تنفيذ عملية نوعية تستهدف مجموعات المقاومة في الضفة الغربية، في خطوة يعتبرونها ضرورية لاستعادة هيبة الاجهزة الامنية التي تعرضت لضربة قوية ومؤثرة من خلال عمليات القدس.
  • الخلاصة، عمليات القدس الاخيرة سيكون لها تداعياتها على اتجاهات الاوضاع، على صعيد الوضع الميداني في الضفة الغربية والقدس، والتي ستشهد المزيد من عمليات قوات الاحتلال، وسيجري التركيز على اهداف نوعية، والتخوف الاهم سيكون في احتمالية تنفيذ المستوطنين عمليات ارهابية ضد المواطنين الفلسطينيين في الضفة الغربية والقدس. وسيحتاج نتنياهو الى خبرته السياسية في اجتماع الكابينيت لمنع قادة الائتلاف الحكومي من جر إسرائيل إلى صراع أوسع، والحفاظ على الهدوء قبل رمضان، في ضوء الأزمة الداخلية، والضغوط الدولية على الحكومة الاسرائيلية.

 

 

مركز الناطور للدراسات والابحاثFacebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى