#شؤون إسرائيلية

د. يوسف يونس: الازمة الداخلية الاسرائيلية في بعدها الاستراتيجي والاقليمي

د. يوسف يونس 12-4-2023م: الازمة الداخلية الاسرائيلية في بعدها الاستراتيجي والاقليمي

الملخص 

  • صعود التيار الفاشي في اسرائيل، جاء في مرحلة تشهد فيها اسرائيل إعادة رسم تركيبتها المجتمعية سياسيا وديموجرافيا وفقا لخطوط ومحددات يهودية توراتية، تستهدف ضم مساحات واسعة من الضفة، وتهجير أعداد كبيرة من الفلسطينيين، وتغيير التركيبة السكانية في القدس والمدن المختلطة لصالح اليهود، وصولا الى انهاء مشروع الدولة الفلسطينية، ما سينعكس على حدوث تغييرات على صعيد التركيبة السياسية في اسرائيل، لجهة تعزيز قوة الجماعات الاستيطانية في القدس والضفة الغربية، والجليل والنقب، في مواجهة السكان في مناطق الساحل، ما سيؤدي الى تغييرات ديناميكيات المشروع الاستيطاني، الذي يتوسع نحو إنشاء مدن استيطانية، وصولاً الى تأسيس “مملكة يهودا والسامرة ، التي سيتنقل اليها مركز الثروة، وهو ما ادى الى تعزيز تخوفات النخبة الأشكنازية التي بادرت الى المظاهرات، في محاولة للحفاظ على امتيازاتها.
  • يواجه مشروع التيار الفاشي صعوبات في ضوء عدم القدرة على جذب المزيد من المستوطنين الى الضفة الغربية، والفشل في تغيير الميزان الديمغرافي في الضفة الغربية، حيث تتراجع نسبة المستوطنين من مجمل سكان الضفة الغربية ووصلت حالياً 13.5% فقط. ولذلك يخطط قادة الحركة الاستيطانية للحيلولة دون إقامة دولة فلسطينية عن طريق الإضرار بالتواصل الجغرافي الفلسطيني وتقسيم الضفة الغربية الى قسمين بالتركيز على تكثيف الاستيطان في مستوطنات “غلاف القدس”. وسيشكل “حسم الصراع” المحرك الرئيس لليمين الفاشي الذي سيندفع، نحو العنف لتحقيق اهدافها، سواء على الصعيد الداخلي او الارهاب ضد الفلسطينيين.
  • وفق التقديرات فأن أي حدث تكتيكي قد يؤدي الى اشتعال معركة قد تتكتل فيها الجبهات المختلفة ضد إسرائيل، في ضوء ضغوط اليمين المتطرف التي قد تدفع باتجاه تفجير الاوضاع في القدس والضفة الغربية، ومخططات الحكومة الفاشية في اسرائيل لتكريس مخططات التقسيم الزماني والمكاني للحرم القدسي. واشارت تقديرات الاستخبارات العسكرية الاسرائيلية أن احتمالية الحرب على عدة جبهات، قد ازدادت في الأشهر الأخيرة، في ضوء توجهات إيران وحزب الله وحماس للمخاطرة بتصعيد هجماتهم ضد اسرائيل، مستغلين أزمتها الداخلية، التي أَضرت في مجال مناورتها الاستراتيجي، ولذلك فان اسرائيل ستسعى الى استعادة الردع، مع الحذر من عدم تدهور الاوضاع الى “مغامرة حرب إقليمية” غير محسوبة العواقب.
  • الازمة الاسرائيلية الداخلية، والساحة الفلسطينية المشتعلة، وتوتر العلاقات مع الادارة الامريكية، كلها مؤشرات لا تسمح لاسرائيل فرض خيار الحرب الشاملة، خصوصا في ضوء عدم استعداد الولايات المتحدة لتحمل تبعات ضربة عسكرية لايران، وفي ضوء مبادرة ايران لتسخين الجبهات الثلاثة المحيطة باسرائيل، فان التقديرات تتوقع ان يعود الطرفان الى سيناريو العمليات “التكتيكية المحدودة”، سواء على صعيد استهداف مواقع واهداف ايرانية في سورية والعمليات الاستخبارية في العمق الايراني، وفي المقابل ستقوم ايران باستخدام الجبهات الثلاثة وخصوصا الشمالية لتقييد وتقليص عمليات الجيش الاسرائيلي، ويبدو أن هذا الخيار سيكون مرغوبا من كلا الطرفين لتجنب خيار الحرب الشاملة.
  • واكدت جولة التصعيد الاخيرة عدم رغبة كافة الاطراف في التوجه الى خيار الحرب الشاملة ، ولذلك فقد انحصرت الضربات في “سياق تكتيكي”، في اطار الفعل ورد الفعل ، واستطلاع قدرة الردع الاسرائيلية، فالصواريخ التي أطلقت من لبنان وسورية كانت من نوع جراد وكاتيوشا، وأسقطت القبة الحديدية معظمها، أما الباقي فسقط في مناطق غير مأهولة، ولم يترتب عليها أضرار كبيرة وخسائر بشرية، وكذلك الرد الإسرائيلي الذي تأخر لساعات واستهدف مواقع خالية، والتصعيد في قطاع غزة كان محسوبًا من الطرفين؛ ما يعكس أن مختلف الأطراف لا تريد الدخول في مواجهات عسكرية كبيرة من دون الامتناع عن مبادرات عسكرية من الطرفين لتحسين موقفهما، كان يحدث فيما يعرف بـ “المعركة بين الحروب”.
  • وتتوقع التقديرات على صعيد جبهة غزة ان يتم العودة الى الردود العنيفة على كل صاروخ ينطلق من قطاع غزة ، دون اللجوء الى خيار المواجهة المفتوحة والذي قد يؤدي الى خروج الاوضاع عن السيطرة وانضمام الجبهات الاخرى الى القتال، وستكون اسرائيل حذرة ايضا في الدخول في “اشتباك” مع حزب الله، باعتبار أنها ستؤدي الى اضرار كبيرة على إسرائيل، التي ليست في أحسن أحوالها، بسبب ضعف الجبهة الداخلية.
  • وعلى رغم ان الجبهة الفلسطينية محكومة بقدر “مضبوط من التصعيد” لا يستطيع نتنياهو أن يتخطاه من دون المقامرة بتكبد خسائر على مسارات أخرى، فالولايات المتحدة، ومن خلفها دول العالم والدول العربية ، لا ترغب في انفجار المواجهة الفلسطينية – الإسرائيلية، الا انه لا يجب إسقاط احتمال أن تقوم حكومة الاحتلال بتوجيه ضربة عسكرية لاستعادة الردع، وتتوقع التقديرات ان تكون الضفة الغربية وقطاع غزة هي الساحة الاكثر احتمالا لتنفيذ تلك المخططات، خصوصاً بعد انتهاء شهر رمضان، ويؤكد على ذلك استدعاء جيش الاحتلال قوات من الاحتياط، واجتماع رئيس الحكومة مع زعيم المعارضة لتقديم “إحاطة أمنية” .
  • في ضوء اجراءات الاحتلال في القدس، وارتفاع العمليات المقاومة، أخذت عمليات المقاومة في الضفة الغربية منحى تصاعدي ثابت وليس موجة قصيرة، الا ان غياب استراتيجية وطنية شاملة للمقاومة ، ما يحول دون انتقالها الى مرحلة الانتفاضة الشاملة، ما ترك الباب مفتوحا ً امام العمليات الفردية التي لا تحقق الإنجازات التراكمية على طريق التحرير، والانقسام أدى الى تبديد كل مقومات المقاومة التي يجب أن تُستخدم في اطار برنامج وطني من أجل إنهاء الاحتلال وإقامة الدولة المستقلة، وعدم مشاركة واسعة من الجمهور الفلسطيني، واقتصار الامر على “خلايا محلية” ليس لهم انتماء تنظيمي، وافتقادها الى الخبراء العسكريين، وعلى الرغم من انجازاتها الا انه وفي المقابل كانت التكلفة الفلسطينية كبيرة، وتفرض مخططات الحكومة الفاشية لطرد الفلسطينيين من الضفة الغربية، على الفلسطينيين ضرورة تحييد القوة الإسرائيلية واستمرار الاشتباك بأقل من السلاح، لإجهاض برنامج الحكومة وللحفاظ على صمود الشعب.

 

Please wait while flipbook is loading. For more related info, FAQs and issues please refer to DearFlip WordPress Flipbook Plugin Help documentation.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى