د. هاني عواد 11-11-2025: مشروع القرار الأمريكي لغزة: انتهاك للسيادة الفلسطينية وتجاوز لميثاق الأمم المتحدة
الملخص
أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية مسودة مشروع قرار سيطرح للتصويت في مجلس الأمن الدولي من ديباجة و ثماني نقاط يتضمن الترحيب بالخطة الشاملة لإنهاء الصراع في غزة المؤرخة في 29/سبتمبر هذا العام ، بهدف تحقيق الأمن، والإشراف على إعادة الإعمار الهدف المعلن للخطة إلا ان ما تضمنه مشروع القرار في البندين الثاني والسابع تحديدا من إنشاء مجلس سلام كإدارة حكم انتقالية بشخصية دولية مستقلة، وإنشاء “قوة دولية للأمن في غزة، بولاية أولية مدتها سنتان امرأ يثير تساؤلات قانونية وسياسية جدية حول مدى توافقه مع السيادة الوطنية الفلسطينية وميثاق الأمم المتحدة.
تتناول هذه الدراسة تحليلا لمشروع القرار الأمريكي من منظور المبادئ القانونية الدولية وأحكام ميثاق الأمم المتحدة، وتنطلق من فرضية أن ما تضمنه مشروع القرار يشكل انتهاكا لسيادة دولة فلسطين ومساسا بحق تقرير المصير للشعب الفلسطيني وتجاوزا لميثاق الأمم المتحدة، وتكمن أهمية الدراسة حول مشروعية مضامين مشروع القرار في ضوء مبادئ وقواعد القانون الدولي وأحكام ميثاق الأمم المتحدة والقرارات الأممية في الحالة الفلسطينية، وقد اعتمدت الدراسة منهجية البحث القانوني التحليلي لمشروع القرار، ويتمثل نطاق الدراسة موضوعيا بمشروع القرار الأمريكي المعلن بدابة نوفمبر 2025، وقد خلصت الدراسة إلى نتيجة مفادها أن مشروع القرار الأمريكي يمثل انتهاكا للسيادة الوطنية لدولة فلسطين ويتجاوز ميثاق الأمم المتحدة والقرارات الأممية في الحالة الفلسطينية ، واقترحت الدراسة ضرورة التحرك العاجل لرفض هذا المشروع بصيغته الحالية ومعارضته وعدم تمريره دوليا وضرورة مواجهته فلسطينيا وعربيا ودوليا سياسيا ودبلوماسيا وقانونيا.
مبادئ قانونية حاكمة دوليا
-مبدأ حق تقرير المصير
من أهم المبادئ التي نص عليها ميثاق الأمم المتحدة ويضمن لكل شعب الحق في اختيار نظامه السياسي بحرية، والتحرر من السيطرة الأجنبية أو الاستعمار.
وينص ميثاق الأمم المتحدة في المادة 1 (فقرة 2) على مبدأ حق الشعوب في تقرير مصيرها[1]، كما ان المادّة 55 تشير إلى قيام الأوضاع اللازمة للسيادة المتساوية، وحق تقرير المصير للشعوب [2]وبحسب قرارات الجمعية العامة ولجان الأمم المتحدة فإن حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره معترف به دوليا
وقد ورد في قرار الجمعية العامة الصادر A/RES/55/87 يؤكد حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، بما في ذلك حقه في إنشاء دولة[3].
-مبدأ عدم استخدام القوة أو التهديد بها
حيث يمنع على أي دولة أن تستخدم القوة للاستيلاء على أراضي الغير، وفق المادة 2/4 من ميثاق الأمم المتحدة والأراضي التي تُحتل بالقوة لا تكتسب وضعاً قانونياً مشروعاً.
وإسرائيل احتلت أراضي فلسطينية (القدس الشرقية، الضفة، غزة) عام 1967 باستخدام القوة.
-مبدأ عدم جواز اكتساب والاستيلاء على الأراضي بالقوة
مبدأ عدم اكتساب الأرض بالقوة هو أحد المبادئ الأساسية في القانون الدولي الحديث، وهو ينص على عدم جواز الاستيلاء على أراضٍ تابعة لدولة أخرى أو لشعب آخر من خلال استخدام القوة العسكرية.
المادة (2/4) من ميثاق الأمم المتحدة تنص على أن “يمتنع جميع الأعضاء في علاقاتهم الدولية عن التهديد باستعمال القوة أو استخدامها ضد سلامة الأراضي أو الاستقلال السياسي لأي دولة.[4]”
منذ احتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية عام 1967 صدرت العديد من القرارات الأممية التي تطالب دولة الاحتلال بالانسحاب من الأراضي الفلسطينية ومنها قرار مجلس الأمن رقم 242 عام 1967 وقرارات لاحقة مثل 338 (1973)، و478 (1980)، و2334 (2016)، جميعها تؤكد على أن الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية لا يُكسب إسرائيل أي حق سيادي عليها.
وتبعا لذلك فالنتائج القانونية على الحالة الفلسطينية لهذا المبدأ والقرارات الداعمة تتمثل بما يلي:
- عدم شرعية ضم القدس الشرقية 1980
قرار مجلس الأمن رقم 478 اعتبر “قانون القدس” الإسرائيلي باطلاً ولاغياً. - عدم شرعية المستوطنات:
قرارات مجلس الأمن والجمعية العامة تعتبر الاستيطان الإسرائيلي مخالفة صريحة لاتفاقية جنيف الرابعة 1949، وللمبدأ المذكور وقد أكدت على ذلك القرارات القضائية الدولية. - حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير:
يستند هذا الحق إلى أن الأراضي الفلسطينية ليست ملكاً لدولة الاحتلال، وأن للشعب الفلسطيني الحق غير القابل للتصرف في أرضه.
وعليه فان إسرائيل، رغم سيطرتها العسكرية، لا تكتسب أي سيادة قانونية على الأراضي الفلسطينية المحتلة، وكل تغيير تفرضه بالقوة يُعتبر باطلاً من منظور القانون الدولي وذلك ما خلصت إليه محكمة العدل الدولية في قرارها الاستشاري في 19/تموز/2024 حيث أقرت أن استمرار الوجود الإسرائيلي كقوة محتلة في الأراضي المحتلة يشكّل عملاً خاطئاً دولياً، وأن إسرائيل مكلفة بإنهائه في أسرع وقت ممكن[5].
-مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية
يحظر على الدول التدخل في الشؤون السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية لدولة أخرى ، وانتهاك السيادة الوطنية يعني قيام دولة أو جهة خارجية بالتدخل في شؤون دولة أخرى دون موافقتها، بما يتعارض مع مبدأ احترام استقلال الدول المنصوص عليه في ميثاق الأمم المتحدة المادة 2، الفقرة 1 و7
وانتهاك السيادة للدول يأخذ أشكالا عديدة منها غزو أو احتلال أراضي دولة أخرى، والتدخل غير المباشر كدعم جماعات مسلحة أو معارضة داخل الدولة المستهدفة، والتدخل السياسي كفرض أنظمة حكم أو التأثير على الانتخابات أو القرارات السيادية، والاختراق الاقتصادي كفرض عقوبات اقتصادية قسرية خارج إطار الأمم المتحدة أو التحكم في موارد الدولة، وأشكالا أخرى[6].
-مبدأ احترام القانون الدولي الإنساني
ويهدف إلى حماية المدنيين وقت النزاعات المسلحة، كما نصت عليه اتفاقيات جنيف لعام 1949.
إذا كانت هناك قوة احتلال، فإن الدولة المحتلة تتحمّل التزامات بموجب اتفاقات جنيف، كما أن نشر قوات دولية في إقليم محتَل يرتّب أسئلة قانونية دقيقة:
ما طبيعة هذه القوات؟
هل هي قوات حفظ سلام أم قوة تنفيذ؟
وما إذن ولايتها، ومن هي الجهة التي تمنحها الشرعية؟
ضمن الإطار ألأممي قرار نشر قوات دولية ينبغي أن يُحترم سيادة الشعب المعني، وحقه في تقرير المصير، وأن لا يُستخدم كغطاء لتدخّل يُحرم الشعب من ممارسة حقه، وأكدت محكمة العدل الدولية هذا المبدأ في عدة قضايا ومنها الرأي الاستشاري بشأن الجدار في فلسطين 2004 والرأي الاستشاري لعام 2024 وشددت المحكمة على أن احترام القانون الإنساني واجب مستمر، وأن انتهاكه يؤدي إلى مسؤولية دولية[7].
إن مشروع القرار الأمريكي في صورته الحالية يمثل خرقا للمبادئ الدولية أنفة الذكر حيث يمثل انتهاكا للسيادة الفلسطينية وتجاوزًا لمبادئ ميثاق الأمم المتحدة فالسلام الحقيقي لا يُبنى بالقوة أو الوصاية، بل عبر اعتراف كامل بحقوق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وإدارة شؤونه بحرية كما نصت عليها القرارات الدولية وبما يتفق مع مبادئ ومقاصد الأمم المتحدة، وأي مشروع يتجاهل ذلك لا يمكن أن يحقق عدالة ويشكل مخالفة صريحة لإحكام ميثاق الأمم المتحدة.
مشروع القرار الأمريكي قراءة قانونية دولية[8]
ينص القانون الدولي على أن السيادة الوطنية حق أساسي للشعوب في إدارة شؤونها دون تدخل خارجي غير مشروع، وأي مشروع يتضمن نشر قوات دولية ومجلس حكم وإدارة دون تفويض واضح من دولة فلسطين باعتبارها صاحبة الولاية الشرعية على أراضيها يمثل تعديًا على هذا الحق.
وينص ميثاق الأمم المتحدة على أن جميع الشعوب لها الحق في تقرير مصيرها وإدارة شؤونها بحرية ودون تدخل خارجي ، و أكد الميثاق على أن الدول الأعضاء ملزمة بضمان شعوب الأقاليم غير المستقلة فرصة الوصول إلى الاستقلال الكامل وتقرير مصيره، وفي الحالة الفلسطينية أكدت الأمم المتحدة مرارًا أن الفلسطينيين لهم الحق في إنشاء دولتهم المستقلة وإدارة أراضيهم بحرية، وبالتالي فإن أي مشروع دولي يُفرض على غزة باعتبارها جزءا لا يتجزأ من أراضي دولة فلسطين المحتلة دون موافقة الفلسطينيين يُعد انتهاكًا مباشرًا لهذا الحق الأساسي ومخالفًا لمبادئ القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة.
حتى وإن كان الهدف المعلن للمشروع هو تعزيز الأمن والاستقرار في القطاع، فإن الواقع يشير إلى أن نشر قوات دولية قد يؤدي إلى إضعاف شرعيتة دولة فلسطين، وتهميش دورها، وتجميد عملية تقرير المصير، كما أن أي إشراف خارجي على إعادة الإعمار تحت مظلة مجلس السلام الوارد ذكره في مشروع القرار قد يحوّل المساعدات الإنسانية إلى أداة سياسية بدل أن تكون دعمًا سياديًا للفلسطينيين.
البديل القانوني والشرعي يكمن في تمكين الفلسطينيين من إدارة شؤونهم وإشراك المجتمع الدولي كشريك وليس كبديل عن دولة فلسطين، أي تدخل دولي يجب أن يراعي السيادة الوطنية، وإنهاء الاحتلال، وإزالة الاستيطان، ورفع الحصار، وتنفيذ المقررات الأممية لضمان توافقه مع القانون الدولي ومبادئه وقرارات الأمم المتحدة.
مخالفة مسودة مشروع القرار الأمريكي للمبادئ والقرارات الدولية
هناك العديد من الملاحظات التي يمكن إثارتها على مسودة مشروع القرار الأمريكي وتنطوي على مخالفة لمبادئ القانون الدولي، والقرارات الدولية، وميثاق الأمم المتحدة
-المساس بحق تقرير المصير
إذا تمّ فرض قوة دولية تُمارس سلطة تنفيذية واسعة على إقليم يخصّ شعباً (الشعب الفلسطيني في غزة) وتُقيّد أو تعوق مؤقتاً أو بشكل دائم قيامهم بإدارة شؤونهم بأنفسهم، فقد يُطرح تساؤل حول مدى احترام حقهم في تقرير المصير بمعنى ان الشعب الفلسطيني كيف يمكن أن يمارس الحكم الذاتي أو الدولة المستقلة أو ما يُتّفق عليه سياسياً، وبالتالي تدخل دولي بمعزل عن موافقة شعب أو سلطته الشرعية قد يُعدّ تقييداً لهذا الحق، ومن ناحية أخرى إذا كانت هذه القوة منشأة باتفاق مع الجهة الشرعية الفلسطينية وتمت بمشاركة الفلسطينيين، فقد يكون الأمر مقبولاً من حيث مبدأ تقرير المصير، بشرط أن لا تكون فرضاً أحادي الجانب يقصي الدولة الفلسطينية المرتقبة بطريقة تُغيّب الشعب الفلسطيني.
الواضح في مسودة المشروع ان هناك تغيبا للشرعية الفلسطينية في الوقت الحالي وربط إشراكها وممارسة دورها مستقبلا ومقيدا بتطبيق برنامج إصلاحي غير واضح المعالم واستبدالها بمرجعية سياسية وادارية اخرى هي مجلس السلام مما يؤكد المساس بحق تقرير المصير للشعب الفلسطيني.
-طبيعة القوة تنفيذية وليس حفظ سلام
كونها قوة تنفيذ بدل قوة حفظ سلام يعزز احتمال أن تُمارس سلطة واسعة، ما قد يُعدّ تدخّلاً مُباشَراً في الشؤون الداخلية للإقليم، وإذا كانت القوة تُمارس القرارات الأمنية، وأخذت سلطة من سلطة الشعب الفلسطيني فان ذلك يتعارض مع مبدأ السيادة الوطنية للدول.
في قانون الاحتلال الدولي، يُفترض أن أي إدارة احتلال تكون مؤقتة، وتُراعي مصالح السكان المحليين، وتؤمّن حقوقهم الأساسية، ولا تُغيّر بشرعية الأمر الواقع الحقوق الأساسية للشعب المحتل، فإذا كانت هذه القوة الدولية لا تعمل بموافقة الشعب الفلسطيني أو ممثّليه، ولفترة غير محدودة، ولا تهدف إعادة السلطة الفلسطينية لممارسة ولايتها القانونية الشرعية على أراضيها المعترف قيها دوليا مما يحقق المخالفة التلقائية لمبادئ القانون الدولي وأحكام الميثاق.
-التدخّل في الأراضي المحتَلة والترتيب الأمني
القرار بحسب ما ورد يُركّز على “نزع سلاح” جماعات فلسطينية وتصعيد إشراف دولي على الأمن، مما يقفد ويسلب السلطة الفلسطينية بعض صلاحياتها مثل الأمن، لو تمّ ذلك دون إشراك الفلسطينيين فإنّ ذلك قد يُقلّل من ممارسة الشعب الفلسطيني لحقه في الحكم الذاتي وإدارة شؤونه، كذلك أي تغيّر في ترتيب الحدود أو وضع السيطرة الحدودية مع مصر/إسرائيل أو إدارة منفذين دوليين قد يُثير مسألة ما إذا كان الأمر يُغيّر أو يُقيّد حق الشعب الفلسطيني في إدارة شؤونه وينتج عن ذلك تدخلا لا يتفق وميثاق الأمم المتحدة.
-نظام وصاية جديد ( مجلس السلام)[9]
مجلس السلام كإدارة حكم انتقالية يوحي بأن السيادة الفلسطينية على غزة ستُعلّق، ويتم نقل السلطة التنفيذية إلى كيان دولي يتمتع بشخصية قانونية دولية مستقلة اشبه بنظام وصاية استعماري بمعايير اسرائيلية[10]، وهذا التوصيف يُهمّش دور السلطة الفلسطينية، ويحوّلها إلى طرف تحت عباءة الاختبار لبرنامجها الإصلاحي غير محدد المدة والمعالم، ما يعني عمليًا وضع القطاع تحت وصاية دولية أو إدارة مشتركة من الشخصيات والجهات الدولية إلى حين إشعار آخر.
يربط مشروع القرار تقديم المساعدات الإنسانية بـضمان استخدامها للأغراض السلمية فقط، هذه الصياغة، رغم أنها تبدو إنسانية، تفتح الباب أمام سيطرة كاملة على المعونات من قبل مجلس السلام والقوى الدولية، وتُعطيهم سلطة تحديد من هو مؤهل لتلقي الدعم، وتشكل آلية رقابة مالية وإنسانية قد تُستخدم كأداة ضغط سياسي على سكان غزة والسلطة المستقبلية فيها.
ومشروع القرار يمنح تفويضًا واسعًا لمجلس السلام تأسيس كيانات لها شخصية قانونية دولية وصلاحيات إدارية، أي منح صلاحيات حكم فعلية لدول أجنبية أو مؤسسات دولية داخل غزة، وهذه الكيانات ستتولى إدارة الخدمات، إعادة الإعمار، تنظيم حركة المعابر، والإشراف على لجنة تكنوقراط فلسطينية غير سياسية، ما يُقصي كل القوى السياسية الوطنية الفلسطينية.
بالنتيجة يكشف مشروع القرار عن تحوّل خطير في مقاربة الصراع، والانتقال من حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني إلى إدارة دولية انتقالية تضع غزة تحت وصاية متعددة الأطراف، وتجاهل واضح لقرارات الأمم المتحدة التي تُقر بحق الفلسطينيين في دولة مستقلة.
نشر قوات دولية
مسودة مشروع القرار الأميركي تقترح إنشاء قوة الاستقرار الدولية في غزة، بولاية أولية مدتها سنتان قابلة للتجديد والقوة ستكون قوة تنفيذية وليس حفظ سلام وولاية هذه القوة تشمل تأمين الحدود مع إسرائيل ومصر، حماية المدنيين والممرّات الإنسانية، تدريب شرطة فلسطينية جديدة، و”إزالة البنى التحتية للجماعات المسلحة غير الحكومية والقرار يبدو أنه يعطي الدول المشاركة ولاية واسعة لحكم غزة أو إشرافاً دولياً على الأمن الداخلي، بما يفوق مجرد حفظ سلام تقليدي[11].
-انتهاك السيادة الوطنية
يُعدّ مشروع القرار الأمريكي الخاص بقطاع غزة انتهاكًا واضحًا لسيادة دولة فلسطين وحقها في تقرير مصيرها، إذ يتضمن بنودًا تتعلق بترتيبات أمنية وإدارية بعد الحرب دون إشراك الممثل الشرعي للشعب الفلسطيني، مما يُعدّ تدخّلًا مباشرًا في الشؤون الداخلية الفلسطينية، كما أن هذا المشروع يمنح دورًا لإسرائيل في إدارة القطاع أو مراقبته، ويقيد عملية الإعمار بشروط سياسية تخدم أطرافًا خارجية، متجاهلًا بذلك القرارات الدولية التي تؤكد على استقلال فلسطين ووحدة أراضيها، وبذلك فإن مشروع القرار يتعارض مع مبادئ القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، اللذين يضمنان لكل دولة حقها في السيادة والاستقلال، ويمنعان أي شكل من أشكال الإملاء أو التدخل الخارجي في شؤونها الوطنية.
بناءً على ما سبق يمكن القول إنّ مسودة القرار الأميركي بصيغتها الحالية بحسب مضامينه واتجاهه السياسي يعد خرقا وتناقضا مع بعض المبادئ والقرارات الأممية يتصدر ذلك المساس بحق تقرير المصير ويشرعن الاستيلاء على الأراضي بالقوة حيث لم يشر إلى ضرورة انسحاب دولة الاحتلال من الأراضي التي أعادت احتلالها في الحرب الأخيرة وتسمح لتدخل أجنبي واسع وغير محدود دون موافقة السلطات الشرعية ويعد انتهاكا للسيادة الوطنية لدولة فلسطين المعترف فيها من الأمم المتحدة دولة مراقب عام 2012 وتحظى باعتراف أكثر من 80 بالمائة من دول العالم ولا يتفق القرار مع القرارات الدولية التي تؤكد حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني وإنهاء الاحتلال واقامة الدولة[12] .
ما المطلوب لمواجهة مشروع القرار الأمريكي:
لمواجهة مشروع القرار الأمريكي الخاص بقطاع غزة، يتطلّب الأمر تحركًا سياسيًا ودبلوماسيًا وقانونيًا منسقًا على المستويين الفلسطيني والعربي أولا والدولي ثانيا، لضمان حماية السيادة الفلسطينية ورفض أي ترتيبات تُفرض من الخارج، ويمكن تلخيص المطلوب في النقاط التالية:
- التحرك الدبلوماسي الرسمي بتكثيف الاتصالات الدولية مع الدول الأعضاء في مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة لشرح مخاطر المشروع على السيادة الفلسطينية، وبناء تحالف دبلوماسي مع الدول الكبرى مثل روسيا، الصين، ودول حركة عدم الانحياز وتفعيل الدبلوماسية العربية والإسلامية لتوحيد الموقف ضد أي مشروع يتجاوز الشرعية الفلسطينية.
- التحرك القانوني بالاحتكام إلى القانون الدولي وتقديم مذكرات قانونية إلى الأمم المتحدة ومحكمة العدل الدولية تبيّن تعارض المشروع مع مبدأ السيادة وحق تقرير المصير، وتوظيف القرارات الأممية السابقة خصوصًا القرارين 242 و338 وقرار الاعتراف بفلسطين كدولة مراقب عام 2012 لدعم الموقف القانوني الفلسطيني.
- التحرك الإعلامي والسياسي بإطلاق حملة إعلامية دولية لشرح أبعاد المشروع الأمريكي للرأي العام العالمي، وإبراز أنه يخدم استمرار الاحتلال لا السلام.
- توحيد الصف الفلسطيني الداخلي بين الفصائل كافة، لأن الانقسام الداخلي يُضعف الموقف أمام الضغوط الدولية، وتمكين السلطة الوطنية الفلسطينية( دولة فلسطين) من تمثيل الشعب في أي مفاوضات أو ترتيبات تخص غزة، باعتبارها الجهة الشرعية المعترف بها دوليًا.
- التحرك في المنظمات الدولية والإقليمية وطرح القضية في الجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي لاستصدار قرارات داعمة ترفض المشروع الأمريكي بصيغته الحالية لتبني قرار آخر يدعم السيادة الفلسطينية ويؤكد الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني بالتحرير وإنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية.
المراجع
أبي صعب، ر. 2025، نوفمبر، الآثار القانونية لإقامة إسرائيل جدار في الأراضي الفلسطينية المحتلة. اللجنة الدولية للصليب الأحمر.
مسترد من https://www.icrc.org/sites/default/files/external/doc/ar/assets/files/other/consequences-of-palastine-teritoire.pdf
بدرخان، ع. 2025، نوفمبر، قوة الاستقرار الدولية في غزة بشروط إسرائيل. العربية نت.
مسترد من https://www.alarabiya.net/politics
المسلوخي، ع، 2025، نوفمبر، المشروع الأمريكي، قوة التثبيت الدولية في غزة: احتلال جديد بثوب أممي وخرق لميثاق الأمم المتحدة، صحيفة الرأي اليوم.
مسترد من https://www.raialyoum.com
المصري، ه، 2025، نوفمبر، مسودة المشروع الأمريكي: احتلال بشرعية دولية، سما الإخبارية.
مسترد من https://samanews.ps/ar/post/611860
ميثاق الأمم المتحدة،1945، ميثاق الأمم المتحدة، نيويورك: الأمم المتحدة.
مبادئ الأمم المتحدة، 1945، المبادئ الأساسية لميثاق الأمم المتحدة،نيويورك: الأمم المتحدة.
القرارات الأممية: مجلس الأمن الدولي، الجمعية العامة للأمم المتحدة، محكمة العدل الدولية.، تواريخ مختلفة، قرارات الأمم المتحدة، نيويورك: الأمم المتحدة.
اتفاقيات جنيف، 1949 ، اتفاقيات جنيف الأربع لحماية ضحايا الحرب، جنيف: اللجنة الدولية للصليب الأحمر.
طوباسي، م. إ. 2025، نوفمبر،. مشروع القرار الأمريكي حول غزة بين الوصاية الدولية وتقويض السيادة الوطنية، وكالة معا الإخبارية.
مسترد من https://www.maannews.net/articles/2150258.html
[1] نصت المادة 1 الفقرة 2 من ميثاق الأمم المتحدة على (انماء العلاقات الودية بين الأمم على أساس احترام المبدأ الذي يقضي بالتسوية في الحقوق بين الشعوب وبأن يكون لكل منها تقرير مصيرها، وكذلك اتخاذ التدابير الأخرى الملائمة لتعزيز السلم العام).
[2] نص المادة 55 من ميثاق الأمم المتحدة على(رغبة في تهيئة دواعي الاستقرار والرفاهية الضروريين لقيام علاقات سليمة ودية بين الأمم المتحدة مؤسسة على احترام المبدأ الذي يقضي بالتسوية في الحقوق بين الشعوب وبأن يكون لكل منها تقرير مصيرها،)
[3] قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة في الجلسة 81 بتاريخ 4/دسيمبر 2000
[4] ميثاق الأمم المتحدة المادة 2 الفقرة 4
[5] الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية 19/تموز/2024 الموقع الالكتروني
https://www.icj-cij.org/node/204176
[6][6] ميثاق الأمم المتحدة المادة 2 الفقرتين 1،7 الموقع الالكتروني
https://www.un.org/ar/about-us/un-charter/full-text
[7]الآثار القانونية لإقامة إسرائيل جدار في الأراضي الفلسطينية المحتلة، الموقع الالكتروني روز ماري أبي صعب https://www.icrc.org/sites/default/files/external/doc/ar/assets/files/other/consequences-of-palastine-teritoire.pdf ،
[8] المستشار علي المسلوخي،: المشروع الأمريكي “قوة التثبيت الدولية في غزة” : احتلال جديد بثوب أممي وخرق لميثاق الأمم المتحدة،صحيفة الرأي اليوم،6/نوفمبر/2025 الموقع
https://www.raialyoum.com/
[9] مروان اميل طوباسي، مشروع القرار الأمريكي حول غزة بين الوصاية الدولية وتقويض السيادة الوطنية وكالة معا الإخبارية،4/نوفمبر/2025
https://www.maannews.net/articles/2150258.html
[10] عبد الوهاب بدرخان،قوة الاستقرار الدولية في غزة بشروط إسرائيل، العربية نت،10/نوفمبر/2025 الموقع https://www.alarabiya.net/politics/2025/11/10
[11] المرجع السابق
[12] هاني المصري، مسودة المشروع الأمريكي احتلال بشرعية دولية، سما الإخبارية،6/نوفمبر/2025 الموقع https://samanews.ps/ar/post/611860



