أقلام وأراء

د. هاني العقاد يكتب – الصمت على جريمة اسرائيل في الاقصى جريمة..!

بقلم  د. هاني العقاد  *- 11/5/2021

نسفت اسرائيل كل الآمال التي كان يفكر البعض بانها يمكن ان تكون شريك سلام مستقبلي، واثبتت انها كيان عنصري لا ينتهك القانون الدولي دون خشية من المجتمع الدولي فقط، وانما تعتدي على المقدسات وبيوت الله واولهم المسجد الاقصى وقبة الصخرة المشرفة، فتندس المقدسات  دون رادع يردعها من تكرار هذا الفعل وبالذات انها ليست المرة الاولى التي تقتحم فيها المسجد الاقصى لكنها المرة الاولي التي تجري بعد عقد اسرائيل اربع اتفاقيات مع دول عربية اسلامية وتباهيها بان العلاقة مع العرب انهت حالة الحرب مع تلك الدول.

جنون اسرائيل جاء بعد صدمة اسرائيل من استبسال شباب القدس في تصديهم للاحتلال ومستوطنية في حي الشيخ جراح وفي باب العامود وبعد توافد عشرات الالاف من الفلسطينين من كافة المدن والقرى  الفلسطينية المحتلة عام 1948 والالاف من الفلسطينين من الضفة الغربية ممن وجدوا طرقا التفافية وسافروا عبر الوديان والجبال ليصلوا للمسجد الاقصى للدفاع عنه والرباط في مساجده  ولاحياء  ليلة السابع والعشرين واقامة الصوات والشعائر الدينية  وقراءة القرآن.

الحرب التي اشعلت اسرائيل شرارتها لن تقف عند بوابات الاقصى والايام القادمة ستثبت هذا، وهي حرب من شأنها ان تفجر المشهد في كافة ارجاء الدنيا ليس فقط الارض الفلسطينية، لان حجم الجريمة كبير وجريمة اضرت كثيرا بمشاعر المسلمين في كافة ارجاء الدنيا خاصة انها تاتي في العشر الاواخر من رمضان.

ولعل هذه االحرب تستدعي من العالم كله بتشكيلاته المركزية وهيئاته الاممية اتخاذ موقف حقيقي يجرم اسرائيل على فعلتها ويحاكم قادتها واولهم “نتنياهو وقادة الشرطة والجيش” الذين ارادوا  لهذه الجريمة ان تقع بكافة  تفاصيلها وعناصرها المتكاملة.

ما قامت به اسرائيل جريمة، والصمت عليها جريمة، وهنا اشير الى الموقف العربي الرسمي والذي يعتبر صمته اشتراك في الجريمة الاسرائيلية من وراء الستار. مع اني استبعد اي رد عربي جامع  ومسؤول من مجلس جامعة الدول العربية التي تجتمع لمناقشة ما يجري في القدس سوى الشجب والاستنكار ومطالبة اسرائيل بوقف هجمتهاعلى المقدسيين والمسجد الاقصى. واستبعد ان يكون هناك موقف حقيقي يتناسب مع حجم هذه الجريمة لترتقي لمطالبة “الامارات وعمان والبحرين والسودان والمغرب ” من تمزيق اتفاقيات التطبيع مع اسرائيل ورميها في سلال القمامة والطلب من سفراء “اسرائيل بالاردن ومصر والامارات” بمغادرة البلاد فورا  لان الحدث اكبر من الاستمرار باي علاقة مع هذا الاحتلال عربيا وفلسطينيا ولم يعد هناك اي  مبرر لبقاء السفراء وبقاء الاتفاقيات بعد  هذا الاعتداء الكبير علي شرف الامة العربية ومقدساتها.

لن استثني الفلسطينيين من الرد المناسب على جريمة اسرائيل الخطيرة والكبيرة، ولابد من رد شعبي ورسمي وفصائلي يتناسب مع الحدث وخطورته ايضا فلعله يتوجب علي القيادة الفلسطينية الوقف الفوري والحقيقي بالتعامل مع كل الاتفاقيات والتفاهمات التي تربطاها باسرائيل والاعلان رسميا ان هذا الاحتلال العنصري المجرم لم يعد طرف يمكن التوصل معه لسلام يعيد المنطقة الى حالة الامن والاستقرار التي تنشهدها كافة الهيئات الاممية والقوى المركزية بالعالم، مع الاستمرار في مقاضاة هذا الكيان المحتل امام الجنايات الدولية وتجهيز ملف اقتحام المسجد الاقصى لتقديمة  لمحكمة الجنايات الدولية في اسرع وقت.

اما عن الفصائل فصمتها لا معنى له سوى انه تم شرائها بمال عربي وعليها ان تفتح نقاط اشتباك حقيقي مع هذا المحتل لتغيير الواقع وتصويب المعادلة لان اي رد فعل باهت وضعيف في ظل امتلاك المقاومة الفلسطينية الالاف الصواريخ لن يفسر باكثر من ذلك.

اما على المستوى الدولي وخاصة ان مجلس الامن سيعقد جلسة مشاورات ونقاش للوضع في القدس وانتهاكات اسرائيل المتكررة للمسجد الاقصى وتهجير الفلسطينيين قسراً من اراضيهم وبيوتهم فلا نتوقع اكثر من مطالبة لاسرائيل بضبط النفس ودعوة الطرفين لاعادة الوضع الى ما كان عليه من هدوء مع لوم خجل لانتهاك اسرائيل المسجد الاقصى واقتحام  حرماته وافراغ المصلين منه بالقوة العسكرية.. ولا اعتقد ان العالم سيتجاهل مطالبة اسرائيل باحترام قواعد القانون الدولي، لكنه لن يتخذ قرارات نافذة بتوفير الحماية للفلسطينيين المدنيين تحت الاحتلال خاصة في القدس ولن يتخذ قرارات تؤلم اسرائيل وتجبرها على احترام كافة المواثيق والقواعد الدولية وخاصة اتفاقية جنيف الرابعة.

اذا صمت العرب  على الاقل على فعلة اسرائيل فان صمتهم جريمة، واذا لم تخرج الشعوب العربية نصرة للاقصى وشعب فلسطين فاقول ان الشعوب العربية ماتت ودفنت ولن تقوم لها قائمة بعد اليوم حتى لو بلغ القمع السلطوي في العالم العربي مبلغ السيف من الرقبة. واذا لم تعرب الشعوب المسلمة عن غضبها من فعلة اسرائيل فان اسرائيل لن تتوانى بعد اليوم عن تكرار ما قامت به وسنشهد اقتحام دموي يومي للمسجد الاقصى حتى يتم تقسيمه زمانيا ومكانيا ويتم ترحيل الفلسطينيين من احيائهم داخل المدينة المقدسة.

اننا يمكن ان نتفهم جبن الحكام وانحيازهم لاسرائيل وخشيتهم من غضب ولي امرهم في تل ابيب، ونتفهم ان صمتهم له مبرر واحد انهم احرص على مصلحة اسرائيل من انتمائهم وعروبتهم، ونتفهم ان صمتهم او شجبهم الخجول لما قامت به اسرائيل خشية على عروشهم اذا ما غضب المحتل منهم. لكننا لا نتفهم صمت الشعوب وحق القدس عليها ان يغضبوا، بأي طريقة كانت وبأي شكل كان، المهم ان يغضبوا ويعبروا عن غضبهم هذا امام العالم ليعرف العالم وتعرف اسرائيل ان القدس قضية العرب، ومازالت، بالرغم من اتفاقات التطبيع المذل التي توصل اليها العرب واسرائيل وكانت على حساب الفلسطينيين وحقوقهم.

لعل العالم العربي  خاصة امام صورة واضحة لجبروت اسرائيل الذي دنس المقدسات واعتدى على العقيدة ما يستدعي ان يستفيق الحكام المطبعين من غيبوبتهم ويعودوا الى رشدهم  ويمزقوا اتفاقيات العار  على الهواء مباشرة وخاصة “اتفاقية ابرهام” والا فهم شركاء اسرائيل  في الاعتداء على الاقصى من وراء الستار..!

* كاتب فلسطيني يقيم في قطاع غزة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى