أقلام وأراء

د. هاني العقاد: هل يستطيع نتنياهو تفجير خطة ترمب لأنهاء الحرب في غزة؟

د. هاني العقاد 11-10-2025: هل يستطيع نتنياهو تفجير خطة ترمب لأنهاء الحرب في غزة؟

في حدث اعتبرته إدارة الرئيس ترمب انه تاريخي وغير مسبوق توصل الطرفان حماس وإسرائيل لاتفاق لأنهاء الحرب في غزة يبدأ بوقف اطلاق النار وذلك خلال جولة مفاوضات جديدة وغير مباشرة انطلقت بشرم الشيخ في مصر بحضور رؤساء مخابرات كل من مصر وقطر كوسطاء انضمت لهم  تركيا لتعزز الوساطة لكونها قريبة من إدارة ترمب وحماس في ذات الوقت, مفاوضات المرحلة الأولى  كانت سريعة ولم تأخذ وقتا طويلا قياسا بمفاوضات الجولات السابقة ,ففي غضون أيام قليلة تم الإعلان من قبل الرئيس ترمب ان الاتفاق قد انجز واعلن “بانه فخور بان حماس وإسرائيل قد وقعتا اتفاق المرحلة الأولي من خطته للسلام ,واعتبر هذا اليوم يوم عظيم للعالم العربي والإسلامي وإسرائيل والدول المحيطة”  . حسب خطة المرحلة الأولى من الاتفاق فان الخطوة الاولي تقضي بتسليم  حركة حماس كل ما  لديها من اسري إسرائيليين احياء بالإضافة الي كل الجثث مقابل ما يقارب 2000 اسير فلسطيني منهم أصحاب محكوميات عالية ومؤبدات وكامل النساء الاسيرات والأطفال في السجون الإسرائيلية على ان يتم ذلك بعد انسحاب الجيش الاسرائيلي من عمق المدن الفلسطينية ليعاد انتشار القوات الإسرائيلية الى ما بعد شارع صلاح الدين كمرحلة أولى من الانسحاب المجدول حسب خرائط وتواريخ زمنية محددة وبأشراف ومراقبة دولية من قبل مراقبين تكون مهمتهم تلقي المعلومات من حماس ومراقبة عملية الانسحاب وعملية تسليم الاسري الإسرائيليين وتسليم الاسري الفلسطينيين بالمقابل , وتتضمن المرحلة الاولي بالطبع توافق على فتح معبر رفح الحدودي بين غزة ومصر بالاتجاهين أولا للبضائع والمساعدات الاغاثية والمعدات المطلوبة لانتشال جثث الاسري الإسرائيليين ويليها فتحه للمسافرين بكلا الاتجاهين من والى مصر حسب الية كان قد اتفق عليها في يناير الماضي وأيضا بأشراف مصري اوربي ومشترك حتي من الجانب الفلسطيني .

المرحلة الثانية ستبدأ مباشرة بعد تسليم حماس اخر اسير إسرائيلي واخر جثة إسرائيلية والتي قد حدد لها 72 ساعة على ابعد حد من اكمال انسحاب إسرائيل للخطوط الأولية المحددة التي وسموها بالخط الأصفر الا ان الجميع يدرك ان العملية معقدة وليست سهلة وقد تأخذ وقتا أطول من المفترض وهذا قد يعيق تنفيذ باقي خطوات خطة الرئيس ترمب لأنهاء الحرب في غزة وقد يشكل نقطة يستغلها نتنياهو ان اعطي الضوء الأخضر من ترمب وخاصة انه بدا يهدد ويتوعد حركة حماس . كان يفترض ان تصادق الحكومة الإسرائيلية والكابينت الإسرائيلي على خطة الانسحاب واطلاق سراح الاسري الفلسطينيين كخطوة اولي مساء يوم الخميس الموافق 10 أكتوبر الا ان اجتماع الحكومة الإسرائيلية لم ينتهي الا بعد منتصف ليل الخميس ما يعني تأخر انسحاب جيش الاحتلال وبالتالي بدء عملية تجميع الاسري الإسرائيليين , ما نشعر به كمراقبين ان إسرائيل تتلكأ في تنفيذ بعض بنود الخطة الاولى وكأنها لا تريد لهذه الخطة ان تنجز في موعدها بالرغم من وجود المبعوث الامريكي (ويتكوف وجاريد كوشنر) في تل ابيب للدفع بسرعة انجاز خطوات المرحلة الاولي . المرحلة الاولي تمثل حالة اختبار لإسرائيل التي يبدو انه لا يروق لها حتي الان انهاء الحرب على غزة ,فاذا ما نجحت فان الدخول في المرحلة الثانية  سيكون اتوماتيكي باعتبارها المرحلة التي سوف يتم خلالها تثبيت وقف اطلاق النار والعمل على تهيئة الأجواء لتشكل لجنة لإدارة قطاع غزة والتي يأمل ان تكون لجنة تكنوقراط فلسطينية خالصة وبالتالي نشر القوات المتعددة الجنسيات على خطوط الانسحاب الجديدة التي ستنفذها القوات الإسرائيلية لتبقي في عمق محدود معين داخل أراضي القطاع وبالتالي تنتشر هذه القوات كقوات لحفظ السلام وقوات فاصلة بين الفلسطينيين والقوات الاسرائيلية الا ان نتنياهو يشترط عدم الانسحاب في هذه المرحلة الا بعد تسليم حركة حماس لسلاحها حسب ما تم الاتفاق عليه في شرم الشيخ , وهذا يعتبر مدخل خطر لنتنياهو ليعيق تنفيذ المرحلة الثانية بالتذرع بان حماس لم تقم بما تم الاتفاق عليه. 

الخشية من ان يقوم نتنياهو بتفجير الاتفاق على اثر تأخر تسليم حماس سلاحها امر وارد وللجميع الحق في ذلك لان نتنياهو له سوابق في هذا الامر فقد غدر بالفلسطينيين اثناء الاتفاق الأول لوقف اطلاق النار 17 يناير الماضي عندما حصل على بعض الاسري ولم يكمل الاتفاق وأعاد الحرب على غزة وقتل في ليلة واحدة اكثر من مائة مني فلسطيني في الخيام وبالتالي عادت الحرب بعملية (عربات جدعون) لتدمير المدمر واصدر المئات من أوامر الاخلاء للمدن الفلسطينية بما فيها خانيونس بالكامل ومناطق شرق غزة وانتقل بعد ذلك لعملية (عربات جدعون 2) التي خصصت لاحتلال مدينة غزة وتدميرها وسحق بيتها المدنية . اليوم هناك تساؤل من قبل الجميع وهذا حق للجميع فيه، هل يستطيع نتنياهو ان يفجر اتفاق وقف إطلاق النار في غزة بعد ان يحصل على ما له من أسرى إسرائيليين احياء وجثث من قطاع غزة؟؟؟ والإجابة كان قد أجاب عنها الوسطاء بأنهم تلقوا ضمانات موكدة بعدم حدوث ذلك ونقلوها لحركة حماس واكدوا ان الولايات المتحدة الامريكية هي التي تطرح هذه الضمانات والتي قد تكون مكتوبة في مرحلة لاحقة ، والحقيقة ان نتنياهو اليوم في هذه المرحلة ليس كالسابق فقد أدرك ان من ينفذ الخطة هي إدارة ترمب ومن يدفع نتنياهو للموافقة على خطوات تنفيذ مراحل الخطة هو ترمب شخصيا الذي يتابع كل خطوة من خطوات الخطة وعلى ما يبدوا ان ترمب هذه المرة يدفع بثقل ادارته الكامل لأنهاء الحرب على القطاع ولا يستطيع نتنياهو ان يغضب ترمب , واعتقد ان ترمب تعهد شخصيا امام الدول العربية والإسلامية عندما التقاهم في نيويورك على هامش اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة ال 80 الشهر الماضي. قبل يوم واحد من بدء تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار وانسحاب القوات الإسرائيلية للخطوط التي اتفق عليها في شرم الشيخ خرج ترمب بتصريحات مهمة لكنها لا تزيل كثير من التخوفات والشكوك التي تساور الفلسطينيين بان يكون الهدف من اتفاق المرحلة الأولى هو إعادة الأسري الإسرائيليين فقط وقد تعود الحرب بعد ذلك , فقد قال “انه سيتم إعادة اعمار غزة وما سيحصل سيكون رائع جدا بالنسبة للقطاع، واكد ان سلاح حماس سينزع وسيكون هناك سلام في الشرق الأوسط وسيعود الرهائن الإسرائيليين” وهنا تبدوا عقدة ما في طريق تنفيذ الخطة بانه اذا لم يتم نزع سلاح حماس بالكامل او وضع هذا السلاح بيد القوات المتعددة الجنسيات التي ستتولى الامن في غزة فاعتقد ان الاتفاق لن ينفذ وسوف يتغاضى ترمب عما سيفعله نتنياهو في اطار تحقيق هذا الهدف . الحقيقة ان هذه النقطة لم تغب عن بال الوسطاء في شرم الشيخ فقد توصل الوسطاء لاتفاق مع حركة حماس بان يبقي سلاحها الثقيل في يد من ستولي حكم القطاع وبالتالي تسليمة لمصر والقوات المتعددة الجنسيات وان تخرج حماس كليا من المشهد وتبقي لون سياسي فلسطيني ليس اكثر الا ان هذا مرهون بوجد قوة امن تتولي إدارة الامن في القطاع وترتيبات خاصة لإمكانية تسليم السلاح بعد الاتفاق على نوع السلاح وماهيته وطريقة التسليم والأهم موافقة جميع فصائل المقاومة على هذا الاجراء .

ان إمكانية تفجير نتنياهو الاتفاق واردة لكن اعتقد انه لن يستطيع هذه المرة  فعل ذلك بدون ضوء اخضر من ترمب نفسه وهذا غير وارد حتي اللحظة لان خطة ترمب عندما تم اعدادها اخذت بالاعتبار وقف الحرب وانهائها في غزة كمقدمة لتحقيق السلام الشامل في منطقة الشرق الأوسط والذي تعهد به امام الدول العربية والإسلامية عندما التقاهم وهذا ما يعني الرئيس ترمب في هذه المرحلة لأنه بالفعل شعر ان نتنياهو يسبب الضرر لكل من امريكا وإسرائيل على السواء  من خلال استمرار الحرب على غزة والتي باتت بلا هدف يمكن تحقيقه سوي التدمير والإبادة وخاصة ان استعادة الاسري الإسرائيليين واخراج حماس من الحكم في القطاع ستحققه خطة ترمب دبلوماسيا بلا شك وبموافقة حركة حماس نفسها التي ارتأت ان تعيدهم عبر الاتفاق والتفاهمات التي ستوقف الحرب والمقتلة بحق الشعب الفلسطيني و في ذات الوقت تحقق إسرائيل أهدافها  بذات الطريقة ودون ان تتسبب  في مزيد من العزلة والمنبوذية لنفسها .  

 

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى