د. هاني العقاد: هجمات عصابات المستوطنين في الضفة وجه إسرائيل الحقيقي
د. هاني العقاد 25-11-2025: هجمات عصابات المستوطنين في الضفة وجه إسرائيل الحقيقي
قد لا يحتاج وجه اسرائيل للمزيد من اعمال العربدة والمزيد من الهجمات الإرهابية الدامية على المواطنين الفلسطينيين وممتلكاتهم في كافة مناطق الضفة الغربية ليزداد بشاعة لكن هجمات المستوطنين التي تنفذها هذه العصابات الصهيونية حديثة قديمة التكوين تزيد من تفاصيلها والتي كانت غائبة عن الكثيرون في هذا العالم ممن يعتقدون ان إسرائيل تمثل وجه الديموقراطية في العالم وتحترم المواثيق الدولية والمعاهدات التي تؤمن بحق الجميع في الحياة والحق في المأكل والمسكن والامن والاستقرار ,وهذه الاعمال العدائية كشفت للعالم كما حرب الإبادة في غزة وجه اسرائيل الحقيقي الذي طالما حاولت حكومات اسرائيل المختلفة تجميله بروايات كاذبة . كل تلك الهجمات والاعمال الارهابية تأتي من خلال تشكيلات عصابية مختلفة منحتها حكومة نتنياهو الائتلافية ووفرت لها التمويل والسلاح والغطاء القانوني والأمني وتم تدريبها في معسكرات الجيش حتى ان بعض هؤلاء المستوطنين هم عناصر في وحدات في الجيش المختلفة , وهذه العصابات تعمل بمنهجية واحدة وخطط وضعت مسبقاً من قبل قادة الاستيطان واليمين المتطرف وجميعها تنفذ هجماتها بذات الأسلوب وهو شن هجمات متتالية على التجمعات الفلسطينية في قري واحياء وبلدات قريبة انطلاقا من المستوطنات الكبرى بهدف اجبار السكان الفلسطينيين على الهجرة الطوعية من تلك البلدات ليستولي عليها بعد ذلك هؤلاء القطعان ويقيموا علي انقاض بيوتها وبنيتها المدنية الفلسطينية بؤراستيطانية جديدة او يقوموا بتوسيع مستوطناتهم الكبيرة والتي باتت تشكل خطراً على الجغرافيا الفلسطينية بتقطيع اوصال المدن الفلسطينية وحرمان المواطنين الفلسطينيين من التواصل الجغرافي والاجتماعي الامن.
هجمات المستوطنين تشمل الاعتداء على المواطنين أنفسهم وحرق ممتلكاتهم وسياراتهم وتسميم مواشيهم واغنامهم كما حدث في قرية المغير منطقة ” الخلايل” شرق رام الله قبل ايام، وفي كثير من الأحيان يقوم المستوطنين بسرقة الماشية والاغنام واقتيادها الي مستوطناتهم بالإضافة للاعتداء على قاطفي الزيتون كما كل عام وسرقة زيتونتهم الذي جمعوه على مرأي ومسمع من العالم وبدعم أمنى وعملياتي من قوات الاحتلال التي في كثير من الأحيان تطلق النار على المواطنين الفلسطينيين ليس لإرهابهم وانما لقتلهم وبذلك تشارك في كل تفاصيل الجريمة. قبل أيام شنت مجموعة من المستوطنين هجوما واسعا على منشآت صناعية وزراعية قرب بلدة (بيت ليد) شرق طولكرم ما ادي الي اندلاع حرائق كبيرة واصابة عدد من المواطنين وأضرم المستوطنين النيران في عدد كبير من مركبات المواطنين داخل المنطقة الصناعية المعروفة ب ” اللدائن” من بينها أربع شاحنات تابعة لمصنع الجنيدي للألبان وما ادي لتدميرها بالكامل واعتدي المستوطنين على مزارع الابقار وقاموا بقتل ما يقارب 60 رأس من الإبقاء وجرح عدد اخر ,ولعل الهدف هذا يتعدى أمر تهجير المواطنين بل الحاق الأذى باقتصادهم وضرب منتجهم المحلي امام منتجات المستوطنين التي باتت لا تجد لها مكان في السوق المحلية الفلسطينية.
يتعدى الامر إحراق ممتلكات المواطنين الفلسطينيين ,وحرق بيوتهم و وحقولهم وسياراتهم وردم ابارهم الارتوازية الي الاعتداء بالضرب بالهراوات والآلات الحادة على المواطنين أنفسهم بخلاف إطلاق النار من أسلحة مرخصة لهم من قبل وزارة الامن الإسرائيلية التي يترأسها بن غفير صاحب مشروع تسليح المستوطنين ومنحهم الصلاحية بالقيام بمثل هذه الاعتداءات بحماية القانون الاسرائيلي وهذا ما حدث في قري مسافر يطا بالخليل عندما هاجم قطعان المستوطنين قرية خربة المركز جنوب الخليل واعتدوا على الأهالي بالضرب ما ادي الي أصابه عدد منهم بجروح ورضوض ,ولم يتوقف الامر على الاعتداء على المواطنين بل سرقة الأرض وحرثها وبذرها بل وانتزاع ملكية الاف الدنمات في الخليل والاغوار والعديد من المناطق من قبل جيش الاحتلال بحجة انها مناطق عسكرية خاصة لتدريب الجيش الإسرائيلي ومن ثم يقوم الجيش بتسليمها للمستوطنين وهذا يبين مستوي التنسيق بين عصابات المستوطنين والجيش وهذا ما كشفته كافة الاعتداءات السابقة على قري (بيتا وخربة أبو صلاح ودير علا في بيت لحم ومسافر يطا بالخليل ودير شرف وبرقة ومادما والناقورة ودوما و إحمير وعقربا وقريوت وبيتا وحواره بمحافظة نابلس وفرعتا بمحافظة قلقيلية وخربة ابزيق وخربة سمرة وبردلة وخربة المالح بمحافظة طوباس وبرقين بمحافظة سلفيت والمغير وعرب الجهالين وكوبر ووادي الخلايل وترمسعيا بمحافظة رام الله وخربة (خضر) الفارسية وبدو المعرجات بالأغوار) ,ونلاحظ من هذه القراءة ان هجمات المستوطنين الان تركز على معظم اطراف قري وخرب وبلدات محافظات نابلس بيت لحم والخليل ورام الله وسلفيت وطوباس والقدس العاصمة ومع قليل من التركز على البلدات والقري التي تقع بالأغوار وذلك لان توجهات الحكومة الحالية تهدف لتقويض التواصل الجغرافي الفلسطيني بين كافة مدن الضفة الغربية وفصل شمال الضفة عن جنوبها لأفشال أي إمكانية قيام دولة فلسطينية في المستقبل .اما قبل أكتوبر 2023 كان تركيز المستوطنين وهدفهم مناطق الاغوار الشمالي لفصلها تماما عن الضفة الغربية .مؤخرا أفاد تقرير لهيئة مقاومة الاستيطان والجدار بان المستوطنين ارتكبوا منذ بداية العام 2025 حتي حزيران ما يقارب 2153 اعتداء على المواطنين الفلسطينيين وممتلكاتهم واراضيهم منه 662 اعتداء على ممتلكات المواطنين الفلسطينيين و522 اعتداء على المواطنين و455 اعتداء على المزروعات و 361 اعتداء على الأراضي بالإضافة الى اعتداءات متنوعة بلغت 153 اعتداء وبلغت ذروة الاعتداءات في شهر حزيران الماضي حيث بلغت 537 اعتداء بفارق كبير عن أيار الذي بلغ فيه اعتداءات المستوطنين 415 اعتداء .
ان اعتداءات المستوطنين اليوم أصبحت حالة يومية منظمة وموجهة تنفذها عصابات معروفة الهوية وتعمل في وضح النهار وبحماية الحكومة الإسرائيلية التي لا تكلف نفسها حتي أبعاد المستوطنين وهذه العصابات عن طرق فرق الإسعاف والمطافئ الفلسطينية بعد تنفيذ هذه العصابات هجماتها كما وان جهاز الامن الداخلي الذي يتولى توجيهيه وزير الامن الداخلي لدية تعليمات بعدم تسجيل أي قضية اعتداء او قبول أي شكوي من طرف فلسطيني يتهم فيها هؤلاء المستوطنين بشن هجمات عنيفة ضد المدنيين الفلسطينيين الذين هم الان بلا حماية لا من قبل المجتمع الدولي ولا من قبل أي مؤسسة او جهة تختص بذلك ,لذا فأننا الان نتوقع ان تكون الأشهر القادمة اشهر دامية وقد تزاد وتيرة عنف هؤلاء المستوطنين في الفترة القادمة حتي ان هذه العصابات ومنها ما يطلق عليه (شبيبة التلال) تحاول إيجاد تكتل لها داخل الأحزاب اليمينة الصهيونية ومنها الليكود في محاولة للسيطرة الكاملة على هذه الأحزاب بالأعضاء وقد وزع تنظيم (شبيبة التلال) منشور داخلي يؤكد ان التنظيم سوف يرشح مندوبين لعضوية المجلس المركزي لليكود في فرع بنيامين ( التسمية التي تطلق على المستوطنات في منطقة رام الله وضواحيها ووسط الضفة الغربية) .
علي ما يبدو ان حكومة نتنياهو تمنح التنظيمات الإرهابية للمستوطنين أدوار بديلة لأدوار الحكومة في سياسة باتت مفهومة للسعي نحو ضم الضفة الغربية بشكل غير رسمي وفرض سيطرة واسعة على معظم التجمعات الفلسطينية وذلك بعدما ان اعاقت الولايات المتحدة مشروع قرار في الكنيست لضم فعلي للضفة الغربية ,ولعل اقدام حكومة الاحتلال على منح المستوطنين صلاحيات قوة غير رسمية تعمل خارج القانون تهدف بالدرجة الاولى لضم أراضي واسعة من الضفة الغربية ولتفادي الانتقاد الدولي الواسع لضم الضفة بشكل رسمي لأن الضم هذا يعتبر في القانون الدولي من أخطر الانتهاكات الصارخة. ان هذا الانتهاك الصارخ للقانون الدولي والعبث باتفاقيات جنيف الأربع يتطلب من المجتمع الدولي التدخل الفوري والضغط على حكومة اسرائيل لتوقف عنف المستوطنين وتغلق الأضواء الخضراء الممنوحة لهم ليحرقوا ويقتلوا ويدمروا ويصادروا ويفعلوا وكأنهم الحكومة الفعلية لانهم الوجه الحقيقي للدولة العبرية وسيطرتهم على الأرض في الضفة الغربية هو من اهم عناصر فرض السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية وهذا من شانه ان يدمر أي محاولات تسعي اليها الأطراف الدولية لحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي بل ومن ناحية اخري يؤجج الصراع ويزيد الكراهية ويمهد لدائرة عنف لا تنتهي في الضفة الغربية.



