أقلام وأراء

د. هاني العقاد: المرحلة الثانية لأنهاء الحرب في غزة  بين التعطيل الإسرائيلي والدفع الأمريكي

د. هاني العقاد 7-12-2025: المرحلة الثانية لأنهاء الحرب في غزة  بين التعطيل الإسرائيلي والدفع الأمريكي

يلتف بعض الغموض المرحلة الثانية من اتفاق انهاء الحرب على غزة وخاصة انه لا يوجد وقت محدد لبدئها حسب الاتفاق الذي  تم توقيعه في احتفال كبير بشرم الشيخ أكتوبر الماضي  بحضور عدد كبير من رؤساء و زعماء العالم  ,وبالرغم من مضي ما يقارب الشهرين على بدء المرحلة الاولي من الاتفاق وهي مرحلة تسليم الاسري الإسرائيليين الاحياء والأموات ,الا ان مسألة بدء المرحلة الثانية تراوح مكانها حتي ان بعض بنود المرحلة الاولي لم تنتهي وأهمها فتح معبر رفح في الاتجاهين للمغادرين من قطاع غزة والقادمين اليه , تحاول الولايات المتحدة الدفع قدما بين الفينة والأخرى بالأطراف لتحقيق تنازلات ما لبدء المرحلة الثانية في ظل تعطيل اسرائيلي حقيقي وواضح وعدم رغبة اسرائيلية في التقدم نحو استكمال باقي نقاط الاتفاق يأتي تعطيل اسرائيل للمرحلة الثانية أولا من باب عدم احترام وقف اطلاق النار باستمرار اسرائيل في تنفيذ عمليات نسف المباني والمنشئات والطرق والمدارس والمستشفيات وتدمير البنية التحتية والزراعية فيما يسمي مناطق  الخط الأصفر  مدعية ان لديها ضمانات باستمرار العمل العسكري في تلك المناطق من إدارة ترمب تحت ذرائع محاربة الإرهاب وتدمير بني تحتية لحماس وهي في الحقيقة تنفذ مخطط سحق البنية المدنية في تلك المناطق ليس انتقاما من الفلسطينيين وانما استكمال لمخطط التغير الجغرافي والديموغرافي للقطاع, والملاحظ خلال هذه المرحلة أي المرحلة الاولي ان اسرائيل استمرت في الحرب على غزة بوتيرة اقل دموية من ما قبل وقف اطلاق النار لكنها لم توقف القتل والقصف وشن هجمات بالطائرات على مختلف المناطق موقعة اكثر من اربعمائة شهيد والف اصابه.

اقتربت حماس من الانتهاء من تسليم كافة ما لديها من جثث ولم يتبقي الا جثة جندي واحد والبحث برفقة الطواقم المصرية يجري على قدم وساق لطي هذا الملف في الوقت الذي بدأت الولايات المتحدة تدرك ان اسرائيل تعطل التقدم نحو المرحلة الثانية من الاتفاق وهي جوهر الاتفاق  وتسعي لبدء المرحلة الثانية حتي لو تبق الجثة الأخيرة في غزة لأنها تدرك ان هذا التأخير قد يهدد بتفجير الاتفاق برمته  لذلك يسعي ترمب وفريقه لإنجاز  ما في المرحلة الثانية والبدء بتنفيذ بنودها  وهي المرحلة التي يمكن ان تحقق تغيراً في واقع الفلسطينيين الذين يعيشونه وتسمح بإدخال المزيد من المساعدات وأدوات الايواء من خيام وكرافانات وبدء إعادة الاعمار في كافة مناطق القطاع وليس حسب الخطة الإسرائيلية في رفح او ما وراء الخط الأصفر فقط. موقع اكسيوس الأمريكي  كشف عن مسؤول امريكي كبير قوله ان الرئيس ترمب سيعلن منتصف الشهر الحالي عن تفاصيل المرحلة الثانية وتركيبة مجلس السلام والقوة الدولية واللجنة التي ستدير قطاع غزة وأضاف الموقع  ان الإدارة الامريكية تعكف الان في هذه المرحلة على وضع اللمسات الأخيرة لهيكل حكومة غزة الجديدة وأضاف ان إسرائيل سوف تنسحب من مناطق إضافية في القطاع, وكشف الموقع ان حماس ستترك حكم القطاع  وستبدأ علمية نزع سلاحها على ابعد حد خلال أعياد الميلاد, وقال الموقع ان مجلس السلام برئاسة الرئيس ترمب سيتولى قيادة الهيكل الإداري في غزة فيما تعمل واشنطن والوسطاء على توفير متطلبات انجاز اتفاق المرحلة الثانية من الخطة.

 قبل أيام أعلنت إدارة ترمب ان ترمب سوف يستقبل نتنياهو في البيت الابيض بحدود 28 من ديسمبر الحالي لبحث ترتيبات بدء المرحلة الثانية من خطة انهاء الحرب على غزة وبالطبع قد يكون اللقاء الأخير قبل ان يعتزل نتنياهو الحياة السياسية وذهاب اسرائيل لانتخابات كنيست مبكرة حسب الكثير من التوقعات سواء حصل نتنياهو على العفو او لم يحصل واللقاء بالأساس مخصص لمناقشة بدء المرحلة الثانية و الدفع  قدما باتجاه تنفيذ اسرائيل بنودها وخطواتها دون اعاقات  , ويتوقع ان يعلن ترمب عن بدء المرحلة الثانية من الاتفاق في ذلك الوقت وبحضور نتنياهو  وخاصة مجلس السلام وبدء انتشار قوات الاستقرار الدولي  في غزة وبدء عمل لجنة الحكم في القطاع وانتشار افراد الشرطة الفلسطينية والأجهزة الأمنية المختلفة. ترمب يحرص كل فترة على اجراء مراسيم خاصة بتنفيذ مراحل خطته وكأنه يريد ان يذكر العالم بانه رجل لا يسعي الا للسلام في هذا العالم وكأنه “بابا السلام” وباعث الحرية للشعوب المضطهدة الا ان الحقيقة قد تكون غير ذلك تماما إذا ما اخذنا بالاعتبار الانحياز الفاضح لإسرائيل وامدادها  بألف طائرة محملة بالذخائر والسلاح خلال الحرب. الحقيقة ان ترمب يسعي لتحقيق السلام العالمي لكن بفلسفة أمريكية غريبة هذه الفلسفة لا تساوي بين الشعوب ولا تكترث بحقوق متساوية في كثير من الحالات ففي الشأن الفلسطيني لازال ترمب يتغاضى عن كثير من الاعمال الدموية للاحتلال الاسرائيلي في القطاع ولا زال يتغاضى عن الكثير من هجمات المستوطنين الإسرائيليين على المدنيين في القري الفلسطينية بالضفة الغربية.

ان التعطيل الإسرائيلي لاتفاق انهاء الحرب علي غزة بات واضحا لان اسرائيل تخلق ازمة وتوجد مشكلة في كل خطوة من خطوات الاتفاق وكأنها لا ترغب في انهاء الحرب بالكامل على غزة ويعجبها بقاء غاراتها الجوية وهدم المباني ونسفها وتفجير الريبوتات التي عادت هذه الأيام في مناطق شرق غزة و للأسف تحاول اسرائيل ان توحي للعالم انها تحارب جيش مازال يعمل في تلك المناطق الخاضعة لسيطرتها وهي تدمر بني تحتية لحماس وفصائل المقاومة الفلسطينية لكن الحقيقة غير ذلك تماما ,اسرائيل تواصل تدمير البنية المدنية في القطاع دون ان تحترم اتفاق ولا تحترم قانون دولي ولا تلتزم باتفاق وقف اطلاق النار. الولايات المتحدة تدرك ان اسرائيل تضع العراقيل امام مراحل الاتفاق وبنود كل مرحلة وتريد اطالة امد كل مرحلة  حتي تتمكن من تنفيذ مخططاتها الخبيثة واخر هذه المعيقات هو الاعتراض على فتح عبر رفح في الاتجاهين والسعي لفتحة فقط لمن يريد ان يغادر القطاع الى الخارج ويبدو ان مصر والأطراف الإقليمية من الوسطاء وتركيا تدرك ان اسرائيل غير معنية بتسريع تنفيذ الاتفاق والانتهاء من مراحله. لم تكتفي اسرائيل بإعاقة تنفيذ المرحلة الاولي بل انها تضع عراقيل أيضا في كثير من نقاط وخطوات المرحلة الثانية واهمها الاعتراض على قوة الاستقرار الدولي ومشاركة تركيا بالذات في هذه القوة وكان لها الحق في الموافقة على من يشارك في القوات ومن لا يشارك مقوضه بذلك اهم أسس الاتفاق الذي يعطي هذا الحق فقط للأطراف الضامنين والوسطاء , كما وستجعل من نزع سلاح حماس ام العقبات وقد لا توافق على نشر قوة الاستقرار قبل ان تضمن حدوث ذلك مع ان هناك اتفاق مسبق بان تسلم حماس سلاحها الثقيل لجهة حيادية كمصر او قطر .

الواضح من سلوك اسرائيل خلال ما يقارب الشهرين من عمر الاتفاق ان اسرائيل ستعيق تنفيذ كل خطة وقد تعطل المرحلة الثانية بكثير من الذرائع الي لا تصب في صالح الحفاظ على خطة ترمب وعدم انهيارها وهنا يأتي دور المسعي الأمريكي وفريق ترمب للسعي لمنع اسرائيل من اختلاق الذرائع واعاقة تنفيذ المرحلة الثانية بكامل خطواتها بسلاسة ومتابعة جيدة  لكافة الخطوات التي تتضمنها المرحلة الثانية وبالتالي إيلاء دور مركزي وحيوي لمركز التنسيق المدني الامريكي على ان يعمل بحيادية تامه ويمنع استمرار القتل اليومي من قبل اسرائيل ويوقف  الاعتداءات اليومية على البني التحتية بما فيها العبث بخطوط انسحاب القوات الإسرائيلية وتأخير عمليات الانسحاب  أي إعاقة عودة الفلسطينيين لحياتهم على ارضهم وبجانب بيوتهم التي هدمتها آلة الحرب الإسرائيلية وتقديم كل  اشكال العون والمساعدة ليتعافى السكان من ويلات هذه الحرب واثارها ,كما وتسمح اسرائيل للمنظمات الدولية بالعمل في غزة دون تدخل ودون معيقات وتساعدها على تقديم الخدمات الاغاثية للناس بما فيها الايواء المناسب والامن الي حين إعادة اعمار بيوتهم التي هدمتها آلة الحرب الإسرائيلية.

 

مركز الناطور للدراسات والابحاثFacebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى