أقلام وأراء

د. غازي حمد يكتب – موقفي من قرار الحركة بالموافقة على الانتخابات

بقلم د. غازي حمد

انني اطرح رأيي هذا من باب الحب والحرص والنصيحة للحركة , ومن باب الخوف عليها من الانزلاق الى خيارات ومسارات غير مضمونة تحرفها عن خطها الكفاحي الاصلي.

ان القرار الذي اتخذته الحركة بالموافقة على اجراء الانتخابات كمخرج من الازمة الوطنية مجانب للصواب , وذلك للاسباب التالية : 

1-  ان هذا يخالف ما تنتهجه الحركة من انها حركة تحرر وطني ونهج كفاحي وثوري , ويدفعها الى الولوج في مسالك وخيارات تغرقها في مشاكل السلطة التي قامت على اساس خاطيء , بل وارجعت المشروع الوطني التحرري الى الوراء عشرات السنين , ومنحت دولة الاحتلال فرصة لتنفيذ كل مشاريعها الاحتلالية والاستيطانية بدون أي خوف او تهديد .كما انه يمنح نوعا من تعزيز برنامج ابو مازن وتوجهه السياسي

2- ان ما يبحث عنه ابو مازن هو اضفاء شرعية على نظامه السياسي , وليس لاصلاح الحالة الوطنية ومعالجة المشاكل الجذرية التي تعصف بالمشروع الوطني وتهدد القضية وتعرضها للتصفية , فيما تبحث الحركة في المقابل عن تصويب البوصلة الوطنية ومنع الانحراف بها الى مسارات اخرى

3-  ان هذا مخالف لكل ما كانت تنتهجه الحركة وتطلبه وتشترطه في السابق , من طلب الالتزام بالمصالحة الشاملة , ومن اشتراط رفع العقوبات عن غزة , ومن طلب البدء بانتخابات المجلس الوطني ومنظمة التحرير , ومن التزامن في الانتخابات. كل هذا كانت الحركة تشترطه كأساس لمعالجة الحالة الوطنية لكنها تخلت عته الحركة وتراجعت ,  وقبلت بالشروط التي طلبها ابو مازن ولم يتراجع عنها قيد انملة طوال سنوات .

4- للاسف ان القرار يدل على ان الحركة لم تنجح في فرض اجندتها ومطالبها التي نادت بها طوال سنوات طويلة, واضطرت لان تقبل  ما تطرحه حركة فتح سواء في موضوع المصالحة او الانتخابات. ان  هذا يعطي مؤشر خطير جدا ينبغي للحركة ان تنتبه له  لانه قد يجر الحركة الى مسارات لا ترغب بها,  وتمنح ابو مازن وحركة فتح القدرة على التحكم في دفة المسار الوطني 

5- ان الانتخابات تعني بالضرورة بقاء السلطة وبرنامجها السياسي والامني على ما هو عليه بالرغم من ان الحركة كانت دوما تطالب بالغاء اتفاق اوسلو ووقف التنسيق الامني , وشاركت في اجتماعات المجلس الوطني وغيره من الاجتماعات دون ان يتحقق من ذلك شيء

6- ان الولوج في الانتخابات دون تهيئة وتوطئة سياسية ووطنية ودون معالجة الخلافات القائمة في قطاع غزة على وجه الخصوص  سيجر الحالة الفلسطينية  الى وضع أسوأ واشد تعقيدا , في ظل الخلافات السياسية القائمة  وفي ظل تجذر الانقسام وفي ظل غياب رؤية مشتركة لاصلاح الحالة الوطنية , وفي ظل تمسك ابو مازن ببرنامجه السياسي الفاشل والمعتمد على سلام موهوم مع الاحتلال

7-  ان اجراء الانتخابات يعني استهلاك الوقت والجهد والطاقة في انشاء هياكل فارغة من المضمون والبرنامج الوطني – برنامج التحرر- الذي اعتمدته الحركة في مواجهة الاحتلال , وسيغرق الحركة في مشاكل وقضايا سلطوية  تحرف جهودها عن تركيز العمل في مواجهة الاحتلال وترسيخ المقاومة وتعزيز المفاهيم الصحيحة للكفاح الوطني

8- ان التجربة التي لازمت الحركة أكدت لها ان ابو مازن لم يف بكثير من وعوده , ولم يكن يقبل ان بالحوار وطني  شامل , ولم يقبل بأي تراجع عن مواقفه السياسية , وكان من المفترض وضع ضمانات والتزامات مكتوبة

9- ان الحركة بحاجة الى مراجعة حقيقية وجوهرية في المسار الذي تنتهجه في الشأن الوطني بعد الزلازل التي ضربت اطاب المشروع الوطني وفتحت باب التطبيع ومنحت دولة الاحتلال الكثير من عوامل القوة لتنفيذ مخططاتها وضرب عرض الحائط بالهيبة الفلسطينية وقدرتها على ازعاج الاحتلال . انني اخشى ان تنساق الحركة وراء هذه الخيارات الموهومة, كما انساقت وراءها طوال ال 14 سنة الماضية , ثم تجد نفسها مقيدة في برنامجها الوطني التحرري وغير قادرة على فرض اجندتها الوطنية .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى