د. عوض سليمية: قمة منظمة شنغهاي للتعاون 2025: تعزيز الشراكة نحو عالم متعدد الاقطاب بعيداً عن نمط التفكير الغربي

د. عوض سليمية 10-9-2025: قمة منظمة شنغهاي للتعاون 2025: تعزيز الشراكة نحو عالم متعدد الاقطاب بعيداً عن نمط التفكير الغربي
الملخص

يتناول الباحث في هذه الورقة وقائع قمة منظمة شنغهاي للتعاون، التي عقدت اجتماعاتها في مدينة تيانجين الصينية خلال الفترة من 31 آب/ أغسطس إلى 1 أيلول/سبتمبر 2025، وناقش فيها الزعماء قضايا جوهرية تعكس التحولات الجيوسياسية العالمية. من بينها، السعي الفعال لتأسيس نظام دولي جديد يستند إلى المبادئ والمقاصد التي قامت عليها الأمم المتحدة؛ وتجاوز سياسات النظام الحالي القائم على القواعد الأمريكية. وسلط الباحث الضوء أيضاً، على ردود الأفعال الغربية وحالة الاستياء التي أظهرها الرئيس ترامب لتزامن الحدث مع مشاهد دفء العلاقة التي ظهرت بين قادة دول آسيا المحورية، شيء، بوتين، كيم ومودي. توصل الباحث إلى جملة من الاستنتاجات، أبرزها؛ أن العالم يشهد تحولاً في مركز قوته نحو آسيا. هناك نوايا جادة بين الزعماء لتعزيز مفهوم الشراكة القائمة على المصالح المتبادلة وسيادة العدالة الدولية. التوجه السائد يركز على تجاوز نمط التفكير الغربي الاستعماري وعقيدة “أمريكا أولاً”. المطلوب من الدول الأوروبية العمل على إنهاء التبعية لسياسات واشنطن وإلا ستكون منطقة اليورو خارج التحديث الدولي وتواجه خطر الانهيار السياسي والاقتصادي. وعلى الرغم من أن تقييم نتائج هذه القمة لا يزال مُبكراً، إلا أن العرض العسكري الضخم الذي نظمته بكين، يرسل إشارات جادة تؤكد الاستمرار في التحضيرات اللازمة لما تراه بكين مواجهة حتمية قادمة مع واشنطن، في حال استمرت الإدارة الأمريكية في مسار السياسات المعادية لها. كما أظهرت القمة حياد مائل لصالح موسكو في حربها مع أوكراني.
من ناحية أخرى، وعلى الرغم من عدم تناول القمة للقضية الفلسطينية بشكل مباشر، إلا أن بيان تيانجين 2025 يعكس توجهًا نحو تأسيس نظام دولي أكثر توازنًا يدعم حقوق الشعوب في تقرير مصيرها. هذا التوجه يخدم القضية الفلسطينية في المحافل والمؤسسات الدولية، ويجهض المخططات الأمريكية-الإسرائيلية الهادفة إلى تهجير الفلسطينيين والسيطرة على أرضهم بالقوة.
الكلمات المفتاحية:
قمة تيانجين 2025. تحالف قوى الجنوب العالمي. التقارب الصيني الهندي. الانزياح نحو الشرق. روسيا، كوريا الشمالية.
Abstract
In this paper, the researcher discusses the proceedings of the Shanghai Cooperation Organization summit, held in Tianjin, China, from 31Aug. to 1Sep. 2025, where leaders addressed fundamental issues reflecting global geopolitical shifts. These included the active pursuit of a new international order based on the principles and purposes of the UN, and moving beyond the current US-led system. The researcher also highlighted Western reactions and the discontent expressed by President Trump at the coincidence of the event with scenes of warmth in the relationship that emerged between the leaders of the pivotal Asian countries, Xi, Putin, Kim, and Modi. The researcher reached a number of conclusions, most notably that the world is witnessing a shift in its center of power toward Asia. There are serious intentions among leaders to promote the concept of partnership based on mutual interests and the rule of international justice. The prevailing trend focuses on moving beyond Western colonial thinking and the “America First” doctrine. European countries are required to work towards ending their dependence on Washington’s policies; otherwise, the eurozone will be left out of international modernization and face the risk of political and economic collapse. Although it is still too early to assess the results of this summit, the massive military parade organized by Beijing sends serious signals confirming the continuation of preparations for what Beijing sees as an inevitable confrontation with Washington if the US administration continues on its current course of hostile policies. The summit also showed a bias in favor of Moscow in its war with Ukraine.
On the other hand, although the summit did not directly address the Palestinian issue, the Tianjin 2025 statement reflects a move toward establishing a more balanced international system that supports the rights of peoples to self-determination. This trend serves the Palestinian cause in international forums and institutions and thwarts US-Israeli plans aimed at displacing Palestinians and controlling their land by force.
Keywords: Tianjin 2025 Summit, Global South Alliance, China-India rapprochement, shift towards the East, Russia, North Korea.
المقدمة
منذ تأسيسها في الصين عام 2001، توسعت منظمة شنغهاي للتعاون من منظمة إقليمية تضم ستة أعضاء إلى منظمة عابرة للأقاليم تضم 10 أعضاء وبلدين مراقبين و14 شريكًا في الحوار. على مر السنين، عمقت الدول الاعضاء التضامن والثقة المتبادلة، وعززت التعاون الأمني بنتائج ملموسة، ودفعت بالتنمية المتكاملة لصالح جميع الأطراف، وعززت التبادلات الثقافية والشعبية، ووسعت نفوذها وجاذبيتها، وأصبح تعاونها يغطي أكثر من 50 مجالاً تنموياً وسياسياً، وبلغ ناتجها الاقتصادي الاجمالي ما قيمته 30 تريليون دولار امريكي [[1]]. تغطي المنظمة الان حوالي 24٪ من مساحة اليابسة العالمية و50% من سكان العالم تقريباً، وتشارك الدول الأعضاء العشرة بحوالي 25% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي [[2]]. في وقت يشهد العالم الكثير من الاضطرابات وحالة من عدم اليقين، اظهرت منظمة شنغهاي للتعاون تماسكاً وقدرةً على تعزيز التعاون بخطوات واثقة، وواصلت العمل التعاوني بروح شنغهاي.
يجادل الباحث في هذه الورقة أن تكتل القوى العظمى في آسيا، الى جانب الدول الناشئة في الجنوب العالمي، المنضوية تحت منظمة شنغهاي للتعاون، وعلى الرغم من عدم تطابق مصالحها بشكل كامل، إلا أنها مصممة على بناء نظام عالمي جديد يرتكز على المبادئ والأهداف التي تأسست عليها الأمم المتحدة، ويتجاوز النموذج الغربي القائم على الهيمنة الأمريكية. وأن الصورة التي جمعت القادة النوويين الأربعة: الصيني، الروسي، الهندي، والكوري الشمالي الى جانب العرض العسكري الضخم الذي نظمته بكين، تُعد مؤشرات واضحة على فهم وتفسير مسارات الديناميكيات الجديدة التي تسعى لإعادة تشكيل النظام الدولي بما يتماشى ومصالح هذه الدول.
احداث القمة
قمة عائلة شنغهاي الخامسة والعشرين لهذا العام2025 عقدت اجتماعها الاضخم للمرة الخامسة في الصين، في مدينة تيانجين خلال الفترة من 31 آب/أغسطس – 1 ايلول/سبتمبر، وسط حضور أكثر من 20 رئيس دولة ورؤساء أكثر من 10 منظمات دولية عاملة في كافة القطاعات التنموية، لاستعراض الانجازات السابقة ورسم السياسات المستقبلية [[3]]. في تيانجين، احتلت قضايا التكامل الاقتصادي والتنسيق الدبلوماسي مكانة بارزة على جدول الأعمال، تماماً مثل القضايا الأمنية التقليدية، مما يعكس توسع نطاق الاختصاصات ليشمل الآن مبادرات التجارة والبنية التحتية والمالية بين الدول الأعضاء. وتسعى الصين دائمًا إلى مواءمة تنميتها مع تنمية منظمة شنغهاي للتعاون وتطلعات شعوب الدول الأعضاء إلى حياة أفضل. وحتى الآن، تجاوز حجم استثمارات الصين في منظمة شنغهاي للتعاون 84 مليار دولار أمريكي، وتجاوز حجم التجارة الثنائية السنوية مع الدول الأعضاء الأخرى في المنظمة 500 مليار دولار أمريكي [[4]].
شي ومبادرة الحوكمة العالمية
في أواخر أغسطس 2025، تحولت مدينة تيانجين الساحلية الشمالية في الصين إلى مركز للدبلوماسية العالمية، استقبل الرئيس شي جين بينغ أكثر من عشرين زعيماً عالمياً لحضور قمة منظمة شنغهاي للتعاون (SCO) التي كانت موضع ترقب كبير. وكان من بين الحاضرين الرئيس الروسي بوتين ورئيس الوزراء الهندي مودي، اللذان أكدا بأدوارهما أهمية هذا الاجتماع. وبوجود هذه القوى الكبرى إلى جانبه، استغل شي فنون الحكم والروعة العسكرية والرمزية التاريخية لإبراز النفوذ المتزايد للصين على الساحة العالمية. وأرسلت القمة – التي أعقبها استعراض عسكري ضخم في بكين رسالة واضحة مفادها أن مجموعة ناشئة من دول الجنوب العالمي تتحالف لتشكيل نظام عالمي جديد متعدد الأقطاب، لا يتمحور حول واشنطن أو الغرب [[5]].
في كلمته امام مجلس رؤساء المنظمة، دعا الرئيس الصيني شي اعضاء المنظمة للمضي قدماً بروح شنغهاي بخطوات حازمة نحو المستقبل وسط عالم مليء بالتحديات والتغيرات. وأطلق شي في خطابه “مبادرة الحوكمة العالمية” [[6]]، داعيًا الدول إلى العمل بتناغم من أجل نظام حوكمة عالمي أكثر عدلاً وإنصافًا. هذه الرؤية، تُعد المبادرة العالمية الرابعة البارزة التي اقترحها شي على مدار السنوات القليلة الماضية، بعد مبادرة التنمية العالمية، ومبادرة الأمن العالمي، ومبادرة الحضارة العالمية. في مبادرته الاخيرة حدد شي خمسة مبادئ تقوم عليها الحوكمة العالمية:
- المساواة في السيادة
- سيادة القانون الدولي
- ممارسة التعددية -عالم متعدد الاقطاب و/أو الاطراف
- الدعوة إلى نهج يركز على الإنسان، و
- التركيز على اتخاذ إجراءات عملية لمنع تأخر نظام الحوكمة أو تجزئته.
في انتقادٍ علنيٍ وصريح للسياسات الامريكية [[7]] كشف شي ان سياسة “الهيمنة الامريكية” وفرض “القوة” والممارسات الاحادية، تفرض على الشركاء في المنظمة اتخاذ موقف واضح للتصدي لهذه السياسات وممارسة “تعددية حقيقية”، وفي إشارة موجهة نحو واشنطن، انتقد شي ما وصفه بــ “عقلية الحرب الباردة والهيمنة والحمائية- التنمر، التي لا تزال تُطارد العالم”، ويرى شي، أن هذا النمط من التفكير التقليدي “دفع العالم نحو مزيد من الفوضى” وأسس لغياب سيادة القانون الدولي والغاء دور ومبادئ ومقاصد الامم المتحدة. لذلك شدد شي على اهمية “وجود وصيانة وترسيخ عمل مؤسسة الامم المتحدة”، وضمان “دورها المحوري الذي لا غنى عنه في الحوكمة العالمية”. كما دافع شي عن الانسان، وتحدث نيابة عن الدول الصغيرة والفقيرة، مؤكداً على اهمية دور كل دولة على هذا الكوكب بغض النظر عن حجمها او مواردها، “أن جميع الدول، بغض النظر عن حجمها وقوتها وثروتها، تُشارك على قدم المساواة في صنع القرار”. وانتقد سياسة “المعايير المزدوجة” والكيل بمكيالين في تطبيق القانون الدولي ومخاطر العدالة الانتقائية على حالة عدم الاستقرار في العالم.
رسائل الرئيس شي وصلت مباشرة لبريد البيت الابيض، الذي راقب زعيمه ترامب العرض العسكري الضخم وغير المسبوق من مكتبه البيضاوي؛ مفادها، ان نظام القطب الواحد الذي ساد منذ انتهاء الحرب الباردة العام 1991 أصبح من الماضي أو يكاد؛ بإعتباره نظاماً قائماً على ترسيخ ازدواجية المعايير وتغييب العدالة الدولية. هذا النظام القائم على القواعد الامريكية وعقيدة “أمريكا أولاً” وسياسة “فرض السلام بالقوة” التي تعتنقها إدارة ترامب، لم تعد مقبولة للغالبة العظمى من دول العالم على الاقل دول الجنوب العالمي. ولذلك، تبذل الصين وشركاؤها الاستراتيجيون في منطقة آسيا بمن فيهم كل من روسيا، كوريا الشمالية والهند الى جانب العديد من الدول الاعضاء في منظمة شنغهاي ومجموعة بريكس+، مزيداً من الجهود لتثبيت حقائق جديدة نحو عالم متعدد الاقطاب كأمرٍ واقعي وليس مجرد امنيات أو شعارات.
ضمن هذا الإطار، علق المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية قوه جياكون على مبادرة الحوكمة التي طرحها الرئيس شي قائلاً؛ أن “المبادرة هي استجابة لآمال الشعوب في جميع أنحاء العالم وتوفر ما يحتاجه العالم بشكل عاجل”. مضيفاً، “تحدد المفاهيم الخمسة الأساسية لمبادرة الحوكمة العالمية، المبادئ والأساليب والطرق اللازمة لإصلاح وتحسين الحوكمة العالمية. المساواة في السيادة هي الفرضية الأساسية للحوكمة العالمية. سيادة القانون الدولي هي الضمانة الأساسية. والتعددية هي المسار الأساسي. والنهج المتمركز حول الإنسان هو القيمة الأساسية، واتخاذ إجراءات حقيقية هو مبدأ مهم”. وهي “تتوافق مع طموحات جميع اعضاء المنظمة وتتطابق تماماً مع مقاصد ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة” [[8]].
من ناحيته، يرى جاك بيري، رئيس مجموعة 48 في لندن، ان مبادرة الرئيس شي للحوكمة العالمية تأتي في الوقت المناسب، حيث تقدم حكمة وحلول جديدة لتحسين الحوكمة العالمية وتستحق اهتمام العالم الوثيق. وأضاف أن مجموعة 48، بصفتها مروّجًا قديمًا للتجارة الصينية البريطانية، تدرك جيدًا أن الصين كانت دائمًا في طليعة الدول التي تدعم التعددية وتحافظ على مستوى عالٍ من الانفتاح [[9]]. من الناحية الجيوسياسية، كان هذا الأسبوع بمثابة وليمة حقيقية. كتب كوبس فان ستادن [[10]]، المحلل في مشروع الصين والجنوب العالمي، فقدمت القمة على الأقل مجموعتين من الصور التي تبدو وكأنها تجسد لحظات تاريخية، وستبقى في ويكيبيديا التاريخية كرمز مختصر لما كان عليه العالم في عام 2025. الأولى هي؛ موجات الجنود المتزامنة بشكل غريب مع مجموعة مذهلة من الأسلحة عالية التقنية التي تنزلق على طول شارع تشانغآن في بكين. والثانية هي؛ الصور التي أصبحت أيقونة على الفور للرئيس الصيني شي وهو يضحك مع الرئيس الروسي بوتين والرئيس الهندي مودي، والأخيران يمشيان جنبًا إلى جنب في قمة منظمة شنغهاي للتعاون في تيانجين.
حضور الرئيسين الروسي بوتين والكوري الشمالي كيم إلى بكين ولقائهما بالرئيس الصيني شي أمر مألوف، وهي خطوة استراتيجية تُظهر عمق وطبيعة مسار العلاقات الدولية الجديدة- والتي تطورت سياسياً وعسكرياً واقتصادياً؛ بشكل استثنائي بين الرفاق منذ إطلاق شرارة الحرب الروسية الاوكرانية في فبراير/ شباط 2022، باعتبارهما قوى عالمية تتشارك نفس التوجهات الساعية الى إعادة تشكيل النظام الدولي بعيداً عن الهيمنة الامريكية ونظام القطب الواحد غير العادل. هذا التحالف اللامحدود يتجسد بوضوح من خلال التعاون القائم في إطار مجموعة بريكس BRICS+ ومنظمة شنغهاي للتعاون SCO، واتفاقيات التعاون الاستراتيجي الثنائية الموقعة بين الاطراف.
ما هو غير مألوف؛ كان حضور رئيس الوزراء الهندي مودي والذي واجهت بلاده توترات حدودية متكررة مع الجارة بكين؛ في هذا السياق، ينبغي النظر إلى حضور مودي الحليف المفترض لواشنطن الى قمة منظمة شنغهاي للتعاون على أنه تتويج لجهود إعادة ضبط العلاقات وتغليب المصالح بعد محاولات ترامب الضغط اقتصاديا على مودي. يقول مراقبون، إذا كان ترامب يعتقد ان الضغط اقتصادياً على دول وازنه بحجم الهند أو الصين يمكن ان تثني علاقتهم بروسيا التي تعتبر مورد رئيسي للطاقة الرخيصة في العالم، فإن عبارة مودي تثبت عكس ذلك. كتب مودي على موقع X: “بعد انتهاء أعمال قمة منظمة شنغهاي للتعاون ولقائه بالرئيس بوتين “دائماً ما تكون المحادثات معه مفيدة للغاية”[[11]]. لم يتأخر بوتين كثيراً في رد العبارة الجميلة لمودي، في الاجتماع الثنائي، خاطب الزعيم الروسي، مودي: “عزيزي السيد رئيس الوزراء”، ووصفه بـ “صديقه العزيز”، وتفاخر بالشراكة الاستراتيجية وعلاقات الصداقة والثقة القائمة بين البلدين منذ أكثر من 15 عاماً، وفقاً لبوتين، فإن هذه “العلاقات غير حزبية سياسياً وتحظى بدعم غالبية الشعب في كلا البلدين”[[12]]. وتُعدّ الصين والهند أكبر مشتري للنفط الخام من روسيا، ثاني أكبر مُصدّر في العالم، وهذا ما يزعج إدارة ترامب كثيراً.
روسيا والنظام العالمي متعدد الاقطاب
وفق المخطط الأمريكي-الغربي، كان من المفترض أن يصبح الرئيس بوتين شخصية منبوذة ومعزولة على الساحة الدولية، وأن مصيره المحتمل سيكون داخل قفص محكمة الجنايات الدولية، مُتهمًا بارتكاب انتهاكات وجرائم تمس حقوق الإنسان في أوكرانيا. لكن الواقع يحمل صور مختلفة تمامًا؛ لقد نجح بوتين في تعزيز مكانته الدولية وتوطيد علاقاته الاستراتيجية القائمة على المصالح المشتركة؛ واستطاع توظيف موارد بلاده الضخمة واخطاء الادارة الامريكية التي لا تنتهي لاستقطاب المزيد من الدول وسحبها الى خطوطه ضمن رؤية سياسية ثاقبة تهدف الى تقويض الهيمنة الأمريكية للأبد. ما نشهده اليوم هو تصاعد في استقبال بوتين بمظاهر احتفالية على المستوى الدولي، حيث لم يمر أسبوع تقريباً دون أن يُستقبَل على سجاد أحمر وفي أجواء رسمية تعكس الحفاوة به. هذا المشهد تجلّى بوضوح في، قمة ألاسكا التي جمعته بالرئيس ترامب، واليوم في قمة تيانجين، وسَتُعاد هذه المشاهد قريباً في نيودلهي، وبيونغ يانغ. ومتوقع ان يحل ضيفاً للمرة الثانية على ترامب في قمة العشرين العام القادم.
في خطابه الرئيسي الذي القاه أمام رؤساء الدول المشاركين في القمة، أثار بوتين مراراً وتكراراً موضوع النظام العالمي الجديد المبني على القواعد الدولية. وربط بين المبادئ التأسيسية لمنظمة شنجهاي التعاونية وميثاق الامم المتحدة القائم على اساس: سيادة القانون الدولي، وحق الدول في تقرير مصيرها، والمساواة في السيادة، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، واحترام استقلال كل دولة ومصالحها الوطنية. وتفاخر بوتين بالتعاون الوثيق بين اعضاء المنظمة في كل المجالات السياسية والاقتصادية والامنية، وكشف ان “متوسط نمو الناتج المحلي الإجمالي للدول الأعضاء تجاوز 5% في العام الماضي 2024، بينما ارتفع الإنتاج الصناعي بنسبة 4.6%”، وواصل ارسال رسائله الواضحة الى واشنطن وبروكسل، “الدعوة لإصدار سندات مشتركة، إنشاء بنية تحتية خاصة للدفع والتسوية والإيداع، إنشاء بنك لمشاريع الاستثمار المشتركة. وتحدث عن مشاريع الطاقة والبنية التحتية الحديثة، وتحدث في عدة قضايا اخرى تهم اعضاء المنظمة وشعوبها، بما فيها الصحة، التعليم، حماية البيئة والشباب….، دون ان يغفل تذكير الحضور بأن الاطماع الغربية في ضم اوكرانيا لحلف الناتو هي السبب الرئيس لاندلاع الحرب [[13]]. وفي إشارة الى فشل سياسة فرض العقوبات كسلاح لإخضاع الامم، وسياسة فصل الدول عن نظام سويفت العالمي، أكد بوتين أن “حوالي 90٪ من التجارة داخل منظمة شنغهاي للتعاون قد تم تحريرها من الدولار، وهو حجم كبير بالنظر إلى أن الناتج المحلي الإجمالي الجماعي للمنظمة يبلغ 59.1 تريليون دولار أمريكي. ويهدف هذا الجهد إلى تجاوز العقوبات الغربية، وخفض التكاليف، وتعزيز التكامل الاقتصادي الإقليمي من خلال الاستفادة من العملات الوطنية مثل الروبل الروسي والروبية الهندية واليوان الصيني، إلى جانب مبادرات مثل منصات العملات الرقمية المشتركة وبوابات الدفع البديلة مثل نظام SPFS الروسي” [[14]]. المشاريع والبرامج التنموية والحيوية التي عددها بوتين في خطابه، هي في الواقع الادوات الاستراتيجية التي تستخدمها واشنطن لتعزيز نفوذها على دول العالم التي تتبنى سياسات مخالفة لنهجها. وفي سياق مؤتمره الختامي، رحب بوتين بمبادرة الحوكمة العالمية التي طرحها الرئيس شي واعتبرها “رؤية في الوقت المناسب”، كأساس لبناء تعاون ايجابي بين الدول الاعضاء للمنظمة والشركاء المحتملين في المستقبل. وان هذا الزخم المتاح في هذه القمة يؤكد ان الدول الاعضاء قادرة على تحقيق اهدافها.
كوريا الشمالية، وتوطيد العلاقات
كان توقيع معاهدة التحالف بين كوريا الشمالية وروسيا في 19 حزيران/ يونيو 2024، بمثابة زلزال جيوسياسي له عواقب بعيدة المدى، ليس فقط على الاستقرار في شبه الجزيرة الكورية وشرق آسيا، بل أيضًا على ديناميكيات الأمن في قارة أوراسيا الأوسع [[15]]. هذه العلاقات المتطورة بين البلدين وتداعياتها تضع واشنطن تحت الضغط، بما في ذلك ظروف ساحة المعركة في أوكرانيا، ومدى القدرة على تثبيت العقوبات المفروضة على روسيا وكوريا الشمالية، بالإضافة الى تنامي قوة القدرات العسكرية لكوريا الشمالية. على سبيل المثال، يمكن أن يُحسّن نقل التكنولوجيا الروسية قدرة الصواريخ الكورية الشمالية على ضرب الأراضي الأمريكية وحلفاء واشنطن في شرق آسيا [[16]].
بعيدًا عن الأضواء والضجيج المعتاد، اجتمع الحليفان بوتين وكيم لاستكمال إبراز الرسائل التي تهدف إلى تنبيه كل من يعنيه الأمر. خلال اللقاء الذي جمعهما على هامش القمة، أعرب بوتين عن اعتزازه بالعلاقات الراسخة التي تربط بلاده بكوريا الشمالية، والتي تستمد قوتها من روابط الأخوة والتضحيات المشتركة في الميدان. كما وجه شكره للرئيس كيم على مبادرته في إرسال قوات عسكرية لدعم الجيش الروسي في مهمة تحرير كورسك. وفي المقابل، شدد كيم على أن العلاقات بين بلاده وروسيا تشهد تطورًا سريعًا يشمل مختلف المجالات. وأضاف أن التزامه بالاتفاقيات الموقعة مع موسكو يجعل مشاركة قواته العسكرية أمرًا حتميًا لدعم الشعب الروسي في مواجهة النازية، معتبرًا ذلك “واجبًا أخويًا” [[17]]. وفي نهاية اللقاء وقع بوتين وكيم اتفاقية دفاع مشترك. هذا الاتفاق يعكس تحولاً كبيراً في طبيعة العلاقة بين موسكو وبيونغ يانغ، والتي وصفها كيم بأنها “ترتقي بمستوى التحالف بين البلدين إلى مرحلة جديدة وعالية”، من منظور دولي، هذا التحالف يثير قلق الدول الغربية بشكل كبير، إذ يمكن أن يؤدي إلى دعم روسيا لكوريا الشمالية في أي صراع محتمل في شبه الجزيرة الكورية، وكذلك دعم كوريا الشمالية لروسيا في حربها المستمرة على أوكرانيا [[18]]. بشكل عام، خرج كيم من هذه القمة حاملاً معه مزيداً من أوراق القوة والضمانات الامنية، العسكرية والاقتصادية وأصبح عضواً محورياً في تكتل ناشئ يتوافق وقناعاته الأيديولوجية في وجوب واستمرار وخز حلفاء واشنطن في منطقة جنوب وجنوب شرق اسيا وخاصة الجارة الجنوبية دون توقف.
بينما شهدت قمة تيانجين تطورات كانت متوقعة إلى حد كبير، على الاقل بالنسبة للإدارة الأمريكية التي ترى في بيونج يانج وبكين وموسكو أطرافاً متوافقة على تحدي سياساتها الخارجية. لكن التحرك غير المتوقع أمريكياً جاء من رئيس الوزراء الهندي مودي، الذي أدرك سريعاً ان القمة تشكل فرصة مواتية للرد على رسوم ترامب، وإظهار التوجه المستقبلي لبلاده. في خطوة استراتيجية، وجه مودي رسالة مباشرة إلى الرئيس ترامب، مُعبراً عن غضبه بشأن قرار الأخير فرض رسوم جمركية بنسبة 50% على الصادرات الهندية للولايات المتحدة. هذه الرسائل لم تكن مجرد رد فعل، بل حملت في طياتها دلالات على رغبة الهند في تعزيز دورها كلاعب رئيسي في المشهد الاقتصادي والسياسي الاسيوي والعالمي، وسط التوترات المتزايدة بين القوى الكبرى. وكانت الصدمة واضحة ويمكن العثور عليها بسهولة في تصريح ترامب الذي قال فيه: “يبدو أننا فقدنا الهند وروسيا لصالح الصين، العميقة والمظلمة. أتمنى لهما مستقبلًا طويلًا ومزدهرًا معًا!”[[19]].
الهند تتجه شرقاً
لسنوات ظلت الهند على خلاف مع الصين بسبب الاشتباكات الدامية على حدودهما. أدت تلك التوترات إلى عدم زيارة مودي للصين منذ سبع سنوات، في حين لم يزر شي الهند منذ عام 2019. وكان الزعيمان قد عقدا آخر محادثات ثنائية بينهما بعد أكثر من نصف عقد، في ديسمبر من العام 2024، خلال قمة بريكس في روسيا. وفي الوقت نفسه، تغيب مودي عن اجتماع منظمة شنغهاي للتعاون العام الماضي، وتغيب شي عن القمة التي عقدت في الهند في عام 2023. ومع ذلك، أجبرت حالة عدم اليقين الاقتصادي التي خلقتها التعريفات الجمركية التي فرضها ترامب كلا الزعيمين على إعادة النظر في أولوياتهم [[20]].
الان، يبدوا ان الجانبان يسعيان إلى فصل المجالات الخلافية في العلاقة بينهما – ولا سيما النزاعات الحدودية التي لم يتم حلها – مع تعزيز تدابير بناء الثقة والاتفاقات مثل تلك التي أبرمت في أعوام 1993، 1996،2005 و2013 [[21]]. ولأول مرة منذ 7 سنوات يلتقي الزعيمان شي ومودي على الاراضي الصينية تحت ضغط سياسات ترامب الجمركية؛ “استخدم مودي وشي جميع العبارات الدبلوماسية المتاحة للإشارة إلى التزام جديد… مدفوع جزئياً بالرسوم الجمركية المرتفعة التي فرضها ترامب على كلا البلدين”، تقول ويندي كاتلر، من معهد سياسات آسيا [[22]]. أحدثت مشاركة مودي في قمة شنجهاي ضجة كبيرة. إلا أن ما كان مفاجئًا بشكل خاص هو الخلفية التي جرت فيها الزيارة، وهي التوتر غير المسبوق في العلاقات بين واشنطن ودلهي الذي أعقب فرض واشنطن رسومًا جمركية بنسبة 50% عقابًا على شراء الهند النفط الروسي. أدت الرسوم الجمركية الأمريكية على الهند إلى توتر الشراكة التي كان من المفترض أن تكون بمثابة ثقل موازن للصين. وفي حين يواصل ترامب توجيه مزيداً من التهديدات الاقتصادية ضد بكين، يبدو أنه يتراجع خوفاً من إفشال المحادثات التجارية وقمة محتملة على مستوى القادة [[23]]. يرى مكسيم يوسين [[24]] أنه لو أجرت واشنطن حوارًا مع دلهي بلا ضجة إعلامية، وفي هدوء الأروقة الدبلوماسية، فلربما حصلت على تنازلات من القيادة الهندية. ولكن ليس على سلوك ترامب. فلو قبل مودي شروط ترامب، ولو استجاب لصيحات واشنطن وتخلى عن عقود النفط التي تعود بالنفع على بلاده والتي لا تنتهك القانون الدولي، لكان ذلك بمثابة خسارة فادحة لمكانته في العالم وفي الداخل.
في الواقع، ظهرت إشارات عودة العلاقة الى طبيعتها بين بكين ودلهي في لقاء كان قد جمع كل من شي ومودي على هامش القمة الـ 16 لمجموعة BRICS+ التي عقدت في قازان في 23 أكتوبر 2024. عندما أعلن الطرفان احترامهما للاتفاقيات المبرمة في وقت سابق من هذا اللقاء؛ والتي تقضي بسحب القوات المسلحة للطرفين بشكل كامل من منطقة الحدود المتنازع عليها، وحل جميع القضايا التي نشأت في عام 2020 في المناطق الحدودية بينهما بالحوار والدبلوماسية، الى جانب تقديمهما الدعم للجنة التي يرأسها وزراء خارجية البلدين لإعادة بناء الثقة وإنهاء الخلافات الحدودية في سياق الحوار. وباعتبارهما أكبر دولتين على وجه الأرض، فإن التعاون بينهما سوف يسهم في إقامة آسيا متعددة الأقطاب وعالم متعدد الأقطاب [[25]]. لقد بددت رسوم ترامب الجمركية المتتالية احلام ترويج العلامات التجارية الهندية “صنع في دلهي” كبديل لعبارة “صنع في الصين”، هذه الاجراءات الترامبية لم تؤثر فقط على الطموحات الاقتصادية للهند، بل وضعت مصداقية واشنطن كحليف موثوق قيد التدقيق، كنتيجة، قرر رئيس الوزراء مودي اتخاذ خطوات سريعة نحو تعزيز العلاقات مع دول شرق آسيا، في تحول استراتيجي يعكس تغييراً في أولويات الهند السياسية والاقتصادية.
الرسائل العسكرية
العرض العسكري الذي أجرته الصين بمناسبة الذكرى الثمانين للانتصار على النازية وانتهاء الحرب العالمية الثانية يُعدّ من أكبر الاستعراضات العسكرية في تاريخها. خلال هذا الحدث كشفت بكين عن قدرات عسكرية متقدمة تجسد تطورها في مجالات الدفاع والهجوم. من أبرز ما تم عرضه هو الثالوث النووي الصيني الذي يشمل أنظمة الإطلاق براً وبحراً وجواً، بالإضافة إلى مجموعة من الصواريخ فرط الصوتية التي تعكس تقدم الصين في تقنيات الصواريخ. كما ظهرت الروبوتات المعروفة بـ “الذئاب الآلية”، إلى جانب المسيرات المائية والجوية التي تعزز من قدرات الاستطلاع والمراقبة. أنظمة الليزر والصواريخ الاستراتيجية العابرة للقارات والصواريخ الباليستية التي تُطلق من الغواصات كانت أيضاً حاضرة، مما يبرز قوة الردع النووي للصين. كما تم الكشف عن الطائرات العسكرية والقاذفات الاستراتيجية التي تُظهر تطور الصناعة الجوية العسكرية الصينية. الذكاء الاصطناعي كان حاضراً كمكون رئيسي في هذه القدرات، مما يعكس تركيز الصين على تعزيز الكفاءة والابتكار في أنظمتها العسكرية. هذا العرض يُظهر بوضوح التقدم الكبير الذي حققته الصين في المجال العسكري والتكنولوجي [[26]].
على منصة الاستعراض العسكري، ظهر كل من بوتين وكيم يتوسطهم شي، الذي أكد “إن النهضة العظيمة للأمة الصينية تسير بثبات ولا يمكن إيقافها”، مُفاخرًا: “الشعب الصيني… لا يهاب العنف، وهو قويٌّ ومعتمدٌ على نفسه”. مشددًا على أهمية اتخاذ مسار السلام والحوار لتحقيق الفوز المشترك للجميع بدلاً من الانزلاق نحو المواجهة والخسارة الجماعية “اليوم، تواجه البشرية خيار السلام أو الحرب، الحوار أو المواجهة، الفوز للجميع أو الخسارة للجميع”[[27]]. المشهد الاخير على منصة الاستعراض العسكري لم تكن بلا اهداف، على الاقل مزيداً من رسائل القوة نحو الشرق حيث تايوان، ونحو الغرب حيث واشنطن وحلفاؤها. والرسالة واضحةـ الرفاق الثلاثة؛ شي، بوتين وكيم لا يكتفون بالأناشيد وتمجيد التاريخ وإحياء الذكرى فحسب، بل يضعون اساساً لعصر جديد نحو عالم متعدد الاقطاب بعيداً عن الهيمنة الامريكية، وان حلفاً جديداً مسلحاً حتى البلعوم يتشكل الان في العلن على مرأى ومسمع من واشنطن وحلف الناتو. ومثلما لعب الرئيس الامريكي نيكسون ووزير خارجيته كيسنجر ورقة الصين لعزلها عن الاتحاد السوفيتي خلال الحرب الباردة، يلعب الرئيسان بوتين وشي أوراقهما لعزل واشنطن عن القيادة. في تقريرها كتبت Bloomberg تخوض الولايات المتحدة حرباً باردة مع الصين منذ ما يقرب من عقد من الزمان. وقد أحرزت تقدماً حقيقياً، بل وتاريخياً، على العديد من الجبهات. ومع ذلك، لا تزال هناك مجالات حاسمة تفتقر إلى الإلحاحية أو الموارد أو القدرة التنافسية. وفي ظل الرئاسة الثانية لترامب، التي تتسم بالجنون وأحياناً بالتدمير الذاتي، ومن غير الواضح على الإطلاق ما إذا كانت الولايات المتحدة تتبع النهج الفائز. فالمنافسة بين الولايات المتحدة والصين هي أحدث حلقة في صراع قديم بين القوى الحاكمة والقوى الصاعدة [[28]].
إعلان قمة تيانجين
في بيانها الختامي أقرت قمة تيانجين 2025 مبادرة الحوكمة العالمية التي اقترحها الرئيس شي في كلمته الافتتاحية، بالإضافة الى، قرار إنشاء بنك تنمية لمنظمة شنغهاي للتعاون، وتعهد الصين بتقديم 2 مليار يوان (حوالي 281 مليون دولار أمريكي) في شكل منح إلى الدول الأعضاء الأخرى في منظمة شنغهاي للتعاون خلال هذا العام، بالإضافة إلى 10 مليارات يوان إضافية في شكل قروض إلى البنوك الأعضاء في اتحاد البنوك التابع لمنظمة شنغهاي للتعاون على مدى السنوات الثلاث المقبلة [[29]]. ويؤكد الإعلان [[30]]، الذي وقع عليه عشرون رئيس دولة وحكومة -من بين امور اخرى، على أهمية التعاون في مجال الطاقة باعتبارها ركيزة أساسية للاستقرار الإقليمي والنمو الاقتصادي. كما دعا الإعلان أيضاً، إلى زيادة التعاون في استكشاف موارد الطاقة وتطويرها واستخدامها بكفاءة، لا سيما في سياق مبادرة الحوكمة العالمية (GGI) التي اقترحها الرئيس شي. وشدد الاعلان على الدول الاعضاء في المنظمة بضرورة تكريس مفهوم التعاون والمنفعة المتبادلة في سياق عالم متطور نحو تعددية قطبية أكثر عدلاً وإنصافاً. وطالبهم بوجوب تكريس ميثاق ومبادئ الامم المتحدة باعتبارها إنجازاً عالمياً بعد الحرب العالمية الثانية، واكد الاعن ضرورة اصلاح مؤسسات المنظمة الدولية بما يضمن تثميل عادل للدول النامية في مؤسساتها وإداراتها المتعددة.
اظهرت سياسة ترامب العشوائية غير محسوبة العواقب ان سياسة الضغط والغطرسة الموجهة نحو الدول الكبرى لا يمكن ان تنجح، وانه من السهل ان تستدير هذه الدول نحو اتجاهات غير متوقعة لمواجهة الضغط الامريكي وتحقيق مصالحها. ترامب بفعل سياساته الارتجالية دفع الهند إلى أحضان الصين؛ وكان سبباً في تدعيم العلاقات بين الصين وروسيا وإيران وكوريا الشمالية. علاوة على كل هذا، يبدو أنه يستعد لاستخدام القوة لتغيير النظام في فنزويلا، ويهدد “بمطاردة الساحرات” في البرازيل برسوم جمركية تصل الى 50%. في الواقع، أنتجت سياسات ترامب حفرة عميقة ويبدو انه يحفر أعمق وأعمق.
في سياق ردود الافعال الغربية، نشرت صحيفة The Times of India في تقريرها؛ بعد انتهاء القمة، اصبحت صورة واحدة من قمة منظمة شنغهاي للتعاون محور جدل محتدم في وسائل الاعلام الامريكية. لاقت الصورة التي جمعت كل من مودي، شي وبوتين وهم يضحكون ويتجاذبون أطراف الحديث رواجاً، وتم تفسير هذه الصورة من قبل البعض كرمز لتحول في ميزان القوى العالمي، حيث بات يُنظر إلى آسيا على أنها مركز متنامٍ للنفوذ العالمي [[31]].
ردود الفعل الغربية
في أول رد فعل على الصور القادمة من مدينة تيانجين، وصف ترامب العرض العسكري بأنه “مثير للإعجاب للغاية” و”جميل”. وكتب على موقعة الخاص على تروث سوشال “أتمنى للرئيس شي والشعب الصيني الرائع يوم احتفال رائعًا ودائمًا. ووجه كلامه للرئيس شي طالباً منه نقل تحياته الحارة إلى فلاديمير بوتين وكيم جونغ أون، وهم “يتآمرون ضد الولايات المتحدة الأمريكية” [[32]]. ترامب الذي ما زال يُحمل الادارة السابقة للرئيس بايدن مسؤولية تطور العلاقة بين بكين وموسكو، بسبب تغذيتها للحرب في اوكرانيا؛ ينظر اليوم الى الاحداث الجارية في قمة شنغهاي بإعتبارها تأسيس لتحالف قوي من المنافسين السياسيين وليسوا اعداءً. ومع ذلك، بدأت اولى الردود الامريكية الغاضبة، تطال اصدقاء منافسي ترامب “الودودين”، اولى هذه الاجراءات سلسلة من العقوبات التي كشف عنها وزير الخارجية روبيو، من بينها منع منح تأشيرة دخول للأراضي الامريكية للمواطنين من أمريكا اللاتينية لمواجهة ما وصفه بيان وزارة الخارجية بــ “النفوذ الفاسد للصين في أمريكا الوسطى” تحت مبرر “وقف محاولات بكين لتقويض سيادة القانون”. باعتبار أنصار بكين في هذه الدول “يتصرفون عمدًا نيابة عن الحزب الشيوعي الصيني، ويقومون عن علم بتوجيه أو تفويض أو تمويل أو تقديم دعم كبير أو تنفيذ أنشطة تقوض سيادة القانون في أمريكا الوسطى”[[33]].
تحت عنوان “الدول الأكثر معاداة لأمريكا في العالم تتحادث وتضحك” رصد موقع France24 [[34]] عناوين الصفحات الأولى للعديد من الصحف في بقية أنحاء العالم تظهر شبه إجماع على ان العالم يتغير نحو تعدد الاقطاب بفعل السياسات الامريكية السامة. من ناحية، اظهرت العديد من الصحف عبر العالم احتفائها بنتائج القمة والصور القادمة من بكين، بالمقابل، رأت العديد من الصحف الغربية ان سياسة ترامب التي تسير في الاتجاه الخطأ وان العالم بدأ يتمحور حول الصين. نشرت صحيفة The Economist [[35]] تحت عنوان ” حزب شي جين بينغ المعادي لأمريكا: للتعرف على تكلفة تنمر ترامب، يقول التقرير، قد تعتقد أن المكان الذي يجتمع فيه قادة الدول للحديث عن حالة العالم هو واشنطن، أو ربما مقر الأمم المتحدة في نيويورك. في الواقع، كما أظهر الرئيس شي عندما استضاف أكثر من 20 رئيسًا ورئيس وزراء في الصين هذا الأسبوع، هناك واقع جديد آخذ في الظهور. وقالت صحيفة The New York Times، “إن المشهد للزعماء الثلاثة حمل رسائل متعددة. كان الود بين شي وبوتين يهدف إلى إبراز العلاقة الوثيقة بينهما كقائدين لنظام عالمي بديل يتحدى الولايات المتحدة”. ويضيف التقرير “سعى مودي إلى إظهار أن للهند أصدقاء مهمين آخرين – بمن فيهم الصين، بغض النظر عن النزاع الحدودي الذي لم يُحل – إذا اختارت إدارة ترامب الاستمرار في عزل نيودلهي بالرسوم الجمركية. وعلق مانوج الراماني، رئيس قسم دراسات منطقة المحيطين الهندي والهادئ في الهند: “الموقف من هذه القمة جزء أساسي، وعلى البيت الأبيض أن يُدرك أن سياساته ستدفع الدول الأخرى إلى البحث عن بدائل تُلبي مصالحها” [[36]]. وحملت صحيفة The Guardian البريطانية في تقريرها المسؤولية الكاملة لترامب وسياساته في النجاح الكبير الذي حققته قمة تيانجين، واعتبرتها “جزء أساسي من مساعي بكين لتحدي هيمنة الولايات المتحدة أو المجموعات التي تقودها الغرب مثل حلف شمال الأطلسي”. واوعزت سبب تجمع أكثر من 20 رئيس دولة ومنظمة دولية الى “الاضطرابات العالمية التي تسبب فيها الرئيس ترامب بفرضه رسوم جمركية وتغييرات أخرى في السياسة الخارجية [[37]].
بالمثل، اشادت Yu Jieعلى موقع Chatham House بما وصفته جهود الصين الدبلوماسية الرائعة وانتقدت اداء ترامب المتراجع، تقول Jie تدرك الصين بوضوح الفرصة التي أتاحتها لها سياسة الرئيس ترامب الخارجية الانطوائية ونهجه القائم على “الضغط الأقصى” تجاه شركاء الولايات المتحدة التجاريين في المنطقة. وقد استفادت بكين حتى الآن من خطاب ترامب الانسحابي بمضاعفة جهودها الدبلوماسية الساحرة لإعادة ضبط أو تعزيز علاقاتها الثنائية مع مجموعة واسعة من البلدان في المنطقة وخارجها [[38]]. في الوقت نفسه، وجهت CNN انتقاداتها لسياسة ترامب التي قلبت العالم رأساً على عقب، بينما الرئيس شي والى جانبه الرئيس بوتين، يخاطب العالم باعتباره زعيماً جديداً للحكم العالمي [[39]].
على الجناح الغربي للإمبريالية العالمية التي بدأت للتو معاناتها مع رسوم ترامب الجمركية، وتردده في استمرار تغذية الحرب في اوكرانيا وقراره بسحب قواته من عدة قواعد امريكية لأوروبا الشرقية، ولقائه بالرئيس بوتين في الاسكا واقتناعه بعدم قدرة كييف على مواصلة الحرب. صرحت كايا كالاس، الممثلة العليا للسياسة الخارجية والأمنية في الاتحاد الأوروبي، بأن قادة الصين وروسيا وإيران وكوريا الشمالية – الذين ظهروا معًا في عرض عسكري في بكين – يمثلون “تحالفًا استبداديًا” يتحدى النظام الدولي القائم على القواعد. وأضافت “بينما يجتمع القادة الغربيون في إطار الدبلوماسية، يسعى تحالف استبدادي إلى تسريع بناء نظام عالمي جديد”[[40]].
هذه الصيغة التي اعتاد الغرب على تسويقها، لم تعد تجد طريقاً في عالم السياسة اليوم، فحلف الناتو، واجتماعات الراغبين لتغذية الحرب في اوكرانيا، والدعم اللامحدود لاسرائيل لمواصلة حرب الابادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني، واجتماعات مجموعة الــ7 الاحتكارية، وحروب واشنطن وحلفاؤها الغربيون في العالم وفي منطقة الشرق الاوسط، كلها ادلة كافية لنقض هذه الرواية الزائفة. الحقيقة تقول، ان الامر الذي يثير حفيظة واشنطن وبعض حلفائها هو ان تجتمع دول عالميه كبرى بحجم الصين وروسيا والهند في قمة واحدة تحتفل بالقضاء على النازية والفاشية، ويُجمع قادة الدول العشرون في القمة على جدول اعمال منشأه الامم المتحدة وقوانينها القائمة على مبادئ الحرية والعدالة واحترام حقوق الانسان، وحق تقرير المصير للشعوب. وليس القائمة على المعايير المزدوجة وصيغة “أمريكا أولاً” وصيغة “فرض السلام بالقوة”.
بينما غابت الحكمة السياسية عن المواقف الاوروبية منذ عقود، وصف الرئيس الفرنسي السابق ساركوزي عداوة أوروبا لروسيا بأنها خطأ تاريخي؛ “نحن نعتبر روسيا تهديدنا الرئيسي وعدونا الرئيسي. هذا خطأ تاريخي! اليوم، تجدر الإشارة إلى أن أوروبا أكثر عزلة على الساحة الدولية من روسيا”[[41]]. الامر الذي حذر منه رئيس الوزراء المجري اوربان؛ “إن الاتحاد الأوروبي دخل في حالة من التفكك والتشرذم”. مضيفاً “إذا استمر الوضع على هذا النحو، وهناك احتمال كبير أن يستمر، فإن الاتحاد الأوروبي سيدخل التاريخ باعتباره نتيجة مخيبة للآمال لتجربة نبيلة”[[42]]. من ناحيته، حذر حفيد الرئيس الفرنسي السابق شارل ديغول، الناشط الاجتماعي بيير ديغول الحكومة الفرنسية من تداعيات سياساتها السلبية تجاه روسيا ودعاها الى الانضمام الفوري لمجموعة BRICS+ الصاعدة، قبل عام من تصريحات القادة الاوروبيين، يقول ديغول “رغم كافة الجهود التي يبذلها الرئيس ماكرون وبعض الدول الأوروبية الأخرى التي ترغب في مواصلة الحرب، لا يزال الرئيس بوتين زعيما للعالم المتعدد الأقطاب، وهذا العالم المتعدد الأقطاب تم الاعتراف به والاحتفال به خلال قمة “بريكس” في قازان… ولن تتمكن الدعاية الغربية من إخفاء هذه الحقيقة بعد الآن”. ووفقاً لديغول، “يجب على فرنسا أن تستعيد استقلاليتها وتفردها، فضلاً عن النفوذ الذي لطالما تمتعت به على الساحة الدولية”، كما أشار [[43]].
في الواقع، يبدو ان السنوات الثلاث ونصف القادمة من ولاية ترامب ستكون بمثابة تدريب على الحد من الأضرار التي ستلحق بحلفاء الولايات المتحدة التقليديين في أوروبا وآسيا والأمريكيتين. وستكون الدول الفائزة هي تلك التي تستطيع الحد من تداعيات الأزمة على اقتصاداتها وأمنها مع الحفاظ على سيادتها ومساحة المناورة والمصداقية السياسية [[44]]. وستكون الصين وروسيا المستفيدتين الرئيسيتين من هذا السيناريو، كما صرحت فون دير لاين. فهما الفائزتان الجيوسياسيتان بلا منازع في ولاية ترامب الثانية المدمرة في البيت الأبيض [[45]].
الاستنتاجات
قمة شنغهاي وما حملته من رمزية حضور القادة الكبار -شي، بوتين، مودي وكيم، وما نتج عنها من توقيع لاتفاقيات وعقود تجارية ضخمه بين الدول الاعضاء في المنظمة، الى جانب العرض العسكري المهيب الذي نظمته بكين؛ كانت مليئة بالرسائل والرموز، وترسل اشارات جدية مفادها ان تكتلاً من الدول العظمى يتشكل الان مركزه آسيا، هذا التكتل الجديد مخالف تماماً لنمط تفكير الغرب الاستعماري، وهو قادر على منافس النظام العالمي القائم على المعايير المزدوجة والعدالة الانتقائية.
وسط حالة من الغضب الجارف على سياسات ترامب غير المدروسة وخاصة الرسوم الجمركية، بدأت الدول العظمى تتجمع على الحد الأدنى لحماية مصالحها، وجاءت الضربة القوية من الهند- الحليف التقليدي للولايات المتحدة، وهو تكرار للخطأ الثاني الذي ارتكبه بايدن؛ عندما دفعت سياساته لتقارب الصين وروسيا، مخالفاً بذلك عقوداً من السياسات الامريكية. هذا التحالف الناشئ من قوى الجنوب العالمي بدأ بكسر التابوت وسحب البساط من تحت اقدام التكتل الغربي، الذي أمعن في حروبه عبر العالم واستولى بالقوة العسكرية على موارد ومقدرات الشعوب. التحالفات الناشئة في إطار قوى الجنوب العالمي تُظهر نوايا واضحة لبناء نموذج جديد يعتمد على التعاون الاقتصادي والسياسي بعيداً عن الهيمنة الغربية التقليدية؛ هذه القوى تمتلك موارد طبيعية هائلة وقاعدة صناعية متقدمة، مما يمنحها القدرة على صياغة نظام عالمي متعدد الأقطاب يلبي مصالح مختلف الأطراف بشكل أكثر عدالة.
بالنظر لعوامل القوة التي تُشكل دوافع لتغيير الموازين في العالم، فإن القوى الاوروبية الان امام خيارين، اما المشاركة في التركيبة الجديدة لهذا النظام الدولي الناشئ القائم على سيادة العدالة والمنفعة المتبادلة للجميع على سطح الكوكب، أو البقاء على الجانب الخطأ من التاريخ. بعيداً عن نظرية المؤامرة والاستحواذ، التي تسكن عقول نخب بروكسل؛ لقد آن الاوان ان يفكر الغرب في كيفية مغادرة التفكير القديم القائم على الذهنية العسكرية والامنية والتبعية المطلقة لواشنطن، وسياسة تصنيف العالم بين محوري الاستبداد والديموقراطية، فالاستمرار بهذا النمط من التفكير السطحي يظهر عجزاً في مواكبة تطور الاحداث ويدفع اوروبا خارج الزمن.
إذا كانت اوروبا او الولايات المتحدة تعتقد ان ما تملكانه من ترسانة عسكرية قادرة على الاستمرار في فرض ما كان، فهما مخطئان جداً، لان المشهد القادم من بكين كشف بوضوح عن حجم القوة والترسانة العسكرية التي تمتلكها دولة واحدة -الصين؛ وان بكين انتقلت من مستوى الردع الناعم الى مستوى الردع الفعلي مع إظهارها ثالوثها النووي وقدراتها العسكرية الفائقة. ومع ذلك، فالصين دولة من أصل ثلاثة دول أو أكثر كشفت عن تحالفها على الهواء ماشرةً، -ربما تنضم الهند لاحقاً لهذا التحالف العسكري. بينما تُظهر روسيا قدراتها العسكرية منذ العام 2022 في اوكرانيا حيث ساحة الحرب الرئيسية بين الشرق والغرب، دون إظهار أي تراجع او ضعف في المواقف، يبرز الشريك الثالث وهو الأخطر على المنظومة الغربية كيم جون اون، مسلحاً بكل انواع الاسلحة ودائم التجديد لرسم خطوطه الحمراء في منطقة جنوب شرق اسيا، يعلن تمسكه ببرنامجه النووي واستمرار تعزيز قدرات بلاده الصاروخية بالأفعال وليس بالأقوال، ويتحدى الغرب ويرسل قواته العسكرية المدججة بالأسلحة لإسناد رفاقه في روسيا، ويتعهد بالمزيد دون تردد.
يقول كين فيا، المدير العام لمعهد العلاقات الدولية في كمبوديا، إن منظمة شنغهاي للتعاون قدمت بديلاً مقنعاً “للفكر القائم على مبدأ المحصلة الصفرية”- مكسب طرف يعني بالضرورة خسارة الطرف الاخر، مشيداً باستراتيجية “الاستماع بدلاً من الإملاء، والتضامن بدلاً من التفوق، والنمو المشترك بدلاً من المكاسب المنعزلة”. التي تسود العلاقة بين اعضاء المنظمة [[46]]. على هذا النحو، فإن إظهار حسن النوايا واحترام القانون الدولي وتفعيل قرارات ومهام مجلس الامن، والتوقف عن سياسة التمدد، وتهديد الدول، واحترام حق تقرير المصير للشعوب، وحق الدول في السيادة على مواردها وثرواتها الطبيعية، والتوجه نحو تأسيس مسارات الشراكات الاقتصادية والتجارية والعلمية بين الدول؛ هي الضمانة الوحيدة لعالم يسوده العدل والسلام، وهو ما أكد عليه إعلان تيانجين 2025.
على الرغم من ان نتائج قمة هذا المعسكر الجديد لم تذكر القضية الفلسطينية، لكن مجرد الاشارة الى وجوب تفعيل عمل المؤسسات الدولية وقرارات الامم المتحدة ومجلس الامن الدولي؛ ووجوب احترام حق تقرير المصير للشعوب وفق مبادئ ومقاصد الامم المتحدة، فإن هذه الاشارة كافية لإدانة اسرائيل، التي تتجاهل كل ما ورد في قرارات ومواثيق الامم المتحدة ومؤسسات حقوق الانسان وتستمر في ارتكاب المجازر بحق الشعب العربي الفلسطيني منذ عقود.
المراجع
[1] Xi calls for forging ahead with solid steps as SCO convenes largest-ever summit
Updated: 2025-09-02. http://en.cppcc.gov.cn/2025-09/02/c_1121267.htm
[2] SCO cooperation in full swing, offers impetus to global economy, August 28, 2025 | Xinhua. https://www.scochina2025.org.cn/en/n3/2025/0828/c518818-20358430.html
[3] 25th Council of Heads of SCO Member States and the SCO plus in Tianjin. Shanghai Cooperation organization, 1 Sep. 2025. https://eng.sectsco.org/20250901/1963431.html
[4] Full text of Xi Jinping’s speech at 25th Meeting of Council of Heads of State of SCO
Xinhua 02 Sep.2025. https://english.cctv.com/2025/09/02/ARTIuDUGJJZ4ZgX3PhbsWYfy250902.shtml
[5] Shanghai Cooperation Summit 2025: Xi Hosts Modi and Putin in a New Global Order. Global Institute for National Capability, Sept. 2025. https://www.ginc.org/shanghai-cooperation-summit-2025-xi-hosts-modi-and-putin-in-a-new-global-order/
[6] Xi proposes Global Governance Initiative at largest-ever SCO summit
Updated: 2025-09-02 Xinhua. http://en.cppcc.gov.cn/2025-09/02/c_1121268.htm
[7] Full text of Xi Jinping’s speech at the ‘Shanghai Cooperation Organization Plus’ Meeting. The State Council of China,1 Sep. 2025. https://english.www.gov.cn/news/202509/01/content_WS68b584acc6d0868f4e8f53c8.html
[8] Foreign Ministry Spokesperson Guo Jiakun’s Regular Press Conference on September 2, 2025. Ministry of Foreign Affairs of China. 2 Sep. 2025. https://www.fmprc.gov.cn/mfa_eng/xw/fyrbt/202509/t20250902_11700617.html
[9] Yang Gao, Xing Yi, and Xu Weiwei (2025). Initiative injects wisdom into global governance. China Daily, 5 Sep.2025. https://global.chinadaily.com.cn/a/202509/05/WS68ba3b1fa3108622abc9efac.html
[10] Cobus van Staden (2025). Revealing Reactions to China’s Festival of Optics. China-Global South Project. 5 Sep. 2025. https://chinaglobalsouth.com/analysis/china-global-governance-initiative-sco-trump-europe-2025/
[11] Narendra Modi. @narendramodi. https://x.com/narendramodi/status/1962386368337998092
[12] Putin stresses special privileged strategic partnership between Russia, India. TASS. sep.2025. https://tass.com/politics/2010101
[13] SCO Heads of State Council Meeting. Vladimir Putin took part in the SCO Heads of State Council Meeting.Kremlin,1 Sep. 2025 http://en.kremlin.ru/events/president/news/77891
[14] Putin Speech at Shanghai Cooperation Organisation Heads of State Summit: Content & Analysis. Russia spivottoasia September 1, 2025. https://russiaspivottoasia.com/putin-speech-at-shanghai-cooperation-organisation-heads-of-state-summit-content-analysis/
[15] The North Korea-Russia Alliance and Geopolitics of East Asia. 4Dec., 2024. https://www.eastwestcenter.org/events/north-korea-russia-alliance-and-geopolitics-east-asia?gad_source=1&gad_campaignid=22805324099&gbraid=0AAAAADj-5m9KYphOV_pD12m5hSumz-wKa&gclid=CjwKCAjwt-_FBhBzEiwA7QEqyBlQ7ylHMqxQemRLCPgEgQQaRS0HwXlIkkZFS8nPCBJFh2SqqG0ZORoC1VEQAvD_BwE
[16] Russia-North Korea Relations. US Congress, 13 Jun. 2025. https://www.congress.gov/crs-product/IF12760
[17] Kim Jong Un thanks Putin for praising North Korean troops’ actions in Kursk Region. TASS, 3 sep.2025. https://tass.com/world/2011363
[18] Tessa Wong (2025). Putin and Kim pledge mutual help against ‘aggression’. BBC News,19 June 2024. https://www.bbc.com/news/articles/ceddqkqzd5wo
[19] Truth Details. https://truthsocial.com/@realDonaldTrump/posts/115151159839778614
[20] India’s Modi Joins Xi-Putin Push for Global South-Led World Order
Asia Financial, 1 Sept. 2025. https://www.asiafinancial.com/indias-modi-joins-xi-putin-push-for-global-south-led-world-order
[21] Chietigj Bajpaee (2025). Modi’s SCO summit visit shows China and India want to reset relations. https://www.chathamhouse.org/2025/09/modis-sco-summit-visit-shows-china-and-india-want-reset-relations-dragon-elephant-tango Chatham House,1 sep.2025
[22] Anniek Bao (2025). SCO summit 2025: Key takeaways from Beijing’s push to reshape global order. CNBC. 2Sep 2 2025. https://www.cnbc.com/2025/09/02/sco-summit-2025-key-takeaways.html
thumbnail
[23] John Hardie (2025). Trump Administration Foreign Policy Tracker: September. FDD. 4 Sep. 2025
[24] الهند وأمريكا: للاستعلاء ثمن يجب أن يُدفع
[25] Meeting of the Prime Minister with Mr. Xi Jinping, President of the People’s Republic of China, on the margins of the 16th BRICS Summit. Ministry of External Affairs
23 Oct. 2024. https://www.mea.gov.in/press-releases.htm?dtl/38457/Meeting_of_Prime_Minister_with_Mr_Xi_Jinping_President_of_the_Peoples_Republic_of_China_on_the_margins_of_the_16th_BRICS_Summit
[26] Chinese military parade showcases nuclear capabilities and stirs national pride. https://www.youtube.com/watch?v=8TPlLJK-uSM
[27] Patrick Reilly92025). China unveils full land, sea and air nuclear triad for first time, weaponized ‘robot wolves’ at largest-ever military parade. New york Post. 3 Sep., 2025. https://nypost.com/2025/09/03/world-news/china-unveils-full-land-sea-and-air-nuclear-triad-for-first-time-at-largest-ever-military-parade-unstoppable/
[28] Hal Brands (2025). The US Is Already Losing the New Cold War to China. Bloomberg, 27 Apr.2025. https://www.bloomberg.com/opinion/features/2025-04-27/us-china-cold-war-2-has-begun-and-america-is-losing
[29] Christopher Sanchez 92025). A Comprehensive Assessment of Economic Integration and Investment Opportunities. Executive Summary. https://www.sanchez.vc/geocoded-special-reports/shanghai-cooperation-organization-2025
[30] Full Text: Tianjin Declaration of the Council of Heads of State of the Shanghai Cooperation Organization. Diritto pubblico. 2 Sep 2025. https://dirittocinese.com/2025/09/02/full-text-tianjin-declaration-of-the-council-of-heads-of-state-of-the-shanghai-cooperation-organization/
[31] This should send a chill down the spine of every American. The Times of India. 5 sep.2025. https://timesofindia.indiatimes.com/world/us/that-image-should-send-a-chill-down-the-spine-of-every-american-us-media-reacts-to-iconic-sco-summit-photograph-of-pm-modi-xi-and-putin-a-new-world-order/articleshow/123705942.cms
[32] Truth. Sep. 3,2025. https://truthsocial.com/@realDonaldTrump/posts/115137717177283585
[33] Visa Restrictions on Central American Nationals Working with the CCP to Undermine Rule of Law in Central America. Press Statement. Marco Rubio, Secretary of State. 4Sep., 2025
[34] SCO summit: ‘The most anti-American nations in the world chatting and laughing’. France 24.2 sep.2025. https://www.france24.com/en/tv-shows/press-review/20250902-sco-summit-the-most-anti-american-nations-in-the-world-chatting-and-laughing
[35] Xi Jinping’s anti-American party: To see the cost of Trump’s bullying, tally the world leaders flocking to China. The economist, 2 sep.2025. https://www.economist.com/leaders/2025/09/02/xi-jinpings-anti-american-party
[36] Smiles and Clasped Hands as Xi, Putin and Modi Try to Signal Unity. New York Times. 1 sep.2025. https://www.nytimes.com/2025/09/01/world/asia/china-xi-putin-modi.html
[37] Helen Davidson in Taipei and Amy Hawkins (2025). Xi Jinping criticises ‘bullying behaviour’ and Putin blames west for Ukraine war at Shanghai summit. The Guardian, 1 Sep 2025. https://www.theguardian.com/world/2025/sep/01/xi-jinping-putin-china-summit-shanghai
[38] Yu Jie (2025). China is using the SCO summit and Victory Day parade to showcase its vision of a new world order. Chatham House. 2 Sep.2025. https://www.chathamhouse.org/2025/09/china-using-sco-summit-and-victory-day-parade-showcase-its-vision-new-world-order
[39] Simone McCarthy, Nectar Gan, Rhea Mogul (2025). Xi and Putin stand shoulder to shoulder as China casts itself as an alternative global leader.CNN. 2Sep.2025. https://edition.cnn.com/2025/09/01/china/china-sco-summit-xi-address-intl-hnk
[40] EU’s Kallas says Xi, Putin, Kim and Iran challenge rules-based order Reuters. 3Sep., 2025. https://www.reuters.com/world/china/eus-kallas-says-xi-putin-kim-iran-challenge-rules-based-order-2025-09-03/?utm_source=chatgpt.com
[41] The ex-president of France called the feud with Russia a historical mistake. Sarkozy: Europe is more isolated than Russia. 3 sep.2025. https://en.iz.ru/en/1948274/2025-09-03/ex-president-france-called-feud-russia-historical-mistake
[42] Orbán threatens with EU collapse, announces his “victory plan” and drops a threat. DAILY NEWS HUNGARY. 7 Sep., 2025. https://dailynewshungary.com/orban-threat-eu-collapse-victory-plan/
[43] World needs new order within BRICS framework — de Gaulle’s grandson. Russia News Agency, Tass.29 Oct 2024. https://tass.com/world/1863761?utm_source=chatgpt.com
[44] Noah Barkin (2025). Watching China in Europe—September 2025. GMF.
2Sep., 2025
[45] Bartosz Brzeziński (2025). Moscow and Beijing would have cheered the EU-US trade war, von der Leyen says. 24 Aug., 2025.Politico.
[46] Xinhua (2025). Xi proposes Global Governance Initiative at largest-ever SCO summit. Xinhua, 2 Sep. 2025. https://english.news.cn/20250902/76bd8d070bd94499a4f4b11d4573f9a0/c.html?utm_source=chatgpt.com