أقلام وأراء

د. عصام نعمان يكتب – الفلسطينيون مقابل الصهاينة !

د. عصام نعمان  7/3/2020

يتبجح بنيامين نتنياهو في أول تعليق له على نتائج الانتخابات: «هذا أعظم انتصار لي في حياتي». في الواقع، هو انتصار لشخصه وليس لحزبه، ولا حتى للتكتل اليميني الذي يتزعمه وما تمكّن من إحراز الأغلبية اللازمة (61 مقعداً) في الكنيست.

انتصار نتنياهو لم يكن مفاجئاً. المفاجأة الحقيقية هي فوز القائمة (العربية) المشتركة بِ 15 مقعداً، ما يمكّنها من اللعب على تناقضات الأحزاب «الإسرائيلية» المتنافسة بغية الحيلولة دون عودة نتنياهو إلى رئاسة الحكومة. غير أن ثمة معنى آخر أكثر أهمية تنطوي عليه هذه المفاجأة المدوّية. إنها نجاح الفلسطينيين العرب في تحقيق اتحادٍ غير مسبوق بين أحزابهم المتعددة والمتنافسة. هكذا أصبح كل الفلسطينيين العرب متضامنين ضد كل الصهاينة العنصريين.

هذا الاتحاد مطلوب، بل هو شرط أساسي لاستمرار الكينونة العربية على قيد الحياة، ونابضة بالقدرة اللازمة على التصدّي للعنصرية الصهيونية المتصاعدة. ذلك أنه ما كان في مقدور نتنياهو أن يحقق انتصاره الشخصي ولا في مقدور تكتله اليميني أن يزيد من عدد مقاعده لولا تعاظم العصبية العنصرية في صفوف أغلبية اليهود، ولاسيما في صفوف الأحزاب اليمينية.

صحيح أن انتصار القائمة المشتركة يساعد الجمهور العربي الفلسطيني على مواجهة عنف الأحزاب الصهيونية العنصرية، ويعزز المعارضة لقانون كيمنيتس الموجّه ضد العرب الذي زاد العقوبات على مخالفات البناء، لكنه لن يغير الواقع في رأي المحلل السياسي جاكي خوري (هآرتس 2020/3/3) ذلك «أن دولة إسرائيل هي دولة يمين، وكل زيادة في تمثيل الجمهور العربي في الكنيست (…) تؤدي تحديداً إلى تطرف الجمهور الإسرائيلي وإلى إقصاء العرب».

إن تبلور هذه الاحتمالات أو عدم اكتمالها يتوقّف على ما سينتهي إليه الصراع على السلطة بين الأحزاب «الإسرائيلية» نفسها، خصوصاً بعدما تحققت، مبدئياً، الغلبة للأحزاب اليمينية في الانتخابات الثالثة خلال سنة واحدة.

ما مؤشرات الوضع داخل «إسرائيل» في المستقبل المنظور؟

يبدو أن نتنياهو لن يتمكّن من امتلاك أكثرية مريحة لحكمه اليميني العنصري ما لم ينجح في إحدى محاولتين: سلخ نائب أو اثنين من نواب كتلة الوسط-اليسار بزعامة الجنرال بني غانتس، أو إقناع أفيغدور ليبرمان، زعيم حزب «إسرائيل بيتنا» المناوئ لحزبَي الحريديم (المتدينين) بالانضمام إلى حكومته.

عدم نجاح نتنياهو في هذا المجال سيؤدي إلى واحد من احتمالين: تعزيز المساعي لتأليف حكومة وحدة وطنية تتولى تنفيذ مضامين «صفقة القرن» التوسعية العدوانية، أو التوجّه اضطراراً إلى انتخابات رابعة خلال ما يزيد قليلاً على سنة كاملة.

ليبرمان يقول إنه لن تكون هناك انتخابات رابعة ما قد يعني مبدئياً استعداده لتليين موقفه إزاء تأليف حكومة جديدة برئاسة نتنياهو. حتى لو لم ينجح نتنياهو في أيٍّ من الاحتمالات سابقة الذكر، فإنه لن يتأخر في أن تفرض حكومته القائمة سيادة «إسرائيل» على أراضٍ في الضفة الغربية وغور الأردن. هذا ما أعلنه بعد ساعات معدودة من ظهور النتائج الأولية لانتخابات الكنيست الاثنين الماضي. غانتس (وتكتله اليميني) سيدعم هذا التوجّه؛ لأنه سبق له أن دعا عشية الانتخابات الأخيرة، إلى عرض «صفقة القرن» على الكنيست لإقرارها والمباشرة في تنفيذها.

في المقابل، فإن موقف القائمة المشتركة كان وما زال الحيلولة دون تنفيذ مضامين «صفقة القرن»، وذلك بالحيلولة دون تمكين نتنياهو من النجاح في تأليف حكومة جديدة. ففي تعقيبه على النتائج الأولى للانتخابات قال رئيس القائمة المشتركة أيمن عودة: «إنها حققت إنجازاً منقطع النظير، وإنها ستحاول منع نتنياهو من تأليف الحكومة المقبلة».

ما رأي سائر الفلسطينيين؟

أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات أعرب، تعليقاً على نتائج الانتخابات، عن خشيته من أن تؤدي عملية ضم أراضٍ فلسطينية جديدة إلى «إسرائيل»، وهي «الخطوة القادمة لنتنياهو، إلى دفع الجانبين، شعباً وحدوداً، إلى أتون العنف والفوضى وإراقة الدماء». أما حركة «حماس» فقد اعتبرت أن إعادة انتخاب نتنياهو ستؤدي إلى مزيد من العنف في المنطقة.

الصراع، إذاً، سيستمر ويتأجج…

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى