د. عبد المنعم سعيد يكتب عن: د. أسامة الباز

د. عبد المنعم سعيد يكتب عن 27-9-2025: د. أسامة الباز
كان د. حامد ربيع أستاذ العلوم السياسية هو الذى أفضى بتعبير «صنايعية السلطة Technicians of Power»، فبينما يمتلك الساسة توجيه الرؤى والأهداف الكبرى، فإن هذه الطائفة من المساعدين ذوي الكفاءة العالية هم الذين يحولون كل ذلك إلى وثائق ومعاهدات.
تذكرت ذلك حينما أعلنت الأسبوع الماضي أسرة د. أسامة الباز عن ذكرى 12 سنة بعد وفاته. دائما كان يذكر عن حق الرئيس السادات باعتباره بطل الحرب والسلام؛ ولكن القادة العسكريين أحمد إسماعيل وعبدالمنعم رياض وسعد الدين الشاذلي ومحمد عبدالغني الجمسي كانوا من وضع الخطط والاستراتيجيات التي جرى تطبيقها في حرب أكتوبر 1973.
ما تلى الحرب لم يكن أقل صعوبة عند صناعة السلام التي تعني انتهاء الحرب واستعادة الأرض وإقامة السلام. البطولة كانت في هذه المرحلة يمثلها وكيل أول وزارة الخارجية د. أسامة الباز في أثناء زيارة الرئيس السادات للقدس، وما تلاها من مفاوضات الإسماعيلية، وما توجها من اتفاقيات كامب ديفيد، ومباشرة خروج القوات الإسرائيلية من سيناء.
على عكس كثيرين في مهنة الدبلوماسية، كان الرجل مؤمنا باللحظة الساداتية؛ وكان جاهزا بملكاته وعلمه لكي يحول الرؤى إلى واقع. أعطى لمصر فرصة هائلة للتقدم والبناء لم تحصل عليها منذ ثلاثة آلاف عام تناوب عليها المستعمرون والمحتلون. وللأسف عرفته متأخرا في النصف الثاني من تسعينيات القرن الماضي؛ وكان دائما كريما بمعارفه وتجربته ونجوميته عندما أتاحت الظروف رحلتين إلى واشنطن في أوقات دقيقة.
ما أدهشني دائما أن الرجل لم يحظ بما يستحقه من التقدير المصري، فلا حصل على جائزة لمبارك ولا للنيل ولا كتب اسمه على محور ولا شارع، وهو الذي صك وحده اتفاق التحرير لأرض مقدسة.
قال لى ويليام كواندت مسؤول الشرق الأوسط في مجلس الأمن القومي الأميركي إبان مفاوضات كامب ديفيد أن أسامة كان وحده من الجانب المصري الذي واجه الرئيس كارتر ومعه فصيلة من الخبراء الأميركيين وضعفهم من الإسرائيليين.
رحمه الله.