أقلام وأراء

د.طارق فهمي يكتب –  الحكومة الإسرائيلية وتمرير الموازنة

 د.طارق فهمي 13/11/2021

ستتجه المعارضة الإسرائيلية بزعامة تكتل «ليكود» لتصدير أزمات أخرى للحكومة الإسرائيلية بعد فشلها في عرقلة تمرير الموازنة، والتي تعد ترمومتر الاستقرار في إسرائيل، وهو ما سيؤدي لمزيد من حالة الاحتقان بين أطراف الائتلاف الراهن حيث ما تزال المشكلات قائمة، وفي تصاعد مستمر بين أطراف ومكونات الائتلاف الراهن.

ويتعدد إطار ومضمون الصدام بين ما هو عقائدي وسياسي وحزبي وأمني واقتصادي الأمر الذي يشير إلى أن حالة الاستقرار السياسي ستظل غير قائمة خاصة أن الحكومة الراهنة ما زال أمامها بعض الوقت للعمل تحت قيادة نفتالي بينيت قبل نقل السلطة لشريكه «يائير لابيد» إن استمرت الحكومة وفقاً لائتلافها الذي تم إبرامه بين الأحزاب الثمانية التي انضوت في الحكومة الراهنة. ومن المتوقع أن يتصاعد التباين بين الحكومة مع قرب مناقشة قوانين تتعلق بالمخصصات المالية، والحقوق للشرائح المغيبة، والبدء في إعمار مناطق عرب 48 وتمرير قوانين التعليم والصحة والإعاشة المقترحة.

وبرغم كل ما يجري فإن أطراف الائتلاف الثمانية تعرف أنها تقف كلها على أرضية واحدة، وإذا سقطت الحكومة، فإن كل أطرافها ستخرج خاسرة، ولهذا فإن المصلحة المشتركة هي الحفاظ على تماسك الائتلاف برغم كل ما يجري حتى لو أدى الأمر حدوث حالة من الشلل العام بدليل توقيع معظم أعضاء الكنيست عن تكتل الليكود على وثيقة تنص على منع الحزب من تشكيل حكومة، أو المشاركة في ائتلاف يعتمد على أحزاب وأعضاء كنيست يبدون تعاطفهم مع ما وصفتهم الوثيقة بـ «الإرهابيين»، أو أن يشارك في أي حكومة تدعمها، أو تشارك فيها أحزاب «القائمة العربية الموحدة»، أو «القائمة العربية المشتركة».

كما أيد المُدعي العام «أفيخاي ماندلبليت»، مشروع قانون طرحه وزير العدل «جدعون ساعر»، يمنع أي نائب مُتهم في جريمة خطيرة من أن يصبح رئيسًا للوزراء، وهو ما سيمنع رئيس الوزراء السابق نتنياهو من العودة إلى السلطة، وفي حال تبني هذا القانون من داخل الكنيست، سيدخل حيز التنفيذ في انتخابات الكنيست القادمة، وسيسد الطريق أمام رئيس الوزراء نتنياهو الذي يواجه اتهامات جنائية في عدة قضايا فساد، للعودة إلى الحكم. وقد تسبب هذا مشروع في انقسام داخل الائتلاف الحاكم، حيث أعرب عدد من أعضاء حزب رئيس الوزراء، نفتالي بينيت، «يمينا»، في مقدمتهم وزيرة الداخلية أيليت شاكيد، عن معارضتهم له.

وفي إطار الصراع الراهن داخل الائتلاف، سيتم إقرار قانون يكسر احتكار المؤسسة الدينية العليا لإصدار «شهادات الحلال اليهودي»، وأيضاً يحاصر مؤسسات «الحريديم» المرخص لها هي أيضاً بإصدار «شهادات حلال». وسيدخل القانون حيز التنفيذ ابتداء من مطلع عام 2023. كما اعتمدت الحكومة الإسرائيلية خططا لإنفاق مليارات الدولارات على تحسين أوضاع الأقلية العربية في الداخل.

وتتضمن الخطط الحكومية الإسرائيلية الجديدة إنفاق 9.4 مليار دولار على تحسين أوضاع التوظيف وخلق فرص عمل جديدة، وتحسين مستوى خدمات الرعاية الصحية وضخ استثمارات في قطاعي التكنولوجيا الفائقة والإسكان، والإنفاق على تحديث شبكات البُنى التحتية في المناطق التي يقيم فيها عرب إسرائيل، وقد انتقدت أحزاب اليمين الحاكم في الحكومة هذه الخطط، واعتبرتها غير مسبوقة في تاريخ الحكومات الإسرائيلية، وأنها سياسات قائمة علي ممارسة الابتزاز السياسي، وأعلنت وقوفها ضد تنفيذ هذه السياسات، وقد جاءت الخطة المعلنة لتخصيص هذه الأموال في ظل تهديدات منصور عباس «رئيس القائمة الموحدة» بالانسحاب من الائتلاف الحكومي.

من الواضح إذن أن الصراعات بين الأحزاب الثمانية ووزرائها، لا تبشّر بتحقيق أي استقرار، وتبقي إشارة أخيرة إلى أن وزير الدفاع، بيني جانتس، قد يكون سبباً أساسياً في فرط تماسك الائتلاف، وذلك في تأكيد الاقتراح الذي كان عرضه عليه رئيس الوزراء السابق نتنياهو قبل شهرين، بأن يترك الائتلاف كي ينتخب رئيساً للوزراء لمدة أربع سنوات وهو خيار وارد في المدى المتوسط.

* أكاديمي متخصص في الشؤون الاستراتيجية والعلوم السياسية.

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى