أقلام وأراء

د.سفيان أبو زايدة يكتب – الانتخابات الاسرائيلية و اهتزاز عرش نتنياهو

د.سفيان أبو زايدة – 27/12/2020

وفقا للقانون الاسرائيلي وفي ظل عدم اقرار موازنة الدولة و الخلافات الجوهرية بين قطبي الحكومة الاسرائيلية سيما مماطلة نتنياهو بالالتزام في تبادل المناصب مع بني غانتس و محاولته اجراء تغييرات جوهرية في منظومة القضاء الاسرائيلي لحماية نفسه من المحاكمة تم حل الكنيست بشكل تلقائي و اقرار الذهاب الى الانتخابات العامه بعد مئة يوم حيث ستجرى الانتخابات في الثالث و العشرين من شهر مارس المقبل.

هذه الانتخابات التي ستجرى للمرة الرابعة خلال عامين ستشهد تغيرات جوهرية في الخارطة الحزبية و السياسية في اسرائيل حيث سيكون مستقبل نتنياهو السياسي و امكانية ازاحته عن المشهد من اهم هذه المتغيرات .

وعلى الرغم ان هذه الانتخابات ستكون نسخه مشابهه عن الانتخابات الثلاثة الاخيرة السابقة و التي كان عنوانها ايضا ازاحة نتنياهو عن المشهد الا انها ستكون نسخة لها خصوصيتها و هناك بوادر لزعزعة عرش نتنياهو الذي يهتز منذ سنوات .

لقد تلقى نتنياهو ضربات قاسية من داخل الليكود ،كان اولها اعلان جدعون ساعر ترك الحزب و تشكيل حزب جديد حمل اسم ”امل جديد“.

لقد كان خروج جدعون ساعر من الليكود كان متوقعا حيث تعامل معه نتنياهو بحساسية عالية و اتهمه بالتآمر عليه سيما بعد ان ترشح ضده داخل الليكود عشية الانتخابات الاخيرة و التي حصل فيها ساعر على ٢٥٪ من اصوات اعضاء الليكود لكن الضربة القاتلة في الرأس التي تلقها نتنياهو تمثلت بخروج اقرب المقربين له و كاتم اصراره الوزير زئيف ألكن و انضمامه الى جدعون ساعر ليتلحق مع مجموعه من اعضاء الكنيست الاخرين الذين التحقوا بحزب ساعر الجديد.

الانتخابات البرلمانية الرابعة التي ستجرى في اسرائيل بعد ثلاث شهور وكذلك الثلاث جولات انتخابية التي سبقتها خلال اقل من عامين كان يهدف نتنياهو منها حماية نفسه من المحاكمة بتهم الفساد محاولا تغيير القوانين التي لها علاقة بالقضاء لحماية نفسه لكنه حتى الان فشل في ذلك و هناك شكوك ان يتغير هذا الوضع بعد الانتخابات المقبله.

لكن ليس فقط نتنياهو الذي اهتز عرشه، ايضا شريكه في الحكومه و رئيس الوزراء البديل بني غانتس تلقى ضربات قاتله و ينتظره المزيد منها قد تنهي حياته السياسية، حيث تمرد عليه اعضاء حزبه سيما وزير العدل الذي رفض اي مساس بصلاحيته التي طالب نتنياهو بتقليصها بما يخدم مصلحته و تغيب اعضاء اخرين من حزبه عن التصويت على الاتفاق بينه و بين نتنياهو . لكن الضربة الاكبر و القاضية لبني غانتس ستكون اذا ما تركه غابي اشكنازي و وزير العدل افي نسكورين .

بعض الملاحظات على ما يميز الانتخابات الاسرائيلية القادمة:

اولا: حزب العمل الذي اسس وقاد اسرائيل لعشرات السنين سيختفي عن الخارطة السياسية لاول مره في تاريخ اسرائيل. كل التقديرات و استطلاعات الرأي الاخيرة اجمعت على ان حزب العمل لن يتجاوز نسبة الحسم . لذلك يحاول رئيسه عمير بيرتس عرضه على شخصيات تتمتع بشعبيه مثل عاموس يدلين رئيس شعبة الاستخبارات السابق و رون خولدائي رئيس بلدية تل ابيب الذي سيشكل حزب جديد و غادي ايزنقوت رئيس الاركان السابق الذي يقوم بعملية احماء للدخول الى ملعب السياسة.

ثانيا: حزب ازرق ابيض بزعامة بني غانتس قد لا يتجاوز نسبة الحسم و لكن في كل الاحوال فشل الجنرال غانتس في ازاحة نتنياهو و ان بقي في المشهد السياسي سيكون تأثيره هامشي و الضربة القاضية له اذا ما اعلن وزير الخارجية غابي اشكنازي ترك الحزب و اعتزال الحياة السياسية وبعد ان يتركه وزير العدل افي نسكورن الذي يبحث عن بيت جديد. حينها قد يعتزل غانتس نفسه الحياة السياسية بعد ان يدرك ان فرصة حزبه لتجاوز نسبة الحسم ستكون غير ممكنه.

ثالثا: اختلطت الاوراق بين الكتل، و لم يعد هناك كتلة يمين و كتلة وسط يسار . هناك خلط في الاوراق مما يجعل كل تحالف ممكن قبل او بعد الانتخابات. هكذا ستكون هناك امكانية لتحالف ساعر مع نفتالي بينت و ليبرمان مع المتدينين و حزب لبيد و جزء من الاحزاب و القوائم الجديدة التي قد تتشكل و تنجح في الدخول للكنيست. حسبة كتلة يمين ويمين متطرف مقابل كتلة يسار و سط لم تعد قائمه.

رابعا: تلقى نتنياهو ضربه قد تكون قاتله عندما اعلن الوزير زئيف ألكن ترك نتنياهو و الانضمام لجدعون ساعر. خطورة هذه الخطوة على نتنياهو ان زئيف ألكن كان من اقرب المقربين لنتنياهو و رجل اسراره في كل ما يتعلق بالاعيب نتنياهو الداخلية. لقد كان محامي الشيطان له . قفزه من سفينة نتنياهو التي قد تغرق و التحاقه بجدعون ساعر ستؤثر على ناخبي الليكود. زئيف ألكن انضم الى خمسة اعضاء كنيست اخرين تركوا سفينة الليكود و احتمال كبير ان يلتحق اسرائيل كاتس وزير مالية نتنياهو باي لحظة بصديقه جدعون ساعر. حينها سيكون نتنياهو تحت تهديد حقيقي.

خامسا: هناك تراجع في شعبية القائمة العربية المشتركة و احتمال تفككها في ظل خلافات داخلية و ازدياد الجريمة في الوسط العربي.

سادسا و اخيرا الموضوع الفلسطيني غير مذكور تقريبا في الجدل الداخلي الاسرائيلي. عمليا غير موجود بعكس السنوات السابقة التي كان فيها الموضوع الفلسطيني هو اهم المواضيع في برامج الاحزاب الانتخابية.

على العكس من ذلك ، من يريد ان تكون له فرصه لكي يصبح رئيسا للوزراء عليه ان يبدي مواقف يمينه متطرفه ضد الفلسطينيين. هكذا فعل جدعون ساعر عندما علن تمرده على نتنياهو و تشكيله حزب جديد. اعلن انه ضد دوله فلسطينية و كان دوما على يمين نتنياهو في مواقفه السياسية.اما بقية الاحزاب و القوائم اما ان تطرح مواقف متطرفه تجاه الموضوع الفلسطيني و اما ان تتجاهله تماما. ربما باستثناء حزب ميرتس الذي يحافظ على مواقفه اليسارية تجاه الموضوع الفلسطيني.

dr.sufianz@gmail.com

4

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى