أقلام وأراء

د.سفيان أبو زايدة – غزة تتقلب بين مسار التهدئة ومسار التصعيد

د.سفيان أبو زايدة – 26/8/2021

  بعد ايام من التوتر و التي تخللها تبادل رسائل التهديد بين اسرائيل و الفصائل في غزة، سيما بعد اصابة الجندي الاسرائيلي القناص بطلقات  مسدس من شاب فلسطيني ادت الى اصابته اصابات بالغه  و ما تبع ذلك من قصف للطيران الحربي الاسرائيلي لاهداف فلسطينية

اضافة الى اغلاق معبر رفح في كلا الاتجاهين و الذي تم ربط القرار بعدم ارتياح مصري من تطورات الامور في ظل جهودهم المكثفة لتفكيك الالغام التي تعيق التوصل الى اتفاق يفضي الى تثبيت التهدئة و فك الحصار و اعادة الاعمار .

امس كان اختبار ناجح للثلاث اطراف ذات العلاقة ، مصر و اسرائيل و الفصائل الفلسطينية وعلى رأسها حماس.

مصر نجحت في جهودها  بعدم تدهور الاوضاع اكثر مما هي عليه و العودة الى مسار التهدئة. المهرجان الذي تم اقامته في شرق خان يونس انتهى دون احتكاك جدي مع قوات الاحتلال المنتشرة على الحدود و كان هناك حرص ان لا يكون هناك اقتراب اكثر من اللازم للشباب الفلسطيني كما حدث في  شرق غزة قبل ايام.

تخطي يوم امس بسلام ارتبط بشكل مباشر دون ان يكون هناك اي اعلان رسمي او علني بالقرار المصري باعادة فتح معبر رفح اليوم الخميس للقادمين من مصر و يوم الاحد يتم فتحه بالاتجاهين كما اعلنت السفارة الفلسطينية في القاهرة.

العودة الى مسار التهدئة يمنح الاخوة المصريين المزيد من الوقت للنجاح في مهمتهم في تثبيت التهدئة و فك الحصار و الاعمار و انجاز صفقة تبادل الاسرى التي تعتبر العقبة الرئيسية لجهة انجاز الملفات الاخرى.

الحكومة الاسرائيلية و قوات امنها ايضا تنفست الصعداء بعد تخطي مهرجان يوم امس بسلام على الرغم من كل الاستعدادات الميدانية و التصريحات النارية و الجهوزية لخوض جولة جديدة من القتال اذا تطلب الامر.

الرد الاسرائيلي على مرور يوم امس بسلام تمثل في الاعلان عن توسيع قائمة البضائع و المواد المسموح بادخالها لغزة و كذلك زيادة عدد تصاريح التجار الى الف تصريح اضافي.

الخطوة هدفها ايصال رسالة مزدوجة وهي انهم لا يريدون الدخول في جولة قتال حديدة رغم جهوزيتهم و في نفس الوقت اعطاء المجال للجهود المصرية في التوصل الى تفاهمات تبقي غزة على مسار التهدئة و تبعدها عن مسار الحرب و الدمار.

الفصائل الفلسطينية و على رأسها حماس و التي عبرت عن موقفها في اكثر من مناسبة بانها لا تخشى التصعيد وجاهزة للمواجهة  ولن تقبل ان تستمر المماطلة الاسرائيلية و الاستمرار في خنق غزة ، على الرغم من ذلك رسالتهم امس بانهم لا يسعون الى ذلك وهم ايصا يرغبون في استمرار الدور المصري  و يساعدون في انجاحه لكن استمرار الوضع على ما هو عليه سيعيد الامور الى مسار التوتر مرة اخرى.

على اية حال هناك امران سيحددان ما اذا كان بالامكان الحفاظ على مسار التهدئة او الانزلاق و العودة الى مسار التصعيد.

الاول هو انجاز صفقة تبادل الاسرى بين اسرائيل وحماس. استمرار عدم التوصل الى اتفاق و معرفة مصير الجنود الاثنين هدار غولدن و شاؤول ارئيل اللذان  تم اسرهم خلال عدوان2014 سيبقي اسباب التوتر  و التصعيد قائمة و سيبقي الذريعة الاسرائيلية بعدم الاقدام على خطوات جوهرية لتغيير الوضع الاقتصادي في غزة قائما.

على الرغم من رفض حماس المطلق الربط بين الاعمار و فك الحصار و بين موضوع الاسرى على اعتبار ان هذا الامر يجب ان يكون مسار منفصل الا ان الربط موجود من الناحية العملية.

هناك ادراك بان الفارق كبير بين ان يكون الجنود الاثنين او احدهم على قيد الحياة او يكونوا جثث. صفقة تبادل اسرى احياء تختلف عن صفقة تبادل اسرى مع غير احياء .

حماس تصر ان يكون الكشف عن مصيرهم بثمن معلوم ترفض اسرائيل حتى الان دفعه مع تعاملها على الاقل من الناحية الاعلامية و الرسمية على ان الاثنين اموات غير معروف مكان دفنهم . وعليه انجاز هذا الملف او عدم انجازه يشكل عامل اساسي في الابقاء على مسار التهدئة او الانزلاق بين الحين و الاخر الى مسار التوتر و التصعيد.

الاعتبار الثاني الذي يجعل غزة تتقلب على الجمر بين الحين و الاخر و تتنقل بين مساري التهدئة و التصعيد هو غياب الاستراتيجية الاسرائيلية في التعامل مع غزة.

مخطئ من يعتقد ان هناك استراتيجية اسرائيلية في كيفية التعامل مع غزة. عشرات الاجتماعات و النقاشات و تقديرات المواقف على مستويات مختلفه من دوائر صنع القرا في اسرائيل ، اخرها اجتماع الكابينت  الاسرائيلي المصغر بعد العدوان الاخير في شهر مايو الماضي و الذي خصص لتقييم الوضع و تقييم العملية العسكرية.

تقريبا كل واحد من الحضور كان له وجهة نظر مختلفة تتراوح ما بين الاستمرار في خنق غزة الى ان تتخلى الفصائل عن سلاحها و انفاقها  الى الاقتراح بفتح ابواب غزة على مصراعيها بما في ذلك انشاء ميناء و اعادة بناء  المطار كما اقترح وزير المواصلات السابق اسرائيل كاتس .

وكما هي العادة في كل النقاشات التي تتعلق بغزة اختارت القيادات الاسرائيلية الخيار الاسهل وهو ابقاء الوضع على ما هو عليه دون الاقدام على اتخاذ خطوات استراتيجية. 

الى ان يتم وضع استراتيجية اسرائيلية تجاه غزة و الى ان يتم انجاز صفقة تبادل الاسرى ستبقى غزة تتقلب بين مسارين ، مسار التهدئة و مسار التصعيد.

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى