أقلام وأراء

د. دلال صائب عريقات تكتب رسالتي لوزير الخارجية الأمريكي

بقلم  د. دلال صائب عريقات *- 30/5/2021

أهلا بك في فلسطين، اسمي دلال عريقات، أنا أم لثلاثة أطفال ولدين وبنت، كما أنني أستاذة الدبلوماسية وحل الصراع في الجامعة العربية الأمريكية.

لقد تابعت تصريحاتك وتصريحات الرئيس جو بايدن، يجب أن أعترف أن تغيير اللغة والتحول في الخطاب أمر مثير للإعجاب، وحضاري للغاية بالفعل، الآن وأنت تتحدث عن تدابير متساوية للكرامة والحرية والازدهار والديمقراطية، وأنت تعمل على خطوات عملية لضمان مستقبل أفضل للفلسطينيين والإسرائيليين على حد سواء.

أتذكر أنني أتممت 39 عامًا الأسبوع الماضي، وأنا أفكر في حياتي تحت الاحتلال، لا يسعني إلا أن أتذكر والدي الذي كرس حياته للسلام عن طريق الدبلوماسية والمفاوضات والحوار لتحقيق حلم الحرية لي ولإخوتي ولأجيال فلسطين.

للأسف، ترك والدي هذا العالم دون أن يحقق حلمه. إن رحيله تذكير مؤلم لك سيدي الوزير ولي بأننا قد نغادر هذا العالم دون أن نحقق أحلام أطفالنا في العيش في سلام وأمن في حدود سيادية محددة.

الأمل ليس كافياً، نحن بحاجة إلى العمل الجاد لضمان مستقبل أفضل للأجيال.

بصفتي أستاذًا في الدبلوماسية وحل الصراع، ماذا أقول لطلابي؟

كيف نترجم تصريحاتك إلى أفعال بينما لا تدين الولايات المتحدة قانون الدولة القومية اليهودية لعام 2018 الذي يتجاهل ببساطة حقوق مليوني شخص غير يهودي يحملون الجنسية الإسرائيلية. ما تشاهده اليوم من أحداث داخل أراضي 1948 هو انعكاس لـ 73 عامًا من النكبة المستمرة التي أنتجت الفصل العنصري والاضطهاد وإرهاب المستوطنين. سيدي الوزير، كيف ستترجم وعودك بالمساواة في الحقوق للفلسطينيين وغير اليهود إذا واصلت الحديث عن دولة إسرائيل اليهودية؟

كيف يمكننا ترجمة تصريحاتك؟ هل سترفعون الحصار الذي دام 15 عامًا على غزة؟ حيث يُحرم 2 مليون فلسطيني من حقوق الإنسان الأساسية ويتعرضون لتهديد آلة الاحتلال العسكرية كل ٤ سنوات!

كيف يمكننا ترجمة تصريحاتك في حين أن إدارتك لا تتراجع عن اعتراف ترامب بالقدس؟ هل ستعترف بالقدس الشرقية عاصمة للفلسطينيين أم ستختار إهمال حقوق 300000 فلسطيني يعيشون في القدس الشرقية؟

كيف يمكننا ترجمة تصريحاتك إلى واقع؟ هل ستوقف عمليات الإخلاء/التهجير القسري الإسرائيلية في القدس؟ اسمح لي أن أوضح هنا أن القضية لا تتعلق بالشيخ جراح وحده، إنها جزء من مشروع كولونيالي استيطاني يشمل الأقصى، سلوان، بوابة الخليل حتى خان الأحمر، الإسرائيليون يعملون على ضم الأراضي بحكم الأمر الواقع كما هو مبين في مخططاتهم E1 و E2 وحوض القدس والتي تهدف إلى عزل القدس الشرقية والمنطقة ج تمامًا عن الضفة الغربية.

عرضت عليه خريطة حديثة لتوسعات المستوطنات في الضفة الغربية والقدس الشرقية من انتاج عام 2021 لوحدة دعم المفاوضات في منظمة التحرير، وقلت:

سيدي الوزير، بما أنك تدافع عن حل الدولتين، أتمنى منك مساعدتي، كيف أشرح لطلابي أنه لا يزال هناك مجال للسلام ودولة فلسطينية على أساس الخريطة والواقع على الارض، الاستيطان، لم يترك مكاناً.

السيد الوزير، يرى جيلي أن حل الدولتين هو مجرد كلام، ويجب على الإدارة الأمريكية أن تدرك أن الجمهور الفلسطيني مستاء من الضرر الذي فرضته الإدارة الأمريكية السابقة على أرضنا.

كيف نترجم تصريحاتك بالمساواة في الوقت الذي تقيم فيه إسرائيل جدران الفصل العنصري بين الشعبين وأنت لا تدينها؟

كيف يمكننا ترجمة تصريح السيد بايدن لتذكير العالم كله بأننا ولدنا متساوين؟

أخرجت بطاقة هويتي وجواز سفري وواصلت:

عندما أنا، من ولدت في القدس حيث يشير جواز سفري وهويتي ولا يمكنني دخول القدس بدون تصريح إسرائيلي؟

ليس للفلسطينيين مشكلة مع الأمريكيين، بل على العكس، نحن ممتنون لملايين الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، لدعمكم للأونروا، للمنح التعليمية والمساعدات الإنسانية، ولكن بعد أن شاهدنا الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب على الشاشات يوقع منح القدس إلى الإسرائيليين، ندرك أن بايدن لديه من الصلاحيات ما يكفي لإصلاح الوضع. من المكسيك، إلى الصين، إلى اتفاقيات تغير المناخ، تم التراجع عن العديد من الإنجازات التي يفتخر بها الرئيس السابق دونالد ترامب في الأيام الأولى فقط من إدارة بايدن.

• حان الوقت للتراجع عن قرارات ترامب التي غذت الكراهية والعنصرية في منطقتنا.

• من الملح أن تتراجع عن قرارات ترامب بشأن القدس.

• حان الوقت لرفع الحصار عن غزة.

• حان الوقت لإنهاء الاحتلال.

• حان الوقت لإدانة عمليات التهجير الإسرائيلية للفلسطينيين من منازلهم في القدس.

• حان الوقت لأن توقف الولايات المتحدة مساعداتها العسكرية السنوية لاسرائيل بقيمة 3.8 مليار دولار.

• حان الوقت لأن توقف الولايات المتحدة ضم غور الأردن.

• حان الوقت لوقف حماية إسرائيل في الأمم المتحدة من خلال الفيتو.

• حان الوقت لإدراك أن السلام لا يمكن فرضه ولا يمكن تحقيقه بدون الفلسطينيين.

•ا لحقيقة سيدي الوزير أن الولايات المتحدة متورطة بشكل مباشر أو غير مباشر في جرائم الحرب الإسرائيلية ضد شعبنا، دعونا نصحح التاريخ معًا.

• يجب أن يشمل الحل إنهاء الاحتلال الإسرائيلي ومواجهة عدم المساواة وضمان العدالة للشعب الفلسطيني. الاقتصاد وحده لن يحل الصراع.

قد تعتقد سيدي الوزير أنني طموحة جداً في مطالباتي، ولكن في الواقع فأنا أنقل فقط ما يفكر به الجمهور الفلسطيني وما يستحقه استناداً للقانون وللإجماع الدولي ومرجعيات السلام على حدود عام 1967 بما في ذلك القدس الشرقية.

السيد الوزير، لقد أعلنت عن تفانيك في إعادة إعمار غزة والمساعدات الإنسانية والخطوات التي تحقق مستقبلاً أفضل للفلسطينيين والإسرائيليين. وجب علي التذكير انه لا يمكن استعادة الأمل من خلال خطة مارشال. من فضلك لا تكرر أخطاء الماضي بإعطاء الأولوية للمسار الاقتصادي على حساب الحل السياسي. حان الوقت لحل سياسي يمنح الفلسطينيين والإسرائيليين حقوق الإنسان والعدالة والحرية والمساواة بعيدًا عن القيود التي يفرضها الاحتلال العسكري الإسرائيلي.

السيد الوزير، أنا مؤمنة بشدة بأن التغيير يجب أن يأتي من الداخل، وأننا كفلسطينيين بحاجة إلى تفعيل الديمقراطية، والوصول إلى المصالحة، وإصلاح مؤسساتنا العامة، وتمكين المرأة، والاعتراف بقوة الشباب وأكثر من ذلك. ومع ذلك، لا يزال دور الولايات المتحدة لا غنى عنه.

أنتم قادرون على تغيير ملامح المنطقة، نصيحتي لكم هي ألا تضيعوا في التفاصيل، ولا أريد الخوض في تفاصيل حياتنا اليومية من الشيخ جراح إلى سلوان إلى غورالأردن إلى غزة أو 6000 أسير ما زالوا خلف القضبان. أو أن أخبرك عن ابن خالي (أحمد) الذي استشهد الصيف الماضي على حاجز يفصل بين مدينتين فلسطينيتين، ولا تزال السلطات الإسرائيلية تحتجز جثمانه، الى جانب أكثر من 90 شهيدا في مختبرات جامعة تل أبيب، دون إعطاء الأسرة الحق الأساسي في وداعه ودفنه بكرامة.

السيد الوزير، عندما تستمر الولايات المتحدة في دعم حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها، وجب علي تذكيرك بالمادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة، وأن هذا الحق ينطبق على الفلسطينيين منذ أن تم الاعتراف بنا كدولة في عام 2012، ولدينا الحق في الدفاع عن أنفسنا.

السيد الوزير، نصيحتي عند الحديث عن التسوية هي عدم البدء بالتفاصيل وعدم تكرار النهج التصاعدي، ولكن النظر من إطار عام “ماكرو” حيث نبدأ أي مسار سياسي بإنهاء الاحتلال والاعتراف بالدولة الفلسطينية، وقبل كل شيء تحديد حدود دولة إسرائيل.

دعونا لا نغادر هذا العالم دون أن نحقق أحلامنا في الحرية والكرامة، وأنتم قادرون على ذلك.

شكراً.

* د. دلال عريقات –  استاذة الدبلوماسية والتخطيط الاستراتيجي، كلية الدراسات العليا، الجامعة العربية الامريكية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى