أقلام وأراء

د. دلال صائب عريقات تكتب – الانتخابات : حاجة داخلية ام مطلب دولي ؟

بقلم  د. دلال صائب عريقات *-  21/3/2021

هناك رأي بأن نية عقد الانتخابات هذا العام جاءت نتيجة لضغوطات خارجية من قبل المجتمع الدولي، لا نستبعد حقيقة أن السلطة الوطنية تريد لفت نظر إدارة بايدن الجديدة بعد ٤ سنوات مظلمة على مستويات كثيرة اضافة لأهمية الظهور الحضاري أمام ضغوط الممول الخارجي وخاصة الأوروبي، بالرغم من ذلك، لا بد من التنويه أن الانتخابات غائبة منذ ١٥ عاما، وهنا لا بد من تحليل الأسباب الداخلية التي أدت الى اتخاذ قرار بعقد الانتخابات التشريعية لهذا العام.

نرى أن دافع الحاجة الداخلية للانتخابات يفوق تأثير ضغط المجتمع الدولي، فمن ناحية، الانتخابات هي استحقاق للمواطن لممارسة حقه الطبيعي في اختيار ممثليه وثانياً إن صناع القرار اليوم في أمس الحاجة للشرعية التي يمكن حصدها من خلال صناديق الاقتراع.

لا بد أن ندرك أن الوضع الراهن المتمثل بغياب الديمقراطية وتوغل الانقسام هو السيناريو الأفضل لخدمة الاحتلال وهو الحجة التي يستعملها المجتمع الدولي الذي بدأ يتراجع عن دعمه المالي إضافة لضعف المواقف السياسية التي ما زالت تروج لحل الدولتين دون التطرق للاعتراف بالدولة الفلسطينية. ومن هنا فان استمرار الوضع الراهن وغياب الديموقراطية لا يخدم المصلحة الوطنية الفلسطينية بل يُستعمل كحجة منطقية لعدم تقديم العون السياسي والمالي للسلطة الفلسطينية من قبل المجتمع الدولي كما ويخدم بالدرجة الأولى نتنياهو حيث أنه في ظل غياب المصالحة وظهور نظامين سياسيين متنافسين في شقي الوطن هو خدمة مجانية لنتنياهو بالدرجة الاولى.

على مدار السنوات السابقة، تم الحديث عن الانتخابات مراراً وتكراراً من قبل الرئيس، إلا أنه لم يتعد تصريحات الحديث عن الانتخابات والديمقراطية. بموجب المرسوم الرئاسي بتاريخ 2021/1/15 ستجرى الانتخابات التشريعية بتاريخ 22/5/2021، والرئاسية بتاريخ 31/7/2021، على أن تعتبر نتائج انتخابات المجلس التشريعي المرحلة الأولى في تشكيل المجلس الوطني الفلسطيني، لأن نظام منظمة التحرير يعتبر أعضاء المجلس التشريعي المنتخبين خلال مدة ولايتهم أعضاء في المجلس الوطني، على أن يتم استكمال انتخابات المجلس الوطني في 31/8/2021.

إذاً، نظرياً، الانتخابات التشريعية أواخر أيار والانتخابات الرئاسية أواخر تموز، عملياً، ما زال موضوع الانتخابات التشريعية غير محسوم بشكل نهائي لعدة أسباب أهمها أننا ما زلنا بانتظار إجابة اسرائيلية حول عقد الانتخابات في القدس وإجابة أخرى حول لوجستيات عقد الانتخابات في الضفة الغربية وقطاع غزة، لطالما كانت حجة القيادة الفلسطينية بتأجيل الانتخابات هو ضرورة عقدها في كل أجزاء الوطن وعليه هل ستقبل القيادة إجراء الانتخابات هذه المرة في حال لم تسهل دولة الاحتلال الاجراءات اللوجستية لتمكين المواطن الفلسطيني المقدسي من ممارسة حقه الطبيعي ؟.

هنا قد نشهد خيار التأجيل مُبرراً بحجة أن الانتخابات لا تتم دون اعطاء المقدسيين حقهم المشروع في المشاركة بإلقاء اللوم على الجانب الاسرائيلي بالدرجة الاولى ثم المجتمع الدولي الذي لم يضغط على اسرائيل لتسهيل عملية الانتخابات.

بدأت بالامس المدة القانونية لتسجيل القوائم في لجنة الانتخابات المركزية واليوم يدور الحديث حول الشراكة فهي الطريق للاستقرار السياسي، الشراكة هي باختصار مشاركة السلطة Power Sharing، الشراكة السياسية في الوضع الراهن هي فعلاً خطوة باتجاه المصالحة ولكنها إجراء تكتيكي وليس استراتيجيا، أي ان الانتخابات اليوم على أساس الشراكة ستضمن مرحلة متوسطة المدى من الاستقرار وعملية انتخابات هادئة سينتج عنها بعض التوازن الداخلي ولكنه سيكون مرحليا وسيؤثر على بقاء الفصائل نفسها. يدرك الحزبان الأكبر أن فكرة القوائم المشتركة تعني الكثير من الايجابية والاستقرار السياسي قريب المدى ولكنها بكل بساطة تُخرج مفهوم الانتخابات من فحواه وعمقه في ايجاد الديمقراطية الحقيقية.

نطمح أن تكون الانتخابات هي الأداة والوسيلة لتفعيل الديمقراطية ومشاركة الشعب في صناعة الرأي العام من خلال صناديق الاقتراع. نأمل أن يتم تفعيلها كل أربع سنوات بشكل دوري وألا تكون مربوطة بحاجة المرحلة فقط. السؤال الذي يتبادر للأذهان اليوم أنه وفي حال تم عقد الانتخابات ولم يتم أي تأجيل، هل سيقبل المجتمع الدولي بنتيجة الانتخابات الفلسطينية أم أن المجتمع الدولي يبحث عن ديمقراطية على مقاييسه الخاصة ؟

* دلال عريقات  أستاذة الدبلوماسية والتخطيط الاستراتيجي، كلية الدراسات العليا، الجامعة العربية الأمريكية .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى