أقلام وأراء

د. حنا عيسى يكتب – الاعتقال الاداري خرق فاضح للقانون الدولي

د. حنا عيسى *- 6/10/2020

الاعتقال الإداري: امر صادر عن جهة ما يقضي بحبس شخص ما دون توجيه تهمة معينة أو لائحة اتهام بحيث يكون بناء على ملفات سرية استخبارية، أو بسبب عدم وجود ادلة أو لنقص الادلة ضد متهم ما..

وقد استغلت سلطات الاحتلال الإسرائيلي مادتين قانونيتين كمسوغ لفرض الاعتقال الإداري على الاف من ابناء الشعب الفلسطيني. الأولى: المادة (111) من أنظمة الدفاع لحالة الطوارئ التي أقرها الانتداب البريطاني عام 1945. الثانية: البند 78 من اتفاقية جنيف الرابعة الذي يسمح باعتقال أشخاص ضمن الاعتقال الإداري في حالات شاذة للغاية، كوسيلة أخيرة تهدف إلى منع الخطر الذي لا يمكن إحباطه بوسائل اقل مساً بالحرية التي اعتبرها قانون حقوق الإنسان الدولي “من اللبنات الأساسية في حقوق الإنسان”.

ثم تفننت سلطات الاحتلال الإسرائيلي في إصدار اوامر الاعتقال الإداري بهدف قمع النخب السياسية والاجتماعية من رجالات السياسة والمثقفين والأكاديميين وأعضاء المجلس التشريعي علاوة على النساء والأطفال القاصرين، كما يلي:

* الأمر العسكري الإسرائيلي رقم (378) في سنة 1970

* قانون صلاحيات الطوارئ (اعتقالات) في سنة 1979

* الامر رقم (1228) في سنة 1988 من أجل تسهيل عملية الاعتقال الإداري، والذي أعطى صلاحية إصدار قرار التحويل للاعتقال الإداري لضباط أقل رتبة من قائد المنطقة، مما أدى الى ارتفاع كبير لعدد المعتقلين الإداريين الفلسطينيين

* الامر رقم (1281) في سنة 1989 الذي سمح بإطالة فترة الاعتقال الإداري للمرة الواحدة لسنة كاملة، قابلة للتجديد أيضاً، وقد تم تحويل المئات من الفلسطينيين للاعتقال الإداري لمدة عام وكثيراً ما جدد أمر اعتقالهم عند انقضاء هذه المدة أو قبيل انتهائها.

يجب ملاحظة ان تلك الأوامر (والاعتقال الإداري نفسه) منافية لأحكام المواد 83-96 من اتفاقية جنيف الرابعة لسنة 1949م والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، واتفاقية مناهضة التعذيب.

وما يثير السخرية هو الإجراءات التي تتبعها سلطات الاحتلال الإسرائيلي في تطبيق الاعتقال الإداري، إذ تتلخص في:

* خلال 8 أيام من صدور الأمر يعرض الموضوع أمام محكمة عسكرية بدائية للمصادقة على الاعتقال بدون الكشف للمتهم ولمحاميه عن التهمة وفحوى مواد الأدلة باستثناء مادة التحقيق الأولية التي تسمى المادة العلنية،

* بعد ذلك يعرض أمام المحكمة العسكرية الاستئنافية، دورها مكمل للمحكمة البدائية وقراراتها دائماً لمصلحة النيابة العسكرية حيث لا يتاح للمتهم ومحامي الدفاع الاطلاع على بنود الاتهام أو ما يعرف بالملف السري – ما أن تنتهي فترة الاعتقال الأولى حتى تتمدد مرة تلو المرة لتصل الفترة التراكمية في عدة حالات لفترات أقصاها 5 سنوات.

* محكمة ” العدل العليا ” نفس ما يحدث في المحكمة العسكرية الاستئنافية، مما يؤكد على أن تلك المحاكم هي صورية وتتخذ قراراتها وفقاً لما يمليه عليها جهاز المخابرات ” الشين بيت “.

لذلك، فمن أبشع الوسائل والأساليب التي تمارسها سلطات الاحتلال الإسرائيلي الاعتقال الإداري والتوقيف لفترة طويلة دون محاكمة مما يعتبر انتهاكا صارخا لقواعد القانون الدولي الإنساني الذي يشترط محاكمة عادلة تُوفر خلالها كافة الضمانات القانونية التي تمكن الشخص من الدفاع عن نفسه.

أدعو الى تكثيف الجهود المحلية والدولية للضغط على سلطات الاحتلال الإسرائيلي من اجل التوقف عن استخدام الاعتقال الإداري بحق إخوتنا، والإفراج عن كافة المعتقلين والأسرى استنادا لأحكام وقواعد القانون الدولي الانساني.

*أستاذ القانون الدولي .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى