أقلام وأراءشوؤن عربية

د. حسن أبو طالب: مقتدى الصدر وصراع المشروعات السياسية فى العراق

د. حسن أبو طالب 10-9-2022م

خطاب قصير لا يتجاوز الدقائق الستة، ينهى أزمة عاصفة كادت أن تفتح أبواب الجحيم على العراق وشعبه. ففى ظهيرة الثلاثاء 30 أغسطس 2022، دعا السيد مقتدى الصدر أنصاره إلى الانسحاب فوراً من مواقع الاعتصام الذى استمر شهراً كاملاً أمام القصر الحكومى والبرلمان، معتبراً أن ما حدث من عنف فى الليلة السابقة والقتلى الذين قضوا والمصابين الذين سقطوا، قد أفسد الثورة السلمية لتياره، وأن القاتل والمقتول كلاهما فى النار.

جاء البيان القصير لمقتدى الصدر حاسماً، أغلق صفحة دموية، ما أضفى بعداً جديداً فى مسيرة الصراع القائم بين التنظيمات والأحزاب السائدة لدى شيعة العراق من جانب، وبين مسيرة الصراع حول مستقبل العراق ككل من جانب آخر. وكلا الأمرين متشابكان لا سيما ما يتعلق بالخروج من الأزمة الراهنة المتمثلة فى كيفية حل البرلمان وإجراء انتخابات مبكرة، ووقف تشكيل حكومة تخضع للإطار التنسيقى وحسب، وانتخاب رئيس جمهورية جديد، خاصة وأن البرلمان ذاته لم يعقد بعد، ويتطلب حله موافقة ثلثى أعضائه، أو مذكرة خاصة بحله من رئيس الجمهورية يوافق عليها البرلمان.

العراق ودلالات لحظة الحسم
لقد أفصحت المواجهات التى جرت والأسلوب الذى أنهى به مقتدى الصدر لحظة الاندفاع نحو العنف اللامنضبط كثيراً من الدلالات المهمة، نوجز أبرزها فيما يلى:

أولاً، يعيش العراق حالة تناقض شديد بين مبدأ الدولة والمؤسسات والقانون والدستور وحالة انفلات السلاح، فإما مؤسسات فاعلة تطبق القانون وتراعى حقوق الناس جميعاً، وتحفظ موارد البلاد، وتواجه تحديات البقاء والسيادة، بعيداً عن الانحيازات للخارج ورفضاً لضغوط جماعات النهب والفساد والسلاح الخارج عن سطوة الدولة، وإما دولة فاشلة تغرق فى الاقتتال الأهلى، رغم وجود مؤسسات ودستور يجهز عليه الجميع، وتزداد فيها رعونة الناهبين والفاسدين بما يقضى على ما يمكن إصلاحه، ويضيع معها العراق وتزداد فيه قطرات الدم ورغبات الانتقام.

ثانيًا، إن تطورات الأحداث فى الأشهر العشرة الماضية منذ إعلان نتائج انتخابات أكتوبر الماضى، وما تلاها من ألاعيب مجموعة التشكيلات المسلحة والحزبية ذات الوجوه المعتادة والموالية لإيران والمعروفة باسم الإطار التنسيقى، والتى استندت فى النهاية لدعم من فتاوى قضائية غير منضبطة وفتوى دينية ذات غرض من أحد مراجع الشيعة المناهض للتيار الصدرى لا يجيز فيها مشاركة الشيعة لغيرهم فى تشكيل الحكومة، ما أدى إلى إقصاء التيار الصدرى الفائز بأكبر عدد من المقاعد النيابية عن تشكيل حكومة أغلبية تضم شيعة وسنة وأكراداً وفقاً للقواعد الديمقراطية المعتادة، ما سبب للعراق دوامة سياسية بلا أفق، تؤكد أن التباعد بين المشروعين السياسيين الكبيرين المطروحين فى البلاد راهناً وصل إلى أقصى درجاته، بحيث يبدو متعذراً أن يلتقيا فى نقطة وسط، ما لم يتراجع الطرفان ويقبلان مبدأ التنازلات المتبادلة من أجل الوطن والشعب.

ثالثًا، إن كل مبادرات الحوار السياسى التى دعا إليها رئيس الوزراء مصطفى الكاظمى بتوافق مع الرئيس برهم صالح، أثناء الاعتصامات المتبادلة قبالة المؤسسات الحكومية والبرلمان واجهت تعقيدات شديدة، وما زالت تواجه أى مبادرة للحوار بغية الخروج بخطة طريق تنهى مسار الفوضى الراهن. ويأتى إعلان السيد مقتدى الصدر اعتزاله الأساليب السياسية، ليضيف بعداً جديداً فى تعقيدات احتواء الأزمة الراهنة، وهو الإعلان الذى تضمن إغلاق مقرات التيار الصدرى فى كافة أنحاء البلاد، وإنهاء عمل اللجنة التنظيمية المكلفة تنظيم اعتصام أنصاره فى داخل المنطقة الخضراء، ما جعل حركة أنصار التيار خاضعة لظروف الشارع ولرغبات الانتقام العفوى نتيجة سقوط ضحايا ومُصابين كُثر، وهو ما حدث بالفعل ليلة الإثنين 29 أغسطس، حيث اندلعت المواجهات بالأسلحة مع قوى الأمن وجزء منها ينتمى الى تنظيمات الحشد الشعبى، والتى كُلفت بإنهاء اعتصام الصدريين فى القصر الرئاسى والحكومى، ناهيك عن اندفاع الصدريين لاقتحام مقرات بلدية وحكومية فى أكثر من محافظة، وعدم الاكتراث بقرار حظر التجول.

رابعًا، إن قرار اعتزال الصدر الذى وصفه بأنه شرعى وتلبية لقرار المرجع الذى لم يحدده ويعتقد أنه الإمام السيستانى، لم يمنعه من مطالبة أنصاره بالانسحاب من الاعتصامات، والتزامهم التام بالمدة التى حددها ولم تتجاوز ساعة واحدة، ما يضفى قدراً من الغموض على طبيعة الاعتزال السياسى للصدر، بينما يدل التزام الأنصار بفض الاعتصامات على أن قيادة مقتدى الصدر ورمزيته الدينية والسياسية لأنصاره ليست محل نقاش، وأن الرجل ما زال فاعلاً رئيسياً فى ضبط الأوضاع العراقية أو تفجيرها. مع الأخذ فى الاعتبار أنه قبل أسبوع من مواجهات الإثنين الدامى أفصح عن أن هناك جهات تريد اغتياله.

خامسًا، إن فوران الشارع الشيعى لا يقتصر على اندفاعات التيار الصدرى فى بغداد وغيرها من كبريات المدن، ما يمنحها صفة العموم النسبى، والتى تمت السيطرة عليها من قبل زعيم التيار، ولكنه يتضمن أيضاً حركة أنصار الإطار التنسيقى الموالى لإيران، والذى يتميز بأن كتلته الرئيسية من الحشد الشعبى هى جماعات مسلحة ومدربة على استخدام السلاح الثقيل والمتوسط إيرانى الصنع، والمرتبطة مباشرة بالحرس الثورى الإيرانى وأخرى ذات صلة بالاستخبارات الإيرانية “إطلاعات”، ومنها من هدد باستخدام السلاح وإسالة الدماء فى البلاد وتلميحات باغتيال مقتدى الصدر ذاته تحت زعم الحفاظ على مؤسسات الدولة وشرعية تشكيل الإطار التنسيقى لحكومة احتكارية لأعضائه تعمل على ترسيخ النفوذ الإيرانى فى كافة دوائر الدولة، والحفاظ على مكتسباته الاقتصادية والأمنية مترامية الأطراف فى العراق، والتى تستخدمها الكيانات الإيرانية المختلفة فى التهرب من العقوبات الأمريكية والغربية.

سادسًا، تدل الاشتباكات التى جرت مساء الإثنين 29 أغسطس فى قلب المنطقة الخضراء وشارك فيها عناصر من سرايا السلام الجناح المسلح للتيار الصدرى، وقوات الأمن وعناصر من مليشيات الحشد الشعبى، يرجح أنها تنتمى لمليشيا عصائب أهل الحق وثيقة الصلة بالحرس الثورى الإيرانى، على أن حل فوضى السلاح والسيطرة عليه ووضعه بدون قيد أو شرط تحت طائلة المؤسسات الشرعية، هو الأساس الذى يبنى عليه مستقبل العراق. وما لم تحل تلك القضية فسيظل العراق على أعتاب صراع دموى، فأى تصرفات عشوائية من عناصر مسلحة تحكمها العواطف الجياشة والطاعة الكاملة للقيادات السياسية يمكن أن تؤدى إلى مواجهات شاملة. ومما يجعل الأمر دموياً وخطيراً حال حدوثه، حجم التشابك المجتمعى والأسرى وصلات الجوار التى تجمع بين العراقيين الشيعة، ما بين منتمى للنفوذ الإيرانى وقانع بتبعيته، وآخر يرنو إلى تخليص البلاد من هذا النفوذ الطاغى، أو على الأقل محاصرة استفحاله وتقييد امتداداته.

إشكالية التوافق على إنهاء الأزمة
تُبرز الدلالات السابقة عمق تفاصيل الأزمة العراقية وارتباطاتها الخارجية، وتعقيداتها الداخلية، وبالرغم من احتواء الاعتصامات وما شاب فيها من عنف ودماء، تظل عناصر حل الأزمة ليست محل اتفاق القوى الرئيسية من أقطاب الشيعة، لكن المهم والجديد هو أن بعض الأفكار التى دعا إليها مقتدى الصدر باتت محل تأييد لا لبس فيه من قِبل رئيس الجمهورية برهم صالح، ورئيس الحكومة المؤقتة مصطفى الكاظمى، فالأول وفى بيان له وبعد الإشادة بموقف مقتدى الصدر، أكد على أن “إجراء انتخابات جديدة مُبكرة وفق تفاهمٍ وطني، يمثل مخرجاً للأزمة الخانقة في البلاد عوضاً من السجال السياسي أو التصادم والتناحر”. والثانى أكد بدوره على “ضرورة وضع السلاح تحت سيطرة الدولة” وتشكيل لجنة تحقيق “لتحديد المسئولين عن وضع السلاح بيد من فتحوا النار على المتظاهرين”. وقد يضطر الكاظمى حسب قوله إلى إعلان خلو منصب رئيس الوزراء إذا استمرت إثارة الفوضى والصراع.

وكلا المبدأين يمثلان عناصر رئيسية للخروج من الأزمة الراهنة، ولكن دونهما صعوبات وتعقيدات قانونية وسياسية عديدة. ويعد موقف الإطار التنسيقى الموالى لإيران حاسماً فى هذا السياق، لا سيما فى ضوء غلبة الاتجاه الداعى إلى إخراج التيار الصدرى من المعادلة السياسية العراقية فى جانبها الوطنى كما فى جانبها الشيعى، حيث يدفع إليه بقوة وبغض النظر عن أى تكلفة يمكن أن تحدث، نورى الماكى رئيس ما يسمى ائتلاف دولة القانون، فى حين تتحدث معلومات مسربة عن أن هادى العامرى رئيس تحالف الفتح والعضو المهم فى الإطار التنسيقى يرى فى المسار الذى يدفع إليه المالكى خطورة قد تنهى كل المكتسبات التى تحصلت عليها أحزاب ومنظمات الإطار الشيعي سواء فى مفاصل الدولة العراقية أو فى مجمل النشاط الاقتصادى فى عموم العراق، ويدعو إلى أن يكون هناك قدر من التنسيق مع الصدريين أو على الأقل بعض تفاهمات حتى لا تتطور الأمور إلى مواجهات صفرية.

ارتباك الأطر الإيرانية المعنية بالعراق ومليشياته
يعكس الجدل ما بين أعضاء الإطار التنسيقى البارزين حول الخطوة التالية ارتباك الاتجاهات الحاكمة فى الأطر الرسمية الإيرانية التى تدير الشأن العراقى، وهى ثلاثة رئيسية؛ أولها الحرس الثورى، والذى يميل نحو مواجهة شاملة مع مقتدى الصدر وتياره، حتى يكون درساً لمن يعارض النفوذ الإيرانى فى العراق، وتشير تقارير إلى أن أطروحات المواجهة تضمنت حصر مراكز ومواقع رئيسية للتيار الصدرى فى عموم العراق والانقضاض عليها فى وقت واحد وبعد تجهيز محكم من قبل المليشيات التابعة، وفى مقدمتها عصائب أهل الحق والحرس الثورى العراقى، بهدف تبديد كل عناصر القوة لدى الصدريين.

وثانيها الاستخبارات الإيرانية “إطلاعات” والتى تعارض منطق المواجهة الحاسمة نظراً لتكلفته العالية والتى قد تصل الى ردة فعل معاكسة على رموز النفوذ العراقى، وتميل إلى الاستمرار فى التواصل مع التيار الصدرى بغية جذبه ولو جزئياً إلى التعاون والتخفيف من شروطه بشأن الحكومة العراقية المنتظرة والانتخابات المبكرة وحل البرلمان.

وثالثها الخارجية الإيرانية، وتبدو مواقفها أقرب الى استنتاجات وأطروحات “إطلاعات” المُشار إليها، وما زالت تحافظ من خلال أعضاء فى السفارة الإيرانية فى بغداد على قنوات التواصل غير المباشر مع السيد مقتدى الصدر، ويُشار إلى أن تلك القنوات هى من حذرته من خطط الاغتيال التى ناقشتها عناصر الحرس الثورى مع المليشيات المؤتمرة بأمره.

وتشير تلك التدخلات الإيرانية المباشرة إلى أن الإطار التنسيقى ليس على قلب رجل واحد، وأن الخطوة التالية له ما زالت مفقودة، أو تخضع للجدل الداخلى. وفى كل الأحوال، فمن الصعوبة بمكان تجاهل التأثيرات التى تحملها تلك الأطر الإيرانية، لا سيما الحرس الثورى وتوابعه المحلية الأكثر ميلاً للعنف واستخدام السلاح مهما كانت النتائج.

البُعد المذهبى فى الصراع على العراق
الواضح أن الصراع حول العراق دولة وشعباً لا يقتصر على الأبعاد السياسية، إذ يتضمن أيضاً أبعاداً دينية مذهبية وفقاً للتقاليد الشيعية، لا سيما ما يتعلق بالمرجعية، ما يزيد من تعقيدات الموقف، ويُظهر إلى أى مدى حرص إيران وتوابعها المحلية على تثبيت التبعية العراقية سياسياً ومذهبياً. ومعروف أن هناك منافسة تاريخية بين مرجعيتى النجف العراقية وقم الإيرانية. ونظراً لحالة الضعف التى مر بها العراق منذ الغزو الأمريكى- البريطانى 2003، فقد ترتب عليها صعود المرجعية الإيرانية على حساب المرجعية العراقية رغم وجود آيات عظمى مثل السيستانى. وفى خضم الأزمة الجارية جاء موقف المرجع الشيعي البارز كاظم الحائري مثيراً للتساؤلات، فقد انتقد التيار الصدري، واعتبر مقتدى الصدر غير مؤهل للمرجعية، وأعلن عدم استمراره شخصياً كمرجع ديني، داعياً شيعة العراق إلى إطاعة الولي الفقيه قائد الثورة الإسلاميّة علي خامنئي، نظراً لعدم قدرته على الاصطدام بالقوى الشيعية الموالية لإيران، حسب بيانه.

موقف المرجع كاظم الحائرى يكشف بدوره إلى أى حد يدور الصراع على العراق وشعبه، الأمر الذى رفضه مقتدى الصدر وتياره باعتباره يدافع عن سيادة العراق وعدم تبعيته بأى شكل كان مذهبياً أو سياسياً، لا سيما وأن للعراق مرجعيته التاريخية الأصيلة ومقرها النجف الأشرف. وبشكل محدد يُثار الآن كثير من الأسئلة حول موقف الإمام السيستانى، والذى آثر الصمت ولم يوجه أى نصيحة قد تساعد فى إخماد نار الفتنة. وهكذا يختلط السياسى بالمذهبى، ما يدفع بالأمور إلى مزيد من التعقيد والتأزم.

مشروعات الصراع على العراق وشعبه
مجمل ما سبق يؤكد ما هو معروف ومُتصارع عليه، إذ يواجه العراق اختياراً صعباً ومدوياً بين مشروعين متناقضين؛ الإصلاح وإعادة هيكلة الدولة، بما يحفظ لها سيادتها واستقلاليتها، ويمنع نهب مواردها ويبقيها لخدمة شعبها وتحسين أحواله، ويحاسب وفق أطر قضائية مستقلة كل من نهب موارد البلاد وأفسد فيها وتخلى عن حقوقها فى مواجهة الغير، وهو ما تجمع عليه قوى مختلفة سنية وشيعية، ويقودها واقعياً التيار الصدري بحكم شعبيته الجارفة مقارنة بالقوى الأخرى. وخطواته الرئيسية أن تُلغى نتائج الانتخابات بحكم من المحكمة الاتحادية العليا المقرر أن تنظر فى طلب إلغاء الانتخابات السابقة. وإن جاء قرارها موافقاً لموقف التيار الصدرى فقد يمثل ذلك مخرجاً يساعد على تهدئة الأوضاع واحتواء التحركات العشوائية التى يمكن أن تحدث فى الشارع فى بغداد وفى غيرها من المحافظات العراقية. أما الخطوات اللاحقة كتعديل الدستور وقانون الانتخابات وتحصين القضاء من الضغوط الخارجية والداخلية، فهى كلها مُعلَّقة على نتائج الانتخابات الجديدة إن عقدت بعد حين. والانتخابات ذاتها مُعلَّقة على محتوى التفاهم الذى يمكن أن تتوصل إليه القوى الشيعية المختلفة، فضلاً عن قرار المحكمة الاتحادية الذى قد يشكل مخرجاً دستورياً مقبولاً من الجميع.

أما المشروع الثانى المضاد فهو استمرار الارتهان لإيران وتوابعها المحلية، وجوهره بقاء العراق خاضعاً لإيران وأتباعها السياسيين والحزبيين، والذين مارسوا الحكم لسنوات طويلة وأفسحوا المجال للنفوذ الإيرانى للتغلغل فى مفاصل الدولة العراقية، وهو ما تصر عليه قوى الإطار التنسيقى، والتى ترى دعوة الإصلاح السياسى غير مبررة الآن، وأن الأولوية هى تشكيل الحكومة برئاسة مرشحها محمد شياع السودانى المحسوب على نورى الكاظمى رئيس الوزراء الأسبق والذى لعب دوراً بارزاً فى تجسيد تبعية العراق لإيران وإبعاده عن مجاله العروبى.

 

د. حسن أبو طالب مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى