أقلام وأراء

د. أماني القرم: معركة العلم الفلسطيني فوبيا اسرائيلية

د. أماني القرم 15-1-2023م: معركة العلم الفلسطيني فوبيا اسرائيلية

اسرائيل /بن غفير أصدرت قراراً بحظر رفع أي علم فلسطيني. ومن المتوقع جدًّا أن يتم تشريع قانون لشرعنة هذا الامر .. والحقيقة أنه لا ينسب الفضل لبن غفير في ذلك، بل سبقه أشباهه في حزب الليكود والأحزاب المتطرفة من قبل وبموافقة من يدّعون اليسار والوسط في اسرائيل . حملة تعبئة وتحريض واسعة يتعرض لها العلم الفلسطيني منذ عامين، خاصة بعد الهبّة الجماعية للفلسطينيين ايار/مايو 2021 في كلّ المدن بما فيها الداخل الفلسطيني ، والتي برز العلم الفلسطيني فيها كأهم رمزية ذات دلالة على الوحدة وعمق الشعور بالوطنية بين كافة الفلسطينيّين . ايلي كوهين عضو الليكود تقدم الى الكنيست بمشروع قانون في حزيران 2022 بحظر رفع العلم الفلسطيني في المؤسسات والمناطق التي يسيطر عليها الكيان الاسرائيلي. ويعد مشروع القانون الوحيد الذي اجتمعت عليه كل من المعارضة وحكومة الائتلاف انذاك برئاسة نفتالي بينيت، على الرغم من أن السياسة السائدة بين الطرفين في ذلك الوقت كانت رفض مشاريع الاخر . وقد وصف نتنياهو الموافقة على تصويت القانون بأنه يوم مهم لدولة “اليهود”، في حين أن مقدم المشروع /كوهين/ وصفه بأنه خطوة لاستعادة السيادة ! ولم يتمّ العمل به لانهيار حكومة بينيت.

على مدار تاريخ وحاضر النضال الفلسطيني، معركة الاعلام حاضرة دائماً وتعد أبرز ملامح حرب الشوارع بين الفتية الفلسطينيين وقوات الاحتلال .. يرفع الاولاد العلم الفلسطيني في غفلة منهم ويهرول الجنود بجنون لانزاله .. شاهد العالم كيف هاجمت اسرائيل بشراسة نعش الايقونة الشهيدة شيرين أبو عاقلة لأنّه مغطى بالعلم، وتعرض كل من يرفع علم للملاحقة والضرب والاعتقال ..

وبرأيي تم حسم المعركة في ايار/مايو 2022 حين رفرف علم فلسطيني بواسطة طائرة مسيّرة عالياً في سماء القدس فوق رؤوس المستوطنين أثناء احتفالهم بما يسمّى “مسيرة الاعلام الاسرائيلية” وحظيت اسرائيل بصفر نتيجة في معركتها المسلحة ضد العلم.

أشار أحد استطلاعات رأي قامت به منظمة العفو الدولية حول ماهية الشعور تجاه العلم الفلسطيني، وأجابت الغالبية الساحقة من اليهود (أكثر من 72 % ) أن العلم الفلسطيني يمثّل تهديداً لهم!

لماذا هذه الفوبيا الاسرائيلية من مجرد علم ؟؟

لإسرائيل القوية عسكريًّا ونوويًّا سببان للخوف من علم : الأول، نفسي يعزي لشعور يهودي غريزي بعدم الامان وتبنّي دائم لعقلية الضحية وهو ما يتم اسقاطه على كل شيء والمبالغة في التعبير عنه . في حالة العلم الفلسطيني، مجرد مشاهدة اليهود له يذكرهم بحقيقتهم أنّهم محتلّون مجرمون كاذبون آكلون للحقوق، وأن استمرارهم في تبنّي عقلية الضحية وتبرير اعتداءاتهم على الفلسطينيين ماهو إلا انعكاس فطري لعقدة الذنب في اللاوعي عندهم . فمن يرتكب ذنباً يشعر بالملاحقة الدائمة وبالخوف ممّن لا داعي الخوف منه!

والثاني، سياسي وصراعي: فكل علم في العالم يرمز الى جوهر ما هي كينونة الشخص الذي يحمله؟ العلم الفلسطيني ابرز رموز الوجودية والرواية الفلسطينية. حينما تشاهد العلم يرفرف على قبة الصخرة ولو لثوان قليلة تشعر بأنك تشاهد فلسطين كلّها امامك، التاريخ والحرية والحقيقة والامل.. وفي معظم الأحيان يتجاوز العلم قيمته الرمزية ليصبح فعلاً سياسيا تحرريًّا ومتحدّيًا له قوة سحرية وهالة قدسية تستحضر وتستفز فكرة التضحية والموت في سبيله . وإلا كيف تفسر استماتة فلسطيني في سبيل رفع العلم ؟ وكيف تفسر الشعور العارم بالفرحة لدى الملايين حين يرفع العلم ؟ ترى اسرائيل ذلك أيضاً ويزداد يقينها بأنه طالما هناك علم مرفوع فإن الفلسطيني موجود .

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى