أقلام وأراء

د. أماني القرم تكتب –  موشيه ديّان  1967: الاحتلال الخفي / نفتالي بينيت 2021 : تقليص الصراع ‏

بقلم  د. أماني القرم ‏*- 3/10/2021

‏ في اليوم الثاني لنكسة عام 1967 اشتعلت الرؤوس الاسرائيلية فكراً حول الطريقة التي يمكن بها حكم ‏المناطق التي تم احتلالها. تقدم يوسف هارملين رئيس الشاباك في ذلك الوقت بمقترح لموشيه ديّان رئيس ‏المؤسسة العسكرية الاسرائيلية وزير الدفاع يقضي بتطبيق نفس الاسلوب المتبع لحكم الفلسطينيين بعد ‏حرب 1948 . رفض ديّان الفكرة بحجة اختلاف الظروف السياسية والاجتماعية والديموغرافية للحالتين . ‏كانت وجهة نظره ترتكز على كيفية تجنيب اسرائيل العبء الاقتصادي والسياسي للأراضي المحتلة . فقرر ‏تبنّى ما سمّي بـــ “سياسة طبيعية” بمعنى السماح للسكان في المناطق المحتلة بمزاولة حياتهم الطبيعية كما ‏اعتادوا حتى 5 يونيو 1967 . والهدف برأيه هو جعل الاحتلال خفيًّا !! تحدث ديّان عن ثلاثة مرتكزات ‏للفكرة : لا مظاهر للوجود العسكري ..لا تدخل في حياة السكان اليومية .. فتح الجسور والطرق، وكان ‏يوصي قادة الجيش بعدم تكرار اخطاء الولايات المتحدة في فيتنام .. ‏

في ذلك الوقت، أرادت اسرائيل تعزيز الشعور الفلسطيني بالاستمرارية الطبيعية وبعدم وجود طارئ محتل، ‏وفي نفس الوقت تغييب مسألة القيادة الوطنية السياسية عن العقل الفلسطيني .. بعبارة اخرى خلق انطباع ‏علني زائف بالسيادة وتمكين الاحتلال عبر سحب الحقوق السياسية الحقيقية في الخفاء. ‏

وببساطة الخطة فشلت.. لأن الاحتلال احتلال لا تنميق ولا تجميل .. ووحشية الافعال الاسرائيلية على ‏ارض الواقع كانت بعيدة تماما عن ذكاء الكلمات … ‏

نفتالي بينيت مثل موشيه ديان اختار “التجاهل” كاستراتيجية للتعامل مع الفلسطينيين فغاب ذكرهم تعمداً في ‏خطابه في الأمم المتحدة وتأكيداً على تبنّيه فكرة قديمة نقلها فيلسوفه ميخا جولدمان عن ديّان لكن بمصطلح ‏جديد ومقترحات تناسب الواقع الحالي سمّاها “تقليص الصراع” . صحيح أن الخطاب الاسرائيلي لم يعلن ‏عنها رسميا لكن خصّص موقع باسمها ‏‎( Shrinking the Conflict)‎‏ يروّج لها على الانترنت ومنصات ‏التواصل الاجتماعي. الهدف منها هذه المرة هو ارساء السلام ليس مع الفلسطينيين وإنّما السلام الاسرائيلي ‏الداخلي بين اليسار واليمين والوسط ، وبالنظر لها من الجانب الآخر فهو إرساء لحكم نفتالي بينيت رئيس ‏حكومة المتناقضات. ‏

‏ المحصلة أن مقترحات تقليص الصراع أو تغييب الفلسطينيين التي كتب عنها كثيرا وموجودة على ‏الانترنت، لا تُعنى بتحسين حياة الفلسطيني بقدر ما هي فوقية ووقاحة لطلب إقرار فلسطيني بالاحتلال ‏والاستيطان وتنازل عن الثوابت الوطنية واعتراف بأننا لا نستحق الحريات والحقوق السياسية.. مع عدم ‏الشكر للتسهيلات الانسانية .. …. وحالة غزة أكبر مثال على الاحتلال الخفي!‏

الاحتلال الخفي أو تقليص الصراع أو التجاهل لا فرق .. لبينيت أقول: عدم رؤية الشمس لا يعني عدم ‏وجودها ..‏

* د. أماني القرم –  الكاتبة اكاديمية تقيم في قطاع غزة. 

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى