أقلام وأراء

د. أسعد عبد الرحمن يكتب – “حل الدولتين” يغيب… و”الأبارتهايد” يحضر!!

بقلم  د.  أسعد عبد الرحمن *- 20/3/2021

مع تضاؤل الآمال بشأن خيار “حل الدولتين” رغم الإصرار العالمي على أنه السبيل الوحيد والأنسب للإنتهاء من الصراع الفلسطيني/ الإسرائيلي، تتزايد فرص “حل” قيام “دولة واحدة ثنائية القومية” تحت سيادة إسرائيلية شبيهة بدولة الفصل العنصري “الأبارتهايد” التي سادت في جنوب إفريقيا!

وباستخلاصات المتابعين الإسرائيليين وغيرهم فإن التهديد المركزي الذي يواجه الدولة الصهيونية هو الانزلاق المستمر إلى واقع الدولة الواحدة ثنائية القومية، واقعا احتلاليا وليس اختياريا. فمنذ احتلال عام 1967، أسفرت سياسات كل الحكومات الإسرائيلية عن مزيد من “ضم” ملايين الفلسطينيين الذين يعيشون بالقرب منهم، مع تجاهل مفهوم “المواطنة المتساوية” أو ضمان الحقوق والواجبات.

وفي ظل تعاظم قوة اليمين المتطرف في الدولة الصهيونية وسيطرته على الحياة السياسية والعسكرية، يبدو واقع “الدولة الواحدة” الاحتلالية هو الطاغي على ما سواه، مع طرح إسرائيلي متصاعد، في سياق عنصري توسعي، ينكر وجود الشعب الفلسطيني ولا يعترف بحقوقه في قيام دولته.

وفي ظل “الدولة الواحدة” الاحتلالية راهنا، تظهر إشكاليات لا تغيب عن عديد الإسرائيليين، إذ يدركون خطورتها على وجود “دولتهم”، وعلى نهاية الحلم الصهيوني في إقامة دولة يهودية “نقية” وبالذات في ظل النمو الديموغرافي الفلسطيني، وبالتالي لن يُسمح – إسرائيليا – لهكذا سيناريو أن يتحقق. وفي السياق، يقول (تامير فردو) الرئيس السابق للموساد: “الإعلان عن العجز لاتخاذ قرار مستقل، سواء بالضم (المدمر، في رأيي) أو بالانفصال المدني من خلال استمرار السيطرة الأمنية، أثمر طوال 50 عاماً انزلاقاً مستمراً إلى واقع دولة ثنائية القومية. وهذا آخذ بالتبلور من دون أن تقوم المنظومة الأمنية بتحليل تداعياته على أمن إسرائيل، واقتصادها، ومكانتها الدولية، أو استقرار علاقات السلام مع جيرانها”.

وتأكيدا لواقع الدولة الاحتلالية الواحدة الناجمةة عن رفض لمطلب “حل الدولتين” والذي لطالما تحدث عنه المفكر اليهودي البارز (نعوم تشومسكي)، جاء، مؤخرا، تقرير غاية في الأهمية أصدرته منظمة “بتسيلم” (المنظمة الإسرائيلية للدفاع عن حقوق الإنسان) بعنوان “نظام تفوّق يهوديّ من النهر إلى البحر: إنّه أبارتهايد”. وقد اعتبر هذا التقرير نقلة نوعية في تاريخ هذه المنظمة التي تأسست سنة 1989 خلال الانتفاضة الفلسطينية الأولى. فللمرة الأولى في تاريخها، توسّع “بتسيلم” من فهمها لمصطلح “أبارتايد” لكي يشمل “جميع أشكال الحوكمة التي تطبقها إسرائيل على الفلسطينيين الذين يعيشون تحت إدارتها، سواء كانوا مواطنين إسرائيليين أم لا”. وتشرح المنظمة الأسباب التي تجعل في نظرها من هذا المصطلح الأكثر ملاءمة للواقع الذي يشهده الفلسطينيون الذين يعيشون في ظل القانون الإسرائيلي، وتختم تقريرها بالقول: “إنّ السّعي بعزم نحو مستقبل يقوم على مبادئ حقوق الإنسان والحرّية والعدالة – ضروريّ اليوم أكثر من أيّ وقت مضى. هناك خيارات سياسيّة مختلفة لتحقيق مستقبل يقوم على هذه المبادئ، والحسم بينها يجب أن يتولّاه جميع البشر الذين تقرّر هذه الخيارات مستقبلهم. هذا بالنسبة للمستقبل، أمّا القرار الأخلاقيّ الحاسم – لا للأبارتايد – فمن واجبنا جميعاً اتّخاذه اليوم”.

د. اسعد عبد الرحمنكاتب وباحث سياسي .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى