أقلام وأراء

د. أحمد رفيق عوض يكتب – اجتماع القاهرة الثلاثي ، هل هي البداية !

بقلم  الدكتور أحمد رفيق عوض – 21/12/2020

اجتماع وزراء الخارجية الثلاثة الفلسطيني و الأردني و المصري في القاهرة يوم السبت الماضي 19/12/2020، يشير بقوة إلى أن موجة التطبيع العالية لا تكفي لأن تقترح حلولا ترضى بها المنطقة ولا شعوبها، أو أن هؤلاء المطبعين الجدد ليس لديهم القدرة او التأثير لطرح أو فرض حلول على اسرائيل، رغم حميمية العلاقة و تصاعدها، فهم أقدموا على هذه الخطوة ليس للضغط أو لحلحلة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي بل من أجل مصالح ضيقة وقريبة وغير مضمونة أصلا ، هذا أولا.

أما ثانيا ، فإن هذا الاجتماع الهام يأتي ايضا في ظرف تشهد فيه المنطقة تأجيلا للضم او تغييرا لاسمه ، مع الابقاء على محتواه متمثلا في إقرار البناء لأكثر من ثلاثة الاف وحدة سكنية استيطانية، كما يأتي هذا الاجتماع في ظل ترقب لإدارة امريكية جديدة لا تحمل ذات الرؤية التي تحملها الإدارة الحالية، و عندما نقول ذلك نقصد أن إدارة بايدن لن تستطيع القفز عما افرزته صفقة القرن بأطرها الكبيرة، ولكن قد تعمل هذه الإدارة على تغيير بعض تفاصيل تلك الصفقة.

الى ذلك ، فإن هذا الاجتماع يأتي بعد الخروج فعليا من اتفاق اوسلو ، و عدم صلاحية صفقة القرن للتفاوض على اساسها، لذلك فإن اجتماع القاهرة الثلاثي يأتي لتلمس طريق جديدة لانتهاز الفرصة الضيقة، اذ من الواضح ان هناك بدايات جديدة في المنطقة و العالم، أما في منطقتنا، فإن اسرائيل، وبعد موجة التطبيع التي يبدو انها لم تتوقف بعد، تطرح مفهوما جديدا للتسوية ليس مع الفلسطينيين، و انما مع العالم العربي ، بحيث يصبح الحل معها وليس موجها ضدها او على حسابها، و اما في العالم فإن ترامب الذي لم يدخل مواجهة عسكرية بالمعنى التقليدي للكلمة سيستبدل بإدراة جديدة ترى ان تدخلها في العالم هو ضرورة استراتيجية دائمة ، وهو ما قد يقود الى مواجهات عسكرية في مناطق متعددة.

كما ان هناك جدل و انقسام اجتماعي و سياسي يتصاعد في اسرائيل يحسم امرها بأتجاه يمين متطرف الى درجة قد لا نتصورها، خصوصا على خلفية تسارع عمليات التطبيع الذي يبدو بلا ثمن حقيقي و يعزز من رؤية و نهج هذا اليمين المتطرف.

لهذا فإن الاجتماع الوزاري الثلاثي يأتي تحضيرا لهذه المرحلة الضبابية، وذلك للتنسيق بين المواقف و تكامل الادوار، فالاطراف الثلاثة هي الاكثر ادراكا للمخاطر و الاكثر ضررا و الاكثر قدرة على الضغط و التأثير .

الاطراف الثلاثة في الاجتماع المشار اليه اكدت على ثوابت حل الصراع الفلسطيني الاسرائيلي بمستوياته القانونية والدولية والاقليمية والانسانية ، مما يعني ان فقدان الاتجاه على مدى اربعة اعوام سابقة لا يعني ضياع الرؤية او ضياع اسس الحل ، بل على العكس من ذلك تماما .

برأيي ، فإن من الواجب حقا الاستعداد لخريطة جيوسياسية جديدة في الاقليم، تحاول اسرائيل فيها ان تلعب دور القائد و الحامي و المستثمر و الحضاري في ان معا ، و لهذا ، فأن امكانية تحالفات عربية بينية قوية و قائمة على مصالح و اهداف مشتركة قريبة و بعيدة قد تكون بديلا عن هياكل اقليمية اثبتت عقمها .

بكلمات اكثر وضوحا، في حالة تفكك العمل العربي المشترك – على خلفية الصراعات و عمليات التطبيع فإن التحالفات الصغيرة القوية والقادرة قد تكون الحل الأمثل والأنجع .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى