أقلام وأراء

دراسة إستراتيجية إسرائيلية : اقتراب نظام الأسد من النهاية سيدفع جماعات المقاومة إلى التصعيد ضد إسرائيل لمنع انهيار نظام البعث .

زهير أندراوس – الناصرة ـ ‘القدس العربي’ 2012-03-06

أكدت دراسة إسرائيلية أن التطورات الأخيرة في العالم العربي، أيْ الثورات، تخدم (معسكر المقاومة) في الشرق الأوسط، والذي تقوده إيران، خاصة وان الزلزال ضرب في الأساس دولا من المعسكر المعتدل وعلى رأسها مصر، وهذه الدول المعتدلة كانت تقف في وجه معسكر المقاومة، وهو أمر يضعف من موقف الولايات المتحدة أيضا، خاصة وان هناك دلائل على قوة وضع المعسكر الإسلامي خاصة في مصر، في ظل انشغال العالم أيضا عن الملف النووي الإيراني.

وعلى الرغم من أن الثورات في العالم العربي لم تكن بمبادرة من المعسكر الإسلامي، ولكنها تسهم في إحداث زخم يصب في مصلحته، وتضعف في المقابل المعسكر المعتدل الذي ينهار تماما. كما أن الاحداث في الشرق الأوسط ستؤدي لانغلاق اللاعبين الأساسيين داخليا، وهو ما يزيد من عجزهم على الاحتشاد والعمل ضمن تكتل عربي، ومن يملأ الفراغ تدريجيا هي قوة غير عربية كانت توجد على هامش العالم العربي، وعلى رأسها إيران و تركيا وإسرائيل، وهذه الدول تعمق تدريجيا من تأثيرها على الساحات الأساسية في العالم العربي وعلى رأسها العراق والخليج العربي والساحة الفلسطينية ولبنان، وساحة البحر الأحمر. هؤلاء اللاعبون، خاصة إيران، سوف يرون في زلزال الشرق الأوسط فرصة إضافية لزيادة نفوذهم في الساحات التي شهدت الاضطرابات الأكبر خاصة في مصر وشمال إفريقيا والجزيرة العربية، هذا ما جاء في دراسة جديدة أعدها مركز الأمن القومي الإسرائيلي التابع لجامعة تل أبيب، والتي شارك في إعدادها كوكبة من الباحثين المختصين في شؤون الشرق الأوسط، وتم نشرها على الموقع الالكتروني للمركز. وتابعت الدراسة قائلةً إن الشارع العربي الذي بدا خاضعا ومستكينا وغير مبال، ظهر كعنصر محفز يحمل تأثيرا هائلا، يستطيع أن يغير أنظمة امتدت سنوات. أما الجيوش في العالم العربي التي اعتبرت على أنها خاضعة تماما للنظم، فقد أبدت قوة غير متوقعة، والحركات الإسلامية التي وصفت بصفة عامة على أنها تهديد مركزي على الأنظمة في المنطقة، ظهرت، على الأقل في المرحلة الحالية، منضبطة تماما.

علاوة على ذلك، تتساءل الدراسة عن المغزى من شعار (الشعب يريد إسقاط النظام) وما هي المطالب الفعلية للمجتمع، والذي في النهاية اظهر قوة وتأثيرا كبيرين، وكيف أن الثورة في تونس كانت الأولى، غير أن الثورة في مصر كانت الأهم والأكثر تغطية إعلامية. وعلى الرغم من خلع رأسي النظام في مصر وتونس، غير أن الجيش ما زال يسيطر على مقاليد الأمور، وبذلك فان الأمور لم تُستكمل بعد، ومع ذلك من الصعب تحديد سمات القوة الاجتماعية الجديدة، والتي تقوم في الأساس على الشباب، وهي ظاهرة لم تحدث سوى في الثورة الإيرانية، لذا فان الشعوب العربية لم تنضج بعد لترسيخ نظام سياسي عصري وإدارة ديمقراطية سليمة، مع انه اثبت نفسه في الأحداث الأخيرة. ومع ذلك لا تعتبر الدراسة أن تطلع الشعوب العربية للديمقراطية مصحوب بتطلع للغرب في البعد الثقافي والفكري، ولكن العكس هو الصحيح، حيث أن قسما بارزا من الحركة الاحتجاجية، حتى غير الإسلامية تحمل عداءً للغرب بصفة عامة، وللولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل بصفة خاصة.

وركزت الدراسة على وضع الجيش المصري في التطورات الجديدة، خاصة وأنه يدير شؤون البلاد حاليا بعد سقوط النظام. وفي دول أخرى مثل سورية والبحرين والأردن يمثل الجيش مصالح الأقلية الحاكمة، لذا فهو يواجه نظرة عدائية من القطاع الأكبر من المواطنين، ولكن بصفة عامة أثبتت الجيوش العربية أنها تعود لتحتل المكانة السياسية الأهم بصفتها المؤسسة الأكثر تنظيما في العالم العربي، وبذلك سيكون وضع هذه الجيوش أشبه بوضع الجيش التركي الذي حافظ على الطابع العلماني وقيد صعود الإسلاميين.

وحذرت الدراسة المحللين من التسرع في اعتبار موجة الاحتجاج في العالم العربي مماثلة لما يعرفونه من تجارب الماضي. فما حدث لا يشترط أن يكون ما يريده الغرب من الشرق الأوسط، ولا يحتم انه توجه فكري وثقافي نحو القيم الغربية، أو العلمانية والتعددية الفكرية، وليس دليلا على تبلور معسكر سلام يريد التصالح مع أعداء العالم العربي والإسلامي، خاصة إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية.

وتقول الدراسة: إنه تطلع لديمقراطية أخرى، منعزلة بشكل كبير عن الوصف العالمي أو الغربي، وتغيير أساسي، جزء كبير من سوابقه من الصعب تحديد صورتها بدقة.

وأضافت أن التطورات في الشرق الأوسط خاصة في مصر تحمل أبعادا إستراتيجية كبيرة بالنسبة لإسرائيل، ولخصتها في عدد من النقاط كالتالي: استقرار اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل، كأساس استراتيجي مهم جدا لإسرائيل، والذي قامت عليه نظرية الأمن الإسرائيلي في العقود الثلاثة الماضية.

ثانيا: انشغال العالم، خاصة أمريكا بما يحدث في الشرق الأوسط، يشتت الانتباه عن قضية البرنامج النووي الإيراني، كما انه يدفع عددا من الدول إلى وقف خطواتها ضد إيران على الصعيد الاقتصادي والسياسي، والعسكري، خشية تفاقم عدم الاستقرار في المنطقة.

وتزعم الدراسة أن معسكر المقاومة يستمد طاقة وقوة من ضعف الأنظمة العربية المعتدلة، ومن الورطة العميقة لأمريكا، وسوف ترى عناصر المعارضة في ذلك بداية لمجال عمل مريح جدا على جميع الأصعدة خاصة الصعيد العسكري، وفرصة لتعميق تأثيرها على دول المنطقة التي توجد حاليا في مرحلة إعادة التشكل من جديد، وفي المقابل، زعزعة نظام بشار الأسد سوف يمس بقوة وتكتل معسكر المقاومة بصفة عامة وتأثير إيران على المنطقة بصفة خاصة. وفي حال اقترب نظام الأسد من نهايته، فان جزءا من جماعات معسكر المقاومة سيحاول التصعيد مقابل إسرائيل في محاولة لمنع انهيار نظام البعث في دمشق.

وتقول الدراسة إن التطورات في الشرق الأوسط خاصة في مصر وسورية تضع أمام إسرائيل تحديات أمنية أكثر، وتقلل فرص دفع المسيرات السياسية بالنسبة لتل أبيب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى