شوؤن دولية

خلفيات وأسباب اقالة وراء اقالة بولتون

مرتضى الشاذلي يكتب –  ما تعنيه إقالة بولتون لمستقبل السياسة الخارجية الأمريكية

مرتضى الشاذلي *- 11/9/2019

أعلن ترامب إقالة بولتون لوجود خلافات كبيرة بشأن إيران وأفغانستان وسلسلة من التحديات العالمية الأخرى

“أبلغت جون بولتون أمس أن خدماته لم تعد مطلوبة في البيت الأبيض. لم أوافق بشدة مع الكثير من من اقتراحاته كما فعل الكثيرون في الإدارة، لذلك طلبت من جون بولتون الاستقالة، وقدمها لي هذا الصباح. أشكر جون بولتون جزيل الشكر على خدمته. سأقوم بتعيين مستشار جديد للأمن القومي الأسبوع المقبل”.

بهذه الكلمات التي حملتها تغريدة على موقع تويتر”، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يوم الثلاثاء إقالة جون بولتون، مستشار الأمن القومي المتشدد الذي كان لديه خلافات كبيرة بشأن إيران وأفغانستان وسلسلة من التحديات العالمية الأخرى.

قدم الرجلان روايات متضاربة بشأن مغادرة بولتون عن البيت الأبيض، ففي حين قال ترامب وكبار مساعديه إن الرئيس طلب استقالة بولتون مساء الاثنين، شكك بولتون في هذه الرواية للأحداث، وأصر في سلسلة من الرسائل الموجهة إلى الصحفيين وعلى موقع تويتر على أنه قدّّم استقالته. وقال في تغريدة: “اقترحت أن استقيل الليلة الماضية، قال لي الرئيس ترامب: “دعنا نتحدث عن ذلك غدًا”ن وفي ذلك مثال على ما كانت عليه العلاقة الشرسة بين ترامب وبولتون منذ البداية تقريبًا.

بغض النظر عن كيفية حدوث ذلك، أصبح بولتون، أحد صقور السياسة الخارجية البارزين، خارج الإدارة الآن. ومع مغادرته البيت الأبيض، إليكم نظرة على موقفه من القضايا الرئيسية، وما قد تعنيه مغادرته لمستقبل السياسة الخارجية للولايات المتحدة.

لماذا أطاح ترامب بـ”كبير صقور البيت الأبيض”؟

تساؤل باتت تطرحه الأوساط السياسية عقب إقالة ترامب لشخصية عُرفت بمواقفها المتشددة في ملفات عديدة، فلطالما دافع بولتون عن وجود عسكري أمريكي في جميع أنحاء العالم في وقت تسعى إدارة ترامب إلى انسحاب القوات الأمريكية من أفغانستان، فضلاً عن صفقة نووية مع كوريا الشمالية واحتمال التعامل مع الرئيس الإيراني حسن روحاني.

في الأشهر الأخيرة، تصاعدت التوترات بين بولتون ووزير الخارجية الأمريكي مايك بومبو حول النفوذ في دائرة الرئيس وكيفية إدارة رغبة الرئيس في التفاوض مع بعض أكثر الجهات الفاعلة في العالم.  

وقبل الخروج المفاجئ، كان من المقرر أن يشارك بولتون في مؤتمر صحفي مع بومبيو ووزير الخزانة الأمريكي ستيفن منوشين في وقت لاحق يوم الثلاثاء، ولكن بعد فترة وجيزة من الإعلان عن المؤتمر، غرد الرئيس دونالد ترامب بأن بولتون تم فصله من منصب مستشار الأمن القومي ليلة الاثنين.

لم يقدم البيت الأبيض أي تفاصيل حول موضوع المؤتمر الصحفي في إعلانه، لكن هوجان جيدلي المتحدث باسم البيت الأبيض اقترح أن يتضمن إعلانًا عن الإجراءات التي يتعين اتخاذها في الخارج لدعم حلفاء الولايات المتحدة، وقال لـ Fox News إن بولتون لم يعد من المقرر أن يحضر المؤتمر الصحفي.

خلال المؤتمر الصحفي، قال بومبيو مبتسمًا بشكل واضح للصحفيين إن الرئيس ترامب كان ضمن حقوقه الإطاحة ببولتون، إذ يحق للرئيس اختيار الموظفين الذين يريدهم، وأضاف أن السياسة الخارجية للإدارة الأمريكية لا تتغير مع إقالة أو تنحي أي من مسؤوليها، مؤكدًا أنه كان لديه وجهات نظر مختلفة مع بولتون حول كيفية المضي قدمًا في عدد من القضايا السياسة.

ومن المعروف على نطاق واسع أن بولتون، أحد صقور السياسة الخارجية البارزين، قد ضغط على الرئيس لخط أكثر تشددًا في قضايا مثل كوريا الشمالية. كان بولتون أيضًا أحد المهندسين الرئيسيين لموقف ترامب القوي تجاه إيران، وقد دافع عن نهج أكثر تشددًا تجاه روسيا وأفغانستان.

بالإضافة إلى ذلك، يُنظر إلى بولتون وموظفي مجلس الأمن القومي بحذر من قِبل البعض في البيت الأبيض الذين اعتبروهم أكثر انسجامًا مع أجنداتهم الخاصة من الرئيس، واتهم بعض مساعدي الإدارة موظفي بولتون بالوقوف وراء تسريب معلومات محرجة لترامب.

بولتون.. إرث من الفوضى وانعدام الإنجازات المهمة

كان بولتون ثالث مستشار للأمن القومي خلال أكثر من عام من فترة رئاسة ترامب. في أبريل 2018، حل بولتون محل هربرت مكماستر الذي تم استقدامه بعد عزل مايكل فلين، مستشار الأمن القومي الأول لترامب، بعد أن أمضى أقل من شهر في منصبه.

كان الاختيار مفاجئًا في ذلك الوقت، حيث بدا للعالم أنه “غير مناسب” بالنظر إلى تصريحات الرئيس الانعزالية وشعاره “أمريكا أولاً”، بل كان ترامب يمزح أحيانًا عن صورة بولتون باعتباره من دعاة الحرب، وقيل إنه قال في أحد اجتماعات المكتب البيضاوي إن “جون لم ير حربًا أبدًا لا يحبها”.

دافع بولتون عن وجهات نظر متشددة في السياسة الخارجية يعود تاريخها إلى إدارة رونالد ريغان، وأصبح اسمًا مألوفًا بسبب دعمه الصاخب لحرب العراق كسفير للولايات المتحدة في الأمم المتحدة في عهد جورج دبليو بوش

وبحسب جويل روبين، نائب مساعد وزير الخارجية في عهد الرئيس السابقباراك أوباما، فإن بولتون كان “بطة عرجاء في اليوم الذي عُيِّن فيه”، ومع ذلك، أُعجب ترامب ببولتون لسنوات، وأشاد به على تويتر حتى عام 2014، وأخبر ترامب الحلفاء أنه يعتقد أن بولتون “قاتل” على شاشة التلفزيون، فهو وجه متكرر على قناة Fox News.  

قبل أن يصبح مستشارًا للأمن القومي لترامب، كان بولتون معلقًا في قناة Fox News، وشغل منصب سفير الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة من أغسطس/آب 2005 إلى ديسمبر/كانون الأول 2006 ووكيل وزارة الخارجية من 2001 إلى 2005، وخدم أيضًا تحت إدارتي الرئيسين السابقين رونالد ريغان وجورج بوش الأب.

دافع بولتون عن وجهات نظر متشددة في السياسة الخارجية يعود تاريخها إلى إدارة رونالد ريغان، وأصبح اسمًا مألوفًا بسبب دعمه الصاخب لحرب العراق كسفير للولايات المتحدة في الأمم المتحدة في عهد جورج دبليو بوش. لقد فكر لفترة وجيزة في الترشح للرئاسة في عام 2016، ليثبت أن سياسته أفضل من الانعزالية التي يجسدها ترامب.

خلال عام ونصف في البيت الأبيض، حقّق بولتون نجاحًا خاصًا في صياغة سياسات الإدارة الأمريكية تجاه الأمم المتحدة وغيرها من المنظمات الدولية، مثل المحكمة الجنائية الدولية، فضلاً عن الدعوة إلى اتخاذ إجراءات متشددة بشأن فنزويلا وكوبا.

وفي سوريا، حشد بولتون ضد قرار ترامب العام الماضي بسحب القوات الأمريكية من سوريا، ودبر حملة هادئة داخل الإدارة ومع الحلفاء في الخارج لإقناع ترامب بإبقاء القوات الأمريكية في سوريا لمواجهة فلول تنظيم الدولة في العراق والشام “داعش”.

بولتون أطلق حملة واسعة ضد المحكمة الجنائية الدولية أسفرت عن رفض الولايات المتحدة منح تأشيرة لقضاة المحكمة والمدعين العاميين المشاركين بتحقيق محتمل ضد مواطنين أمريكيين، وقد يُستخدم لمنع تحقيقات المحكمة الجنائية الدولية ضد مواطني دول حليفة للولايات المتحدة مثل “إسرائيل”.

التحرك الأمريكي جاء نتيجة طلب الإذن بفتح تحقيق في جرائم الحرب المزعومة التي ارتكبتها القوات الأمريكية وغيرها في أفغانستان، وكذلك نتيجة التحقيق المحتمل في فلسطين، والذي من المرجح أن يشمل سلوك مسؤولين إسرائيليين. غير ذلك، كانت فترة بولتون مليئة باللحظات المؤثرة في السياسة الخارجية الأمريكية، ومنها:

– 8 مايو/أيار 2018: أعلن ترامب الانسحاب من الصفقة النووية الإيرانية لعام 2015، وهو الموقف الذي دعا إليه بولتون. تم التفاوض على الصفقة من قبل إدارة أوباما للحد من البرنامج النووي الإيراني في مقابل تخفيف العقوبات، وكان البعض في الإدارة يفضلون البقاء في الاتفاق.

– 15 نوفمبر/تشرين الثاني 2018: اُقيلت حليفة بولتون ونائب مستشار الأمن القومي ميرا ريكارديل بعد أن أصدر مكتب السيدة الأولى ميلانيا ترامب بيانًا عامًا يدعو إلى إقالتها، بعد خلاف بينهما حول الترتيبات التي اقترحها مكتب ميلانيا، بشأن مقاعد الطائرة التي ستقلَّها والوفد المرافق في الجولة الأفريقية في أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

نقلت شبكة ABC الأمريكية عن مصادر قولها إن إيقاف ترامب تنفيذ ضربة ضد إيران جاء عكس ما نصح به مستشاره للأمن القومي الذي يدفعه باتجاه رد فعل عسكري قوي ضد إيران

– 9 يناير/كانون الثاني 2019: رفض الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مقابلة بولتون خلال زيارته لتركيا لمناقشة الخطط الأمريكية لسحب القوات من سوريا، وجاء الرفض بعد أن دعا بولتون إلى ضمانات أمنية تركية للقوات الكردية المدعومة من الولايات المتحدة كشرط لسحب السلاح الأمركي من مواقع الأكراد.

– 26 مايو/أيار 2019: بدا أن ترامب يقوض إدانة بولتون العلنية للتجارب الصاروخية التي تجريها كوريا الشمالية. وقال ترامب على “تويتر”: “أطلقت كوريا الشمالية بعض الأسلحة الصغيرة التي أزعجت بعض أفراد شعبي وآخرين لكنها لم تزعجني”. يبدو أن “بعض أفراد شعبه” كان من بينهم بولتون، الذي أبلغ الصحفيين موخرًا أن اختبارات الصواريخ الكورية الشمالية تنتهك قرارات مجلس الأمن الدولي.

– 21 يونيو/حزيران 2019: ألغى ترامب هجومًا عسكريًا على إيران، كان قد أمر به ردًا على إسقاط إيران لطائرة أمريكية بدون طيار. لقد دعم بولتون تنفيذ الهجوم الأمريكي. وفي هذا السياق نقلت شبكة ABC الأمريكية عن مصادر قولها إن إيقاف ترامب تنفيذ ضربة ضد إيران جاء عكس ما نصح به مستشاره للأمن القومي الذي يدفعه باتجاه رد فعل عسكري قوي ضد إيران.

– 30 يونيو/حزيران 2019: زار بولتون منغوليا بينما ذهب ترامب إلى المنطقة الكورية المنزوعة السلاح لإجراء مصافحة تاريخية مع الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون. وقال محللون إن هذه الخطوة تشير إلى انقسام متزايد بين بولتون وترامب بشأن عقد محادثات مع بيونج يانج.

– 7 سبتمبر/أيلول 2019: ألغى ترامب ما أسماه اجتماعًا سريًا في كامب ديفيد مع طالبان والقادة الأفغان، عقب تفجير لطالبان في كابول أسفر عن مقتل 12 شخصًا، بينهم جندي أمريكي. دافع ترامب عن فكرة حضور طالبان إلى كامب ديفيد بحثًا عن السلام، وهي الخطوة التي عارضها بولتون.

هل يؤدي خروج بولتون إلى تغييرات في السياسة الخارجية لترامب؟

تأتي مغادرة بولتون البيض الأبيض في وقت عصيب بالنسبة لإدارة ترامب على الساحة العالمية، أي قبل أسابيع من انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة، بينما يواجه الرئيس قرارات ملحة بشأن مجموعة من قضايا السياسة الخارجية.

رحيل جون بولتون يقدم تذكيرًا بأن ترامب هو صاحب القرار في السياسة الخارجية، لكن هل يفتح المجال أمام تحقيق اختراقات دبلوماسية في العديد من القضايا الملحة؟ يمكن الإجابة على هذا السؤال بالنظر إلى دور بولتون في 5 من أهم القضايا السياسية:

أفغانستان وجدل عملية السلام

لعل القشة التي قسمت ظهر البعير خلاف بولتون مع ترامب حول قرار الأخير استضافة اجتماع تم إلغاؤه مؤخرًا مع قادة طالبان في كامب ديفيد. أعلن ترامب منذ ذلك الحين أن المحادثات بين الولايات المتحدة وحركة طالبان “ماتت”، ما يشير إلى غضب ترامب من بولتون لمعارضته الجهد الدبلوماسي الأمريكي في الملف الأفغاني.  

عارض بولتون خطة وزارة الخارجية الأخيرة لتوقيع اتفاق سلام أفغاني مع طالبان، معتقدًا أن قادة المجموعة لا يمكن الوثوق بهم، وأن إلغاء الاتفاق مع طالبان سيؤدي إلى تآكل قدرة الولايات المتحدة على إحباط الهجمات من هناك. تلك المعارضة وضعت بولتون في مواجهة وزير الخارجية مايك بومبيو.

ومع عدوم وجود بولتون في مشهد السياسة الخارجية، يرى محللون أن الولايات المتحدة قد تتخذ موقفًا أكثر ليونة تجاه إيران وأفغانستان وفنزويلا

في المقابل، يرى بولتون، الذي قيل إنه اُستبعد من بعض اجتماعات البيت الأبيض حول أفغانستان، أن الولايات المتحدة يمكن أن تسحب حوالي 8600 جندي أمريكي من أفغانستان، وتحافظ على جهود مكافحة الإرهاب دون توقيع اتفاق سلام مع طالبان، علمًا أن هناك الآن حوالي 14 ألف جندي أمريكي في أفغانستان.

ومع عدم وجود بولتون في مشهد السياسة الخارجية، يرى محللون أن الولايات المتحدة قد تتخذ موقفًا أكثر ليونة تجاه إيران وأفغانستان وفنزويلا. في هذا السياق، يرى كليف كوبشان، رئيس مجلس إدارة مجموعة الاستشارات السياسية للمخاطر، وهي مجموعة متخصصة في روسيا وإيران، أن ترامب في النهاية لا يعتقد أن المشاريع الأجنبية تخدم المصلحة الوطنية للولايات المتحدة.

واستشرافًا للمستقبل، يرى كوبشان أن خليفة بولتون سيحدد المسار المستقبلي للسياسة الأمريكية، وأن ترامب سيعين على الأرجح “شخصًا يشاركه بشكل أساسي وجهات نظره وسيعمل على إتباع مساره علنًا، حتى لو كان هناك اعتراض على انفراد”.

– كوريا الشمالية وتخفيف موقف واشنطن

كانت كوريا الشمالية قضية أخرى اختلف عليها بولتون وترامب، ويقول مسؤولون أمريكيون إن بولتون هو المسؤول عن انهيار قمة في فبراير/شباط بين ترامب وزعيم كوريا الشمالية كيم جونج أون في هانوي من خلال التوصية بعرض قائمة بالمطالب المتشددة التي رفضها كيم.

على الرغم من أنه أصر في ذلك الوقت على أنه لا يعتقد أن قمة هانوي كانت فاشلة، فقد أخبر بولتون وسائل الإعلام الأمريكية: “أنا مستشار الأمن القومي. لست صانع قرار الأمن القومي”.

حتى قبل توليه منصب مستشار الأمن القومي، قال بولتون في تغريدة له على تويتر إنه يعتقد أن “التحدث إلى القيادة الكورية الشمالية سيكون بلا فائدة”، لكن بحسب محللين، قد يعني رحيل بولتون أن البيت الأبيض سيخفف من موقفه تجاه كوريا الشمالية.

وبحسب المحلل في مجموعة “أوراسيا غروب” الاستشارية، سكوت سيمان، فإن “رحيل بولتون من شأنه أن يدفع واشنطن لأخذ نهج أكثر ليونة في المحادثات مع كوريا الشمالية”، ويضيف لشبكة CNBC الأمريكية: “سيكون لدى ترامب معارضة محلية محدودة فيما يتعلق بموقفه الناعم تجاه كوريا الشمالية، ويمكننا أن نتوقع أن نرى بعض التقدم الإضافي في محادثاتهم في الأسابيع المقبلة، وربما حتى بمجرد انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة”.

– إيران ولقاء روحاني المرتقب

أسابيع التوتر الأمريكي الإيراني فتحت النقاش حول الخلافات داخل العلاقات الأمريكية بين مَنْ يدعو إلى الحرب تجاه طهران وبين مَنْ يؤيد الدبلوماسية الهادئة، فجون بولتون طالما أيد التصعيد العسكري واللهجة الحادة في الملف الإيراني.  

كان بولتون مهندسًا رئيسيًا لموقف ترامب الصارم ضد إيران، وقد قاد الإدارة الأمريكية إلى التخلي عن الاتفاق النووي مع إيران وإعادة فرض العقوبات الأمريكية على طهران، كما يُعتقد على نطاق واسع أن بولتون فضل الضربة الجوية الأمريكية على إيران في وقت سابق من هذا العام.

عبَّر ترامب منذ ذلك الحين عن استعداده للتحدث مع القادة الإيرانيين في ظل الظروف المناسبة، لكن أحد الجمهوريين المطلعين على الخلافات بين ترامب وبولتون قال إن معارضة المستشار لعقد اجتماع محتمل بين ترامب وروحاني عجَّلت من طرد بولتون، وفقًا لوكالة أسوشيتيد برس.

بعد خروج بولتون، قد يكون هناك المزيد من الضم في الضفة الغربية المحتلة عندما يكشف دونالد ترامب أخيرًا عن “خطته للسلام” أو “صفقة القرن”

بعد إقالة بولتون، قال مستشار الرئيس روحاني حسام الدين آشنا إن “تهميش بولتون والقضاء عليه في وقت لاحق ليس مصادفة بل علامة حاسمة تشير إلى فشل استراتيجية الضغط القصوى التي تتبعها واشنطن مواجهة المقاومة البناءة لإيران”.

ويحاول الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون التوسط في هذا الاجتماع، الذي ربما يُعقد على هامش اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة المقبل، على أمل إنقاذ الصفقة النووية الإيرانية الدولية التي انسحب منها ترامب.

وعلى الرغم من أن ترامب أكثر انفتاحًا على فكرة مقابلة القيادة الإيرانية مقارنة مع بولتون، إلا أنه يبدو من غير المحتمل أن تشهد السياسة المتعلقة بإيران أي تحول جذري كبير في وقت ما قريبًا، فعلى عكس كيم في كوريا الشمالية، فإن الزعماء في إيران أيضًا ليسوا حريصين جدًا على التعامل مع الولايات المتحدة مما يعقد علاقاتهم الثنائية.

– “صفقة القرن” ومستقبل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي

قبل أن يصبح مستشارًا للأمن القومي لترامب، أشاد بولتون باعتراف ترامب بالقدس عاصمة لـ”إسرائيل” وقرار نقل السفارة الأمريكية إلى المدينة، وكتب على تويتر في ديسمبر/كانون الأول 2017: “عملية السلام في الشرق الأوسط تحتاج منذ فترة طويلة إلى الوضوح، وقد قدم ترامب ذلك من خلال اتخاذ قرار نقل السفارة الأمريكية في “إسرائيل” إلى القدس”.

بعد سنة تقريبًا، أصبح بولتون لاعبًا رئيسيًا خلال ورشة العمل التي عُقدت في البحرين في يونيو/حزيران 2019، حيث ناقشت الولايات المتحدة الجزء الاقتصادي من مقترحاتها لخطة الإملاءات الأمريكية لتصفية القضية الفلسطينية المعروفة إعلاميًا بـ”صفقة القرن”.

قاطعت القيادة الفلسطينية تلك الورشة، قائلة إن الولايات المتحدة لا يمكن أن تكون “وسيط سلام نزيه”. بعد المقاطعة، انتقد بولتون القيادة الفلسطينية، واصفًا رفض الظهور “بالخطأ”، وقال إن “ما يجعل هذا الاقتراح بالذات فريدًا هو الجانب الاقتصادي منه”.

قد يشير خروج بولتون إلى تخفيف القبضة المالية والسياسية التي كان يحاول هندستها دون نجاح يذكر حتى الآن

خلال ذلك الحدث نفسه، علق بولتون أيضًا على الضم الإسرائيلي المحتمل لغور الأردن وشمال البحر الميت بالضفة الغربية المحتلة، وهي خطة أعلنها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قبل ساعات من مغادرة بولتون.

رفض بولتون في يونيو/حزيران تقديم دعمه الصريح لخطة نتنياهو، لكنه قال: “يحق لإسرائيل أن تعيش داخل حدود آمنة”، وقال للصحفيين في ذلك الوقت: “كيف يعمل ذلك من حيث الجوانب المحددة للضفة الغربية عمومًا، سيكون هذا موضوع النقاش القادم مع بدء خطة السلام”، .

أمَّا بعد خروج بولتون، قد يكون هناك المزيد من الضم في الضفة الغربية المحتلة عندما يكشف دونالد ترامب أخيرًا عن “خطته للسلام” أو “صفقة القرن”، فإذا كانت لغة نتنياهو أكثر قسوة وأكثر جرأة هذه المرة – في الانتخابات الثانية خلال أشهر في “إسرائيل” – فذلك لأنه من غير المؤكد أن يقاوم ترامب أي تحركات نحو خطة نتنياهو القادمة، خاصة بعد أن نقل بشكل مثير للجدل السفارة الأمريكية إلى القدس واعترف بمطالبة “إسرائيل” بالسيادة على مرتفعات الجولان.

– فنزويلا واحتمالات تخفيف القبضة المالية والسياسية

دعا بولتون إلى اتخاذ إجراءات متشددة بشأن فنزويلا، حيث تدعم الولايات المتحدة زعيم المعارضة خوان غوايدو، الذي استند إلى الدستور في وقت سابق من هذا العام، وأعلن نفسه رئيسًا مؤقتًا، واصفا إعادة انتخاب نيكولاس مادورو عام 2018 بأنه “غير شرعي”، في حين يتهم مادورو غوايدو والولايات المتحدة بمحاولة انقلاب.

في يناير/كانون الثاني، حمل بولتون مفكرة مكتوبة مكتوب عليها بخط اليد “5000 جندي إلى كولومبيا”، رغم أن كولومبيا – التي تشترك في حدود طولها 1370 ميلًا مع فنزويلا – انضمت إلى الرئيس ترامب في دعم زعيم المؤتمر الفنزويلي خوان غوايدو. يبدو أن مذكرة بولتون تشير إلى الوضع في فنزويلا، وتم رصدها بينما كان هو ومسؤولون آخرون يعلنون فرض عقوبات على شركة نفط فنزويلية مملوكة للدولة.

وفي أكثر من مناسبة، قال بولتون إن “كل الخيارات كانت مطروحة” عندما يتعلق الأمر بفنزويلا، وقال الشهر الماضي إن واشنطن مستعدة لفرض عقوبات على أي شركة دولية تتعامل مع مادورون مضيفًا: “نرسل إشارة إلى أطراف ثالثة ترغب في التعامل مع نظام مادورو: عليكم المضي قدمًا بحذر شديد”.

جون بولتون يستمع إلى أسئلة الصحفيين خلال مؤتمر صحفي في البيت الأبيض، حاملاً مفكرة مكتوب عليها بخط اليد “5000 جندي إلى كولومبيا”

وجاءت تعليقاته بعد يوم من توقيع ترامب على أمر تنفيذي بتجميد أصول الحكومة الفنزويلية وحظر أي معاملات معها، وهو عمل يمكن أن يخل بتعاملاتها مع روسيا والصين، وكذلك مع الشركات الغربية.

ووفقًا لما ذكرته صحيفة Miami Herald الأمريكية، قال مسؤولون في البيت الأبيض إن الرئيس شعر بالإحباط لأن مادورو لم يتنح كما تنبأ بولتون. ومع ذلك، أضافت الصحيفة أن المسؤولين حذروا من أن السياسة الأمريكية تجاه فنزويلا من غير المرجح أن تتغير جذريًا مع خروج بولتون من الصورة.

من ناحية أخرى، قد يشير خروج بولتون إلى تخفيف القبضة المالية والسياسية التي كان يحاول هندستها دون نجاح يذكر حتى الآن، لكن بالنسبة لآلاف المنفيين الفنزويليين الذين يعيشون في جنوب فلوريدا، والذين شاهدوا دعمًا غير مسبوق من الولايات المتحدة لقضيتهم، قد يبدو رحيل بولتون بمثابة خسارة لبطل.

ودفع رحيل بولتون المبعوث الأمريكي الخاص لفنزويلا، إليوت أبرامز، إلى إعلان أن الحكومة الأمريكية ليست “أقرب” إلى التدخل العسكري في فنزويلا، لكنه حذر من أن “كولومبيا ستحصل على دعم أمريكي كامل في حالة قيام جماعات إرهابية بهجوم أو القوات المسلحة الفنزويلية”.

ويعتقد الجمهوريون أن إعادة انتخاب ترامب في عام 2020 تعتمد إلى حد كبير على ولاية فلوريدا، التي تضم الآلاف من الفنزويليين والكوبيين الذين فروا من الأنظمة الاشتراكية والشيوعية القمعية، وهو ما يجعل إزاحة ترامب لمادورو تتطابق مع شعار حملة مناهضة الاشتراكية للرؤساء.

*محرر صحفي في فريق نون بوست

***

الغارديان : تخلصنا من بولتون لكن المشكلة الأكبر كانت دائما رئيسه

لندن –   بي بي سي  – 11/9/2019

نشرت صحيفة الغارديان افتتاحية بعنوان “تخلصنا من بولتون لكن المشكلة الأكبر كانت دائما رئيسه”. وتقول الصحيفة إنه لا يوجد مراقب متعقل للشؤون الدولية يمكنه أن يحزن على إعلان ترامب إقالة جون بولتون، مستشاره للأمن القومي، على الرغم من أن بولتون بأسلوبه المميز المحب للجدل قال إنه هو من استقال.

وتضيف الصحيفة أن الكثيرين في واشنطن، ومن بينهم جمهوريون بارزون، أعربوا عن سعادتهم لرحيل بولتون، وتقول إن إقالته حدث سياسي نادر رحب به حتى من يكرهون ترامب وكل ما يمثله.

وتقول الصحيفة إن رحيل صقر متشدد متهور مسؤول عن قدر كبير من السياسة الأمريكية الخارجية المروعة” أمر مرحب به. وتقول الصحيفة إن بولتون لدى دخوله الإدارة الأمريكية الربيع الماضي، كان يدعو بقوة لهجوم “احترازي” على كوريا الشمالية. وتضيف الصحيفة إن بولتون، على النقيض من ترامب، كان يؤمن بالتدخل الخارجي القوي وبوجود حضور عسكري أمريكي دولي قوي. وكان دوما هناك الخوف من أن مهارته التكتيكية ودأبه الذي لا يلين سيمكنانه من تحقيق ذلك.

وتقول الصحيفة إنه مهما كان الترحيب برحيل بولتون، فإن من يخلفه قد لا يكون أفضل منه. وتقول الصحيفة إنه لا يجب الترحيب بالأسلوب الفوضوي المفكك الذي تنتهجه الإدارة الأمريكية، التي “يبتهج رئيسها بالانقسامات والتحزبات بين طاقمه والتي تسمح له بالحكم وفقا لأهوائه وغروره”. وتضيف الصحيفة أنه من المحتمل أن يكون بولتون قد أقيل لأنه خدش غرور ترامب، وليس لأته كان غير كفء.

***

بلومبيرغ”  تكشف كواليس إقالة بولتون .. ما علاقة إيران؟

واشنطن – وكالات –  11/9/2019

ذكرت وكالة “بلومبيرغ”، اليوم الأربعاء، أن الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، ناقش تخفيف العقوبات الشديدة التي يفرضها على إيران؛ وذلك على أمل لقاء نظيره الإيراني حسن روحاني، في وقت لاحق من هذا الشهر.

وأوضحت الوكالة الأمريكية، بحسب مصادر وصفتها بـ”المطلعة”، أن اقتراح ترامب هذا دفع مستشاره للأمن القومي، جون بولتون، الذي أقيل الثلاثاء (10 سبتمبر 2019)، للدخول في سجال حاد مع الرئيس.

وأشارت إلى أن السجال حصل خلال اجتماع بالمكتب البيضاوي، الاثنين الماضي، مؤكدة أن وزير الخزانة، ستيفن منوتشين، شدد على دعمه للفكرة كوسيلة لاستئناف المفاوضات مع إيران.

وكان ترامب قد أقال بولتون بسبب عدم “الاتفاق مع العديد من اقتراحاته”، و”الخلاف الشديد” حول قضايا عديدة.

وبحسب مصادر الوكالة، فقد بدأ البيت الأبيض تحضيراته للقاء محتمل بين ترامب وروحاني، في نيويورك، على هامش لقاء الجمعية العامة للأمم المتحدة السنوي، الذي يبدأ في 23 سبتمبر الجاري.

وشددت “بلومبيرغ” على أنه من غير الواضح بعد “ما هو موقف طهران من لقاء كهذا في ظل العقوبات القاسية المفروضة عليهم”، وسط توقعات من تلك المصادر بأن يتم اللقاء بحضور الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون.

في ذات السياق تراجعت أسعار النفط في الأسواق العالمية بأكثر من 2%؛ بعد تقارير بأن ترامب يدرس تخفيف العقوبات على إيران.

بدوره قال ترامب، في كلمة له أمام الصحفيين بالبيت الأبيض، اليوم، إنه يرغب “في التوصل إلى صفقة مع إيران”، لكنه استدرك قائلاً: “إن لم يتم إبرام هذه الصفقة فلا بأس”.

وفي رده على سؤال بشأن تخفيف العقوبات على إيران تمهيداً للقاء مع روحاني، أجاب الرئيس الأمريكي قائلاً: “سنرى ماذا سيحدث”.

ووجه ترامب تحذيراً إلى إيران في حال إقدامها على تخصيب اليورانيوم، واصفاً ذلك في حال حدث بأنه “خطير جداً بالنسبة لها”.

وكشف أن بولتون كان على خلاف مع مسؤولين في إدارته، حيث كان يدعم التدخل الأمريكي في العراق، مشيراً إلى أنه عارضه مراراً، لافتاً إلى أنه أبلغ بولتون بأن أساليبه “لا تتوافق مع مواقفي”، طالباً منه تقديم استقالته.

1

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى