#أقلام وأراء

خطاب رئيس الوزراء بينيت أمام قمة المناخ في غلاسكو يؤكد على عنصرية إسرائيل ويكشف أنها أحد أهم مصادر تهديد الأمن العالمي

العميد: أحمد عيسى * 7-11-2021م

في خطابه أمام مؤتمر الأمم المتحدة لتغيير المناخ المعروف بإسم (COP26) الذي إنعقد في مدينة غلاسكو الأسكتلندية في 31/10/2021، قال رئيس الوزراء بينيت يوم الإثنين الموافق 1 نوفمبر 2021 “أن مواجهة التغير المناخي تحتاج إلى تطور إسرائيل التكنولوجي وإبداع العقل اليهودي”، مضيفاً أن توظيف التكنولوجيا في الصناعة الإسرائيلية يجعل من إسرائيل دولة رائدة في حماية الكرة الأرضية من الإنبعاث الحراري الذي أصبح من التهديدات الخمسة الأولى التي تهدد الأمن العالمي.

يقول رئيس الوزراء بينيت في جملته هذه وفقاُ لمراسلة القناة 12 الإسرائيلية (دفنا لييل) “مساهمة إسرائيل الفريدة في إنقاذ العالم من التغير المناخي تكمن في تجنيد العقل اليهودي”، الأمر الذي يعكس نظرة الإستعلاء المهيمنة على قادة الحركة الصهيونية، لا سيما على قادة التيار النيوصهيوني وفقاً لتوصيف المؤرخ اليهودي المعروف (ألان بيبيه)، هذا التيار الذي ينتمي اليه بينيت أيدلوجياً، ويؤمن أن إسرائيل هي “الفيلا الوحيدة في الغابة” والمقصود بالغابة هنا العالم بأسره وليس الشرق الأوسط مركز العالم العربي والإسلامي فقط، تأسيساً على ذلك يؤمن غالبية اليهود في إسرائيل أن العالم بأسره يقف ضد إسرائيل”. 

نظرة الإستعلاء على العالم بأسره هذه تقدم مزيداُ من التفسير والتوضيح لطبيعة نظام الأبارتايد الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني، إذ لم يعد بمقدور حتى أكثر المتعصبين في الدفاع عن إسرائيل حول العالم، سواء كانوا من اليهدود الأمريكان، أم من غير اليهود بما في ذلك المسيحية الصهيونية المعروفة في أمريكا (بالأفنجليكان)، النقاش ضد إعتبار إسرائيل دولة أبارتايد، لا سيما بعد صدور تقريري المنظمتين الحقوقيتين بيتسيلم الإسرائيلية وهيومان رايتس وتش العالمية خلال العام الجاري 2021، الذين نصا بوضوح لايقبل الجدل أن إسرائيل تمارس على الأرض الممتدة من البحر للنهر نظام تمييز عنصري أبارتايد، وفي هذا الشأن من المتوقع أن يصدر قريبا تقرير مماثل عن منظمة العفو الدولية.

تجدر الإشارة هنا أن إقتران إسرائيل بوصف الأبارتايد آخذ بالتزايد في التقارير المكتوبة والمرئية باللغة الإنجليزية، إذ يذكر بواقع مرة يومياً، في حين تظهر دراسات معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي أن إقتران إسم إسرائيل بمصطلح الأبارتايد في التقارير المكتوبة باللغة الإنجليزية خلال الفترة الممتدة منذ العام 1948 – 2010، كانت اقل من 90 مرة، وقد زاد هذا الإقتران إلى حوالي 1300 مرة في الفترة 2010-2015.

وإلى جانب أن مفهوم التمييز العنصري (الأبارتايد) قد اصبح وصف أصيل للنظام الإسرائيلي على الأرض الممتدة من البحر للنهر على الأقل في أوساط الرأي العام الأمريكي، لا سيما اليهودي منه، فإسرائيل ومنذ بداية الألفية الجديدة تعتبر أكبر تهديد للسلام العالمي من وجهة نظر مواطني دول الإتحاد الأوروبي، إذ أظهرت نتائج إستطلاع نفذ العام 2003 أن 59% من مواطني دول الإتحاد الأوروبي يرون أن إسرائيل تمثل أكبر تهديد للسلم العالمي، الأمر الذي أثار ضجة في أوروبا، مما دعى الإتحاد إلى عدم تكرار إجراء إستطلاعات في هذا الشأن وفقاً لتصريح خاص للناطق باسم المفوضية (ريغو كمبيني) لصحيفة الدستور الأردنية نشر بتاريخ 17/11/2003.

في الشأن ذاته أظهرت نتائج إستطلاع للرأي نفذته شبكة يوجوف (YouGov) التي تعتبر واحد من أكبر شبكات البحث في العالم في شهر مايو/أيار الماضي مباشرة بعد الحرب على غزة أن شعبية إسرائيل في جميع أنحاء أوروبا قد إنخفضت بواقع 14 نقطة في جميع البلدان التي شملها الإستطلاع مقارنة بإستطلاع كانت الشبكة قد نفذته في شهر شباط/ فبراير العام 2021.        

وعلاوة على ذلك تظهر التقارير الصحفية، لا سيما التقارير الإسرائيلية التي أعقبت خطاب بينيت في غلاسكو كذب إدعاء رئيس الوزراء بأن إسرائيل تسير بخطى ثابثة ومستقرة نحو أن تكون دولة خضراء تساهم بواقع صفر في المائة من الإنبعاثات الكربونية حتى العام 2050، إذ وفقاً للأرقام التي تضمنتها هذه التقارير تبدو إسرائيل الصغيرة من حيث المساحة وعدد السكان، من أوائل الدول المساهمة في صناعة التهديد المناخي الذي بات من التهديدات التي تهدد الكرة الأرضية والبشرية جمعاء، ففي العام 2019 بلغ نصيب الفرد الواحد في إسرائيل من إنتاج العوادم الكربونية ما مجموعه 8,9 طن، وهذا أعلى بنسبة 82% من النسبة العالمية، كما أظهرت التقارير كذلك أن إنتاج إسرائيل من الطاقة المتجددة لم يتجاوز نسبة 6% حتى الآن.

وللتأكيد أكثر على كذب رئيس الوزراء في خطابه تعرض بينيت لكثير من الإنتقادات الصعبة في أعقاب خطابه من قبل كثير من الشركات الإسرائيلية مظهرين أن البيروقراطية الإسرائيلية تعيق عملهم، الأمر الذي دفع كثير من الشركات العالمية إلى سحب إستثماراتها من إسرائيل.

ما تقدم يظهر أن الرأي العام العالمي آخذ بالإقتناع أكثر فأكثر أن إسرائيل هي دولة عنصرية، وتشكل تهديد للسلم العالمي، وشعبيتها في الغرب الأوروبي آخذة بالإنخفاض، والأهم أنها تعتبر من أهم مصادر تهديد الأمن العالمي، الأمر الذي يزيد من أوراق قوة الرواية الفلسطينية في حرب الرواية  ضد الرواية الصهيونية.

* العميد احمد عيسى المدير العام السابق لمعهد فلسطين لأبحاث الأمن القومي

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى