أقلام وأراء

حميد قرمان يكتب – عودة هنية بين اختفاء السنوار .. وتيارات حماس

بقلم حميد قرمان 

منذ سماح المصريين لـ اسماعيل هنية بمغادرة قطاع غزة في جولة خارجية، ورئيس المكتب السياسي لحماس في غزة مختفٍ تماما عن الساحة السياسية والاعلامية في غزة، فلا تصريح اعلاميا ولا نشاط سياسيا ولا لقاءات تنظيمية معلنة عقدها يحيى السنوار، مما يثير تساؤلا: اين هو؟ ولماذا هذا الاختفاء؟ خاصة والاحداث العاصفة التي مرت بنا منذ بداية العام الى اليوم تستدعي منه ولو تصريحا اعلاميا واحدا حول موت قاسم سليماني أو اعلان صفقة القرن أو الاستفزازات الاعلامية لقادة الاحتلال وتهديداتهم لغزة أو اتصال اسماعيل هنية بالرئيس محمود عباس وقدوم وفد من حركة فتح، والتحضير لزيارة وفد منظمة التحرير للقطاع لبحث سبل وامكانية المصالحة وانهاء الانقسام، كلها ملفات كان الشارع الفلسطيني ينتظر من السنوار ولو تصريحا واحدا على الاقل ليعلن به وجهة نظر حماس بما جرى ويجري.

وهنا يجب الربط بين المعطيات السياسية داخل حماس والتي طفت مؤخرا على الساحة السياسية والاعلامية الفلسطينية والتي ستصل بنا الى حقيقة واحدة بان هناك صراعا سياسيا، وقد يتطور فيما بعد الى صدام مسلح، يجري الآن داخل حماس، فاسماعيل هنية الذي لم يتمكن الى الآن من العودة الى القطاع بسبب غضب المصريين من زيارته الى ايران وتعزيته بسليماني، يعاني من معارضة داخلية حقيقية في حماس، بدأت مؤشراتها من تغريدات موسى ابو مزروق وتسجيلاته المسربة الذي يهاجم بها الناطق باسم حماس في لبنان وهو احد افراد الفريق السياسي والاعلامي المقرب من رئيس الحركة اسماعيل هنية، ليعود ويهاجم مجددا وبقسوة زيارة هنية لايران، وهنا نربط السابق بارتفاع وتيرة الردح السياسي بالخطاب الاعلامي ضد السلطة ورئيسها محمود عباس منذ اتصال هنية به والاتفاق على ضرورة تكثيف الجهود من اجل تحقيق المصالحة، وكأن بعض تيارات الحركة لا ترغب باي تقارب سياسي وطني بين حركتي فتح وحماس خوفا على مصالحها في القطاع، والجميع يعلم مدى ثراء ونفوذ قادة حماس في غزة، وخوفهم على مصالحهم الفردية اذا ما مُكنت حكومة الدكتور اشتية وحُققت المصالحة، فالملاحظ انه يوميا هناك تصريح اعلامي يهاجم السلطة والرئيس عباس وحركة فتح، بنفس الاسلوب الاتهامي التخويني الذي اعتادت عليه تيارات داخل حماس من اجل نسف اي تحرك وطني حقيقي لرأب صدع الانقسام وتحقيق المصالحة، وهنا يظهر جليا ضعف قدرة هنية على فرض رؤيته السياسية داخل الحركة، مما دفع بعض التيارات داخل الحركة الى تسريب خبر اعلامي مفاده تفكير مشعل بالترشح مجددا لرئاسة المكتب السياسي للحركة، وهو ما نفاه سريعا مكتب هنية الذي يعمل على منع عودة مشعل أو ابو مرزوق على رأس المكتب السياسي لحماس.

سابقا، كتبت ان تيارات حماس متعددة داخل الحركة، فالتيار القطري صاحب المال والذي انتصر للسنوار على حساب العاروري في قضية اموال واصول الحركة، واصبح السفير القطري محمد العمادي يجلب الاموال من نتنياهو مباشرة الى مكتب السنوار شهريا حسب تصريح نتنياهو نفسه، وهناك التيار الايراني الذي اشتد عوده مؤخرا بعد ان خفت صوته ابان الازمة السورية والتدخل الايراني هناك ولجوء مشعل الى قطر، وهناك تيار القيادات القديمة كموسى ابو مرزوق والذي لم يتقبل بعد فكرة انه خرج من دائرة القرار السياسي واصبح بلا تأثير يذكر داخل الحركة، وهناك تيار الضفة المهمش والذي لا صوت له ولا وزن، أما داخل القطاع فهناك تيارات عديدة منها: تيار الزهار القريب من ايران، وتيار فتحي حماد الذي يسعى لبقاء نفوذه واستثماراته، وتيار خليل الحية الذي ينتظر التيار الفائز من هذه الصراعات.

عملية تمييز التيارات داخل حماس، سهلة للغاية، فيكفي ان تقرأ التصريح فتعرف لمن يتبع قائله، وتفهم كيف يسير خط الصراع داخل الحركة، ومن يحقق النقاط ومن يكتسب القوة داخل الحركة، ليتأكد لديك ان صراعا سيحسم بالقوة قريبا بين هذه التيارات المتصارعة بل ربما ستلجأ هذه التيارات لسياسة الاغتيالات فيما بينها، وتدرك ان الامل الذي يسلب من الشعب الفلسطيني في كل مرة حول عملية المصالحة وانهاء الانقسام لن يتحقق لانه ببساطة الامر كيف ستتم عملية المصالحة مع تيارات متعددة لها مصالحها واجنداتها السياسية المتضادة، فالمطلوب ان تتحقق المصالحة وتنتهي الانقسامات اولا داخل حماس وبين تياراتها، لتنعكس ايجابيا على عملية المصالحة بين حماس وفتح.

وأعود الى سؤالي بعد كل ذلك: اين السنوار؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى