أقلام وأراء

حمادة فراعنة يكتب – كورونا المستعمرة

حمادة فراعنة – 23/3/2020

تجتاح حالة من الصراع العلني والمستتر بين قوى اليمين السياسي لدى المستعمرة الإسرائيلية: بين الليكود من طرف وكحول لافان من طرف آخر، وأبطالهما نتنياهو وعصابته، وبيني غانتس وجنرالاته يعلون وإشكنازيومعهما يائير لبيد، ومن جهة أخرى بين اليمين المتطرف بقيادة ليبرمان من طرف، وبينيت من طرف آخر. نتنياهو استغل فيروس الكورونا ومخاطره مثلما وظف مكانته كرئيس للحكومة الانتقالية المؤقتة، ففرض حالة الطوارئ لتحقيق ثلاثة أهداف:

1- عطل عمل البرلمان ليمنع الإطاحة برئيسه و زلمته وأداته الليكودي أدلشتين،

2- عطل عمل المحاكم ليحول دون توظيفها في إصدار القرارات ضد إجراءاته التعسفية.

3- مستغلاً الإعاقة وإطالة الوقت على أمل تمزيق جبهة غانتس ومحاولة التقاط ثلاثة نواب من معسكر ازرق ابيض ليتمكن من خلالهم الحصول على الأغلبية في تشكيل الحكومة،

4- أن يبقى رئيساً للحكومة أطول فترة ممكنة، إضافة إلى نجاحه في تأجيل محاكمته بسبب تعطيل عمل المحاكم. نتنياهو من كل هذا الاستغلال والتعطيل تلقى المساعدة في فرض إجراءاته من قبل رئيس الكنيست أدلشتين، ومن صمت رئيس المستعمرة الليكودي روفلين ، وهذا كله بهدف منع بيني غانتس المكلف رسمياً بتشكيل الحكومة، وثمة هدف جوهري آخر يتمثل بقطع الطريق ووضع الإعاقات الجوهرية، أمام حالة النهوض الفلسطينية غير المسبوقة ومنعها من الاستفادة مما حققته من حصيلة التوصل إلى التحالف والتماسك والتفاهم والوحدة، وتشكيل قائمتها البرلمانية العربية العبرية الفلسطينية الإسرائيلية المشتركة يوم 23/1/2015، ومن نتائج انتخابات الكنيست 23 يوم 2/3/2020، التي أعطتهم 15 مقعداً، وباتوا َمن خلالها يملكون المقدمة ومقومات العمل كي يكونوا شركاء في المشهد السياسي الإسرائيلي.

ليست الوقائع والمشهد مُتاح فقط لنتنياهو ليفعل ما يريد، بل ثمة عوامل يملكها بيني غانتس ومن معه، ولكن نتنياهو يملك عوامل متعددة تعود لهيمنته على المشهد السياسي الإسرائيلي لأكثر من عشر سنوات متتالية صنع من خلالها إدارة الكنيست، ورئيس المستعمرة، والسيطرة على مفاصل المؤسسات الإدارية والأمنية والعسكرية.

يستطيع نتنياهو أن يبقى لاعباً بارزاً لدى مؤسسات المستعمرة لفترة من الزمن، وتعطيل توجهات خصومه من اليمين وإحباط مشاريعهم نظراً لخبراته وقدراته، ولكنه سيصل إلى الحائط حينما تبدأ جلسات محاكمته، خاصة بعد فشله في إصدار فتوى الحصانة لصالحه.

نتنياهو يسعى إلى حكومة تناوب مع غانتس، شريطة أن يكون هو الأول، وهو خيار وتوجه أوقع الخلاف بين مكونات كحول لافان وجنرالاتها، وهو مسار لا يقل سوءاً عن الصراع العلني بين الرجلين والمعسكرين، بل إن هذا الخيار هو أحد أدوات نتنياهو في الانقضاض على خصمه وتشليحه مقومات تفوقه، عبر تفكيك معسكر الجنرالات أزرق أبيض.

الصراع محتدم داخل مؤسسات صنع قرار المستعمرة، وهي مظاهر غير مسبوقة بهذا النفور بين أشخاصها ومفاعليها، ومن هنا تبرز قيمة العامل الفلسطيني في أن يبقى مراقباً مدركاً مهامه وعدم تجاوز حدوده حتى يصل إلى مرحلة يكون فيها ليس فقط شاهداً على ما يجري، بل فاعلاً شريكاً فيه، وهو لم يصل إلى هذا المستوى بعد، ولكنه وضع رجله على الطريق ليكون مؤثراً على المشهد السياسي الإسرائيلي برمته.

1

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى