أقلام وأراء

حمادة فراعنة يكتب –  المأساة نتاج التباين والخلافات

حمادة فراعنة – 25/8/2021 

لم يقع الخلاف بين القوى السياسية الفلسطينية في مناطق 48 المنضوية تحت مظلة «لجنة المتابعة» التي تقود النضال الوطني في مواجهة العنصرية والتمييز وسياسات حكومة المستعمرة لفلسطينيي الجليل والمثلث والنقب ومدن الساحل المختلطة، وبين فصائل المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، وفي طليعتها حركة حماس، حول استعمال مفردات السيف أو الانتفاضة أو القدس أو الكرامة، بل يقع الخلاف حول المضامين والأولويات، وأكثر من ذلك حول احترام الشراكة، وعدم إغفال دور كل طرف في اختيار الأولويات التي تنسجم مع ظروفه.

مكونات الشعب الفلسطيني الثلاثة :1- أبناء مناطق 48 يواجهون التمييز والعنصرية ويناضلون بأدوات مدنية من أجل تحقيق المساواة، 2- أبناء مناطق 67 في القدس والضفة والقطاع يناضلون ضد الاحتلال ومن أجل الاستقلال، 3- بينما يعمل أبناء المخيمات واللاجئين من أجل إنجاز حق العودة.

نضال الفلسطينيين المتعدد يصب في مجرى واحد عنوانه مستقبل فلسطين واستعادة شعبها كامل حقوقه على أرض وطنه الذي لا وطن له غيره.

تتعدد الأدوات والمفردات للفلسطينيين والهدف واحد، ولكن حينما يتبدد جُهد أي طرف فذلك يؤدي إلى استنزاف القدرات وتضحيات الشعب الفلسطيني ويؤدي إلى إطالة عُمر الاحتلال.

ثمة اتفاق ضمني استراتيجي بين منظمة التحرير وفصائلها الوطنية من طرف وأحزاب العمل الفلسطيني في مناطق 48 من طرف اخر، حول أولويات كل منهم، وأدوات الفعل لكل طرف، ولكل منهم دوراً في إسناد الآخر ودعمه لمواجهة العدو الوطني والقومي والديني والإنساني الواحد المشترك: المشروع الاستعماري التوسعي الإسرائيلي.

حركة حماس جاءت من خارج هذا الفهم وتجاوزت الشراكة، وأحبطت تقدم المشروع الوطني وعطلته بسبب:1- الانقلاب عام 2007، 2- سيطرتها المنفردة على قطاع غزة منذ 2007 إلى الآن، وهي بدلاً من أن تقدم نموذجاً متقدماً لشعبها في الإدارة والشراكة وتقبل التعددية واحترام الآخر، تفعل على طريقة الأنظمة الشمولية الأحادية اليسارية والقومية والإسلامية:1-الشيوعية والاشتراكية والاتحاد السوفيتي ومن سار على دربهم من بلدان العالم الثالث، 2- الأنظمة القومية التي حكمت القاهرة ودمشق وبغداد وطرابلس والجزائر واليمن، 3- أنظمة الإسلام السياسي كما هي ولاية الفقيه، طالبان، القاعدة، داعش، والإخوان المسلمين ومن سار على دربهم.

في معركة القدس يوم 10 أيار 2021 كان للأطراف الثلاثة، لكل منهم دوراً وشراكة :

أولاً أهل القدس بفعالياتهم وفصائلهم ومجتمعهم من المسلمين والمسيحيين.

ثانياً أهالي مناطق 48 وأحزابهم وشخصياتهم سواء في انتقالهم للقدس والمسجد الأقصى، أو في فعالياتهم الكفاحية المحلية في بلداتهم ومدنهم.

ثالثاً فصائل المقاومة في غزة وخاصة حركتي حماس والجهاد، وكان دورهما مميزاً وذات أثر وفعل قوي على المجتمع الإسرائيلي عبر إطلاق الصواريخ، دفعت الإسرائيليين نحو الملاجئ، تعطيل المطارات، والضرر لقطاعات اقتصادية، ولكن النتائج جاءت مخيبة للآمال رغم الادعاءات بالانتصار.

الجهد الفلسطيني من قبل أهل القدس ومناطق 48 كان مذهلاً على المستوى الدولي، وحقق حضوراً يستحق الاحترام والاهتمام في التضامن مع الفلسطينيين، وشجباً ورفضاً لسلوك المستعمرة وسياساتها وإجراءاتها.

ولكن مشاركة الفصائل من غزة بإطلاق الصواريخ كان سلبياً على المستوى الدولي، إذ شجب سلوك طرفي الصراع بإطلاق الصواريخ واستهداف المدنيين من قبل الطرفين لمواقع الطرفين، وبذلك تساوى الضحية الفلسطيني مع المجرم الإسرائيلي، وتم تدمير قطاع غزة بلا أدنى تضامن أو فعل حقيقي ملموس: عربي إسلامي مسيحي دولي.

حركة حماس ومن معها تتوسل العودة إلى ما كانت عليه الأوضاع قبل 10 أيار، وتنتظر الحسنات والهبات وقبول تمريرها إلى قطاع غزة عبر المستعمرة وأدواتها وأجهزتها الأمنية.

شعب غزة الذي أعاد للشعب الفلسطيني كرامته وهويته وفرض حضوره سجل أرقاماً قياسية في الفقر والجهل والجوع والحصار، ليس بسبب فاشية الاحتلال وجرائمه فقط، بل بسبب سوء الإدارة والأحادية والتفرد في إدارة قطاع غزة والتسلط على إرادة شعبها.

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى