أقلام وأراء

حمادة فراعنة يكتب –  الانقلاب السوداني – الحلقة الثالثة

حمادة فراعنة – 2/11/2021

لم تتمكن مظاهرة الاحتجاج المليونية يوم 30 تشرين أول أكتوبر من تغيير الوضع السائد في السودان، على أثر الانقلاب العسكري الذي قاده عبد الفتاح البرهان مع نائبه محمد حمدان دقلو (حميدتي)، يوم 25 تشرين أول أكتوبر2021، الذي هدف إلى الإطاحة بالشراكة العسكرية المدنية للنظام الذي تولى السلطة بفعل الوثيقة الدستورية التي تم التوصل إليها بين العسكر وقوى الحرية والتغيير في شهر آب 2019، بعد الإطاحة بحكم الرئيس عمر البشير في نيسان 2018.

البرهان ألغى مجلس السيادة المشترك مع المدنيين، وأعاد العمل بالمجلس العكسري الأحادي، واعتقل قيادات الأحزاب والنقابات وجمد العمل بالوثيقة الدستورية.

مظاهرات الاحتجاج مستمرة، وسقوط الشهداء بالعشرات، الجرحى بالمئات واضعافهم من المعتقلين، والأفق مازال مغلقاً رغم وساطة مبعوث الأمم المتحدة فولكر بيرتس، وجيفري فيلتمان المبعوث الأميركي، وكلاهما العسكر والمدنيين لم يحققا أي طرف منهما مراده بهزيمة أحدهما لشريكه الطرف الأخر، والاحتمالات مازالت واردة باتجاهين: الأول انقلاب عسكري يُطيح بالانقلاب، والثاني التوصل إلى تفاهم والعودة إلى الاتفاق بين الطرفين.

الاحتجاجات الشعبية مازالت متواصلة، ويبدو أنها لن تتوقف مدعومة بمناخات دولية تُطالب العكسر للتراجع عن الإجراءات الأحادية، ولكن العسكر الذين يملكون قوة الجيش وهيمنته يملكون أوراق قوة تدعمهم وهي:

أولاً: سياسة التطبيع مع المستعمرة الإسرائيلية التي توفر لهم دعماً ومظلة لمواجهة الضغوط الدولية.

ثانياً: أطراف إقليمية التي ترفض الديمقراطية والاحتكام لصناديق الاقتراع، خشية امتدادات مظاهرها لبلادهم، ولذلك تقف مع العسكر ضد الأحزاب وضد النقابات وضد الخيار الديمقراطي، وتدعم العكسر وتحرضهم سراً، أو عدم إدانتهم العلنية للانقلاب.

ولذلك يتوهم البعض إذا وجد أن الثورة الشعبية في السودان وحدها قادرة على التغيير، فالعوامل الإقليمية والدولية عوامل مساندة للنجاح والتقدم، أو دافعة نحو الإحباط والاخفاق، مما يتطلب قيادات محنكة قادرة على إلتقاط الخيارات الواقعية التراكمية لانتصار الخيار التعددي الديمقراطي، وتراجع الخيار العسكري الأحادي المتسلط.

استمرار الاحتجاجات، وسقوط الضحايا، ورفض السودانيين سرقة تضحياتهم، لن تكون بلا نتيجة، وستحول دون عودة العسكر للحكم الفردي المتسلط، ولكن قدرات السودانيين وتضحياتهم وحدها غير كافية لتحقيق الانتصار، بل تحتاج لعوامل تضامنية مساندة حقاً لكفاحهم من أجل الخيار الديمقراطي، وهو ما يفتقدوه في صراعهم ضد انقلاب العسكر وإجراءاته.

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى