أقلام وأراء

حمادة فراعنة – تصويب نتائج الحرب الباردة

حمادة فراعنة ٢٦-٢-٢٠٢٢م

يعمل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على تصويب نتائج الحرب الباردة، التي أدت أنذاك إلى هزيمة بلاده، وفكفكة الاتحاد السوفيتي، وزوال المعسكر الاشتراكي عام 1990، بقرار من اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوفيتي صدر في أيلول سبتمبر 1989، وصفه الرئيس بوتين على أنه «قرار قاتل في جوهره».
لقد عشنا نحن العرب بشكل حي وملموس نتائج الحرب الباردة ومظاهرها المدمرة، وأول من دفع ثمنها احتلال العراق وتدميره وحصاره، وجعله إلى الآن دولة فاشلة، على خلفية الخطيئة الكبرى التي ارتكبها الرئيس الراحل صدام حسين باجتياح الكويت يوم 2/8/1990، بعد أن نصب له الاميركيون فخاً عبر السفيرة جلاسبي، ودفعوه لارتكاب تلك الخطيئة بحق بلد شقيق.
لولا غياب الاتحاد السوفيتي في ذلك الوقت لما تمكنت الولايات المتحدة من الإقدام على جريمتها نحو العراق بدءاً من 17/1/1991، بتحريض وتخطيط المستعمرة الإسرائيلية، وهي الدوافع والجرائم نفسها التي فعلتها واشنطن نحو ليبيا وسوريا واليمن، كما تمكنت الولايات المتحدة من إلغاء قرار الأمم المتحدة رقم 3379 الصادر يوم 10/11/1975، والغي بموجب القرار 46/86 يوم 16/12/1991، الذي وصف الصهيونية «شكل من أشكال العنصرية والتمييز العنصري» .
لقد سمعت وزير الخارجية الروسي يوم 19/9/2017، قوله لأحد المسؤولين العرب: «لقد تمكنت الولايات المتحدة من خطف العراق وليبيا، في غفلة من الموقف الروسي، ولكنها لن تتمكن من سوريا « وهذا ما كان، حيث تم استعادة سوريا، ووقوفها على رجليها، وصمودها في وجه الغزاة والتطرف من قبل داعش والقاعدة وآخرين، بأدوات الدعم الأميركي الأوروبي الإسرائيلي الإقليمي للمعارضة المنظمة المرتبطة غير المستقلة.
في برنامج الرئيس بايدن، أن أعداء أميركا وخصومها هم الصين وروسيا، وركز اهتماماته على منطقة شرق ووسط آسيا، وأول أفعاله الرحيل من أفغانستان، وتسليمها واستيلاء حركة طالبان عليها يوم 15 آب أغسطس 2021،في محاولة لتفجير أزمة للصين وإيران من قبل أفغانستان، والفعل الثاني تم في كازاخستان التي تعرضت لهجوم منظم من قبل مقاتلي داعش والقاعدة، بداية شهر كانون ثاني يناير 2022، وبدعم روسي هزمت كازاخستان التطرف والغزاة.
وبتحريض إسرائيلي أميركي وقع رئيس أوكرانيا فولوديمير زيلينسكي في احابيل الالتحاق لحلف الناتو، فنصب لنفسه فخاً، لم يدرك خطورته، ولم يفهم معنى التحذيرات الروسية وقيمتها، معتمداً على الأميركيين والأوروبيين، وها هو يدفع الثمن بالاجتياح الروسي بدءاً من يوم الخميس 24 شباط 2022، وعبر عن الاحساس بالاحباط صباح يوم الجمعة 25/2/2022 من عدم توفر الدعم الأميركي الأوروبي المناسب له.
لقد دفع الروس ثمن هزيمتهم القاسية، المرة، في الحرب الباردة، بسبب عوامل: سباق التسلح، المباراة الاقتصادية، التورط في احتلال أفغانستان، والحرب الأيديولوجية الدينية من قبل الممولين لتنظيمات الإسلام السياسي، وشن الحرب الإعلامية تحت غطاءات تضليلية ضد السوفييت والشيوعية والاشتراكية.
وكانت أبرز نتائج الحرب الباردة، إلغاء، أو تجميد، أو عدم الاعتبار لكل الاتفاقات من قبل الولايات المتحدة التي تم التوصل إليها على خلفية نتائج الحرب العالمية الثانية، وقيام التوازن الدولي، ومصالح القطبين.
أوكرانيا ستكون البوابة التي ستعيد الفعل لحالة التوازن الدولي، واحترام المعسكر الروسي الصيني ومصالحه، وإلغاء نتائج الحرب الباردة، وانعكاس ذلك على الوضع الدولي بما فيها منطقتنا العربية، والرحمة للأمير سعود الفيصل حينما سمعته يقول: «لقد كان لنا احترام، ويُحسب لنا حساب، حينما كان الاتحاد السوفيتي، وفقدنا هذه المكانة بغيابه».

 

مركز الناطور للدراسات والأبحاث  Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى