أقلام وأراء

حسن عصفور يكتب – مناورات “الركن البديل” الحمساوية…!

بقلم حسن عصفور/

بعد ما يقارب 14 عاما على انقلاب يونيو 2007، وثلاث حروب تدميرية على قطاع غزة شنتها دولة الكيان الإسرائيلي، وما يقارب ثلاثة أعوام على إطلاق مسيرات كسر الحصار ثم تحولها “الفجائي” لمسيرات ضد الضم، وثلاث سنوات على “صفقة ترامب” بما فتح شهية الاستيطان كما لم يسبق لها مثيلا، قررت حركة حماس أن تعلن عن مناورات عسكرية بمسمى “الركن الشديد”، تحت غلاف “غرفة مشتركة” لم تنفذ يوما عملية واحدة ضد الكيان، عدا بيانات متناثرة جدا تقل عن عدد أصابع اليد.

ما قبل ذلك الاستعراض، أطلقت حركة حماس حملة إعلامية فاقت كل ما كان من حملات سابقة، لم تكرس مثيلا لها لأي قضية وطنية عامة، بما فيها الأخطر على القضية الوطنية، الخطة الأمريكية للتهويد والضم، المعروفة باسم “صفقة ترامب”، وما نتج عنها من نقل السفارة الى القدس والاعتراف بها عاصمة للكيان، في كسر “محرم سياسي أمريكي” منذ العام 1948، وما تلاها من استيطان متلاحق.

جاءت “المناورة العسكرية” في ظل حملة سياسية حمساوية، جوهرها تسويق روايتها الخاصة حول المشهد الفلسطيني، لتبدو وكأنها “البديل” الرسمي أو في أضعف حلقاتها “البديل الموازي الرسمي”، بابتلاع منظمة التحرير اعتقادا أنها أوشكت على النهاية القديمة، نتاج “شيخوخة” اصابت حركة فتح بصفتها عامود المنظمة الرئيسي.

خطاب حماس، لم يعد مجهولا أو ملتبسا ابدا، بل هي أكثر الحركات الفلسطينية تعبيرا عما تريد بلا أدنى ذرة ارتباك أو خجل من اتهامها بخدمة المشروع الأمريكي – الإسرائيلي، فقادتها يواصلون عرض فكرة “البديل” بأشكال متباينة، تسارعت مع انتخاب جو بايدن رئيسا لأمريكا، وما يحمله من توقعات عودة الحضور السياسي للرسمية الفلسطينية، وفتح الباب الأمريكي مجددا لها بعد أشهر عجاف أصابتها.

وجاء بيان الرباعية الدولية الداعي لعودة الحراك السياسي لحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي بالتنسيق مع دول عربية، تلاها لقاء ثلاثي مصري أردني فلسطيني ضمن رؤية حراك “الحل الممكن” ما يؤدي موضوعيا الى تعزيز مكانة “الشرعية الرسمية” والرئيس محمود عباس عربيا ودوليا، فيما تنكمش حماس في مناطق خلفية تنتظر ما يمكن أن يتم عبر قناة قطر تركيا، أو الجماعة الإخوانية.

ولذا وجدت حماس أن تعزز حراكها السياسي “البديل / البديل الموازي” بحركة عسكرية في قطاع غزة، لم يكن لها أي قيمة عملية في المواجهة المفترض انها مستمرة، ولخص بيانها الحقيقة بلا رتوش، رسالة تقول لإسرائيل “حذار أن تغيري قواعد الاشتباك” او ان تقومي بعدوان…ملخص مكثف أن جوهر الأمر ليس فعلا إيجابيا بل رسالة أن الأمر الجوهري لغير إسرائيل، بان قطاع غزة سيبقى منفصلا بقيادة حماس، بات له “جيشا عسكريا مسلحا” وليس أجنحة فصائلية.

ومراقبة لكتبة حماس الرسميين، حول الحدث، نجد ان القضية المركزية تبرز المظهر الخارجي باعتبار الحدث إعلان لتشكيل “جيش وطني فلسطيني”، وتلك هي الكلمة السحرية للبعد الانفصالي، ليس جغرافيا فقط بل أمنيا وسياسيا، من حيث انه استثنى الضفة والقدس، وتجاهل كليا قوات السلطة الأمنية خاصة قوات الأمن الوطني، ومعها تجاوز كامل لحركة فتح بما لها من ثقل عسكري.

ترويج أن الحدث “نواة لتشكيل جيش وطني” يكشف “مناورة حماس” بأنها فعل سياسي بغطاء عسكري، ورسالة أن القادم لن يكون هادئا على السلطة والمنظمة والرئيس عباس، خاصة بعد أن وصف القيادي التاريخي لها خالد مشعل بأن قيادة المنظمة شاخت، فيما قال قادة حمساويون آخرون، ان الحركة رفضت اللقاء مع أمريكا، دون أن تكشف لما تتصل بها لو أن الإدارة الأمريكية فعلا ترى حماس حركة “إرهابية”، فهل تتصل واشنطن بـ “حزب الله” مثلا مع ان أثره على لبنان وإسرائيل أكثر تأثيرا منها على المشهد اللبناني، وأخطر أمنيا على إسرائيل.

الأمر لا يحتاج كثيرا من التدقيق ليعرف أن ما قامت به حماس ليس سوى مناورة لتعزيز البعد “الكياني الانفصالي في قطاع غزة” الى حين توفر لها القدرة على “احتلال” منظمة التحرير أو أي حالة “كيانية قادمة”…دون ذلك فـ”الجيش الغزي” حاضر لحماية الكيان وقادته…

وهنا نفتح القوس المكمل للمناورة المستحدثة، متى ستعلن “القيادة السياسية” المشتركة التي طالب بها مشعل لحكم القطاع، هل ستكون عشية استلام بايدن الرئاسة الأمريكية 20 يناير، أم ما بعد الانتخابات الإسرائيلية، فموسيقى الحركة تتناغم مع كليهما مصالحا ودورا… تلك هي المسالة…

ولا عزاء لفصائل كانت من ركائز الثورة والمنظمة فأصحبت حلقة في “أرجوحة حماس” السياسية…!

لافتة : في ذكرى الثورة الفلسطينية وانطلاقة حركة فتح، يحضر الخالد وقادة الفعل الثوري من فصائل الشعب وشهداء بعشرات آلاف وأسرى بألاف وجرحى بمئات الآلاف، كانوا قاطرة التغيير الكبير لتعزيز القضية الفلسطينية، ونقلها من حال الى حال حتى باتت حقيقة سياسية كيانية للمرة الأولى في تاريخ فلسطين…

مسار الثورة انطلق لتحقيق دولة تنتظر لحظة انطلاقها…وستنتصر راية الوطن على رايات الردة الوطنية…فالثورة الفلسطينية ولدت لتبقى وتنتصر بإعادة رسم الخريطة الكيانية وفقا لحق مقدس، ولن تشيخ أبدا لأنها من رحم الشعب وليس بقرار “لقيط”…

سلاما لكل من رسم حرفا في مسار ثورة شعب وقضية!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى