أقلام وأراء

حسن عصفور يكتب – مطبات بيان الـ 15 بندا للحوار الفلسطيني في القاهرة!

بقلم حسن عصفور – 11/2/2021

وأخيرا، بعد سنوات تمكنت الفصائل الفلسطينية (المعترف بها رسميا)، من توقيع وثيقة شاملة من 15 بندا تضع قواعد يمكن اعتبارها للمرة الأولى منذ قيام السلطة الفلسطينية عام 1994، تكون الانتخابات بأشكالها كافة عامود الاتفاق الرئيسي، وبذلك تختلف جوهريا عما سبقها من اتفاقات بدأت منذ عام 2005، ما عرف بوثيقة الأسرى، ثم وثيقة الوفاق 2006، وتلاها أوراق بأسماء متعددة.

التغيير النوعي في بيان القاهرة فبراير 2021، هو أنها حددت آلية الانطلاقة التوافقية، والتي مثلت جوهر الرؤية الفلسطينية الجديدة، ما يدفع للمضي قدما نحو ترسيخ واقع مختلف عما كان، لو ذهبت الوثيقة الى محطتها النهائية.

هروب الوثيقة من تحديد “قواعد سياسية” بنصوص واضحة قد يكون العامل الأهم لتكسر عقبات شكلت عائقا هاما في السنوات السابقة، بل أن الوثيقة تجاهلت بـ “ذكاء تنازلي” من حركة حماس عن وضع قرارات المجلس المركزي حول العلاقة مع دولة الكيان، ومستقبل دولة فلسطين، لصالح قرارات أقل قيمة سياسية – قانونية، كي لا ترسخ ماهية “مؤسسات منظمة التحرير” قبل أن تكون جزءا منها، وكانت موافقة فتح (م7) على ذلك مفاجأة أشارت الى “التنازلية” متبادلة.

الهروب من السياسي، كما كانت حماس تشترط شكل قوة دفع للمسار الانتخابي، خاصة وأنها ستلجأ لتبرير تنازلها (مدفوع الثمن المسبق)، بأن النص يحتمله بيان الأمناء العامين في سبتمبر 2020، حول قطع العلاقة مع دولة الكيان، وهنا هل يمكن اعتبار “موافقة” حماس خطوة للأمام، أم “عقدة” يجب حلها.

ومع القيمة الكبيرة لبيان ألـ 15 بندا، فهناك بعضا مما يجب “فكفكته” بأسرع مما تعتقد أطرافه، بما فيهم الشقيقة الكبرى مصر، الراعي – الضامن، بعد أن منحت أطراف البيان سلطة خاصة للرئيس محمود عباس، من حيث أنه “المشرع الأول”، ورفعت له تعديلات مطلوبة لقانون الانتخابات: (تخفيض رسوم التسجيل والتأمين- طلبات الاستقالة – عدم المحكوميات – نسبة مشاركة النساء – تخفيض سن الترشح).

وهنا، ماذا لو أن الرئيس رفض تلك التعديلات، او بعضا منها، فهل سيتم الموافقة على ما يراه دون أي رفض لاحق، ام أن رفضه سيفتح حق الاعتراض (فيتو)، مسألة كشفت أن “النوايا” تدخلت في صياغة بعض المواقف، لتؤكد أن الرئيس أصبح المرجع العام، بل وكأنه “المرشد العام”. مسألة تستحق التفكير.

المسألة الأخرى، البيان تحدث عن انتخاب “رئيس السلطة”، بما يتناقض مع التعديل الذي حدث في القانون بأن الانتخابات لرئيس الدولة، والتناقض هنا ليس لغويا، وليس مصطلح بمصطلح، بل هو مفهوم تناقضي كامل، بين رئيس دولة خارج من مسؤوليات الفترة الانتقالية، يتوافق مع قرار الأمم المتحدة عام 2012، وبيان يعيد الأمر الى انتخابات لرئيس سلطة انتقالية في سقف الاتفاقات التي باتت غير صلة (كادوك سياسي)، منذ عام 2000.

وهنا، ماذا لو رفض الرئيس عباس هذه العبارة وأصر على ان تكون انتخابات لرئاسة الدولة وليس السلطة…مسالة تستحق التفكير.

وفيما يتعلق بالقدس، الفقرة تحتمل كل أشكال الغموض، فهي لم تحدد هل ان الأطراف الموقعة على البيان تصر أن تكون فيها كما كانت انتخابات 1996، التي عاشت كل مظاهر العملية الانتخابية، ترشيحا وانتخابا ومقرات وحملات دعاية متكاملة، ام وفق منطق التنازل الأول عن الحق، في انتخابات 2006، أم هناك صيغة جديدة تتجاهل أي صدام مع دولة الكيان، ليكون الهدف الانتخابات بذاتها، مع تناول سياسي خاص في العاصمة الأبدية لدولة فلسطين، وفتح الباب لنقل مركزها من الأصل في باب العامود الى الفرع في الضواحي…مسألة تستحق التفكير.

ووفق البيان، يجب أن تعقد لجنة الانتخابات للمجلس الوطني لقاءا في مارس القادم، أي قبل الانتخابات البرلمانية، ماذا لو لم يتم التوافق على قواعد العمل خلال ذلك اللقاء، هل ستتم العملية وتأجيل المختلف الى ما بعد الانتخابات، ام تبرز عقبة تعطيلية…مسألة تستحق التفكير.

وبعيدا عما ورد من مطالب رفعت للرئيس عباس، قد يقبلها أو لا أو بعضها، فهناك مسألة الإشراف الأمني على الانتخابات، فالنص تحدث عن الشرطة المدنية بزيها الرسمي في الضفة وقطاع غزة، فهل يعني ذلك الشرطة المنقسمة، بما يمنح حماس أول اعتراف رسمي بقانونية واقع الحكم في القطاع، سيترتب عليه لاحقا الإقرار بكل ما قامت به وظيفيا وإجراءات خلال سنوات حكمها، أم هو إجراء مؤقت لا يرتبط بأي من دلالات لـ “شرعنة آثار الانقلاب”، ام تحتمل مشاركة عناصر الشرطة الفلسطينية الجالسين في بيوتهم منذ انقلاب يونيو 2007..مسالة تستحق التفكير.

وبالقطع، تهرب البيان بشكل مثير عن الموقف من “المحكمة الدستورية العليا” ومجلس القضاء الأعلى، فمن حيث النص هناك موافقة كلية عليهما، وبالتالي خرجا من نقاط الخلاف، أم هناك ما هو وراء البيان لم يتم اقراره بعد…أيضا مسألة تستحق التوضيح وليس التفكير.

لعل البعض يرى هناك ما يمكن اعتباره “مطبات” أخرى تستحق التفكير، لكن ما ورد يمثل الأكثر حساسية لا بد من التفكير العملي بـ “فكفكتها”، قبل أن تنتقل من كونها مطب معرقل الى حاجز مانع…مع الإدراك أن الانتخابات لا تشترط مشاركة محددة لا فصائلية ولا شعبية، لو أراد الرئيس عباس الذهاب بها منفردا.

ملاحظة: للعلم، البرنامج السياسي مش شرط مسبق للمشاركة في الانتخابات…يعني مش اتفاق أوسلو هو العقبة خاصة لمن شارك في انتخابات 2006…هاي اسمها مسخرة..لكن الشرط اللي غاب هاي انتخابات لشوووو!

تنويه خاص: الطرفة الأهم في المشاركين بحوار القاهرة، ما سمي بوفد “المستقلين”..صراحة هاي بدها تسجيل كماركة خاصة…مين قرر ومين شكل وليش هذا مش ذاك…الفرفشة بهيك ما غابت عن لقاء كان يقال أنه “مصيري”!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى