أقلام وأراء

حسن عصفور يكتب – عن جرم “التطبيع” وحلال “المال القطري”

حسن عصفور – 27/4/2020

ربما، لو لم تفتح وسائل إعلام قطر والجماعة الإخوانية وأدواتها، ومنها حركة حماس، حديثها عن مسلسل كويتي اسمه “أم هارون”، لما لفت انتباه غالبية شعوب بلادنا، حرب كان هدفها الأساسي ليس جرم التطبيع بذاته، بل على بلد الإنتاج وبلد البث التلفزي، وجاءت وكأنها تبحث ترويجا له بشكل أو بآخر.

ومن المفارقات الكبرى، ان الحرب على “أم هارون” التطبيعي كما تقول تلك الأدوات، تزامن مع تجاهلها الكلي لمسلسل مصري أثار غضب دولة الكيان، لكن أدوات الجماعة وكتابها وإعلامها وكذا حركة حماس، لم يثيرها ذلك، كون الراعي المالي لتلك الإعلانات لا يبحث حقا رفضا للتطبيع بل حربا على غيره.

مسلسل “النهاية” المصري لفت انتباه خارجية الكيان الإسرائيلي لتراه “معاديا”، ولا يتفق مع المعاهدة الموقعة مع مصر، لكن كتبة حماس لم يرون فيه مسلسلا يستحق الكتابة والترويج له، ما يكشف كذب حملتهم وأنها ليس سوى خدمة تنفيذية مدفوعة الأجر.

الحقيقة السياسية المثيرة في الآونة الأخيرة، ان وسائل إعلام قطر، وصداها الإخواني وحماس، هو قيامها بالتركيز غير المنطقي على “أحداث” تطبيعيه لا تمثل تغييرا جوهريا في الموقف الشعبي العربي الرافض للتطبيع، حملة ترويجية تحت غطاء “الرفض”، لكنها في الواقع تمهد الطريق للتعايش معها بشكل أو بآخر، وهو ذات الدور الذي تنفذه قناة “الجزيرة”، التي تمثل أهم أداة ترويج للرواية الإسرائيلية – الصهيونية المعادية، وهي من فتح الباب لهم عبر باب “الرأي والرأي الآخر”، في جريمة كبرى بمساواتها بين المجرم الفاشي وبين الضحية العربية الفلسطينية.

قبل قناة الجزيرة، لم يكن لأي وسيلة إعلامية أن تفتح فضائها لأي إسرائيلي، حتى أولئك اليهود الإسرائيليين مؤيدي الحقوق الفلسطينية ورافضي الاحتلال وجرائمه، خوفا من أن تكون من مروجي دعاية ما، رغم عدم صوابية ذلك، لكنها كانت قائمة قبل أن تؤسس القناة القطرية، وتدشن أكبر جريمة إعلامية لخدمة دولة الاحتلال وجريمتها.

ولن نفتح باب دولة قطر وعلاقتها بإسرائيل ومجمل الخدمات السياسية التي قدمتها لها، وأبرزها انها الراعي الرسمي لتمويل الانقسام، لكن الأخطر ما تقوم به قناتها الصفراء في تمرير رواية الصهيونية واعتبارها رأي أو رأي آخر.

سلوك حماس من مسألة “التطبيع” لا يمثل حقيقة تعبر عن موقف وطني فلسطيني، ولا صلة له برفضها الجوهري لتلك المسألة، وأن تتحول أداة للترويج له بغطاء الرفض، وكأن المنطقة باتت مفتوحة تماما لذلك، ليس سوى جريمة مضافة، وتضخيم الأحداث المتناثرة ليس سوى نشر روح “الاستسلام”، ولا نحتاج لكثير من المؤشرات للدلالة أن غالبية شعوب الأمة لا تزال ترى في دولة الكيان عدوها المركزي، ربما عدا دولة قطر وشعبها، الذي قد يراه صديقا وسندا.

حماس يبدو انها انتقلت لتصبح “رأس حربة” قطرية، تعتاش من رأسها الى قدميها على مال قطر، والذي يمثل مالا مسموما يخدم استمرار الانقسام، أي يخدم المخطط الصهيوني، الذي بات أقرب الى التحقيق بفضل ذلك الانقسام.

كان يمكن أن تكون هناك مصداقية لحماس في حربها ضد مسلسل، لم يكن ذي قيمة شعبية لولا حرب قطر، لو انها أعلنت رسميا اعتبار قناة الجزيرة قناة تطبيعية تمارس أخطر عملية تضليل من خلال فتح الباب لمجرمي الحرب في إسرائيل لبث روايتهم الكاذبة، وأن ممارستها تمثل خدمة مباشرة للحركة الصهيونية ومخططها.

لن نقول أن تفضح دور قطر في تمرير مخططات إسرائيلية، بل فقط أن تعتبر “الجزيرة” قناة للتطبيع والترويج للرواية الصهيونية وما يتطلب موقفا عربيا وشعبيا منها.

دون ذلك، فكل ما توقله حماس “انتقائيا” ضد التطبيع منطلقة سداد فاتورة المال القطري المسموم جدا.

ملاحظة: بعد قرار اقتصاد حماس بفتح المطاعم والمقاهي وغيرها…ولم تفتح المساجد، بدأت حركة التندر سريعا بتلخيص الأمر أن “المال سيد الأحكام”!

تنويه خاص: لأول مرة منذ انتخابه رئيسا لأمريكا يعلن ترامب هزيمته أمام “خبث” الصحفيين، بعد إعلانه عدم جدوى الايجاز اليومي عن كورونا…مسكين “تيتي” شكله كورونا كورنك خالص…

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى