أقلام وأراء

حسن عصفور يكتب – سؤال الضرورة…هل فلسطين تحت الاحتلال ام شريك للاحتلال؟!

حسن عصفور/

أصبحت “خطة ترامب” بكل بنودها الـ 22 وتفاصيلها واقعا سياسيا وإعلاميا، ولم يعد باب الاجتهاد “مرنا”، لمحاولة التنقيب فيها عن “غموض” يستخدم لفتح باب التفاوض حولها، فهي قدمت نصوصا وخريطة تحدد التغيرات التي ستطرأ على الضفة الغربية والقدس ما بين السيادة الإسرائيلية، والسيطرة العامة، وتركت قطاع غزة بمكانة مختلفة شرط “نزع السلاح” الفصائلي، دون ان تحدد الصفقة هل سيبقى جزءا من “السيطرة أو السيادة” الإسرائيلية.

 والفاصلة الغريبة في تلك الخطة، أنها تتحدث عن مفاوضات لمدة 4 سنوات، دون تحديد هدف تلك المفاوضات، بعد ان تم رسم كل ما بها، حدودا وواقع ونظام حكم ذاتي بمسمى دولة خالية من كل مظاهر “السيادة”، لا يحق لها أن تبنى مطارا أو ميناءا خاصا، رغم ان المطار كان موجودا وتم استخدامه لسنوات قبل أن تدمره إسرائيل خلال المواجهة الكبرى 2000- 2004، وكذلك ميناء غزة، حيث بدأ التفاوض لاستكمال البناء قبل أن تنهي دولة الكيان تلك المفاوضات بالرصاص الحي.

المعابر البرية الخارجية ستبقى تحت السيطرة الأمنية الإسرائيلية، عبر وجود مراقبين مدنيين عليها من الكيان، ولذا لم تبق الخطة الأمريكية فصلا يمكن مساعدة من يرى انها “تفتح” فرصة لبناء السلام، سوى ما يتعلق ببعض سكان القدس بين اختيارهم الجنسية الإسرائيلية، أو البقاء بلا جنسية مع منحهم امتيازات “الإقامة الدائمة”، مقيمين غير مواطنين، في توصيف غريب لجزء من سكان القدس الأصليين، والجزء الثالث يمكنه اختيار الجنسية الفلسطينية.

وما يتعلق باللاجئين فهي تنهي كليا تعريف اللاجئ الفلسطيني وفقا لقرار الأمم المتحدة 194، وتفتح الباب للتوطين الشامل في بلاد الإقامة، وعودة 50 ألف منهم ضمن “مدة زمنية وشروط ” إسرائيلية.

ولذا لم يعد هناك ضرورة لبحث تلك الخطة لاتخاذ موقف نهائي – قطعي منها، ليس بالرفض البياني و “التهديدات” المستقبلية، أو تحذير دولة الكيان بأنها كسرت كل أسس العلاقات ولذا تبحث “القيادة الفلسطينية” سبل التخلي عنها أيضا، فتلك السبل وهذا السلوك ليس سوى منح زمن مضاف لدولة الكيان البدء العملي التنفيذي للخطة الأمريكية، والتي ستبدأ سريعا، فيما يتعلق بفرض السيادة على أجزاء من الضفة واعتبار القدس بكاملها عدا بعض من شعفاط، وتلك الأحياء التي كانت تحت مسؤولية السلطة الفلسطينية منذ عام 1995، ككفر عقب وأبو ديس ومعها، بيت حنينا والرام وقلنديا، ولذا الجديد فقط جزء من شعفاط وليس كاملها أيضا.

الموقف الفلسطيني العام يبدو وكأنه “موحد” ضد الخطة، ويبحثون كيفية تجسيد ذلك، رغم ان كل السبل للوحدة وإنهاء الانقسام سالكة سياسيا، لو كانت الرغبة حقيقية وجادة لذلك، مع وجود اتفاقات متعددة منذ 2005، ولكن المطلوب غير ذلك تماما، بالذهاب عمليا نحو خطوات تزيل العقبات المصطنعة في طريق الوحدة، من قبل طرفي الانقسام.

السؤال المركزي الذي يفرض نفسه أمام خطة ترامب، هل تريد “الرسمية الفلسطينية” إعادة توصيف العلاقة بحقيقتها مع دولة الكيان، باعتبارها دولة تحتل أراض دولة عضو مراقب في الأمم المتحدة، ومنحت حق مصادرة ما نسبته 30% من أراضيها وضمها “رسميا” إسرائيل.

تحديد العلاقة هنا، يمثل قضية جوهرية، ولذا الحديث عن إعلان دولة فلسطين تحت الاحتلال وفقا لقرار الأمم المتحدة 19/ 6 عام 2012، هو بيت القصيد الذي يجب أن يكون، وليس تغيير مهام السلطة القائمة، حيث الفرق بيًن جدا، فالأولى تعيد وصف الواقع بأن هناك احتلالا لدولة من قبل دولة أخرى، يجب مقاومته الى أن يتم تحرير أراضي محتلة.
فيما الحديث عن  تغيير وظائف السلطة، وبعض مظاهر العلاقة مع دولة الكيان يمثل بشكل أو بآخر الاستمرار بـ “شراكة ما” مع سلطات الاحتلال، ما سيضعف جدا البعد الرافض للخطة الأمريكية وكذلك للمحتلين.

المسألة ليس بحثا في “فقه” تنفيذ القرارات السابقة للرسمية الفلسطينية، التي أقرت من 2015 عملية “فك الارتباط” مع سلطات الاحتلال، بل اتخاذ قرارا فوريا بتطبيقها، وليس التهديد بتطبيقها، خاصة وأن الزمن السياسي يخدم كليا تلك الخطة، مع انكسار الجبهة العربية الرسمية نحو التأييد أو الارتباك أو النصح الغريب بالتعاطي معها، أو الرفض لها دون تجنيد قدرات محددة لسبل الرفض.

تحديد طابع المرحلة يمثل الخطوة الرئيسية لبناء سبل المعركة الشاملة، بكل اشكالها، ولقطع الطريق على استمرار “الشراكة” مع سلطة الاحتلال، ينقل الواقع القائم الى واقع جديد، سيفرض ذاته على المشهد العربي قبل الفلسطيني، وكذلك الدولي، خاصة وان الأمم المتحدة تمثل حماية شرعية للموقف الرسمي بقرارها الخاص بدولة فلسطين.

القرار بيد الرئيس محمود عباس لتحديد طابع المعركة: هل فلسطين دولة تحت الاحتلال أم سلطة فلسطينية مشتركة مع سلطات الاحتلال بتنسيق أمني – مدني، أو مشتبكة معه برفض سلوك ومواقف، في ظل علاقة ملتبسة لكنها محسوبة.

دون ذلك، فلا مكان لمواجهة الخطة الأمريكية “صفقة ترامب”، بشكل حقيقي وعملي وحصارها قبل أن تصبح “حقيقة سياسية”.

ملاحظة: لو صدقت حماس في أنها تبحث وحدة وطنية لمواجهة الصفقة الأمريكية، عليها، وقبل أن يصل وفد فتح، إعلان حل حكومتها الموازية فورا، وتعتبر كل ما في القطاع من مؤسسات تابعة لحكومة رام الله، وبعد ذلك تبحث في حصتها الخاصة!

تنويه خاص: ليت الناطقين باسم “الرسمية الفلسطينية”، ان يعيدوا الاعتبار في الرد على الأمريكان ودولة الكيان بنص المادة الرابعة من اتفاق أوسلو 1993، أن الضفة الغربية وقطاع غزة وحدة جغرافية واحدة والولاية فلسطينية عليها، فتلك مقرة أمريكيا وإسرائيليا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى